من الكنوز المسرحية المُكتشفة - التى ما زلت أحتفظ بها تحت رقم «882» - نص مسرحى بعنوان «حب فى الصيف» مكتوب على غلافه الخارجى بخط اليد: العرض الأربعاء الموافق 15/1/1975، هيئة السينما والمسرح والموسيقى، مسرحية «حب فى الصيف». ومكتوب على الصفحة الداخلية وارد مسرحيات رقم «8» بتاريخ 11/1/1975، ثم خاتم الرقابة البيضاوى مكتوب داخله: «وزارة الثقافة، إدارة الرقابة على المسرحيات، الإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية»، ومكتوب بالآلة الكاتبة: «حب فى الصيف» مسرحية من 3 فصول، عرض مسرحى غنائى راقص، ألفريد فرج. وفى نهاية النص مكتوب «مايو 1974»، وهو تاريخ نهاية كتابة النص. وفى الصفحة الأخيرة مكتوب نص التصريح، وجاء هكذا:«لا مانع من الترخيص بأداء هذه المسرحية «حب فى الصيف» لهيئة السينءما والمسرح والموسيقى على أن يراعى الآتى: (1) – الحذف والاستبدال فى الصفحات 3، 22، 26. (2) – حفظ الآداب العامة فى الأداء والحركات والملابس. (3) - إخطار الرقابة بموعدى التجربة النهائية والعرض الأول لهذه المسرحية حتى يتسنى بعد مشاهدتها النظر فى الترخيص بصفة نهائية. [توقيع] المدير العام «اعتدال ممتاز». [خاتم الرقابة ومكتوب فيه] إدارة رقابة المسرحيات، تصريح رقم «7»، بتاريخ 16/1/1975»، علمًا بأن موعد العرض كان الأربعاء الموافق 15/1/1975 كما هو مكتوب على غلاف المخطوطة، ما يعنى أن تصريح الرقابة بالتمثيل صدر بعد موعد العرض وليس قبله! والنص مكتوبة بالآلة الكاتبة فى «82» صفحة.إذن هذا النص من مؤلفات «الفريد فرج» المسرحية المجهولة، مما يعنى أنها لم تُعرض أو تُنشر من قبل، وحاولت أن أستوثق هذا الاكتشاف قبل إعلانه، وبالفعل قمت بمحاولة، كتبت عنها فى صفحتى بالفيسبوك يوم 26/3/2025 - مع نشر غلاف المسرحية – تحت عنوان «اكتشاف مسرحى.. حزين»، قائلًا: «كنت أنوى غدًا - فى يوم المسرح العالمى - أن أعلن اكتشافًا مسرحيًا جديدًا، وهو نص مسرحية «حب فى الصيف» لألفريد فرج، وهى - كما أتوقع - مسرحية مجهولة لا يعرفها أحد ولم تُطبع ولم تُمثل رغم أنها كبيرة الحجم ومكتملة ومخطوطتها فى حالة جيدة، ونالت ترخيصًا بتمثيلها لهيئة المسرح عام 1975، ولكنها لم تُمثل.. وتحسبًا لأى خطأ غير مقصود، قلت أتأكد أكثر لعلها إحدى مسرحيات ألفريد فرج وتم تغيير اسمها، أو تعديلها أو إعداد لها.. إلخ! ولم أجد أمامى سوى شقيق ألفريد فرج وهو الصديق الأستاذ «نبيل فرج» الناقد والكاتب المعروف، صاحب كتب: سعد أردش رجل المسرح 1985، والعبث والواقع فى مسرح محمد سلماوى 1992، وإعادة اكتشاف الناقد أحمد راسم 1994، وطه حسين وثائق أدبية 2004، ومجلة الكاتب المصرى 2007.. إلخ. وبالفعل اتصلت برقم موبايل الأستاذ نبيل فرج، فجاء الرد من خلال صوت نسائى، فقلت: هل هذا رقم الأستاذ نبيل فرج؟ فقالت: نعم هو! فقلت: ممكن أكلمه، قالت: نبيل فرج توفى منذ أربعة أشهر!».توالت على «البوست» ردود العزاء والاستهجان من وفاة الأستاذ نبيل فرج دون أن يعلم أحد، ودون الإشارة إلى جهوده.. إلخ، أما التعليقات الخاصة بالنص المسرحى – موضوع البوست - فجاءت من خلال صديقين، أولهما الفنان الكبير «محمود الحديني»، الذى قال: «صباح الخير يا عزيزى سيد وكل عام وأنتم بخير.. المسرحية دى أرسلها لى الأستاذ الفريد مع زوجته لأقدمها فى الموسم الصيفى لفرقة المسرح القومى، وكنت مديرًا عامًا للفرقة. وبتصفحى المسرحية وجدتها إعدادًا عن المسرح العالمى، وكانت باسم «لعبة الحب» والمصادفة لماريفو. وموضوع المسرحية يتلخص فى أمير يريد أن يتقرب من حبيبته الغنية فلبس ملابس سائقه، وهى أيضًا فعلت هذا مع خادمتها، واستطاعت أن يلتقيا فى أحداث كوميدية لطيفة. ولم نتمكن من إنتاجها لأن كان هناك مسرحية تعرض للأستاذ الفريد وهى «غراميات عطوة أبو مطوة» فأرجأناها إلى الموسم التالى. ولكن القدر لم يمهلنا فرحل عنا الأستاذ الفريد وبعده زوجته، وأنا توليت رئاسة البيت الفنى للمسرح.. الله يرحمهما.. أرجو أن تكون هى نفس المسرحية».للأسف الشديد مسرحية «حب فى الصيف» مختلفة عما ذكره الأستاذ محمود الحدينى – كما سنرى لاحقًا من خلال شخصياتها وموضوعها – كما أن الزمن مختلف، فالمسرحية مؤرخة بعام 1975، وحديث الأستاذ محمود الحدينى عن فترة أواخر تسعينيات القرن الماضى، أى بعد زمن المسرحية بعشرين سنة! أما مسرحية «لعبة الحب» التى ذكرها الأستاذ محمود الحدينى، فمنشورة بالفعل عام 1985 ضمن سلسلة «روايات الهلال».أما التعليق الآخر فكتبه صديقى الدكتور «سامى سليم» - دكتوراه فى تاريخ المسرح من جامعة بريستول وزميل فى كلية الدراسات العليا فى الجامعة نفسها - قائلًا عن مسرحية «حب فى الصيف»: «أعتقد أنها إحدى المسرحيات التى عرضها «الفريد فرج» على المخرجين «هناء عبدالفتاح» رحمه الله، و«مصطفى مؤنس» من خلال الدكتور «محمود اللوزي» رحمه الله فى جلسة بعد عرض «سكة السلامة» عام 2000، ومرة أخرى بعد عرض مسرحية «الأشباح» عام 2003. اختار هناء «على جناح التبريزى»، واختار مصطفى «الزيارة»، واختار محمود «سليمان الحلبي» و«عسكر وحرامية»، ولم يختر أحد «الحب والصيف» لعدم توفر الموهبة الغنائية بأعداد كافية».ذكر الدكتور سامى فى تعليقه أربعة أسماء، مات منهم ثلاثة ولم يبق غير الأستاذ «مصطفى مؤنس» - أطال الله فى عمره - وعبثًا حاولت الوصول إليه أو التواصل معه بأية وسيلة، فلم أفلح فى ذلك كونه الشاهد الوحيد على واقعة توزيع المسرحيات، لأن الدكتور سامى كتب تعليقه بناءً على ما سمعه من أحدهم، ولم يكن حاضرًا أو شاهدًا على الواقعة! ورغم ذلك هناك إشارة مهمة فى التعليق تؤكد أن المسرحية المكتشفة هى فعلًا لألفريد فرج، عندما قال - الدكتور سامى - إن المخرجين الثلاثة قسموا مسرحيات الفريد فرج فيما بينهم، ولم يختاروا مسرحية «حب فى الصيف» «لعدم توفر الموهبة الغنائية بأعداد كافية!»، وهو الأمر الذى يتوافق مع نص مسرحية «حب فى الصيف»، كونها مسرحية استعراضية غنائية راقصة!تأكدت بأننى اكتشفت كنزًا مسرحيًا مجهولًا لألفريد فرج، ورغم ذلك كنت مترددًا فى إعلانه أو السعى لنشر مخطوطة نص المسرحية كونها نسخة وحيدة أمتلكها بما فيها من توقيعات وأختام وتوثيقات.. إلخ، وبدأت فى نقل النص من المخطوطة، وبدأت بالشخصيات، وهى كما كتبها المؤلف ألفريد فرج: أبو السعود سعيد: طالب فى أجازة مفلس. زكى الفالح: طالب فى أجازة مفلس. ياقوت: صايع ثرى متوسط العمر. زمردة: ابنة ياقوت: جبران جبران: صاحب فندق راشانا. أميرة هانم: نزيلة بالفندق جميلة متوسطة العمر. إبضاي: ضخم الجسم. محضر، شرطى، موسيقيون وخدم. الزمان: الصيف، المكان: فندق راشانا بجبل لبنان.وجاء وصف منظر «الفصل الأول»، هكذا: «الطريق وشرفة الفندق «تراس» وهى نفسها المطعم. وفى قاع الشرفة بوتيك ملابس وما إلى ذلك وفى القاع باب يفضى إلى حديقة الفندق الخلفية. وإلى يمين ويسار التراس بابان يفضيان إلى داخل الفندق. على الطريق لافتة تحمل اسم القرية «راشانا» وبيان كيلو مترى «بحمدون 25 كيلو متر». وعلى الفندق لافتة عليها «فندق ومطعم راشانا». يدخل زكى جريًا على الطريق أسفل التراس «الشرفة» ليعبر المسرح من اليمين إلى اليسار ويتوقف فجأة ويستدير ليصيح على صاحبه الذى يتبعه جريًا. الاثنان أنيقان جدًا فى ملابس الشباب العصرية. يبدو عليهما أنهما ضربا لتوهما، ولكن بدون أى تمزيق أو تشويه». ومن ثم بدأت فى نقل النص، هكذا:زكي: (يلوح لزميله بذراعيه) أبالسعود، وقف وقف (يلح فى الإشارة والنبرة، فيدخل أبو السعود مندفعًا يغالب نفسه ليقف ولكن يرتطم بزميله فيسقطان على الأرض) يا حمار! بقول لك وقف ستوب أريتيه فرمل!أبوالسعود: ليه؟زكي: خلاص، هربنا، بعدنا، دخلنا بلد تانية (مشيرًا للافتة)أبوالسعود: (مازال لم يفق) بلد تانية؟ أمال إحنا كنا فين؟زكى: كنا فى بلد تانية.أبوالسعود: (يأخذه الخوف) ودي؟زكى: دى بلد تانية.لم أستكمل نقل النص، حيث وجدت تعليقًا على «البوست» - الخاص بالنص واكتشافه - من الأستاذ «لؤى البدرى» من العراق - غيّر مجرى الأحداث تمامًا - حيث قال فيه عن المسرحية: «اظنه نشرها فى «مجلة الوطن العربى» بعنوان آخر أذكر منه فقط الصيف عام 1977، وأتذكر كانت تتحدث عن الأثرياء العرب واستجمامهم فى الصيف وانتقاد للترف». هذا التعليق كان مفاجأة كبيرة لى، وعلى الفور توقفت عن نقل نص المسرحية، أو اتخاذ أى قرار بشأنه قبل التأكد من نشره أو عدم نشره! وقمت بالرد على تعليق الأستاذ لؤى، قائلًا له: «سأساعدك فى البحث وأقول: إن المسرحية كبيرة فى (82) صفحة، وهذه هى «الشخصيات»: أبوالسعود سعيد: طالب فى أجازة مفلس. زكى الفالح: طالب فى أجازة مفلس. ياقوت: صايع ثرى متوسط العمر. زمردة: ابنة ياقوت: جبران جبران: صاحب فندق راشانا. أميرة هانم: نزيلة بالفندق جميلة متوسطة العمر. إبضاي: ضخم الجسم. محضر، شرطى، موسيقيون وخدم. الزمان: الصيف، المكان: فندق راشانا بجبل لبنان». فقام بالرد على ذلك، قائلًا: «هى هى.. بمجرد ذكرك لاسم أبى السعود تأكدت أنها هى. نشرتها مجلة «الوطن العربى» فى فصول على حلقات.. إنها هى - على ما أذكر- مؤلفة إنما للأسف لم تحظَ بنجاح رسمى «النقاد» ولا شعبى «الجمهور». هى مسرحية متواضعة لم ترق إلى روائعه: عسكر وحرامية، سليمان الحلبى، زواج على ورقة الطلاق، حلاق بغداد، على جناح التبريزى وتابعه قفة، زينة النساء، النار والزيتون، رسائل قاضى إشبيلية.ووعدنى الأستاذ «لؤى» بأن يرسل لى عدة صور من النص المنشور فى المجلة خلال يومين حتى أقطع الشك باليقين! وللأسف الشديد مرّ يومان وأسبوعان بل وشهران، فأيقنت أن الأستاذ «لؤى» تأكد بأن النص مختلف أو أن هناك شيئًا ظهر يؤكد أن النص المنشور فى المجلة ليس هو مخطوطة المسرحية المكتشفة! وكدت أبدأ فى مشروعى وأنهى نقل النص.. إلخ، وفجأة وجدت على الخاص صورتين أرسلهما الأستاذ «لؤى» لصفحتين من النص المنشور فى المجلة، وعلى الفور قارنتهما بالنص المخطوط المكتشف، وتأكدت بالفعل أنهما من النص المسرحى الذى بين يدى! أما المجلة فهى «الوطن العربي» عدد «61» بتاريخ 14 – 21 أبريل 1978. وهذه المجلة لبنانية، وكانت تصدر فى بداية ظهورها من بيروت، وبعد الحرب الأهلية انتقلت إلى باريس، وكان مشرفها العام «وليد أبو ظهر» ومدير تحريرها «نبيل مغربي» من لبنان.هذه هى قصة اكتشافى لنص مسرحية «حب فى الصيف» التى ظننتها «مجهولة»، وتُعد اكتشافًا كبيرًا خاصًا بألفريد فرج.. لكن الآن يجب أن أعترف أنها أصبحت «غير مجهولة» ولكنها معلومة لفئة محدودة، كونها منشورة فى حلقات فى مجلة خارج مصر! فهل هناك من يتحمس لنشر المسرحية «كاملة» داخل مصر؟ وهل هناك جهة إنتاج تستطيع إنتاج هذه المسرحية وتعرضها عام 2029 بمناسبة مئوية ألفريد فرج المولود عام 1929.. هذا مجرد سؤال مصحوب بأمنية.. أرجو أن تتحقق!