بعد أن قدم «عرفت الهوى» على القومي: خالد عبد السلام: العرض أحد مشاريع عمري

بعد أن قدم «عرفت الهوى» على القومي:  خالد عبد السلام: العرض أحد مشاريع عمري

العدد 869 صدر بتاريخ 22أبريل2024

التهليل والتكبير والصلاة على النبي كلمات السر في نجاح ثلاث ليال من العشق الإلهي قدمت على خشبة المسرح القومي تحت عنوان «عرفت الهوى»، ثلاث ليال في عشق الرسول ما بين الغناء والموسيقى والإلقاء، حالة روحانية تحلق بك في سماء الذكر، أعدها وأخرجها وقدمها الفنان خالد عبد السلام، بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو محمد عزت.
    وفي توازن تام تضافرت جهود كل المشاركين في ليلة العشق، لتظهر لنا صورة مكتملة بدأت بالصلاة على النبي وانتهت بها أيضا مع حماس الجمهور والترديد معهم، ومختارات من الأشعار الصوفية المعبرة عن حالة الوجد والعشق في الذات الإلهية وحب الرسول عليه الصلاة والسلام، و بمصاحبة الغناء والعزف “صولو” مع الآلات من عود وكمان وجيتار ودف وناي.. وفرقة موسيقية متميزة وغناء محمد عزت ووعد وملكة عامر بمصاحبة الكورال.
خالد عبد السلام ممثل ومخرج مصري، شارك في العديد من الأعمال المسرحية و التلفزيونية والإذاعية، عُين نائبا لمدير عام المسرح القومي، حاصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج من أكاديمية الفنون.
عمل أستاذا لمادة الإلقاء بأكاديمية الفنون لطلبة المعهد العالي للفنون الشعبية (قسم فنون الأداء) ومعهد الإذاعة والتلفزيون وبعض الجامعات الخاصة، وله محاضرات أونلاين على قناة وزارة الثقافة في فن الإلقاء، خلال مبادرة ابدأ حلمك، وقد قدم  العديد من ورش الإلقاء. 
 بعد ليالي العشق الإلهي «عرفت الهوى» كان لمسرحنا معه هذا اللقاء..

- متى جاءتكم الفكرة؟ وكم استغرقت من الوقت في الإعداد والتجهيز؟
    الفكرة جاءتني منذ رمضان الماضي حيث قدمت عرضا اسمه «مصر أرض الأنبياء» فكرتي وإعدادي، واستعنت بالشاعر محمود حسن، إخراج محمد الخولي، الفكرة كانت تعتمد على الربط بين عمل ديني رمضاني وبين قيمة مصر دينيا؛ لأن مصر لها قيمة دينية كبيرة، لأن الله كرمها والرسول أوصى بها وبأهلها، وهناك الكثير والكثير مما يجعل لمصر قيمتها الدينية، فمصر هي التي حمت السيد المسيح عندما هربت به السيدة مريم من هيرودوس واحتمت به في أرض مصر، ورسول الله عليه الصلاة والسلام تزوج من السيدة ماريا القبطية، والسيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل كانت مصرية، فمصر بلد عظيم وله  قيمته الدينية العظيمة جدا، كانت فكرة العرض السابق إبراز ذلك والتأكيد عليه وتعريف الناس به، أما هذه المرة فهي حالة العشق الإلهية (عرفت الهوى) الذي اشتققت اسمه من قصيدة عرفت الهوى لرابعة العدوية. وبدأت التحضير لهذه التجربة في رمضان قبل الماضي وتم عرضها وقتها، وقدمت بعدها ليلة في مولد سيدنا النبي في العام الهجري الحالي وثلاث ليال رمضانية في شهر رمضان الحالي.

- ماذا أعددت لتلك الليالي؟
 أعددتها بقصائد متنوعة، فكل قصيدة تدخلك في حالة جديدة بأداء وإيقاع جديدين وطعم جديد، ما يجعل هناك عنصر جذب للناس، وبها قصائد ملحنة ومغناة بألحان الملحن محمد عزت، وكلها ألحان جديدة خاصة بالعرض، وهي لأقطاب العشق الإلهي وهناك قصائد قيلت إلقاء.

- كيف تم المزج بين الإلقاء والشعر والغناء وجعلهم نسيجا واحدا؟
   هذا تطلب مجهودا كبيرا، استعنت بألحان الأستاذ محمد عزت ووظفتها داخل العرض، فكانت هناك لحظات بها التداخل الصوتي من الكورال كخلفية موسيقية أو لحنية للإلقاء لكي يستمتع المتلقي بحالة خاصة. وقد تم المزج بين الإلقاء والغناء وجعلهما نسيجا واحدا من خلال الفهم ومذاكرة معنى كل قصيدة، ومعرفة الحالة والمعنى المراد توصيله، وبالتالي الحس باللحن يجب أن يكون متسقا والتقطيع والاستهلال والتكملة، كل ذلك لم يكن عشوائيا وإنما كان معدا مسبقا، فلم تكن في العرض لحظة إلا وكانت مقصودة.

- مزجت في اختيارك للآلات بين الدف والناي والآلات الغربية ؟ ماذا كانت الرسالة؟
 حرصت على التنوع في اختيار الآلات فمنها الدف والناي ومنها الآلات الغربية كالجيتار والأورج والكمنجة، وكنت أقصد من ذلك إيصال رسالة أن الحب موجود بكل اللغات وكل الألوان والأصوات، فالحب لغة عالمية، والعرض دعوة للحب ولتنقية النفس من الأحقاد والشوائب، فإذا أحببت بصدق لن تؤذي أحدا ولن يغزو الحقد داخلك، ولن تمد يدك بسلاح للآخر، ستسامح في حالة الأذى، فالحب معنى كبير، الحب حياة وجمال وراحة وسكينة، العرض كان دعوة لكل هذا.

- كيف وظفت الموسيقى مع الكلمات؟
 الموسيقى لغة، كما الكلمة، كنت حريصا على توظيف لغة الكلمة مع لغة الموسيقى فالآلة تتكلم، وأنا بطبيعتي أحب الموسيقى وأتذوق سماعها وأستمع للآلات كما لو كانت تتكلم، كنت حريصا أن تتحدث الآلات بنفس المعاني التي أرددها بالنطق أو الإلقاء،  وهذا ما صنع حالة تناغم جميلة في العرض.

- كيف كان رد فعل الجمهور؟
 كم التصفيق في هذا العرض، وكم ترديد كلمة (الله) من الجمهور كبير جدا، وكان الجمهور متفاعلا ومتأثرا بشكل كبير مع الحالة، هذا التفاعل أثر إيجابيا علينا، والعرض حقق أكبر إيرادات في تاريخ الأمسيات على مدار تاريخ المسرح القومي، وطلب كثير من الحضور استمراره لأيام أخرى، كما كان له مردود كبير من خلال كتابات النقاد والجمهور ما أسعدنا كثيرا، العرض حقق نجاحا مع كل الأعمار والثقافات، وتم توثيقه بالفيديوهات، ولم يكن هناك حاجزا بين اللغة والجمهور.

- هل من صعوبات واجهتكم أثناء الإعداد لهذا العمل؟
   أي عمل يتطلب مجهودا كبيرا، وبالتأكيد كل عمل يواجه صعوبات من أهمها: تجميع الموسيقيين في وقت معين في رمضان، في الوقت الذي ينشغل فيه معظم الناس أكثر من الأيام العادية، فالوقت كان ضيقا جدا، أهم الصعوبات التي واجهتنا كانت تجميع الناس في توقيت واحد، وأشكر كل من تعب معي في هذا العمل الذي لم يكن حفل غناء أو عزف، ولكنه كان عرضا مسرحيا متماسكا له نسيج واحد. وأيضا من الصعوبات أني قدمت العرض في ثلاثة مواسم، وفي كل مرة يتغير بعض أفراد الكاست، وبالتالي كل مرة كأني أخرج العرض من جديد، وإخراج هذا العرض لم يكن سهلا خاصة في تجميع العناصر على سيمترية واحدة وتناغم واحد، مسألة صعبة جدا.

- من شعراء هذه الأمسية .. وكيف تم ترتيب قصائدهم؟
 الشعراء الذين استعنت بكلماتهم هم : رابعة العدوية وابن الفارض والحلاج والسهروردي والغوث وأمير الشعراء أحمد شوقي، ومن المعاصرين أحمد بخيت وعمرو فرج لطيف. ولم يكن إعداد هذا العمل سهلا، حيث فكرت جيدا في ترتيب القصائد والبداية والتدرج  للوصول إلى حالة العشق الكبيرة والذروة، العرض بدأ بأغنية من قصيدة المديح لأحمد بخيت، التي بدأت ب (اللهم صل على سيدنا محمد، وفي الإلقاء بدأت بنهاية نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي حيث تقول:يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى/ نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ/ مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها / إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ) فقد أحببت أن أبدأ العرض بأبيات فيها الصلاة على سيدنا محمد، واختتمه بنفس الأبيات من نهاية (نهج البردة)، ثم قصيدة (عرفت الهوى) وجزء منها منسوب لرابعة العدوية، والآخر لطاهر أبو فاشا: أُخفِي الهَوَى وَمَدَامِعِي تُبْدِيهِ، وَأُمِيتُهُ وَصَبَابَتِي تُحْيِيهِ. وَمُعَذِّبِي حُلْوُ الشَّمَائِلِ أَهْيَفٌ، قَدْ جمعتْ كلُّ المَحَاسِنِ فِيهِ. فكأنهُ فِي الحُسْنِ صُورَةُ يوسفٍ، وكأنني فِي الحُزنِ مِثْلُ أبيهِ. يا حارقا بالنار وجه محبه مهلا فإنّ مدامعي تطفيهِ. أحرق بها جسدي وكل جوارحي واحرص على قلبي فإنك فيهِ. إن أنكر العشاق فيك صبابتي فأنا الهوى وابن الهوى وأبيهِ)
 كان تدرج القصائد مقصودا وضم نص العرض قصيدة الحلاج : لبّيك يا قصدي و معنائـي
أدعوك بلْ أنت تدعوني إليك فهـلْ ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيّائـــي/ يا عين عين وجودي يا مدى هممي يا منطقي وعباراتي وإيمائـي/ يا كلّ كلّي يا سمعي ويا بصري يا جملتي و تباعيضي وأجزائي/ يا كلّ كـلّي و كلّ الكـلّ ملتبس وكل كـلّك ملبوس بمعنائــي) 
  وقد كنت حريصا على أن يصاحب كل قصيدة الموسيقى المناسبة، فكنت أتعمد اختيار بيتا أو بيتين كمطلع ثم يدخل صولو آلة، وطلبت من كل موسيقي أن يأخذ وقته لعمل صولو يشبع الجو بالحالة الموسيقية التي تتلاءم مع حالة الكلام، وهذا للاستفادة من الموسيقيين وتوظيفهم ودراسة الحالة بداخلهم، كنت حريصا على شرح معاني الأبيات كما لو كانت محاضرة، حرصت على قواعد الإلقاء حيث سلامة الحرف وزمنه، مع مصاحبة الموسيقى فكانت البروفات تتخللها محاضرة وشرح معنى الكلام، فشعر العشق الإلهي به ما وراء السطور وما وراء الكلام معان  تحتاج للشرح، كلنا يجب أن نفهم ما نفعله ونقوله حتى نكون جميعا في نسيج واحد، والحمد لله الروح كانت موحده في كل الفريق، ساعة في العشق الإلهي، واستطعنا بفضل الله أن نصل لقلوب الناس، هذا العرض هو أحد مشاريع عمري وانا سعيد بنجاحه.

ما سبب اتجاهك لفن الإلقاء على الرغم من تخصصك في قسم التمثيل والإخراج ؟ وهل من بدايات تؤشر لهذا الاتجاه؟
   الإلقاء هو فن النطق بالكلام، وهو جزء أساسي من التمثيل، الممثل يجب أن يتعلم حتى يستطيع أن يؤدي الدور بشكل جيد، عُرفت لدى زملائي - منذ بداياتي - أني محبا للشعر والقرآن واللغة العربية، وهذا له علاقه بالتنشئة، فمنذ صغري أحب قراءة القرآن والشعر، فالبيئة التي ولدت بها( محافظة الغربية)  كنت دائما ما أحضر فيها الموالد والحفلات وحلقات الذكر والانشاد، وعشت جو التصوف منذ صغري، ولم أكن أعرف معناه، ولكني عشت الأجواء بطبيعة وجودها وطبيعة حبي لها، وكنت أحفظ ما أسمعه وكذلك تربيت في (الكُتاب)، هذا الذي تخرج منه كبار أساتذة الأدب والفكر والثقافة والعلم، ومن هنا بدأت أحب موسيقى اللغة، كنت صغيرا أحب قراءة الأشعار بصوت عال، كان هذا إلقاء قبل أن أعرف أنه إلقاء، أمي كانت تستحسن قراءتي للأشعار، كانت هي جمهوري الأول ، تتفاعل معي وتطلب مني إعادة ما ألقيه، وكنت مرتبطا بها كثيرا، أما جمهوري الثاني فكانت المدرسة، كنت رئيسا للإذاعة المدرسية، ألقي كلمات الصباح وأقول الشعر وأشارك في الحفلات المدرسية، وكنت متفوقا من الأوائل ، كان بداخلي حب التمثيل والخطابة، وعندما دخلت المعهد العالي للفنون المسرحية لفتّ نظر أساتذتي منذ الفرقة الأولى، من هنا عرفت موهبتي في حب اللغة والاجتهاد فيها. أحببت الإلقاء وأصبحت مطلوبا لتدريسه في الجامعات والمعاهد والورش الفنية، وتم تكريمي عدة مرات من وزارة الثقافة ومجلة الثقافة في الشارقة، وبعض الجامعات التي درست فيها. وأرى أني لازلت تلميذا، علي أن اجتهد أكثر وأستزيد، التدريس شيء ممتع، أجد فيه نفسي، ولدي الكثير، فالتدريس ممتعا أجد فيه نفسي وأشعر فيه بالجمال والصدق والحب، وأغرس في تلامذتي كل ما أريد إيصاله لهم، لذلك أعتبرهم ثروة كبيرة بالنسبة لي، ودائما ما أكون حريصا على أن أستعين بهم لمساعدتي في الإخراج، وأنا أيضا لازلت تلميذا ولا زلت أتعلم ما حييت.
 لكم مدرسة خاصة في فن الإلقاء، ونظمتم عددا من ورشها فماذا قدمتم خلاله؟ وهل لفن الإلقاء قواعد يجب اتباعها؟
 تقوم الورش على تدريب المتدرب على فن النطق بالكلام، والنطق بالكلام له قواعد أساسية وتدريبات عملية لتحقيق الهدف المرجو منها، حيث تجهيز المتدرب ليمتلك آلة نطق سليمة، بالإضافة إلى الإحساس بجمال الكلام والوصول بمرحلة الاستمتاع للمتلقي. وإذا كان المتدرب هو الممثل فيجب أن يمتلك آلة نطق سليمة، بالإضافة إلى معرفة طريقة إلقاء الكلمة على اعتبار أنها الوسيط بين المُرسل والمتلقي. وللإلقاء منهج وقواعد يجب دراستها إلى جانب التطبيق العملي من خلال مساعدة المتدربين على اختيار المقطوعات الشعرية أو التمثيلية التي يسهل عليهم معرفتها. فيجب على المبدع أن يشتغل على جهاز الصوت وأن يعمل على الجهاز الوجداني والروحي وأن يسمو بالكلمة إلى درجة من درجات التذوق لأدائها بالشكل المناسب.

ما الفرق بين الأداء في الإذاعة والأداء على خشبة المسرح؟
   الصوت في الإذاعة أسميه (الضوء المسموع) والممثل الذي أعطاه الله امكانيات صوتية عالية ومقدرة على استخدامها  ولديه قدرة على فهم معنى كل كلمة يقولها ثم ترجمة ما فهمه بإحساس صادق، يستطيع تقديم نتاج ممتع للمستمع، والأصوات في الإذاعة تستخدم  بالشكل الذي يليق بحساسية الميكروفون. ولي تجارب إذاعية كبيرة من خلال مشاركتي في  برامج مهمة منها (قطوف الأدب من كلام العرب، وهمسه عتاب، ومسرح المنوعات) بالإضافة إلى المسلسلات الإذاعية الكثيرة، وتعاملت مع مخرجين وأساتذة كبار منهم (محمود مرسي ومحمود عزمي)، الصوت في الإذاعة - من خلال الميكروفون - مختلف عن استخدامه في المسرح، لأن ميكروفون الإذاعة له حساسية عالية، وينبغي أن يكون الأداء مناسبا مع تقنياته، من حيث شدته وحدته،  وهناك فرقا بين طبقة الصوت وشدته وطبقته، فإما طبقة غليظة أو متوسطة أو حادة، أو طبقة أخرى بين كل هذه الطبقات، واستخدام الطبقة لا بد أن يتناسب مع طبيعة الجملة التي أقولها، فلا يصح أن يكون حجم الصوت أعلى عن حساسية المايك. وفى المسرح حين نستخدم الميكرفون يكون الأمر مختلفا ..وتطبيقا على ذلك أذكر أنني عندما قدمت عرض (عرفت الهوى) اعتمادا على الميكروفون كان صوتي يخرج من خلاله، وهنا يجب التفريق بين الأداء والصوت، الصوت يُستخدم بما يتناسب مع الميكروفون، فلا يصبح صوتا عاليا..ولا ينبغي أيضا تجاهل الميكروفون الذي ينقل الصوت، وله إمكانيات يجب استغلالها، في جملة معينة مثلا، جملة تحتاج إلى همس، ولا بد أن يصل الهمس إلى الجمهور تحكما في الميكروفون.
  وفي المسرح بالهمس يصل الصوت إلى المتلقي بشكل جيد، وبصورة أفضل من وصوله عبر الميكروفون، لكن الهمس في المسرح بدون الاعتماد على الميكروفون له تكنيك خاص. ستانسلافسكي قال (إن صوتي كممثل على خشبة المسرح لابد أن يصل إلى العجوز الصماء التي تجلس في آخر المسرح)، هذه العملية  تتحقق بالوعي والفهم للآلية الموجودة.

 الفنان عبد الوارث عسر كان يدرس مادة الإلقاء في المعهد العالي للفنون المسرحية .. فما الدافع الذي دفعك لاستكمال هذا الدور في أماكن أخرى؟
استكمال دور الممثل الكبير المتفرد عبد الوارث عسر شرف كبير لي. فأنا أضع نفسي موضع التلميذ أمام الأستاذ عبد الوارث عسر .. وأمام كل هذا الجيل من الرواد العظام الذين تعلمنا منهم وأحببنا الفن بسببهم.. أستكمل دوره في تدريس مادة الإلقاء لأنه واجب علي، الفنان المؤمن برسالته ويقدر تأثير الفن على الناس من واجبه ألا يبخل بعلمه، وأنا درست في عدة أماكن منها ورش للأطفال وأكاديمية الفنون والجامعات وخريجي معهد الاذاعة والتليفزيون، والمنظمة العالمية لخريجي جامعة الازهر، ومركز التدريب اللغوي بكلية دار العلوم ....وغيرها، فالتدريس واجب ورسالة.

الإلقاء علم وفن، وضح ذلك؟
الإلقاء (علم) لأن له قواعد، وكل ما له قواعد ثابتة يُبنى عليها يكون علما، و(فن) لأن الإلقاء متعلق بالإبداع الشخصي، فالكلام عندما يقال ويطبق عليه قواعد الإلقاء ولكن من دون الاحساس واللمسة الابداعية يكون الأداء آليا خاليا من الروح والفن.

كيف يطور شباب المخرجين والمؤلفين والممثلين أدواتهم وأدائهم؟
 يتم ذلك من خلال البعد عن السطحية والاستسهال، القراءة والتعمق في المعرفة والفهم الجيد هو ما يجعل الفنان له قيمة، ومن خلال اختيار المحتوى الجيد والفهم الجيد للمحتوى وتقديمه بصدق، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الأساتذة الكبار والسابقين، وهذا لا يعني التقليد وانما الاستفادة والابتكار والإبداع، وقبل ذلك كله نرجع للدرس الأول (الصدق يساوي الجمال) كن صادقا تكن جميلا، فالإنسان والفنان الحقيقي يصل للقلب وينال احترام الآخرين.


سامية سيد