المخرج محمد فاضل: النص ممتلئ بالأفكار الفلسفية التي تناقش الحرية والعدالة

المخرج محمد فاضل: النص ممتلئ بالأفكار الفلسفية التي تناقش الحرية والعدالة

العدد 867 صدر بتاريخ 8أبريل2024

قدم المخرج الشاب محمد فاضل على خشبة مسرح الطليعة العرض المسرحي (العادلون) لألبير كامو، من إعداد محمد عبد الرحمن، بمعالجة مصرية تطرح القضية الفلسطينية والمجازر اللا إنسانية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، حيث قدم صورة الفدائي الفلسطيني ومحاولاته الدفاع عن أرضه، التقينا بالمخرج للتعرف أكثر على تفاصيل التجربة والحديث عن مؤسسة اتجاهات الفنية.

- كيف جاءت فكرة تحويل “العادلون” إلى تجربة تستعرض القضية الفلسطينية؟
كانت الرغبة في تقديم “العادلون” للأديب الفرنسي ألبير كامو نابعة من تجربة شخصية، إذ قدمتها في بداية مشواري كممثل، ورغبت في تقديمها مرة أخرى نظرا لكونه نصا مليئا بالقضايا الفكرية والفلسفية الخاصة بالحرية والعدالة، لكنني وجدت أن الأحداث الواردة في النص لا تناسب طبيعة المتلقي الآن وأصبحت أفكر في قضية وأحداث مناسبة للوقت الراهن وتتماس مع اهتمامات المتلقي المصري، ومن هنا فكرت في تحويل مسار الأحداث من روسيا القيصرية إلى فلسطين المحتلة، واستعنت بصديقي الناقد المسرحي محمد عبد الرحمن لوضع معالجة للنص تقوم على هذا التصور الذي وضعته من قبل.

ما العناصر التي تم تعديلها لتناسب السياق المصري والواقع الفلسطيني؟
كانت رغبتي الأولى هي الحفاظ على جوهر أفكار وفلسفة ألبير كامو، لذا حرصت على خروج المعالجة بصورة لا تؤثر على روح النص الأصلي، فقط قمت بنقل الأحداث، وتغيير أسماء الشخصيات لتناسب طبيعة كونهم فدائيين فلسطينيين، هذا نتج عنه تغيير في الحوار، وكذلك نتجت عنه أفكار أخرى يمكن التعامل معها مثل قضايا المقاومة والاستقلال وتحقيق الحرية.

كيف أثرت المعاناة الإنسانية على التغييرات التي أحدثتها في النص الأصلي؟
معاناة الشعب الفلسطيني ونضاله الدائم من أجل تحقيق الحرية والعدالة والاستقلال أمر محفز لأي مبدع، أتأمل دائما الفدائيين بشيء من التقدير، وأطرح على نفسي تساؤلات حول طبيعة هذا الشخص الذي ضحى بأي فرصة لحياة بعيدة عن الصراعات، وقرر أن يواجه الموت من أجل تحقيق هدفه، هل تقود معاناة هذا الشخص إلى القتل بدون تفكير أم هناك فلسفة أخرى، هناك قيود أخلاقية ربما تقوده حتى لو كان الهدف تحرير وطنه، ومن هنا جاءت فكرة تحويل النص، خاصة أنه مناسب لطبيعة ما أفكر فيه وأتأمله، وزاد تصميمي على تنفيذ الفكرة بعد اندلاع طوفان الأقصى.

كيف تعاملت مع التحديات التي فرضها تغيير مكان الأحداث من روسيا إلى الأراضي الفلسطينية؟
التحدي الأكبر كان هو كيفية نقل الحالة الفلسطينية ونضال الفدائيين هناك بصورة مسرحية وفي وقت لا يستغرق إلا ساعة فقط، لذلك اعتمدت على تضافر كل العناصر المسرحية من تمثيل وسينوغرافيا وموسيقى تصويرية ومادة فيلمية من أجل الوصول بالحالة كاملة للمتلقي، ومن أجل أن يتعايش المشاهد مع ما يدور ويتأثر به دون افتعال في أي من تلك العناصر.

ما الرسالة التي تأمل في نقلها من خلال هذه المعالجة المصرية للمسرحية؟
ربما الرسالة الأهم التي حاولت إيصالها من خلال المعالجة المصرية لنص “العادلون” هي تقديم صورة للفدائي الفلسطيني، وكيف أنه رغم كل تلك المعاناة لا يزال يملك من الرحمة التي تجعله يفرق بين القتل من أجل القتل وما بين القتل من أجل المقاومة، وأن قتل الأطفال لا يؤثر إيجابيا  لصالح  تحرير وطن، بل لا تجذب أي نوع من أنواع التعاطف العالمي مع القضية، وهو حدث في الأحداث الأخيرة.

هل كانت هناك تحديات خاصة أمام تسليط الضوء على الصراع الفلسطيني وتوظيفه في سياق درامي؟
التحدي هنا كان ندرة أو ربما عدم وجود كثير من المعالجات أو النصوص التي تقدم دور المقاومة أو الفدائيين في فلسطين، وأغلب النصوص العربية سلطت الضوء على وقوع النكبة أو مناقشة القضية من خلال العودة إلى الماضي وتناول قضية بيت المقدس والصراع بين الشرق والغرب على القدس، لذا كان التحدي هو تحويل نص غربي يناقش قضية بلد أوروبي في مطلع القرن العشرين وتحويله للحديث عن الصراع في الأراضي المحتلة تلك القضية التي لم تغلق أبدا منذ أكثر من سبعة عقود.

كيف حفزت الممثلين لتقديم أداء يعكس القيم الإنسانية والتحديات السياسية في القصة؟
الميزة الأكبر التي ربما أراها أن من أبطال العرض فنانين كبارا وأصحاب خبرات مثل خالد رأفت والسعيد قابيل ورامي نادر، كما أن لبعضهم خبرته في التعامل مع النص الأصلي من قبل، وهو ما ساعدني كثيرا حين بدأنا بروفات العمل.

هل ترى أن هناك دورا للمسرح في نقل القضايا الاجتماعية والسياسية وتشجيع التفكير النقدي؟
المسرح طول الوقت ومنذ ظهوره مرآة المجتمع، والعديد من الأفكار والأحداث الكبرى بدأت على خشبة المسرح، المسرح لم ينفصل عن المجتمع أبدا حتى وإن رأى البعض ذلك، الكثير من العروض ما زالت قادرة على التعبير عن قضايا المواطن اليومية في بيته وعمله، هذا لا يتحقق في مسرح الدولة فقط بل في عروض المسرح المستقل والهواة أيضا.

كيف يمكن أن يسهم المسرح في إبراز قضايا الحرية والعدالة بطرق تتجاوز السياسيات الاستعراضية؟
المسرح دائما ما يحاول تکوين صورة شاملة عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة في عصره، وأعتقد أن المشاهد دائما يحتاج للنصوص التي تتعرض لواقعه الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي، ومحاولة بلورة ذلك في مسرحنا، حيث تعرض المجتمع المصري إلى العديد من التغيرات الاجتماعية والتحولات السياسية والاقتصادية والثقافية، التي ترتبت عليها تغيرات اجتماعية وثقافية واسعة في القيم والأفكار، واتجاهات السلوك السائد في المجتمع.

ما الإشكاليات التي تتمنى أن تثيرها مسرحيتك في أذهان الجمهور تشجعهم بها على التفكير في الأمر؟
الجمهور لا يحتاج إثارة لعواطفه تجاه القضية الفلسطينية، لأنها مستقرة في الوجدان المصري من بداية الصراع العربي الإسرائيلي، لكن ربما أردت من وراء (العادلون) إعادة مثل تلك الأعمال التي تناولت القضية وبطولات الفدائيين المصريين إلى الواجهة بعدما توارت بعض الشيء. 

كيف بدأت فكرة إنشاء مؤسسة (اتجاهات) وما هو هدفها الرئيسي؟
المؤسسة بدأت عام 2014، وكان هدفنا الأساسي عند تأسيسها إدارة حملات تسويقية على مستوى احترافي للترويج للمنتجات والعمل على زيادة شعبية المؤسسات والأعمال التجارية في السوق المحلي والإقليمي، وكذلك توفير حلول متكاملة ومبتكرة وفعالة لتسويق علامتك التجارية، وجميع المواد الإعلانية. 

ما الاستراتيجيات التي تعتمدها لجذب الجمهور للعروض المسرحية التي تروج لها المؤسسة؟
بشكل كبير نعتمد لجذب الشباب على منصات التواصل الاجتماعي، ودائما نحاول البحث عن أفكار ترويجية تتوافق مع سياق العمل وتتلاءم أيضًا مع جمهور التواصل الاجتماعي، لأن ذلك يساهم في زيادة الانتشار ويتابع الجمهور العمل بسبب هذه المنصات.
ما التحديات التي تواجهك عند تسويق الفعاليات الثقافية والمسرحية؟
التحدي الأهم خاص بالميزانية المتاحة لبند التسويق والدعاية، فهو ضعيف جدا، إذا لم تكن لديك ميزانية تسويق كبيرة بما يكفي، فقد تفوتك فرص الوصول إلى جمهورك المستهدف، والوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، وبالتالي لا يعرف الكثير من الجمهور الأعمال التي تقدم على خشبة المسرح، ويقتصر حضورها على المسرحيين أنفسهم فقط.

هل لديك أفكار جديدة ومختلفة تستخدمها في تسويق العروض للجمهور؟
كل عمل نحاول معرفة جمهوره المستهدف ونرى ما المناسب لتسويقه، سواء من خلال الفيديوهات أو المنشورات التفاعلية أو غيرها من الوسائل الترويجية، التي قدمنا فيها الكثير خلال إدارتنا لملف الدعاية للعروض المسرحية في السنوات الأخيرة.

كيف يتم اختيار العروض لتسويقها؟ وما المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار في هذا الاختيار؟
اختيار العروض يكون وفقا لنوعية الجمهور المستهدف، ذلك من خلال قراءة واعية لاهتمامات الجمهور، ومن خلالها نقدم أحدث خطط وبرامج الحملات الإعلانية، ووفقا لأحدث الأساليب الترويجية، من أجل ضمان الوصول إلى أكبر فئة من الجمهور والتفاعل معه.

ما شكل التعاون بينك وبين الهيئات الحكومية والمؤسسات الثقافية؟
على مدار سنوات كان هناك تعاون مثمر مع البيت الفني للمسرح وقطاع الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج القدير خالد جلال، وكذلك المهرجانات المسرحية الكبرى مثل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمهرجان القومي للمسرح المصري، واستطعنا خلال تلك السنوات تدشين المواقع الرسمية والصفحات الخاصة بتلك المهرجانات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلالها نجحنا في عمل أرشيف لتلك الفعاليات، وبوابة لمعرفة أخبارها.

ما النصائح التي تقدمها للشباب الطموح الراغب في دخول مجال تسويق الفعاليات الثقافية؟
المجال مفتوح ويرحب بكل المبدعين وأصحاب الابتكارات التسويقية، المهم أن يبدأ، وفي الفترة الأخيرة دخل إلى سوق العمل عدد كبير من شركات الدعاية، والسوق مفتوح أمام أي مبدع يستطيع أن يقدم أفكارا ورؤى جديدة في مجال التسويق الفني، والمهم أن يكون المروج قادرا على ابتكار أفكار جديدة ويكون على دراية بالمحتوى المسرحي والجمهور المستهدف منه.

ما رأيك في الأعمال المسرحية خلال السنوات الماضية؟
الأعمال المسرحية التي قدمت في السنوات الأخيرة جيدة، وهناك عروض رائعة استطاعت أن تترك بصمة كبيرة في المسرح العربي، لكن ينقصها الدعم الإعلاني والتسويقي، ورغم أن هناك خطة جيدة يقوم عليها البيت الفني للمسرح، لكنها تحتاج إلى استراتيجية ثابتة بمواعيد معينة للعروض المسرحية، حتى نستطيع عمل خطة ترويجية واضحة وثابتة ويكون هناك متسع أكبر لخروج أفكار للترويج لهذه الأعمال.

ما أعمالك القادمة كممثل ومخرج؟
أدرس حاليا بعض النصوص لتقديمها وفى القريب سوف أنتهي من إعداد عمل جديد، وكذلك أدرس فكرة تحويل بعض النصوص العالمية إلى أفكار على المنصات في محتوى رقمي.


صوفيا إسماعيل