شادي سرور: المسرح أصبح أكثر تواصلا وتأثيرا مع الجمهور

شادي سرور: المسرح أصبح أكثر تواصلا وتأثيرا مع الجمهور

العدد 879 صدر بتاريخ 1يوليو2024

تناول المخرج شادي سرور العديد من القضايا والمواضيع الهامة وذلك من خلال مسرحية «العيال فهمت» التي قام بإخراجها حديثاً على خشبة مسرح ميامي ومن إنتاج فرقة المسرح الكوميدي، والتي تسلط الضوء على الفجوة بين الأجيال وأهمية إعادة إحياء فن المسرح الموسيقي، وهو نوع من المسرح الذي يمزج بين الغناء، والرقص، والتمثيل في تجربة واحدة متكاملة.
ماذا كانت الفكرة الرئيسية وراء اختيار نص «العيال فهمت» لإخراجه على خشبة المسرح؟
هو البحث عن المسرح الميوزيكال، كنت دائما أبحث عن موضوع يليق بالمسرح الميوزيكال، لأن هذا النوع أصبح غير موجود ، ونوعية الممثلين أيضا لم تعد موجودة ، وهو الممثل الذي يغني ويرقص مع التمثيل طبعا، فكنت أريد إعادة هذا النموذج لأن الجمهور نفتقد لهذا النوع ويحب أيضا هذا النوع من المسرح ، الذي يحتوي على الغناء والإستعراضات وتكون مرتبطة هذه الاستعراضات بالدراما، من خلال الحوار الغنائي، فعرض العيال فهمت يحتوى على كل ذلك بالإضافة إلى الأغنيات الفردية والجماعية والدويتو والثلاثي، ويناقش فكرة الفجوة بين الأجيال، وفكرة التربية، ومشكلة المجتمع حاليا هي التربية ومفهومها والتربية القديمة على تراث معين، والأجيال الحالية محمله بأشياء مختلفة من التكنولوجيا والإنفتاح على كل شئ، وهذا الإختلاف صنع فجوة في الأفكار والاستيعاب والفهم وهذا أثر بشكل كبير على المجتمع، فالعرض يعتبر دعوة مهمة ورسالة واضحة وصريحة لمحاولة تقليل الفجوة بين الأباء والأبناء 

كيف ترى معالجة النص لقضية الفجوة بين الأجيال، وكيف تم تنفيذ هذه الفكرة على المسرح؟
الأب في العرض لديه أبناء كثيرة لاستعرض من خلالهم معاني كثيرة لقضايا مطروحة لدى الشباب، مواهبهم وأفكارهم، لأن كل منهم يحاول إثبات ذاته في مجتمع لا يفهمه، وهذا ما حدث بالفعل على مستوى السوشيال ميديا، فمشكلة الفيس بوك عندما ظهر، كانت مشكلتنا هي عدم فهم ما هو الفيس بوك ، وما هو التواصل الإجتماعي، فلم يتم الاستخدام الصحيح للتكنولوجيا، لأن التربية غير متأصلة في البداية على مثل هذه الأشياء، ولكنها دخلت حياتنا فجأة، ولذلك اخترت الأب لديه 8 أبناء أعمارهم من 6إلى 20 سنة، لنناقش مشاكلهم المختلفة، والمعالج هنا قائمة على فكرة إن عند الوصول إلى الهدف ليس بالضرورة أن ننجح، لأن الأجيال الجديدة لديها تسرع في كل شئ، ولديها فكرة الوصول للنجومية في أي مجال بدون اي تعب أو خسارة أي شئ، أو يتعرثل ويرى نتيجة عرقلته ويبحث عن حلول لها، ويدخل في صراعات مع الحياة ومع من حوله ليثبت نفسه، وهذا الصراع لن يأتي من أول أو ثاني محاولة، فمن هنا كان فينال العرض « اسعى وتتمسك بحلمك أوعى ترضى بشئ بداله، ده النهاية بتيجي لما كل حلم يروح لحاله، عيش لحلمك هو أولى وأوعى تيأس من المحاولة، حتى لو خسران في جولة، قوم وكمل للنهاية، عيش حياتك، سوق ظروفك وأوعى تستسلم لخوفك، خلي كل الناس تشوفك ع الأفيش بطل الحكاية»، فكان هذا هو الهدف الأساسي أن يفهم الشباب أن بعد النجاح والوصول لشئ سوف تتعرقل فلا تستسلم واسعى وراء حلمك وناضل من أجل تحقيقه، فهي مجموعة من الرسائل الكثيرة التي أحاول طرحها من خلال معالجة الفكرة.

ما التحديات التي واجهتك في تدريب فريق الشباب الثمانية للوصول إلى التناغم الذي شهدناه على المسرح؟
لم أعاني، لأن جميعهم متدربين من خلال ورشة الهناجر، وهذه الورشة قائمة على فكرة الممثل الشامل ، فكانوا مدربين على الغناء والرقص والتمثيل من فترة كبيرة، وهذا ما جعل الأمر سهلا وبينهم تواصل كبير وانسجام وهذا التناغم هو أهم مكاسب الورش بشكل عام، ومن ضمن أهم الفوائد أيضا أن تكون الورشة قائمة على فكرة معينة، فدائما همي بأن أعمل على تدريب الممثل الشامل لأنني أعى جيدا ندرة وفقدان هذا النوع.

كيف كان تعاونك مع باقي أفراد فريق العمل، خاصة في تصميم الديكور والملابس والإضاءة؟
تم اختيار تقنيات العمل جميعا على أسس وخبرات كبيرة ، فقد شاهدت لهم جميعا عروضا مختلفة، فبداية من د. حمدي عطية للديكور فهو الأقرب في أعماله للفكرة التي كنت أريد تقديمها ، فصنع صورة بديعة وحقق كل المفردات التي كنت أريدها وذلك لدقة شغله ولمساته الفنية الجميلة، والأزياء شيماء محمود وهي مصممة أزياء مبدعة ولها اختيار للألوان جيد ولمسات مختلفة ، واختيار الماتريال بدقة ومهتمة بأدق التفاصيل، والإضاءة محمود الحسيني شاهدت له عروضا مختلفة، وسوف يكون له مستقبل واعد وشأن كبير، وحصل العام الماضي على جائزة أحسن مصمم إضاءة بالمهرجان القومي عن عرض الرجل الذي أكله الورق، فعلى رغم صغر سنه لكنه كبير في مجاله بأفكاره وتقنياته، ولديه اهتمام بكل التفاصيل الخاصة، واهتمامه بإضاءة الممثل، والكتابة والأشعار طارق علي، للكتابة الأساسية والدراما داخل العرض ، وتم الإستعانة بالأستاذ أحمد الملواني لإضافة مشاهد كوميدية، لأن الأستاذ طارق كمؤلف دراما فكان النص في الأساس شعري تتخله دراما، فكتب هو أساس العرض بالأشعار الخاصة به، وتم الاستعانة بالأستاذ أحمد الملواني لتصغير مجموعة معاني ومشاهد ولقطات كوميدية داخل الموضوع لأننا نقدم العرض على المسرح الكوميدي فالكتابة الكوميدية تحتاج إلى كتاب متخصصين، وهذا ما كنت حريص عليه، بأن اعطي لك شخص منطقته، فعلى الرغم من إن استاذ طارق على كاتب وشاعر كبير، إلا إن مناطق الكوميديا ملعوبة في النص على استحياء، فبما إننا نقدم العرض على المسرح الكوميدي فكان لابد من الاستعانة بكاتب لديه نزعة كوميدية، قادر على تخليق مناطق الكوميديا بداخل الموضوع، فكان التدخل بسيط ومعروف ومعلوم، لأن الدراما هي الأساس ، فبالتالي كان هذه صعوبة التعامل مع النص ولكنها كانت متعة لأننا توصلنا في النهاية لمنتج مكتوب ومحكم بشكل جيد، والألحان والموسيقى لأحمد الناصر ، فالألحان أخدت وقت كبير لأن الموضوع كان صعب لاحتواء العرض على حوالي 15 أغنية، منهم أغنيات تصل مدتها إلى 8 دقائق، فكيف نصل إلى شكل غنائي وموسيقى معينة قادرة على تحقيق المرجو منها ومع الجمهور، وتفاعله مع الأغنيات، فكان البحث عن القالب الموسيقي، وهذا ما استغرق الوقت الكبير ولكن على الرغم من الوقت المستغرق وبعض الإختلافات إلا أننا توصلنا في النهاية إلى شكل مرضي لي والمؤلف الموسيقي والجمهور أيضا.

ما رأيك في أداء الممثلين المحترفين مثل عبد المنعم رياض ورامي الطمباري في الأدوار الكوميدية، وكيف أضافوا للعمل؟
أرى أنا وكل العاملين بالوسط المسرحي أنهم من أهم ممثلين للمسرح الذين ظهروا في الأونة الأخيرة، ولديهم درجة عالية من الوعي، والتقنيات المسرحية العالية، ولديهم خبرات عالية جدا، فجرت العادة دائما إن الأدوار الكوميدية تحتاج إلى كوميدنات، ولكني راهنت على تقديم أدوارهم أن يكون الممثل شاطر ولديه مرونة، وقادر على التحول بين الكوميديا والتراجيديا، وفي نفس الوقت لأن الكوميديا نابعة من الموقف ومتابعة من الشخصية، فالضحك نابع من الشخصية والموقف، فلابد أن يكون الممثل شاطر ومرن ومتنوع ومتلون، وقادر على إبراز وتجسيد اللحظة بشكل كوميدي أو تراجيدي أو رومانسي، فلم أجد أفضل من رامي الطمباري وعبد المنعم رياض.

كيف كان العمل مع رنا سماحة في أول تجربة مسرحية احترافية لها؟
هي قطعة السكر في العرض، كما نحب نناديها، فهي تقوم بدور نغم البطولة النسائية في العرض، فهذه الشخصية لابد أن يتوفر بها 3 أشياء مهمة أولهم أن تكون مطربة، لأن الدور به مناطق غنائية كثيرة، وأن يكون لديها حضور خاص وكاريزما، لأن من المفترض حضورها وكاريزمتخا تؤثر على هذا البيت، وأن تكون ممثلة أو لديها استعداد في التمثيل جيد، وللحقيقة وجدت أن الثلاث عوامل متوفرين لديها ، لأنها مطربة ولديها قبول وكاريزما، واستعدادتها التمثيلية جيدة، فهي طوال الوقت مجتهدة وتتبع التعليمات وتنسجم مع الممثلين.

ما الذي يميز «العيال فهمت» عن الأعمال المسرحية الكوميدية الأخرى التي تناولت موضوعات عائلية مماثلة؟
إنه ميوزيكال، فالفيلم The sound of music، كان ميوزيكال، ولكن الأعمال التي أخذت منه وتم تصويرها منها موسيقى في الحي الشرقي ، العيال كبرت، إنها حقا عائلة محترمة، سك على بناتك، مدرسة المشاغبين ، وفيلم أحلى من الحب، فكل هذه الأعمال قدمت ككوميديا فقط، فالفارق هنا إنه ميوزيكال، والفارق أيضا إن أغلب الأعمال قدمت في فترة الستينات و السبعينات، فهذه الفترة لم تكن الفجوات بين الأجيال كبيرة بهذا الشكل الموجود حالياً، ولكن الوضع مختلف حاليا، فأصبحت الفجوات كبيرة بين الأباء والأبناء، فالمجتمع متفسخ من هذه الفجوة، فضرورة تقديم القضية حاليا أقوى من الماضي، لأننا نرصد المشكلة.

هل هناك مشاهد أو لحظات معينة في المسرحية تعتبرها الأكثر تأثيراً أو تميزاً بالنسبة لك؟
يوجد مشاهد كثيرة ولحظات مهمة على مستوى رصد المشاعر والأحاسيس للأبناء ورفضهم لنغم واستقبالهم لها، ورفض الأب وحبه لها ، فالعرض يتضمن مجموعة من الإنسانيات بداخل الحالة الفنية ولكن يبقي المشهد الأساسي والماستر سين للعرض، هو مشهد طرد نغم من البيت بعد ارتباط الأولاد بها وبعد اكتشاف الأب بأنها تقوم بأشياء بدون علمه، فلحظة طردها لحظة مهمة ومؤثرة، واللحظة الأخرى لحظة إدراك الأب بأن أولاده قدموا ما عجز هو عن تقديمه، فيقول في النهاية معنى مهم ويعتذر بعدما يكتشف في النهاية إن لكل فرد في الأشرة قراراته وحرية التعبير عن حياته ونفسه.

ما الرسالة التي تأمل أن يحملها الجمهور معهم بعد مشاهدة «العيال فهمت»؟
أن يعي كل أب الهدف الأساسي من التربية وتواصل الأجيال، وألا يكون الولد امتداد لما قبله ، وأن يكون الإمتداد امتداد أخلاقي فقط، وتأصيل لبعض المفردات، ولكن يجب على الأباء تدعيم الأبناء واحتضانهم وتوسيع الأفق، وعلى الأبناء أيضا فهم أن الأب والأم حريصين عليهم ويصنعون كل شئ لديهم بحب وحرص، ولكنهم محملين بالمعتقدات والموروثات، لكنه يحبك بالفعل .

ما هي أبرز التحديات التي تواجهها كمدير لمسرح الهناجر الثقافي؟
أحاول طوال الوقت المحافظة على هوية المكان لأن هذا المكان منذ بدايته وهو مفتوح للشباب والورش ولاستقبال المستقلين بجانب المحترفين، ولاستقبال المهرجانات، فنحن نستقبل 7 مهرجانات على مدار العام ، وإيفينات مختلفة سواء في المسرح أو قاعة الفنون التشكيلية، علاوة على إنتاجي من العروض ، ففي العام الماضي أنتجت 4 عروض وهم أنوف حمراء ، ودارت الأيام، الأرتيست، و نساء بلا غد، فعلى الرغم من ازدحام المكان طوال العام إلا أنني استطعت تقديم الأربع عروض من انتاجي، منهم عرض من إنتاج ورشة الهناجر وهو أنوف حمراء ، ومونودراما و دارت  الأيام للفنانة وفاء الحكيم، والمخرج فادي فوكيه، وعرض الأرتيست للمخرج محمد زكي وهو مخرج مهم وواعي، وعرض نساء بلا غد للكاتب جواد الأسدي والمخرجة الشابة نور غانم، فالحمد لله وفقنا الله بهذا التنوع والاختلاف في تقديم الأعمال الفنية، بالإضافة إلى ملتقى الهناجر الثقافي الذي يقدم مرة شهريا وهذا له استعدادات مختلفة، فلدينا كم كبير من الفعاليات الثقافية ليظل الهناجر منارة ثقافية ومحافظا على هويته فهذا هو التحدي الأكبر الذي اعمل عليه.

كيف توازن بين أدوارك كمخرج وكمسؤول إداري في إدارة مسرح الهناجر؟
لا يوجد توازن، فكوني مدير فني ومخرج، والمخرج مدير فني للعمل الفني، فهي ذات الشئ، لكن المخرج يدير العمل الفني الفني الذي يعمل عليه، ولكن في الأدارة أدير كيان كالهناجر ولكنها إدارة فنية، وفي التمثيل أدير دوري فقط، فجميعها إدارة ولا أرى إن بها أي نوع من أنواع الاختلاط والجمع بينهم، فالكل يحدث بدون توازن لأنني أرى إن كل شئ فيهم بمثابة فن ولكن كلا في مكانه والوعي بحجم كل شئ.

ما هي رؤيتك لتطوير مسرح الهناجر الثقافي ليكون منصة دعم للفنانين الجدد والمشاريع الفنية الطموحة؟
يعد من أهم تحديات المسرح هو تطوير المسرح وتطوير اختيار الأعنال الفنية ، وتطوير الأفكار المقدمة على المسرح مع المحافظة على هوية المكان، وتم تجديد المسرح الخارجي المكشوف ليستوعب أعمالا فنية أيضا، ونسعى دائما لفتح الباب أمام الفنانين الجدد والشباي، فمنذ أن شرفت بإدارة مركز الهناجر قدمت مخرجين لأول مرة مثل نور غانم ، وزياد هاني كمال، وورشتان قدم من خلالهم 3 أعمال فنية، ومخرجين قدموا أعمال من قبل مثل أحمد فؤاد، ومحمد زكي، وأعمال المخرجين لديهم اعمال كثيرة مثل مروة رضوان ، وطارق الدويري، فأعمل طوال الوقت على تقديم أنماط مختلفة، ولكن اعطي الفرصة بشكل أكبر المخرجين الشباب أصحاب الأفكار الجديدة، ولديهم موضوعات مختلفة وقضايا هامة تتماس مع الواقع وهذا أكثر شئ أجده عند الشباب لإنه محمل بالهموم ، والأفكار الجديدة، وحريص على تقديم ورشة كل عام يتم تدريب مجموعة من الشباب ليكون لديهم الأساسيات والمبادئ في الغناء والتمثيل والرقص، ولديهم ابعاد أخرى، فهذا مهم جدا أن يكون لديهم ولاء للهناجر، مصرح ثقافي، وهذا أهم ما اسعى إليه في الهناجر.

ما الاستراتيجيات التي تتبعها لتشجيع الجمهور على حضور العروض المسرحية في مسرح الهناجر؟
الهناجر له جمهوره، منذ نشأته وله طابع خاص وجمهوره الذي ينتظر العروض المقدمة، ولدينا تواصل كبير مع الجمهور سواء عن طريق الفيس بوك أو جروبات الواتس اب، فالجمهور على تواصل دائم مع إدارة الهناجر لمعرفة العروض الجديدة وخصوصا إن مدة العرض الواحد تكون قصيرة، فأقصى عرض يمتد إلى 30 يوم.

كيف تدير عملية اختيار العروض التي تُقدم على خشبة المسرح، وما المعايير التي تعتمدها؟
تدار عن طريق لجنة قراءة، وفي المقام الأول أن يكون المخرج متحمس للنص، ويتم الفلترة بين النصوص المقدمة لتقديم ما هو مناسب للهناجر، ويتم مناقشة الفنانين في رؤيتهم وأفكارهم، لبيان الصورة التي سوف يخرج عليها العرض، وبعد الموافقة يدخل في حيز التنفيذ، أما المعايير التي بناءا عليها يتم الاختيار أن تكون الفكرة خارج الصندوق، وأن تكون فكرة جديدة تتماس مع الجمهور، لأن الهناجر قائم على التجريب والأفكار الجديدة الغير مقولبة وفي نفس الوقت ألا تكون بعيدة كل البعد عن الواقع ، فيحدث انفصال بين العرض وبين الجمهور.

كيف ترى حالة المسرح المصري حالياً، وما التحديات الرئيسية التي يواجهها؟
حالة مبشرة بالخير ، لأن كم الأعمال المسرحية التي تقدم على الساحة مؤثر، فكل المسارح حاليا ترفع لافتة كامل العدد ، لأن الأعمال التي تقدم تتماس مع الجمهور، وتقدم من خلال نجوم المسرح أو التلفزيون محبوبين، والمخرجين القائمين على الأعمال الفنية مخرجين منتقين بعنياة، فالمسرح حاليا أكثر تواصلا وتأثيرا مع الجمهور.

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا الحديثة في تطور المسرح، وكيف يمكن دمجها دون فقدان الجوهر المسرحي التقليدي؟
أرى إن هذا شيئا مهما ولكنه معتمد على تطوير بنية المسارح فمن غير المعقول أن ألعب تكنولوجيا حديثة، وأطور من المفاهيم الخاصة بالصورة وليس لدي الأمكانيات والمسارح المجهزة، إنما استخدام التكنولوجيا حاليا يتم على استحياء، من خلال شاشات السينما والفيديو بروجيكتور، فبالنسبة للخارج هذا قديم، ولأن المسارح غير مجهزة باستخدام التكنولوجيا ولكنني أثق إن هذا سيحدث في الفترات القادمة، لأن القائمين على المسرح سيعرفون إن هنا سيكون ضرورة لجذب الجمهور، وبدأنا بالفعل باستخدام الشاشات على المسرح ولكن بدون خلل بالدراما والمسرح نفسه وجمالياته، فلابد أن يكون المخرج واعي لتنفيذ هذا لخدمة العملية المسرحية وليس لالغاءها.

كيف يمكن للمسرح أن يكون وسيلة فعالة لمناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية الراهنة؟
اختيار الموضوع الذي يمكن من خلاله مناقشة قضايا مجتمعية وثقافية وفنية لطرحها على الجمهور لكي يكون للمسرح أثرا، وهذا ما يحدث حاليا، ولذلك المسرح أصبح أكثر فاعلية ، ففي الماضي كان المسرح يقدم ويناقش قضايا مهمة ولكنه لم يكن فعالا للجمهور الهادي، ولكن كان فعال لمثقفين المسرح وفناني المسرح والفنانين بشكل عام، وليس للجمهور العادي، والذي كان يلجأ إلى مسرحيات القطاع الخاص، ولكن حاليا لدينا مسرحيات كثيرة متصلة مع الجمهور لأن حاليا اختيار النص والعمل عليه من خلال المخرج والممثلين فأمام أعينهم طوال الوقت الوصول إلى الجمهور العادي، علاوة على الدعاية القوية للعروض ليتعرف الجمهور على العروض التي تتماس مع  حياته ومشكلاته.

ما رأيك في التعاون بين المسرح والمجالات الفنية الأخرى مثل السينما والموسيقى، وكيف يمكن تعزيز هذا التعاون؟
المسرح أبو الفنون ويحمل في طياته الموسيقى والسينما والرسم والشعر والرقص والغناء، فمهم جدا أن يكون هناك تعاون بين المسرح والمجالات الفنية لإثراء الحالة المسرحية وأن يكون المسرح أكثر لمعانا ، لأنه عندما نجد موسيقى وغناء ورقص واشعار، ومشاهد مقدمة عن طريق الفيديو مختلطة مع المشاعر الحية المقدمة، فهذا يصنع حالة من الإبهار عظيمة، وبالنسبة للتعاون الخارجي لابد أن يتعاون مع فناني السينما في الأعمال المسرحية والعكس، والموسيقيين والمطربين والعكس، لأن ذلك يثري الحالة المسرحية لأن الأهم بالنسبة لي هو استقطاب جمهور السينما والحفلات الموسيقية لحضور العروض المسرحية لأن حضارة أي دولة تكون في فنها، فاتحاد الفن يصل للجمهور وسيصب في مصلحته، فهذا التعاون مثمر حاليا وأريدى إنه في الفترة القادمة سيكون أكثر بحكم أن الملك يرى إن المسرح موجود وعلى أرض الواقع ، فأعين الجميع بدأت في النظر مرة أخرى للمسرح من ممثلين ومخرجين السينما.

كيف ترى مستقبل المسرح في مصر خلال السنوات القادمة، وما النصائح التي تقدمها للمخرجين الشباب الذين يطمحون للنجاح في هذا المجال؟
بناءا على كل الإرهاصات الموجودة حاليا سواء في دخول التكنولوجيا أو المخرجين الذين يتمتعون بدرجة عالية من الوعي، والمؤلفين القادرين على كتابة أفكار وموضوعات تمس الجمهور ، والممثلين المبدعين سواء الشباب، أو جيل الوسط، أو الأساتذة الكبار، فنحن لدينا أساسيات في الفن عموما وفي المسرح بشكل خاص تجعله في السنوات القادمة متقدم بشكل كبير، فنحن مستبشرين خيرا بالشباب والأفكار والتماس مع الجمهور ، وكلي ثقة في إن الجمهور المصري واعي ويحب الفن ، وقادر على التفريق بين الجيد والسئ، فالفن الراقي الجيد هو الذي يفرض نفسه في النهاية، بالفترة القادمة ستكون فترة مهمة في تاريخ المسرح المصري، ونصيحتي هي السعي والتمسك بالحلم، وإن الجمال في الرحلة وليس في الوصول النهائي، وأقول المخرجين الشباب، خوضوا تجربتكم والتأثير هو الأهم، ونافسوا أنفسكم في المقام الأول.


صوفيا إسماعيل