من المفترض أن الحلقة السابقة من هذه السلسة تكون الأخيرة، ولا أكتب شيئاً آخر حول النصوص ووثائقها الرقابية، لكن شيئاً مهماً اضطرنى أن أكتب هذه الحلقة والحلقة التالية، ولن أكشف عن السبب إلا فى الحلقة المقبلة أى الحلقة الأخيرة! وربما يسألنى سائل: لما تتوقف الآن وأنت لم تكتب إلا عن خمسين نصاً مسرحياً تقريباً، رغم أنك قلت فى بداية السلسلة إنك تحتفظ بحوالى «ألف نص» مسرحي؟! وربما يسأل آخر قائلا: ما مصير النصوص التى قلت عنها فى الحلقة الثانية الآتي:“ لن أذكر بيانات نصوص مثلتها فرقة «نجيب الريحاني» أيام حياته وبعد مماته، كونى أستخدمها فى كتاباتى عن الريحانى حالياً، ومنها: «أروح فين من الستات، استنى بختك، أم أحمد، أنا وأنت، آه من حلاوتها، أولاد على بمبة، أيام العز أو الحلاق الفيلسوف، البرنسيسة، 30 يوم فى السجن، جوازة بمليون جنيه، جوزى طبعه كده، الحرامية، حسن ومرقص وكوهين، حكاية كل يوم، حكم قراقوش، خلينى أتبحبح يوم، الدلوعة، الدنيا لما تضحك، الستات ما يعرفوش يكدبوا، السكرتير الفنى أو الدنيا بتلف، سنة مع الشغل اللذيذ، قسمتى، كلام فارغ جداً، كلام فى سرك، لو كنت حليوة، الليالى الملاح، مين يعاند ست، ياما كان فى نفسي». وأخيراً مسرحيات «وحيد حامد» لن أذكر بياناتها أيضاً لأن الباحثة «أسماء محمد على سليمان» تشتغل عليها، وسجلت رسالة دكتوراه فى كلية التربية النوعية بجامعة الزقازيق تحت عنوان «التوظيف الدرامى للكوميديا الساخرة فى مسرح وحيد حامد» وعناوين المسرحيات هي: «أحزان الفتى المسافر، حالة انعدام وزن، كباريه، يا عالم نفسى أتسجن، سهرة فى بار الأحلام، سبعة تحت الشجرة، آه يا بلد». أما الباحث «إسلام صفوت» - مدرس اللغة بكلية الآداب جامعة سوهاج – فقد سجل مؤخراً رسالة الدكتوراه تحت عنوان «الشخصية الكوميدية فى مسرح أحمد الإبيارى.. دراسة فنية»، لذلك سأمنحه صورة من النصوص التى لدى ليستفيد منها فى رسالته».وبالرغم من هذه الأسئلة المحرجة، إلا أننى أخشى أن أجد سائلا ثالثاً يذكرنى بنتيجة ما قلته فى الحلقة الثامنة، عندما قلت: «عندى قناعة بأن «جهة رسمية مصرية» ما.. ستهتم بما لدى من نصوص، عندما تقرأ مقالاتى، وتطلب منى الحصول عليها «رسمياً»!! وهذا الأمر لن يحدث إلا بعد أن أنشر المقالات ويطلع الجميع على أهمية ما لدى، لذلك أقول من الآن إن كل نص عليه ختم باسمى مكتوب عليه «مكتبة الدكتور سيد على إسماعيل.. رقم (كذا)» والرقم المكتوب بخط يدى داخل الختم، هو الرقم المعتمد لكل نص، والذى سيتم تسليم النصوص بأرقامها وخاتمها للجهة المسئولة، بحيث يكون الرقم هو المرجع لأى باحث يريد الاطلاع على النص عندما تستلمه الجهة الرسمية المصرية وتوفره للباحثين».وبناءً على ما سبق - أو إجابة على الأسئلة السابقة - أقول: إن جميع النصوص المسرحية التى ذكرتها فى الحلقات الأولى مرتبة تاريخياً، وكل ما لم أذكر بياناته من النصوص التى أشرت إليها، وكل النصوص التى تناولتها فى الحلقات السابقة – وهى حوالى خمسين نصاً تقريباً – وكل ما لم أتناوله بالدراسة، تم تسليمه رسمياً إلى «المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية» الذى تسلم منى فى «أغسطس 2025» عدد «1059» - ألف تسعة وخمسين – نصاً مسرحياً مرفقاً بمعظمها الوثائق الرقابية الأصلية، بموجب لجنة استلام رسمية، وإيصال استلام رسمى كون هذه النصوص «هدية» منى إلى المركز.وبناءً على هذا التسليم، يجب عليّ أن أوقف سلسلة مقالاتى هذه تنفذاً لوعدى السابق عندما قلت إننى سأتوقف عن الاستمرار فى كتابة هذه السلسلة بعد أن تتسلم الجهة المصرية المسئولة هذه النصوص! وما الحلقات التى نُشرت بعد التسليم حتى الآن، ما هى إلا مقالات كانت جاهزة قبل تسليم النصوص إلى المركز القومى للمسرح! ولكن الآن بعد إعلان التسليم يجب التوقف عن الكتابة فى هذه السلسلة، لا سيما بعد أن سلمت جميع النصوص إلى المركز!! ولكن هذه الحلقة – كونها قبل الأخيرة فى سلسلة المقالات – هى حلقة استثنائية وإنسانية يجب نشرها كونها تمهيداً للحلقة الأخيرة، والتى سأكشف فيها عن أهميتها الإنسانية، ولماذا اخترتها لتكون الأخيرة!فى هذه الحلقة سأتحدث عن نصين مسرحيين، الأول بعنوان «صياد اللولي» ويحمل رقم «505» فى مكتبتى - قبل أن أهديه إلى المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية - ومكتوب على غلافه الآتي: وزارة الثقافة، قطاع المسرح، المسرح المتجول. الموضوع: «صياد اللولي» تأليف خيرى شلبى، إخراج عمرو دوارة، ويحمل رقم وارد «187» بتاريخ 24/9/1988. والنص منشور ومكتوب عليه عبارة «معزوفة غنائية فى 10 مقاطع».كتبت الرقيبة «فادية محمود على بغدادي» تقريراً رقابياً ذكرت فيه ملخص المسرحية، وملاحظاتها ورأيها الرقابى، قائلة: «تدور أحداث المسرحية حول مسعد الصياد البسيط الذى يعيش مع زوجته صابرين وابنه الصغير فى سعادة وأمان وحب. وكان كل ما يتمناه مسعد أن يعلم ابنه حتى يعيش حياة أفضل من حياته هو وأجداده فقد عانوا من مهنة الصيد وأخطار البحر. وفى أثناء أحلامه يتنبه على صوت صرخة من زوجته فقد اقترب من ابنها عقرب كبير وقرص الطفل.. ويذهب مسعد وزوجته وابنه للحكيم.. الذى يرفض أن يستقبل الطفل أو يعالجه عندما يعلم أنه فقير ومعدم.. ويعود مسعد إلى عشته وتعالج صابرين ابنها من قرصة العقرب ببعض أعشاب البحر.. وتدعو من الله أن يرزق زوجها بلؤلؤة بثمنها يعالج ابنه ويحقق آماله.. ويعود مسعد من رحلة الصيد ومعه لؤلؤة لم تر عينه مثلها.. ويفرح مسعد وزوجته ويظن أنه سيحقق بها كل أمانيه، لم يكن يعلم أنها ستكون سبباً فى تعاسته وموت ابنه.. فعندما يعلم معارفه وأهل البلد أن فى حوزته لؤلؤة ثمينة تمتلئ قلوبهم بالحقد تجاهه هو وزوجته، حتى الطبيب جاء إلى عشته لكى يعالج ابنه.. أما متعهدى تجار اللؤلؤ فقد اتفقوا أن يقدروا للؤلؤة ثمناً زهيداً حتى يضطر مجبراً إلى بيعها.. أما اللصوص فقد أصبحوا يتربصون به للاستيلاء عليها.. وتمر الأحداث التى تصف حالة مسعد وزوجته وكيف امتلأت نفسه بالخوف وحُرم من النوم الهادئ وتنتهى الأحداث بمطاردة أحد اللصوص له فيصيبه بطلق نارى ويصيب ابنه إصابة قاتلة. عند ذلك يأخذ مسعد اللؤلؤة ويلقيها فى البحر. «الملاحظات»: حددت الرقيبة بعض الجمل والعبارات الواجب حذفها، وهى التى تدل على الانتقام والإيذاء والعنف ضد الآخرين.. إلخ. وانتهت الرقيبة إلى رأى قالت فيه: “المسرحية تبين أن الإنسان أصبحت تسيطر عليه المادة التى ملأت النفوس بالطمع والجشع والحقد والكراهية.. ونزعت من النفوس المودة الصادقة والإنسانية.. كما تبين المسرحية أن الجوهرة الحقيقية فى صدورنا نحن البشر، وعندما يتغلب الإنسان على الماديات ويتمسك بالمبادئ المبنية على الحب والقناعة سيحقق الإنسان السعادة. ولا مانع من التصريح بتأدية المسرحية بعد حذف الملاحظات السابقة”.أما الرقيبة «راضية سيد» بعد أن ذكرت ملخص النص فى تقريرها، أنهته برأى قالت فيه: «المسرحية ميلودراما عن صياد يحلم بالثراء ويحصل على لؤلؤة بدلا من أن تجلب عليه السعادة والغنى تجر عليه النحس فيتخلص منها ويرميها فى البحر حيث وجدها. ولا مانع من أداء المسرحية مع مراعاة الآداب العامة والقوانين الرقابية». والرقيبة الثالثة والأخيرة «نجلاء الكاشف» أنهت تقريرها برأى قالت فيه: «مسرحية مكونة من عشرة مقاطع تبين لنا كيف أن الغنى ليس بما يملك المرء من مال وجاه وإنما بما يحمل جوهره من معدن نبيل أصيل، ولا مانع من الترخيص بأداء هذه المسرحية». وبذلك نالت المسرحية الترخيص بتمثيلها رقم «194» بتاريخ 8/10/1985.النص الآخر كنت محتفظاً به تحت رقم «391» - قبل إهدائه إلى المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية - ومكتوب على غلاف ملفه الآتي: وزارة الثقافة، قطاع المسرح، المسرح المتجول «البيه الفنان يوسف وهبي» إعداد «سمير الجمل». وعلى الصفحة الأولى مكتوب الآتي: المسرح المتجول يقدم «البيه الفنان يوسف وهبي»، إعداد سمير الجمل، إخراج «عمرو دوارة»، وهذا النص أخد رقم وارد «114» بتاريخ 7/4/1987، ويقع فى «28» صفحة مكتوبة بالآلة الكاتبة. وضمن الوثائق المرفقة خطاب من مدير عام المسرح المتجول «عبد الغفار عودة» إلى مدير عام الرقابة على المصنفات الفنية، قال فيه: «مرفق طيه عدد ثلاث نسخ من مسرحية «البيه الفنان يوسف وهبي» تأليف سمير الجمل، رجاء التوجيه للموافقة عليها رقابياً علماً بأن لجنة القراءة قد وافقت عليها شكلا وموضوعاً».كتب الرقيب «سامى أحمد» تقريراً رقابياً للنص، ذكر فيه ملخصه وملاحظاته ورأيه الرقابى، قائلا: «كانت بداية مشوار يوسف وهبى فى طريق الفن هو انضمامه إلى فرقة المخرج «عزيز عيد» التى كانت تقدم مسرحية «حنجل بوبو» حيث اقتصر دوره على إلقاء المونولوجات. وسرعان ما تنتهى فرقة عزيز عيد ويصبح أفرادها بلا عمل. وهنا يلتقى يوسف وهبى مع صديقه عبدالحليم المصرى، الذى يقنعه بأن يكون مصارعاً نظير مبلغ من المال، خصوصاً وأن فيه كل مواصفات المصارع، إلا أنه يفيق إلى نفسه ويقرر السفر إلى إيطاليا ليجرب حظه هناك.. وفى مدينة ميلانو يلتحق يوسف وهبى بمعهد الإنسانية، وهو مخصص للفقراء بعد استخراج شهادة فقر ساعده فى الحصول عليها صديقه العجوز «لويجي». ثم يتجه إلى دراسة فن الدراما والموسيقى. وفى تلك الفترة يتعرف بممثلة سينمائية إيطالية مشهورة اسمها «فيرا فرجاني» وتنشأ بينهما علاقة كادت أن تدمر حياته وتحوله إلى شخص شاذ ومدمن، إلا أنه يلتقى مع زميله «مختار عثمان» الذى جاء بدوره إلى «ميلانو» لدراسة الفن فيشجعه على استكمال دراسته الفنية التى انقطع عنها فترة حتى حصل على إجازة «الدبلوم» ثم يرث ثروة كبيرة بعد وفاة والده «عبد الله باشا وهبي» أنفقها فى مشاريعه الفنية بدءً من أول فرقة كونها عام 1923 وهى «فرقة مسرح رمسيس» لتقديم فن مسرحى جاد بعد أن وصلت حالة المسرح فى مصر إلى درجة سيئة للغاية لدرجة أن «جورج أبيض» ترك مصر ورحل إلى لبنان. وكانت عودة يوسف وهبى إلى مصر بعد وفاة والده وعقب زيارته لأمير الشعراء «أحمد شوقى» فى باريس الذى شجعه على المضى قدماً فى تأليف فرقته المذكورة والاستفادة بخبرة المخرج «عزيز عيد» من أجل رفع مستوى الفن المسرحى الجاد فى مصر. «الرأي»: هذه المسرحية من نوع المسرحيات التسجيلية لحياة الفنان «يوسف وهبي» ابن الذوات الذى عانى الفقر والعوز خلال مشواره الفنى الطويل بسبب القطيعة التى حدثت بينه وبين والده الباشا بسبب اشتغاله بفن التمثيل والمسرح الذى عشقه وأحبه طوال حياته حتى وصل إلى الدرجة التى عليها الآن. ولا مانع من الترخيص بعرض المسرحية بعد حذف الملاحظات الآتية.. إلخ».وكتبت الرقيبتان «نجلاء الكاشف، وعفاف على أحمد» تقريرين لا يختلفان عن التقرير الأول. وبذلك نالت مسرحية «البيه الفنان يوسف وهبي» ترخيصاً بتمثيلها لصالح المسرح المتجول برقم «116» بتاريخ 22/4/1987. فهل مثلت هذه المسرحية؟؟ الإجابة سنتعرف عليها فى الحلقة المقبلة كونها الحلقة الأخيرة! وهى الحلقة التى سنتعرف فيها على سبب إنهاء الحلقات بهاتين المسرحيتين، ولماذا تم تمثيل الأولى، ولم تمثل الأخرى؟ وما العامل المشترك بين المسرحيتين؟ كل هذه الأسئلة سنعرف إجاباتها فى الحلقة المقبلة.. لأنها الأخيرة!