الكاتب المسرحى أحمد أبو خنيجر: الجائزة تؤكد على جدية عمل المبدع

الكاتب المسرحى أحمد أبو خنيجر: الجائزة تؤكد على جدية عمل المبدع

العدد 650 صدر بتاريخ 10فبراير2020

تنوعت كتاباته بين القصة والرواية والنص المسرحي والحكي، صدر له عدد من المجموعات القصصية منها حديث خاص،غواية الشر،ومساحة للموت من مؤلفاته أيضا فتنة الصحراء، جر الرباب،في رحاب الصحراء - مدد ياشاذلي رحلة في المكان والطقوس، بالإضافة لدراساته في الأدب الشعبي، والإنشاد الديني والطرق الصوفية، من مؤلفاته المسرحية على سبيل المثال لا الحصر سكة اللي يروح ويشمل نصين “ياسين وأبوزيد” وقد حصل ياسين على جائز افضل عرض في المهرجان القومي للمسرح، ولم يبخل أيضا في كتاباته للطفل فكتب ود السماك والغراب،والعنب للذئب،حصد على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية عن رواية نجع السلعوة عام 2003، وجائزة إتحاد الكتاب عن رواية “خور الجمال” عام 2009، جائزة ساويرس الثقافية للرواية للكتاب الشباب عام 2006 عن رواية العمة أخت الرجال وحصل العام الماضي 2019 على جائزة ساويرس الثقافية لكبار الكتاب عن مجموعته القصصية مشاهد عابر لرجل وحيد، وأخيرا جائزة ساويرس الثقافية عن النص المسرحي “فوانيس الليل” وعن الجائزة ومشواره مع الكتابة كان لمسرحنا مع الكاتب الكبير أحمد أبو خنيجر هذا الحوار .
ما الذي تعنيه لك الجائزة خاصة وأنها الثالثة من مسابقة ساويرس مع إختلاف مجالها؟
الجائزة مهمة جدا في مشواري مع الكتابة كونها عن عمل مسرحي،في حين أن الجوائز السابقة كانت عن أعمال أدبية قصص أو روايات،والسبب الاخر هواني أكتب مسرحا منذ زمن ولأنها أعمال تُنتج في قصور الثقاف والثقافة الجماهيرية لاينتبه للمسرحين فيها وخاصة الكتاب منها إلا القليل من المهتمين وهذا الأمر جعل بعض الأصدقاء يصابوابالدهشة حين حصلت على الجائزة لأنهم لايعرفون أني أكتب نصوصا مسرحية.
وفي العموم ما الذي تعنيه الجائزة للمؤلف؟
الجائزة مهمة للكاتب سواء كانت في المسرح أو الرواية أو القصة لأنه ليس لدينا كتابات نقدية تتابع المؤلفين وتشير إليهم وتتحدث عن طرقهم وأين يعملوا وما الذي يضيفونه !! لتفرز طوال الوقت الجيد من السئ،والجوائزقد تنبههم للأسماء الموجودة وتًكون نوع من المقروئية لهم فتزيد نسبة قراءة أعمالهم،الإنتباه لها والإلتفاف حولها،أما الجانب الأخر فهو مادي حيث يعوض الكاتب عن تعبه الذي غالبا لايتقاضى عليه الأجر المناسب في حياتنا الأدبية والثقافية،وربما هذا الشق يذهب سريعا بينما الجزء المعنوي هو الداعم للكاتب ويؤكد على جدية عمله.

كلمني عن النص الفائز “فوانيس الليل” وسبب تسميته؟
فكرة الإختصار وتلخيص الحكاية صعب جدا،فقد أخبرك أني أناقش مسالة بعينها وحين تقرأ النص تجدني أتناول شئ غير الذي ذكرته،وبالتالي سوف أحجموأقلل من فرصة القراءات المتعددة للعمل وأن يراها كلا برؤيته،لكن يمكنني القول أنه يغوص في قلب الصحراء ويناقش هموم الوجود وفكرة البقاء والعدموالموت تلك الأسئلة الأساسية في النص،واسميته فوانيس الليل لأنها مهمة بطل العمل أن يضع الفوانيس أعلى قمم الجبال لتنير وتهدي التائه للطريق.

ولماذا هذا النص تحديدا رغم ان لديك العديد من المسرحيات؟
من شروط المسابقة ألا يكون قد أُنتج بشكل إحترافي وإلا لن يخضع لشروط الجائزة،والنص لم ينتج من قبل بالإضافة لأهم عنصر وهو شعوري بالنص نفسه أثناء كتابته وشعرت بعد الإنتهاء منه أنه يستحق المشاركة .

قرأت بعض من أعمالك ولاحظت غلبة الطبيعة الصحراوية عليها فما السبب؟
لأنها جزء من تكويني الشخصي المباشر له علاقة بالصحراء،وهذا يجعلني اذهب إليها،فالصحراء في حد ذاتها منطقة خصبة جدا للإبداع وتنوع الأفكار وإعادة التفكير فيها خاصة الأفكار المستقرة لدى الكاتب،لأنه دائما لدينا نحن الكُتاب أو الأدباء عادة مسائلة الأفكار الراسخة أو الثابتة مرة أخرى وليس بالضرورة الخروج بأشياء جديدة لكن يبقى السؤال الرئيسي في العمل كما هو الأهم كمسألة الوجود في نص فوانيس الليل،وبالتالي فالصحراء تمنحك مساحة كبيرة من التأمل لاتوفرها البيئات المزدحمة أو التي لديها قدر كبير من الثرثرة التي لايمكنها منحنا التأمل أو التأويل.

هل يمكن للبيئة التأثير على الكاتب لدرجة تجعله لايستطيع الخروج منها في كتاباته؟
سوف أتحدث عن تجاربي شخصيا،في الكتابة أتحرك بين ثلاثة مناطق بين البيئة النيلية “القروي والريفي “مثل رواية السلعوه أو العمة أخت الرجال وبين الصحراء الموجودة في خور الجمال وجزء من العمة أخت الرجال بالإضافة لنصين جاري كتابتهم حاليا يحملوا نفس هذا التأثير بشكل فاعل ورئيسي،والجانب الثالث وهو المدينة لأني في الأساس أبن المدينة وبالتالي وجدت في أعمالي خاصة في المجموعة الأخيرة التي حصلت على جائزة ساويرس العام الماضي “مشاهد عابرة لرجل وحيد” فالمسالة ليست البيئة، فقد يتواجد الكاتب في مكان وليس له علاقة به ولايؤثر فيه ولايكتب عنه شئ،وقد نجد كاتب يكتب رواية تاريخية عن العصر الفرعوني وهو بالتأكيد لم يعاصره،فالمكان قد يكون مجرد مثير لبعض الكتاب ولايؤثر في أخرين،وفي ظني أن الكتابة تنطلق من أبعد من فكر المكان،من هموم الكاتب ورؤيته وإهتماماته ثم نظرته للكون المحيط به والتي تحدد توجهه حتى في إختياره للمناطق التي يكتب عنها،خاصة وأن الأدب والفنون الدرامية ومنها المسرح جميعها تحتاج لمكان تجري فيه الأحداث وعلينا أن ندرك طبيعته الجغرافية والإنسانية ووعي وثقافة هذا المكان،وبالتالي يتحاور المؤلف مع المكان،على سبيل المثال لن أستطيع الكتابة عن شخص يعيش في طوكيو باليابان دون دراية بعاداتهم وملابسهم وثقافتهم،ثم أننا في الأخير لانكتب الواقع بل تصوراتنا عنه بشكل استعاري أو الصورة المنعكسة لدينا.

ذكرت لي أن أعمالك المسرحية لم تقدم خارج قصر الثقافة لماذا لم تحاول تقديمها على مسارح البيت الفني ؟
تُسأل على هذا الدولة،البيت الفني للمسرح يغلق تعاملاته مع أشخاص بعينهم،وطيلة الوقت يتعاملون مع مسرح الثقافة الجماهيرية كونه في الدرجة الثانية غير مهتمين به من حيث الميزانيات أو الإعلان عنه بشكل لائق على أساس أنه يُقدم في الأقاليم،والبيت الفني لمسرح يقدم عروضه لسكان القاهرة فتفرد له الميزانيات والدعاية المناسبة بينما المسارح الأهم التي تعمل في مصر كلها لا أحد يهتم بها لن ننكر أن لدينا مشاكل في الثقافة الجماهيرية لكنها لاتحصل على فرصها،وخير مثال على ذلك مشاركات الثقافة الجماهيرية في المهرجان القومي للمسرح بخمسة أو ست عروض فقط بينما النصيب الأكبر للبيت الفني أليس ذلك تقسيمٌ طبقي للمسرح والفن،ومن الذي أكد على جودة جميع عروض البيت الفني فنحن نتابع وهناك أشياء ليس لها قيمة جمالية أو فنية،وحتى أتقدم للبيت الفني لتقديم احد النصوص يجب أن أكون مقيما بالقاهرة ويعرض الأمر على المسئولين لينظروا فيه، إذا عملنا حصر للمؤلفين الذي استعانوا بنصوصهم من خارج القاهرة على الرغم من شهرة تلك النصوص لن تجد،هل ليس هناك نص منهم يليق بمسارح البيت الفني !!المسألة شائكة.

يجعلني حديثك أذهب معك لفكرة مركزية مسارح البيت الفني فهل نحتاج أن يكون هناك مسارح للبيت الفني بمحافظات مصر ؟
علينا الإعتراف أننا دولة واحدة لسنا القاهرة والمحافظات الأخرى،المسرح هو المسرح أيا كان نوعه ومكانه،لابد أن يكون هناك هيئة عامة تخص المسرح فلايكون لدينا بيت فني وثقافة جماهيرية بل يكون هناك إدارة للمسرح غير تابعة لأيا من الهيئتين وتدير جميع المسارح الموجودة في مصر وتبدأ بوضع سياستها دون مسميات،أيضا فكرة أن البيت الفني هو من المحترفين فيحق لهم الإنضمام للنقابة بينما فناني قصور الثقافة هواه ليس لهم الحق بالنقابات فأي منطق هذا!!

العمة أخت الرجال وغيرها من الكتابات التي اهتمت بالمرأة فما سبب هذا الإهتمام؟
أقدر المرأة الصعيدية وأرى أن لديها قدرات كبيرة طيلة الوقت،فلم يكن الهدف إلقاء الضوء على إختلاف الطبائع أو الأماكن فالمرأة مركزية في جميع أعمالي حتى فوانيس الليل على الرغم من صغر دورها إلا أنه محوري.

من هذا المنطلق هل تجد أن الأعمال التي قدمت المرأة الصعيدية والمجتمع الصعيدي على خشبة المسرح تناولته بشكله الحقيقي؟
للأسف الشديد معظم مابكتب عن الصعيد يكتب بعيون لاعلاقة لها بالصعيد،بمعنى أنك تقدم ما تريد رؤيته أي الصورة النمطية التي لديك والتي في غالبها ليست حقيقية،والمسألة أبعد من فكرة مناقشة قضايا المرأة في حدودها الدنياوعلاقتها بالحياة لأنه قبل مناقشة قضاياها لابد أن نعود للمكان بأبعاده الثلاثة ثم وجود الإنسان في هذا المكان وبالتالي يتفاعل الأثنين معا لينتجوا مايسمى بثقافة المكان فننتج مايسمى بشخصية المكان،فلايمكنني القول أن الشخصية في الصعيد كلها واقعة تحت مسألة الثأر،ما يروج إعلاميا مزيف كما اللهجة المزيفة التي تستخدم في الدراما والصور الغير صادقة بتصويرهم دائما إما قتله أو تجار مخدرات وسلاح، تلك الصورة النمطية عن الصعيد والتي هي ليست الصعيد لا رجال ولانساء، وأبسط الأشياء إختلاف اللهجة فهناك إختلاف في اللهجات بين كل نجع وقرية في نفس المحافظة،مايكتب بعيد عن طبيعة وفهم المكان وبالتالي ماينتج ماهو إلا للتسويق والبيع إلا القليل والنادر منه.

ترجم لك العديد من الأعمال للإنجليزية والفرنسية فهل تلك ربما بادرة لتقدم أعمالك خارج مصر؟
الأعمال التي تخضع للترجمة وحصلت عليها بعض دور النشر في الخارج لست أدري ما السبب في الاستعانة بها أولماذا ترجمت لكنها خاضعة لطبيعة المترجم بعد قراءة الرواية التي رأى انها تستحق الترجمة.

بمناسبة الفرنسية كلمني عن تجربتك مع جمال الغيطاني والسفر مع العديد من الكتاب من مختلف الدول لمدة شهر إلى فرنسا؟وهل نحتاج لمثل هذه التجارب لدينا؟
تجربة فرنسا مختلفة فلديهم مهرجان سنوي يقوم بدعوة ثقافة من الثقافات المترجمة للغلة الفرنسية كل عام،وبعد عشرة أعوام من المهرجان قرروا أن يدعوا كاتب كبير من كل الدول التي ترجمت لهم أعمالا للفرنسية خلال العشر سنوات ،وكان على كل كاتب إختيار كاتب صغير لمشاركته الرحلة وكنت الكاتب الذي اختاره الراحل جمال الغيطاني،ولم يحدث بيننا والكتاب الأخرين تلاقي بمعنى الكلمة لكن كانت لقاءات قليلة جدا ،وعن إمكانية عمل ذلك لدينا فبيوت الكتابة هي من تقوم بجمع الكتاب من مختلف البلدان ويقيموا معا ويتناوقشون ويتحاورون وكل ينتج نص نتيجة هذا التفاعل ،فالتفاعل هام جدا بين الكتاب خاصة من الثقافات المختلفة ،لكن قبل أن نفكر في الاستعانة بكتاب من الخارج لنقوم بهذه المبادرة من داخل مصر أولا وننشأ هذه البيوت للكتاب المصريين ثم نستعين بالكتاب العرب والأجانب ،فحين أخذهم لمكان لم يسبق لهم التعرف عليه وهذا التلاقح سيكون مثمر على مستوى الكتابة والوعي لكن هم لايريدون أن نكتب من الأساس،فالكتاب فعل فن وليس فعل مؤسسي .

كلمني عن تجربتك مع مسرحية ياسين ؟
حصل النص قبل إنتاجه مسرحيا على جوائز في التأليف من الثقافة الجماهيرية ،ثم قدمه المخرج خالد أبوضيف،ثم استعان به المخرج سامح فتحي وشارك من خلاله بالمهرجان القومي للمسرح ،وعن النص كان لدي دائما أسئلة تتعلق بثقافتنا ووعينا وتنتابني الشكوك حول فكرة البطل الشعبي ،وبالنسبة لي هو يقدم «للتلهية» وليس كونه بطلا شعبيا،وركزت على ياسين البطل الشعبي من أسوان وكنت أعرف عائلته ،جمعت منهم بعض الحكايات عنه ثم حكاية أخرى من اخرين لاعلاقة لها بما رواه اهله بالإضافة إلى أن الرجل الذي قتل ياسين كتب في مذكراته أمر مختلف ،فأصبح لدي ثلاث روايات لواقعة واحدة ،وهذا ماجعلني أحضر يس البطل الشعبي فيعترض المثقف أنها ليست الحكاية الحقيقية فيبدأ بقول القصة التي بحث عنها وجمعها ثم في المواجهة الأخيرة مع ياسين حين أتى الرجل لقتله أوقف الحكاية ليسأل من أنا هل انا الحرامي وقاطع الطريق أم البطل.
الفكرة أننا طيلة الوقت نقدم البطولة الشعبية حتى أبوزيد تلك الحكاية الشعبية فهو كان لص وغازي ومنتهك للاراضي فما الفرق بينه وبين من يغزوا أراضي الغير ليملكها ،وليس بالضرورة لأنه المصوغ لدى العرب أن نقبله ونعتبره بطل شعبي وهذا مضمون العمل التساؤل حول مصداقية فكرة البطل الشعبي .

تهتم بالأدب الشعبي في جميع كتاباتك ودراساتك فهل تجد أن هذا النوع مازال يحظى بالإهتمام خاصة مع شكوانا طيلة الوقت أننا تركنا مأثورنا الشعبي؟
للأسف نحن متنكرين للأدب الشعبي لأن ثقافتنا ترى أن هذا الأدب هو في مرتبة متدنية،وترى أنه حتى من يقدم عملا فهو فلكلور في حين أن أوربا كلها قائمة على الثقافة القادمة من اليونان ،فماذا نسمي من يكون شاعرا عاميا كبير ولا علاقة له بالأدب الشعبي ويسخر من التراث الشعبي !!وكأنها ليست ثقافة بشر ،هل الثقافة فقط ماتعلمناه في المدارس لهذا يرونها فلكلور ومايقدم عنها لاقيمة له،أين الأعمال المأخوذة من تراثنا الشعبي والقضايا التي تناقش من خلاله في البيت الفني للمسرح ،وحتى وإن قدموا شئ يتعلق بالتراث يقدمه المهتمين لأنهم متواجدين وبالتالي يحصل على دوره وليس إهتماما من القائمين على المسرح بهذا النوع وفي النهاية أتمنى أن يهتموا بالمسرح أولا ثم يأتي الإهتمام بالمسرح والمأثور الشعبي.
لفت إنتباهي عنوان لدراسة لك «الطرق الصوفية في أسوان «فهل للصوفية طرق يمكن تقديمها في عمل فني سواء مكتوب أو على خشبة المسرح؟
الطرق الصوفية ممتدة ولاتختلف مع بعضها فقد كنت أرصد تواجدها في اسوان بسبب ما أشاهده من ظواهر،فهذا جزء من تكويننا وثقافتنا ووعينا ،أن نبحث أين هؤلاء وماذا يفعلون ،فنحن نعلم ان لدينا الرفاعية والأحمدية وكل الطرق موجودة بمفهومها الأساسي الموجود في الطريقة نفسها،فحتى تلك الصوفية تدار بطريقة مركزية ،رجل موجود بالقاهرة وله نوابه في المحافظات يرأس كل منهم الطريقة  ثم هناك خلائف وهكذا ،نفس الطرق موجودة في كل مكان ،ومن الاشياء التي جعلتني أدرس هذه الحالة لدينا في «الجبانة»العتيقة بأسوان – وهي تضم مقابر للصحابة ومقابر فاطمية- يكاد يكون لكل الاولياء في مصر وخارجها مقامات فيها وأسبوعيا هناك حلقات يقيمونها ،وتلك كانت بداية التساؤل لدي من هم وأين هم وماذا يفعلون،أعرف انهم أشخاص لديهم قدر عال من التسامح والصفاء الروحي ومحبب للنفس.

مع تعدد كتاباتك لم تبخل على الطفل بنصيب من هذه الكتابات حدثني عنها وكيف تختلف عن أي أعمال أخرى تكتبها؟
عدد التجارب ليس كبير ، منها «العنب للذئب» وتلك إعداد مسرحي عن حكاية شعبية ،وهناك مسرحية أخرى أعتبرها أكثر أهمية وهي «ود السماك والغراب»لأنها تناقش مفاهيم مثل التفاؤل والتشاؤم عند الأطفال عن طريق حكاية بين الغراب والطفل ،واستعنا بالغراب من بداية فكرة التشاؤم به،لابد أن يكون العمل المقدم للطفل بسيط تغني وترقص معه وفي نفس الوقت تسرب مناقشاتك بشكل لطيف ،بحيث لاتكون مزعجة وحادة و تدور في مدرسة أوجامع ،تناقشه وتناقش أفكاره من خلال لعبة أو أغنية أو رقصة ،ونعم الفكرة للطفل تكون مجهده اكثر من المسرح للكبار.

استخدمت أيضا هنا الحكاية الشعبية فهل هي الأقرب للطفل؟
قدمتها من خلال حكاية شعبية لأن الفكرة تصلح للحكاية الشعبية،فربما مايميز الحكاية الشعبية أن الطفل سبق وسمعها وحين تعيدها مرة أخرى ستكون مختلف وبالتالي تحاول من خلال معرفته البسيطة أن تناقشه ،وفي المسرح العادي أنت تخلق حكاية معه وتناقشه أيضا فلا أدري أيهما الأقرب إليه فكما تحضر حالة الكتابة هي من يقرر.

وما رأيك في كتابات الطفل عموما ؟
طيلة الوقت سوف نجد كتابات متواضعة المستوى وأخرى جيدة المهم أن نراعي الطفل الذي نكتب له ولانناقشه في موضوعات أكبر من قدراته أو لاتتناسب ومرحلته العمرية.

كيف ترى أهمية تجارب مثل مسرح الشارع والغرفة والمقاهي؟
ومن سوف يخرجه للشارع؟؛من المهم أن يكون موجود في كل مكان لكن ليس هناك إمكانية لوجوده ،الفكرة مهمة أن نقدم هذه الأنواع من المسرح حيث ستقلل من فكرة أنك تريد مسرح العلبة للعرض عليه ويمكنك تقديم ماتريده في الشارع والمقهى والمحطة والحديقة لكن لن يسمح لك بذلك إذن كيف نتحدث عن أشياء ليست متاحة من الأساس.

مشاهد عابرة لرجل وحيد هل هي صورة لأسوان؟
مشاهد يرصد ما يراه بطريقة مختلفة والأمر ،لا علاقة لها بالمكان إطلاقا أو بفكرة التعرف على أسوان كنوع من الرواج السياحي ،بل لها علاقة بالإنسان سواء داخل أسوان أو خارجها.

ديوان الحكي امتزجت فيه اللغة العامية والفصحى لماذا هذا المزيج وهل فكرت في تقديمها مسرح؟
 أحب التوضيح أولا أن فوانيس الليل كتبت بالفصحى ،وديوان الحكي في إعتقادي هي تجربة مختلفة في الكتابة لأنها نابعة من تكوينها «المندرة»أي المضيفه التي تحتوي على جلسات نسميها ديوان أي المكان الذي يجلس فيه الناس ويقصوا الحكايات ومن هنا أسميتها ديوان الحكي،وحين يبدأ الحكي فلايهتم أحد بكونه بالفصحى أو العامية بقدر أن تُخلق حالة الحكي نفسها والتي تضم عناصر «القعدة»بين الفصحى والعامية والتصوف والشعر والأداء والرسم الذي هو جزء من ديوان الحكي فهو اللوحة المصاحبة للإسكتش الموجود الذي رسمه علي المريخي فحين رسمها كان يعمل على فكرة اسمها «العصا والعمامة « ،وتجولنا وإلتقطنا صور للقاءات الشعبية في ليالي التحطيب والرماح والذِكر أعجبني الإسكتش قبل أن يكون لوحة هو خطوط منحتني مساحة من التخيل أوسع كثيرا من حدود اللوحة حين تقيدها باللون والتحديد،فقلت له سأخذ الإسكتشات لأعمل عليها فكانت المندرة وخرجت ديوان الحكي ،العامية مضفرة بالفصحى و ليسوا بعيدين فأحاول أن تكون العامية موجودة في سياق الفصحى الأقرب للشعر وروح العامي الغير مقعرة وبعيدا عن التعقيدات اللغوية حتى لانشعر بالخلل في الإنتقال من الفصحى للعامية ،وبالفعل هناك مشروع اعمل عليه حاليا لتحويلها لعمل مسرحي .

كلمني عن فن الحكي الذي تمارسه ؟
فكرة الحكي مختلفة تماما عن فكرة الكتابة للكتابة طقوسها كما للحكي الشفاهي ظواهره المعروفة، فهناك الكثير من الأدباء لايستطيعون دخول مغامرة الحكي مع الجمهور لأنه فن له إستقلاله وموهبة مغايرة لموهبة الكتابة،ومغامرة الحكي تحتاج لشجاعة حقيقية لأن الحكاء يواجه حكائين بالفطرة لهم رؤيتهم وتصوراتهم الخاصة عن العالم.
أي اللغتين أقرب للجمهور من وجة نظرك؟
الجمهور سيقبل ما يُقدم له بشكل فني وجمالي جيد لكن ان تستهين بالجمهور وتردد الجمهور يريد ذلك فلن يقبله حتى وغن كان بالعامي التي يحبها ستركك ويرحل ،علينا إحترام عقول المتفرج ومانقدمه له وأن نحترم طبيعة الفن الذي نقدمه .

للكاتب تحولات حين يكتب خاصة وإن تنوعت كتاباته فهل حدث أن كتبت رواية وتوقفت في منتصفها لتقول لماذا لا أكتبها مسرح؟
هذه من الأشياء التي تجعل الكاتب لايكتب هذا أو ذاك ،وبالفعل حدث أثناء كتابتي لفوانيس الليل توقفت في منتصفها وتحدثت معي لماذا لاتكتبها رواية أفضل وظل الحوار دائر حتى وصلنا لترضية أن يكتبها مسرح وبعد الإنتهاء منها يكتبها رواية وتحايلت على الأمر وخرجت كنص مسرحي وحصلت على الجائزة ،فعليك أن تعلم من البداية أنه إذا حدث ذلك وذهبت مع رغبتك فلن تنجز شئ .

مع تعدد كتاباتك ألم تفكر في الكتابة للتليفزيون أو السينما؟
تلك مسألة كبيرة وصعبة بعض الشئ لأنها تحتاج لتفرغ «وطولة بال» وقد لا أملك هذه الروح،وجديا لم أختبر القيام بذلك .

 


روفيدة خليفة