الدراما النسوية وكوميديا القرون الوسطى في حفل توقيع كتابين جديدين لسيد الإمام بجريدة مسرحنا

الدراما النسوية وكوميديا القرون الوسطى في حفل توقيع كتابين جديدين لسيد الإمام بجريدة مسرحنا

العدد 600 صدر بتاريخ 25فبراير2019

أقيم الأسبوع الماضي بمقر جريدة “مسرحنا” حفل توقيع كتابين جديدين للدكتور سيد الإمام، هما: الملكية وعفاريت النسوية، والنبش في أوراق قديمة، تحدث فيه من النقاد مجدي الحمزاوي وليليت فهمي، ود. مصطفى سليم، وأدارها الناقد محمد الروبي رئيس تحرير جريدة مسرحنا، وذلك بحضور الكثير من المسرحيين، من بينهم الناقد أحمد خميس ود. سامية حبيب د. محمد أمين عبد الصمد، والكاتب رامي البكري والمخرج أحمد عبد الجليل، بلال الجمل، باسم عادل، محمد مسعد.
استهل الناقد محمد الروبي الندوة بالتذكير بأنه وصف الدكتور سيد الإمام في مقال سابق بأنه «صياد اللؤلؤ»، وأضاف أن الدكتور الإمام يمثل قيمة علمية كبيرة في المسرح وفي الدراسات الأكاديمية وأن كتاباته سوف تؤثر أيضا في الأجيال القادمة، تابع: اعتقد أن هذان الإصداران «الملكية وعفاريت النسوية»، و”النبش في أوراق قديمة” سوف يثيران جدلاً كبيرا خلال الفترة القادمة وسوف يفتحان مسارات نقدية جديدة.
وعن كتابيه قال د. سيد الإمام: إن كتاب «النبش في أوراق قديمة» يعد جزءا من مشروع رئيس بقوم به في الفترة الراهنة وهو دراسة تطورات بعض نظريات الدراما ف أوروبا، من خلال تتبع سياقها التاريخي، وأنه يناقش المسرح في العصور الوسطى من خلال الواقع الذي يقع فريسة أمام سيطرة السياسية والكنيسة (الكتاب المقدس) ويناقش كيفية نشأة المسرح في ظل هذه السيطرة السياسية والدينية، وصولاً إلى لجوء رجال الكنيسة لإنشاء المسرح باعتباره احتياجا اجتماعيا، أضاف الإمام: ومن أهم المباحث التي يضمها هذا الكتاب «جماليات مسنية في الدولة الرخوة» موضحا أن أهميته تنبع من اعتباره أهم ما توصل إليه في دراسته للعصور الوسطى رغم تداخل دراسات أخرى في هذا المبحث، وأشار إلى أنه يقوم بدراسة جماليات الحداثة في الفنون والأدب والمسرح من خلال إرجاعها إلى تاريخها، وتابع الإمام: ثاني أهم القضايا التي يدرسها هذا الكتاب فهي “الكوميديا” التي ترجع إلى مفهوم «الفارس» في العصور الوسطى، وكيف أطلق رجال الكنيسة هذا التعبير على كل ما هو مضحك، بحيث نقول إن كل كوميديا هي إحياء للشيطان، فالشيطان هو مفتاح التحولات في المسرح الكنسي خلال العصور الوسطى، وأن الكوميديا كانت سلاحًا ذو حدين حينئذ حيث تجد بجوار كل شخص ضاحك شخص آخر غاضب وصاخب، وأشار إلى أن الكوميديا ليست من فعل أناس سُكارى، بل إنها فعل محترم يمكن من خلالها صنع ما يضحك الجمهور ويحارب الفاسد، ولذلك كان أول أعداء الضحك هم «رجال الكنيسة» ليس بصفتهم الدينية بل بصفتهم ممثلى الثقافة في هذا الوقت.. أضاف الإمام: أول إصدار للكوميديا في هذه الفترة كان (الديتورو) السخرية من كل ما يدعى الثقافة أو المثقفين؛ وذلك «الدتيورو» في المسرح كان يقوم بدور الطبيب والمحارب ورجل الدين.
أما عن الكتاب الثاني “الملكية وعفاريت النسوية” فأشار الإمام إلى أنه يتكون من ثلاث مباحث، الأول عن ما هي المداخل التي لا بد للناقد أو الباحث التعرف عليها وهو يقترب من الدراما النسوية.. وتابع: تلك القراءات الدراما النسوية التي تجعلنا بصدد مشكلة كبيرة لم تستغرق عاما ولا عامين، بل استغرقت النصف الثاني من القرن العشرون، وهى «كيف نفهم الدراما النسوية» التي ظهرت كموضة في الحداثة وما بعد الحداثة، أضاف الإمام: الآن عندما نحتاج إلى اكتشاف المسرح النسوي أكثر نذهب ونبحث في الأساطير الإغريقية ونتجاهل تمامًا الحضارة الفرعونية التي بدأت قبل الحضارة الإغريقية، وعندما ننظر في الكثير من القراءات حول هذه الفترة نجد أن الحضارة الفرعونية كانت تضم الكثير من الإلهات النسويات.
الناقد مجدي الحمزاوى استهل حديثه باقتباس جملة مما كتبه دكتور سيد الإمام وهي: «إن إثارة العقل واستفزازه أهون بكثير من استفزاز القلب بما يجرحه أو الجيب بما يفلسه». وأضاف الحمزاوي: تلك الجملة ستكون هي نقطة انطلاقنا لكل ما يتعلق بالنسوية وعلاقة الرأسمالية بالمجتمع، و سوف نضعها أمام أعيننا، وسوف نرجع للدكتور سيد الإمام الذي أرجع كل الكتابات المتطورة، خصيصًا ما بعد الذكورية واستغلال نمط الإنتاج إلى أن هناك صفة مالكة وحاكمة تحاول دائمًا أن تجعل كل التغيرات التي طرأت على الجموع في صالحها. تابع الحمزاوى: النسوية ليست ما كتبته المرأة قديمًا ولا حديثًا إنما هي نتاج فكر معين ظهر خلال الثورة الصناعية والحرب العالمية، وهو ما يجعلنا نتساءل: إذا لم تشغل المرأة حيزًا في المجتمع كم من شركة مستحضرات تجميل وأزياء سوف تفلس؟ أضاف: إن الحركة النسوية ليست حركة مستقلة بل هي حركة مدفوعة كي تأتى بنمط آخر، وقد تحدث دكتور سيد الإمام عن النسوية كاتجاه فكري وعن ارتباطها بالحداثة وما بعد الحداثة وكذلك ارتباطها بالفكر الثوري.
مجدي الحمزاوى قال أيضا: أما عن المبحث الثاني عن الآلهة النسوية فهو مثير للتساؤلات، حيث لا توجد آلهة نسويه خالصة، بل هي آلهة قادرة على التوالد من نفسها، مشيرا إلى أن كل الرسائل الإبراهيمية قالت أن في البدء كان آدم ثم خلقت منه حواء (الأنثى) مؤكدا أن الإبراهيمية ليست مقتصرة فقط على سيدنا إبراهيم وأن نوح كان إبراهيميا أيضا، تابع: وهنا وضع دكتور سيد سؤالاً ولم يجب عليه ولكن ترك الإجابة لنا، وهو: لماذا لم نخلق مسرحا يتم الاتجاه إلية؟ هل لأن الآلهة الفرعونية لم تحتوى على أي صراع بشري؟
أما الناقدة ليليت فهمي فأشارت إلى أنه كانت هناك مجتمعات أمومية فقط، كما أوضحت بعض الاتجاهات الأنثربولوجية، وتساءلت: هل حدث بالفعل تحول من مجتمع أمومى إلى مجتمع أبوي؟ أضافت ليليت: انقسمت ربات أو الإلهات المصريات إلى «حتحور» الإلهة الأم المركزية التي نجد لها ترديدات مختلفة في الأقاليم، كذلك هناك تحولات «أتم» الذي يذكرنا بأسطورة زيوس، وقد كان «أتم» ينجب عبر الاستمناء، وقد ذكر د. سيد الإمام إن هذا له علاقة بالدور الرئيسي للرجل في عملية الإنجاب، وقبل هذه المرحلة لم يكن الرجل يدرك أن له دور في عملية الإنجاب؛ تابعت: تنتقل الحركات النسوية في أوروبا مع الحركات الشيوعية كما ذكر د. سيد، وهذا يقع في إطار بحث المرأة عن وجودها، ماذا تفعل المرأة؟وما مهامها في المجتمع؟ وهي الأسئلة التي وجدت إجاباتها عند «ماركس» ويقول إنه كانت توجد مجتمعات مثالية في الماضي، حيث تعد المجتمعات النسوية عند ماركس عبارة عن خلية نحل تسودها المساواة. ليليت تابعت: إن المجتمع الأوروبي يقول للمرأة أنها كي تأخذ سلطتها في المجتمع، فلا بد لها من التحرر من قيود الرجل ويسمح لها بتعدد الأزواج.
فيما أشار د. مصطفى سليم إلى أن كتاب «الملكية وعفاريت النسوية» يحتوى على كم كبير من الحوار، رغم أنه خلافي ويحتوى على الكثير من الأسئلة التي لا يمكن حصرها، تابع: أما كتاب «نبش في أوراق قديمة» فسوف يصبح مرجعًا للطلاب بقسم النقد المسرحى بالمعهد العالي لفنون المسرحية، مؤكدا أن الكتاب يملأ فجوات خطيرة وكثيرة جدًا عن مسرح أو دراما العصور الوسطى، بحيث يغني عن جهد كبير جدًا يقوم به الطلاب لمعرفة تاريخ المسرح في العصور الوسطى. أضاف: وهذا يجعلنا نقدم كتاب «نبش في أوراق قديمة» للطلاب بقسم النقد في المعهد العالي لفنون مسرحية ونحن مطمئنين إلى أن هذا الكتاب سوف يمد الطلاب بالكثير من المعلومات، خاصة وأن د. سيد الإمام بدأ هذا الكتاب بالعصور الوسطى أي ما قبل سقط الإمبراطورية الرومانية وقبل ظهور المسيحية، ثم بدأ دراسة التاريخ بعد ذلك خطوة تلو الأخرى إلى أن وصل إلى القرن العاشر وتجربة الراهبة وصولاً إلى «الفارس».


شيماء سعيد