العدد 617 صدر بتاريخ 24يونيو2019
عبد الباري سعد شاب يخوض تجاربه الفنية في عالمه السحري أبو الفنون بجرأة وشجاعة، بين مجالي التمثيل والإخراج، فيحصد نتاج جهده ووعيه وإبداعه النجاح والتميز والكثير من جوائز المراكز الأولى.. ابن شرعي للمسرح الجامعي فقد تأسس مسرحيا مع فريق كليته الهندسة بجامعة المنصورة، وأكمل مسيرته معها حين قدم عروضا كمخرج للفريق بالجامعة وبعد التخرج، وشارك مع زملائه من الكلية والجامعة بالمهرجانات المسرحية بالثقافة الجماهيرية وغيرها، يشغله الهم الإنساني وخصوصا آلام الحروب وويلاتها، لذا اختار النص المسرحي «صدى الصمت» ليقدم من خلاله رؤيته الخاصة في عرضه المسرحي الأخير لفرقة نادي مسرح المنصورة، الذي حصد عنه جائزة أفضل مخرج بالمهرجان الختامي لنوادي المسرح في دورته الأخيرة، فضلا عن أفضل عرض والمراكز الأولى في التمثيل والكثير من الجوائز الأخرى.. شاركته «مسرحنا» فرحة نجاحه وكان لنا معه هذا اللقاء.
حدثنا عن بداياتك ومسيرتك مع الإخراج المسرحي بشكل خاص، ومع لعبة المسرح بشكل عام؟
بدأت الطريق بالمسرح الجامعي عام 2014م عضوا بفريق المسرح لكلية الهندسة جامعة المنصورة ممثلا ثم مخرجا، وشاركت بثمانية عروض مسرحية على مدار الأربع سنوات، بالإضافة إلى عرض مسرحي شارك بمواسم نجوم المسرح الجامعي بمركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية، ومن مسرح الجامعة بدأت تجربتي الإخراجية الأولى بمسرحية «نقطة ومن أول امبارح» بالمهرجان الطلابي تأليف أبانوب نبيل، الطالب بجامعة قناة السويس حينئذ، وحقق العرض جائزة الإخراج الأولى بالمهرجان وجوائز التمثيل وغيرها، ففاز بأفضل ممثل أمير عبد الواحد وأفضل ممثلة زينب سمير وجائزة أفضل ألحان فاز بها محمد عبد الجليل وجائزة المركز الثاني للإضاءة حصدها إسلام أبو عرب وأيضا المركز الثاني للديكور وفاز به أحمد سعد، كما حصد العرض جائزة أفضل عرض جماعي، وتمت إعادة العرض مرتين بعد مهرجان الجامعة للجمهور بالمنصورة قبل الانطلاق إلى مهرجان إبداع 4 والفوز بجائزتي الألحان والغناء لمحمد عبد الجليل، والمشاركة بنفس العرض بالمهرجان العربي في دورته الـ15 وقدم على مسرح ميامي وفاز العرض أيضا بجائزة الإخراج الأولى وجائزة المركز الأول للتمثيل حصدها أمير عبد الواحد وجائزة المركز الأول للتأليف حصدها أبانوب نبيل، وأثناء عملي بمسرح الجامعة اتجهت إلى العمل بمسرح الثقافة الجماهيرية.
- تتعدد مواهبك بالمسرح ممثلا ومخرجا.. انتقلت من المسرح الجامعي إلى مسرح الثقافة الجماهيرية، حدثنا عن أهم تجاربك به ممثلا وهل كانت هذه المرحلة مهمة ومثمرة في مشوارك المسرحي؟
نعم كانت تلك المرحلة مهمة وتعلمت منها الكثير، وقد شاركت بسبعة عروض بالثقافة الجماهيرية بمحافظتي الدقهلية وكان أبرز هذه العروض «مسرحية الحصار» لفرقة «الهواة» بقصر ثقافة المنصورة 2015م إخراج السعيد منسي وتم تصعيد العرض لمهرجان ختامي الأقاليم 41 ومن ثم تم تقديمه بدورة المهرجان القومي حينذاك، وشاركت بدور «جذيمة» في عرض «أرض لا تنبت الزهور» إخراج محمد عبد المحسن لفرقة ثقافة السنبلاوين، وشاركت في تقديم دور «هوارشيو» بعرض «هاملت» إخراج محمد فاروق لنوادي المسرح المنصورة وتم تصعيد العرض للمهرجان الختامي للنوادي 2016م، كما شاركت بتقديم دور «القاتل» بعرض «طقوس وحشية» إخراج منار المصيلحي، وقدمت دور «فيليب دامسون» في عرض «رقصة الدم» إخراج محمود الديسطي وتم تصعيده لإحدى دورات مهرجان الختامي للنوادي، وشاركت مؤخرا بعرض «الكمامة» إخراج زكي ثروت وقدم بالشهر الماضي بلقاء شباب المخرجين الثاني، كما شاركت في تجارب أخرى لنوادي المسرح منها «ست الملك» وقدمت به دور «الشيخ رمضان»، وشاركت بدور «بيبرس» في عرض «العشق» عن «قواعد العشق الأربعون».
- ماذا عن تجاربك الأخرى ممثلا ومخرجا وأهم المحطات الرئيسية في مشوارك المسرحي؟
في مجال التمثيل شاركت بدورات متعددة لمهرجان جامعة المنصورة الطلابي والمهرجان الكبير بعروض قدمت فيها شخصيات درامية متنوعة وثرية منها دور «مورتس اشبلشبرج» في عرض «قول القدر» عن «اللصوص» تأليف فريدريش شيلر، ودور «عزت بيك» في عرض «طقوس الإشارات والتحولات» للكاتب الكبير سعد الله ونوس، وشاركت بدور مدير شؤون العاملين «فرانك» بعرض «الحنظل» عن رحلة حنظلة واللصوص، وعرض «المحبرة» إخراج محمد الشبراوي، وشاركت بدور «ياويل» في عرض «مؤتمر غسيل الأدمغة» إخراج خالد حسونة، وشاركت بدور «موردخاي» في «آخر أيام الأرض»، إخراج خالد شكري، كما شاركت بدور «الخادم الشيطان» في عرض «ملحمة السراب» إخراج محمد السعيد، وشاركت بدور «الكوماندا» في عرض «نقطة ومن أول امبارح»، كما شاركت بالتمثيل في أكثر من عرض بالمسرح الخاص والمستقل أبرزهم «حكم القوي» قدم بمهرجان الإبداع بميت غمر وعرض «أطلنطس» قدمت به دور «القاضي كالم».
وكانت أهم المحطات في التمثيل أن حصدت جائزة أفضل ممثل بمهرجان مواسم نجوم المسرح الجامعي 2018 عن دور «جيري» بمسرحية «قصة حديقة الحيوان» إخراج محمد فاروق، وحصدت جائزة أفضل ممثل بمهرجان جامعة المنصورة 2017 عن دور «كارل» بعرض «الآن يغنون ثانية» إخراج خالد عبد السلام، كما فزت بجائزة التميز في التمثيل بمهرجان الإبداع المسرحي لمركز شباب ميت غمر في دورته الـ25 عن دور «أنطونيو/ سالم» بمسرحية «البيانولا - حكم القوي» عن «تاجر البندقية» إخراج إسلام أبو عرب.
- ماذا تمثل لك الجائزة بمهرجان نوادي المسرح وحصد العرض للكثير من الجوائز؟
سعيد جدا بما أحرزه عرض «صدى الصمت» من جوائز بمهرجان ختامي النوادي لدورته الأخيرة 28 وهي تجربتي الإخراجية الثانية، وتمثل لي الجائزة حصاد ما تم بذله من جهد على مدار عامٍ كامل من العمل على نص المؤلف د. قاسم مطرود، وظروف البروفات المرهقة، حيث إنني كنت أعمل أيام إجازتي من الخدمة العسكرية، لكنني فخور بهذه التجربة، وقد حصد «صدى الصمت» جائزة أفضل عرض مسرحي وجائزة أفضل مخرج وأفضل ممثل مناصفة بين محمد علي وأمير عبد الواحد عن دوريهما في العرض، وأيضا جائزة أفضل ممثلة زينب سمير، وأفضل ألحان فاز بها محمد عبد الجليل، وكل منهم يستحق جائزته عن جدارة فلم يدخر أحد منهم من الجهد شيئا في سبيل تأدية دوره على أكمل وجه وتقديم عرض مسرحي ممتع للجمهور ويعبر عن فلسفة العرض من خلال أدواته المسرحية، وأعد نفسي محظوظا بالعمل مع هذا الفريق الجاد والمخلص في كل ما يقدمه.
- حدثنا عن تجربتك في المهرجان وما أسباب اختيارك لهذا النص؟
اخترت النص المسرحي «صدى الصمت» لأنه منذ قراءتي الأولى له شكّل لي تحديا كبيرا في رؤية إخراجه وتقنية تنفيذه، بجانب ذلك شعوري بأهمية طرح قضية النص في هذا التوقيت حيث يناقش النص تبعات الحرب وما تخلفه من خسارة وتشوهات نفسية وجسدية وما وصلنا إليه من فقد للغة والتفاهم بين الأوطان وبين الشعوب.
- ما رؤيتك الخاصة التي أردت أن تبرزها من خلال نص «صدى الصمت»؟
قدمت النص اعتمادا على فكرة المؤلف الأصلي للمسرحية الكاتب الراحل الدكتور قاسم مطرود، وهي التفاهم عن طريق الإشارة لأن اللغة بين شخوص المسرحية غير مفهمومة فيما بينهم، وهنا جاءت فكرتي في رسم تلك الإشارات والإيماءات في قالب تجريبي تطغى عليه الكوميديا السوداء مع تدخلي في تغيير إحدى الشخصيات الرئيسية للنص مع ما يتناسب مع رؤيتي الإخراجية.
- لكل عرض صعوباته، ما أبرز الصعوبات التي واجهتها في تقديم عرض «صدى الصمت»؟
من الصعوبات التي واجهتني عدم انتظام مواعيد البروفات نظرا لأن في بداية التجربة كنت لا أزال في الخدمة العسكرية، هذا من الجانب الشخصي، أما عن الجانب الفني وهو أمر يتعلق بنص المسرحية نفسه، وهي أن الفكرة تقوم على أن الشخصيات الدرامية بالنص لا يفهم بعضهم الآخر، فجاءت الصعوبة في رسم وتجسيد الإشارات الجسدية التي تعبر فيها كل شخصية عن ما تود أن تقوله، إضافة إلى أن العرض في المهرجان الإقليمي لم يقدم على مسرح قصر ثقافة المنصورة لعدم جاهزية خشبة المسرح حينها، وقدم خارج المدينة بمسرح بيت ثقافة بدواي الذي اتسم بضعف إمكانيات خشبة المسرح ولم يحظ العرض بجمهور كبير من الحضور، ولكنني ممتن للتجربة فقد كان كل ذلك سببا فيما وصل إليه العرض الآن.
مُتنفس الأقاليم
- ما رأيك في تجربة نوادي المسرح ومهرجانها الختامي من خلال مشاركاتك في دورته الأخيرة 28 وما رأيك في مسرح الثقافة الجماهيرية؟
مهرجان نوادي المسرح فرصة حقيقة مهمة لتقديم أي مخرج نفسه على الساحة وبالحركة المسرحية ولمسرحيي الثقافة الجماهيرية، ولمشاهدة تجربته من الكثير من المسرحيين ومن الأساتذة الأكاديميين، ومسرح الثقافة الجماهيرية مسرح له تاريخ عريق وهو مُتنفس الأقاليم للاستمتاع بلعبة المسرح وتقديم فلسفتهم وآيديولوجياتهم نحو العالم كله والمجتمع الذي يعيشون فيه.
- ما رأيك في إقامة المهرجانات بوجه عام وما هي أهميتها للحركة المسرحية المصرية؟
إن إقامة المهرجانات تتيح للفرق المسرحية المصرية التنافس الشريف والواعي، فيما بينهم ودفعهم لإبراز كل منهم لطاقته من خلال هذه المنافسة، وهو ما يُثري الحركة المسرحية المصرية ويُحدث بها حراكا وتبادلا إبداعيا وثقافيا.
ما أهم المشكلات التي تواجه شباب نوادي المسرح في تجاربهم؟
شباب نوادي المسرح كما هي العادة يواجهون البيرواقراطية وضعف الميزانية، فالمخرج قبل إنتاج العرض يتحول إلى موظف يريد أن ينتهي من دوامة استيفاء الأوراق مع إدارته المباشرة بالموقع الثقافي التابع له، والعمل تحت ميزانية ضعيفة تم تقليلها عن العام الماضي.
ما رأيك في مسرح الجامعة في الآونة الأخيرة، وكيف أفادك كمخرج شاب؟ وهل كان هو السبب في اتجاهك لتقديم تجربة النوادي؟
أصبحت مهرجانات مسرح الجامعة الآن من أهم المهرجانات بمصر، وإنني لأؤمن بأنها منارة لكل شاب يحمل بداخله الفن وبالتأكيد مسرح الجامعة هو السبب في بداية تشكيل وعيي المسرحي والفني وهو السبب في اتجاهي إلى تقديم تجربة النوادي، لأنني بعد التخرج وجدت نفسي ما زلت أحمل بداخلي الكثير الذي لم أقدمه بعد، وكانت «صدى الصمت» أول تجربة إخراجية لي خارج أسوار المسرح الجامعي.
كيف يستطيع المخرجون الشباب تقديم عروض مسرحية يتوافر بها الحد الأدنى من الجودة الفنية في ظل ميزانية محدودة كمشروع نوادي المسرح؟
عندما يعمل المخرج في ظل ميزانية ضعيفة يجب عليه أن يصبو إلى تحقيق الحد الأدنى من الجودة الفنية عن طريق الوصول إلى أفضل وأسهل حلول في مجال السينوغرافيا وأكثرها ابتكارا وتعبيرا وملاءمة للنص، كذلك الاهتمام بانضباط العرض المسرحي وانضباط اللغة والاهتمام بالممثل وهذه أشياء لا تشتريها الميزانية.
كيف تستعد للمشاركة في الدورة القادمة للمهرجان القومي للمسرح المصري؟ وهل تتوقع للعرض جوائز بالمهرجان؟
أستعدُ منذ أن قرأت النص لأول مرة للمشاركة بالمهرجان القومي، وكان هذا الهدف نصب عيني، ومعي كل فريق العرض منذ أول بروفة، ونعمل الآن على تحسين جميع جوانب العرض من السينوغرافيا والموسيقى والتمثيل. نعم، أتوقع جوائز للعرض بالمهرجان القومي وليس جائزة واحدة، إن شاء الله.
ما أحلامك في مسيرتك المسرحية؟
على المدى القريب أطمح إلى تحقيق سمعة جيدة لي وللعرض بدورة المهرجان القومي للمسرح المصري القادم، وأن ينال إعجاب الجمهور الذي أصبح من الصعب إرضاءه، وهو ما يمثل لي المنافسة الحقيقة. وعلى المدى البعيد أطمح إلى أن أحقق مكانة فنية.