جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 637 صدر بتاريخ 11نوفمبر2019

فى مدينة مونبليه عاصمة  ولاية فيرمونت الامريكية الواقعة شمال شرقى الولايات المتحدة والمعروفة باسم ولاية الجبل الاخضر كما  يعنى اسمها بالفرنسية توجد فرقة  مسرحية  تطلق على نفسها  اسما غريبا.
الاسم هو “لوست نيشن “او “الامة المفقودة “. ولايدرى كثيرون من عشاق المسرح فى فيرمونت نفسها سبب اختيار هذا الاسم الغريب. لكنى اعتقد شخصيا انه يأتى فى اشارة الى ان المسرح أداة ناجحة يمكن ان تلجأ اليها الامم فى محاولتها اكتشاف هويتها ومعرفة نفسها والتعامل مع مشاكلها.
وتقدم الفرقة عادة  بعض الأعمال المتميزة انتهى احدثها قبل ايام وهى مسرحية “التاريخ الكامل للكوميديا “ . وهذه المسرحية عبارة عن مسرحية هزلية يشارك فيها ثلاثة ممثلين فقط. وسبق تقديم هذه المسرحية على مسارح برودواى وحققت نجاحا كبيرا. واعيد تقديمها فى اكثر من مدينة امريكية. وحان الوقت لتقديمها على مسارح فيرمونت مع بعض التصرف.
متعة
ويقوم ببطولة المسرحية الممثل المخضرم دان رينكين وريتشارد اميس وهو ممثل مشهور بالتمثيل الصامت. ويشاركه البطولة ليز دافيز وريتشارد اميس.
ويقول رينكين انها   مسرحية يستمتع بها ممثلوها اكثر مما يستمتع بها المشاهدون تتضمن فى حقيقة الامر عدة مسرحيات تقدم فى وقت واحد خلال العرض الذى يستغرق 90 دقيقة فقط (بعد اختصاره). ويمضى قائلا ..فى أى  لحظة على مدار العرض لابد ان تجد الممثلين يتحركون. فحتى لو كان المشهد يدور بين اثنين، فلابد ان نجد الثالث يجرى بسرعة للاستعداد للمشهد التالى.
المسرحية من تأليف الاديب الامريكى صاحب الاصول الصينية اه تسو. وتدور المسرحية حول مؤرخ مسرحى كتب دراسة عن تاريخ الكوميديا. وبعد وفاته يتم العثور على الكتاب بدون الفصل الاخير. ويحاول الابطال الثلاثة كتابة هذا الفصل عمليا  واستعراضيا بطريقة فجرت ضحكات المشاهير.
وتقول كاثلين كينان مخرجة عرض فيرمونت والمدير الفنى للفرقة ان العرض يعد فى الحقيقة نوعا من العرفان بالجميل لممثلى الكوميديا الذين عرفتهم الولايات المتحدة عبر تاريخها الفنى. فهؤلاء الممثلون لم يرسموا البسمة على شفاه مواطنيهم فقط ، بل على شفاه العالم اجمع.
ويقول ريتشارد اميس احد الثلاثة المشاركين فى العرض ان مجرد قراءة النص عندما عرض عليه كانت تجعله يضحك من كل قلبه. وكثيرا ما كان المخرج والفنيين يضحكون اثناء البروفات. وصمم  اميش ان ينقل هذه الضحكات الى المشاهدين. وعلى نفس المعنى اكدت ليز ديفيز.
رعب الاسلحة النارية امتد للمسرح:
صوت الرصاص اختلط باستغاثة مريضة وحدث التدافع
باتت فوضى حيازة الاسلحة كابوسا يطارد الشعب الامريكى حيث لايكاد يمر يوم دون ان يطالع الامريكيون انباء عن سقوط قتلى فى حوادث لاطلاق النار. وهناك العديد من الاخبار الطريفة التى تشهدها الولايات المتحدة  عن وقائع لا تستخدم فيها اى اسلحة نارية لكنها تسبب حالة من الرعب. وكان اطرفها فى الايام الأخيرة خبر المراهقة البالغة من العمر 13 عاما التى تم القبض عليها فى ولاية كانساس لمجرد انها اشارت لزميلاتها بيدها اليمنى بهيئة المسدس.
وكان لابد ان يصل الرعب من الاسلحة النارية الى  المسرح فى تلك الواقعة الطريفة التى  شهدها مسرح “بانتاج” فى مدينة سان فرانسيسكو. ومن المفارقات ان الواقعة حدثت خلال عرض اخر لمسرحية هاملتون   بممثلين اخرين خلاف العرض الذى يقدمه ميجويل سيرفانتس فى شيكاغو. وجرت الواقعة فى اول ليلية عرض للمسرحية.
خلال العرض فوجئ الحاضرون بصوت استغاثة او الم يصدر من بين المتفرجين يتبعه صوت اطلاق رصاص ورأوا شخصا يمسك ببندقية . واعتقد المتفرجون ان حادثا لاطلاق النار وقع فى الصالة فاندفعوا فى محاولة للخروج من الصالة فوقع حادث تدافع ادى الى اصابة اكثر من اربعين منهم. وكان يمكن ان يزيد العدد لولا ان كثيرين اختباوا تحت المقاعد. وكانت معظم الاصابات كسورا وجروحا.
الحقيقة
وبعد قليل امكن احتواء الموقف لتظهر الحقيقة الطريفة. لم يكن هناك اطلاق رصاص او يحزنون. وكان  صوت الرصاص على المسرح جزءا من احداث المسرحية حيث يصور مشاجرة بين هاملتون وارون بور . وكان الصوت مجرد استغاثة من سيدة بين المتفرجين اصيب بأزمة قلبية وتحتاج الى اسعاف.  ولحسن الحظ كان الجالس قريبا منها طبيب يحمل معه عن طريق الصدفة جهازا لتنشيط القلب وحاول استخدامه فى اسعاف السيدة وبحث عن وصلة لوضع المقبس كانت ايضا لحسن الحظ قريبا منه. وبدا فى اسعاف السيدة بنجاح. وخلال هذه الاحداث المتسارعة انطلقت صفارة انذار فوقع حادث التدافع.  
وقد تم انهاء العرض مع السماح للحاضرين بالحضور فى  يوم أخر بنفس التذاكر.
الموعد مع الجمهور ....مقدس
على خشبة المسرح بعد وفاة ابنته بساعات
هكذا المسرح ...لايعرف الاعذار والظروف ولا حتى الالام مهما كانت. ولابد للفنان من الوفاء بموعده مع جمهوره ايا كانت الظروف طالما انه لا يزال حيا. وهذا ماحدث فى مسرحية هاملتون الموسيقية الغنائية التى تعرض حاليا على احد مسارح شيكاغو وسبق عرضها فى برودواى ومسارح امريكية اخرى.
 فى اليوم التالى لاحد عروض الاسبوع الماضى طالعت الصحف قراءها بخبر يقول ان نجم المسرحية “ميجويل سيرفانتس” حضر العرض وقام بدوره واجاد وابدع بعد ساعتين فقط من وفاة طفلته أديليد البالغة من العمر 4 سنوات بعد عام من الصراع مع مرض مرض الصرع الذى اصابها منذ شهرها السابع وتفاقم فى العام الاخير وعجز الاطباء   عن مداواته.
وكشفت صحيفة فلادلفيا انكوايرر ان مدير المسرح علم بماحدث وقرر ان يعلن ذلك على الملا بعد انتهاء العرض بعد تحية الجماهير التى شارك فيها سيرفانتس.  لكنه رفض باعتبار  انه لا يقبل  استدرار تعاطف الجماهير. وتبين ان احدا لم يعرف بمعاناة سيرفانتس مع مرض ابنته خلال ذلك العام ...بل كان حريصا على لقاء جماهيره والا يضايقهم بمعاناته.
احزان
 وبعد نشر الخبر بدأ ميجويل وزوجته فى اطلاق تغريدات على موقع تويتر للحديث عن احزانهما لوفاة اديليد. قالت الزوجة ان طفلتها ماتت فى هدوء بين يديها وهى تحيطها بحبها فى احدى مستشفيات شيكاغو . ومضت قائلة “ رحلت فى هدوء ورفعت عنها الاجهزة وبات سريرها خاليا واعيش مع صمت رهيب يكاد يصيبنى بالجنون ... ويكفينى انها استراحت من الامها والنوبات التى كانت تنخلع لها قلوبنا. وتركت تلك القلوب محطمة. وتقول ايضا كنت اتعذب لكنى قررت ان اكون صلبة وقوية.
وقام ميجويل بتغريدات مماثلة مع صورة لابنته. واعرب عن امله فى ان يجد العزاء فى نجله الاكبر جاكسون البالغ من العمر سبع سنوات. وقال انه سوف يخصص جزءا من وقته مع زوجته فى التوعية بمرض الصرع وجمع التبرعات لابحاثه.  
وهاملتون هى مسرحية غنائية موسيقية راقصة تدور حول حياة الكسندر هاملتون الذى يعد احد مؤسسى الولايات المتحدة رغم انه لم يكن رئيسا لها. وقد توفى عام 1804 بعد حياة قصيرة لم تتجاوز 47 عاما. وهى مأخوذة عن قصة للموسيقار لين مانويل ميراندا.
 وقد عرضت للمرة الاولى فى برودواى عام 2015 ورشحت لنحو عشرين جائزة مرموقة مثل تونى ودراما ديسك   وغيرها. وكان ابرزها جوائز تونى التى رشحت ل16 منها فازت منها ب11.


ترجمة هشام عبد الرءوف