محمود فؤاد : "الفضاءات المسرحية غير التقليدية" هو ما يحتاجه المسرحيون للتشكيلات الإبداعية المختلفة

محمود فؤاد : "الفضاءات المسرحية غير التقليدية" هو ما يحتاجه المسرحيون للتشكيلات الإبداعية المختلفة

العدد 714 صدر بتاريخ 3مايو2021

المخرج ومهندس الديكور محمود فؤاد هو خريج كلية التربية الفنية بجامعة حلوان قسم التثقيف بالفن، والحاصل أيضًا على بكالريوس المعهد العالى للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون قسم الديكور المسرحى، وكان الأول على دفعته، وهو الآن مدرس مساعد بالمعهد بعد حصوله على الماجستير وتحضيره حاليًّا للدكتوراه، قام بتأسيس فريقًا للمسرح بمدرسة أبو بكر الثانوية بمحافظة قنا، إلى جانب تنظيمه وإشرافه على مهرجانات المسرح بجامعة حلوان، أسس فريق برجولا المسرحى بكلية التربية الفنية، وكان مديرًا لخشبة مسرح المعهد العالى للفنون المسرحية،  بالإضافة إلى أنه كان عضو لجنة تحكيم نوادى المسرح لقصور الثقافة لإقليم جنوب الصعيد وعضو لجنة تحكيم نهائى نوادى المسرح على مستوى الجمهورية، كما أسس مهرجان الفن التشكيلى والسينوغرافيا بفنون مسرحية وتنظيم دورته الأولى والثانية.
حصل على العديد من الجوائز منها المركز الأول فى تصميم ديكور وإضاءة مسرحية المهزلة الأرضية فى مهرجان زكى طليمات فنون مسرحية وجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن إخراجه لمسرحية حصل وممكن يحصل بمهرجان المخرج الأول بفنون مسرحية والمركز الاول عن تصميم ديكور مسرحية كرنفال الأشباح بمهرجان الساقية المسرحى وحصول العرض على المركز الثالث كأفضل عرض، كما حصل على المركز الأول عن تصميم ديكور وإضاءة مسرحية أساسيات العقد من مهرجان جامعة حلوان المسرحى.
له العديد من الأعمال المسرحية كمصمم ديكور منها مدينة الثلج وأولادنا فى لندن وزيارة السيدة العجوز والغرفة وقابل للكسر، كما صمم ديكور وأخرج مسرحية إشاعات إشاعات من إنتاج البيت الفنى للمسرح ومسرحية مسافر ليل من إنتاج مركز الهناجر للفنون والتى حصلت على العديد من الجوائز، وكان ذلك العرض يقدم خارج مسرح العلبة الإيطالى، من خلال قطارًا صمم خصيصًا لاستقبال الجمهور واستمتاعهم بالعرض داخله، دائمًا ما يفكر المخرج ومصمم الديكور محمود فؤاد خارج الصندوق وبخاصةٍ عندما كُلّف من أكاديمية الفنون بإشرافه على بناء مسرح خارج عن المألوف، عن ما يحدث داخل أكاديمية الفنون والفراغات المسرحية وأسئلة آخرى كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار.

-حدثنا فى البداية عن ما يحدث داخل أكاديمية الفنون والمسرح الذى تُشرف على بنائه؟
كل الفضل فيما يحدث داخل أكاديمية الفنون يرجع للدكتور أشرف زكى وتحت إشراف معالى وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدائم، خلال تولى دكتور أشرف زكى لرئاسة الأكاديمية، استطاع أن يقدم إنجازات كثيرة منها إعادة إنشاء مبانى كثيرة ويفتتح مشاريع ومدارس مهمة جدًا أهمها مدرسة الفنون ومدرسة التكنولوجيا التطبيقية، وهى مدرسة فريدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، فهى معادل للفنى الثانوى الصناعى، فيتخرج منها فنيين كاميرا وديكور وصوت وعرائس وتصليح آلات، وغيرهم من الأقسام، هذه المدرسة غير موجودة على مستوى الجمهورية، دكتور أشرف استطاع أيضًا أن ينظف الأرض الجديدة المتواجد فيها معهد النقد الفنى ومعهد الفنون الشعبية، كان هناك أراضى كثيرة داخل الأكاديمية لم نستطيع أن ندخل إليها، لأنها كانت غير ممهدة وغير منظمة، ولكنه استطاع أن يصنع طرق وتمهيد وتطوير داخل الأكاديمية، ومتحف الفنون الشعبية، قام بعمل كوبرى لحماية الطلبة.
من ضمن الأشياء المهمة التى كلفت بيها داخل أكاديمية الفنون «المسرح المكشوف»، أثناء عملية التنظيف والتوسع داخل الأكاديمية وجدنا أساسات مسرح علبة إيطالى متواجدة فى مسرح الطفل الخلفى، بدأ دكتور أشرف تكليفى بذلك بحكم أن رسالة الماجستير الخاصة بى عن الفضاءات المسرحية ولدى خلفية عن أنواع نماذج المسارح سواء التقليدية أو غير التقليدية، وبدأت فى دراسة المسرح، وهو مسرح علبة إيطالى عادى جدًا، من خلال التفاصيل المعمارية الخاصة به، وجدت أن فى حالة إنشاؤه بهذا الشكل هناك مشكلة كبيرة به، وهى أن زاوية الجلوسة غير مناسبة من حيث الرؤية عن أماكن التمثيل، مثل مسرح الجيزة الثقافى به «لوحة»، لأن للأسف أغلب المسارح تم بنائها من خلال معامريين فقط وليس متخصصين فى المسرح، وغير ذلك المسرح المراد تطويره خدماته غير مهيئة ومنظمة، لتطوير ذلك كنموذج علبة إيطالى سيكلفنا كثيرًا جدًا جدًا، لذلك فكرت لماذا مسرح علبة إيطالى، داخل الأكاديمية لدينا 2 علبة إيطالى، غير ذلك من الناحية التعليمية، الطلبة يحتاجون لمكان ومساحة مرنة يستطيعوا أن يقدموا فيها تجاربهم الفنية بعيدًا عن مسرح العلبة الإيطالى، فلماذا لا نقوم بإنشاء مسرح غير تقليدى يفيدنا فى الناحية التعليمية، الطلبة تحتاج ذلك بشدة، ونحن أيضًا نحتاج لذلك لكى نشرح للطلبة معنى نماذج مسارح غير تقليدية، فالمتطلبات الأكاديمية والتعليمية تحتم علينا أن يكون لدينا نموذج مسرح مرن نستطيع من خلاله تشكيل مسرح العلبة الإيطالى وأشكال متعددة جدًا من أنواع المسارح المختلفة، والتكلفة ستكون اقل بكثير جدًا، وفى ظروف الكورونا نحن نحتاج لمسارح مفتوحة غير مقيدة، مثال ساحة الهناجر كانت مساحة مفتوحة وتستقبل الأساليب التشكيلية الفنية المختلفة، الأن هى تحولت لمسرح علبة ثابت، فأفقدته مرونته المسرحية.
لذلك فكرنا فى هذا المسرح والذى صمم بأسلوب يقبل المرونة والتشكيل لدى كل الناس وبتجهيزات فنية عالية جدًا، وكان هناك لجنة شكلت ضمت باقة متميزة من الدكاترة والمتخصصين منهم دكتور عاصم السيسى ودكتور صبحى السيد والمعيد عمرو الأشرف والمدرس المساعد حمدى عطية، الموضوع كان به مشاورات ومناقشات للخروج بأفضل نتيجة، والأهم اننا كنا نتابع المعماريين خطوة بخطوة، وبكونى كمخرج ومصمم ديكور كنت آرى الموضوع من زاوتين من رؤية مصمم الديكور ورؤية المخرج، الممثلين كيف سيتحركون على المسرح، فقد جمعت بين الزاويتين، المسرح عندما استلمته كان على مساحة 700 متر، استطعنا أن نصنع له توسعات ويكون على مساحة 1200 متر، قمنا بإنشاء غرف للممثلين، وخشبة المسرح كانت فتحتها 12 متر أصبحت حوالى 20 متر فى عمق 18 متر، أى مساحة كبيرة ضخمة جدًا، المسرح مبنى 160 كرسى للجمهور ومبنى زيادة قد يصل لـ400 كرسى وأكثر، لأننا قمنا ببنائه بالشكل المرن، كل مخرج يستطيع تشكيله بالشكل الذى يريده ويحدد العلاقة الذى يريدها بين المتفرج والممثل، وجعلنا الكراسى مرنة غير ثابتة، جعلنا الخشبة على الصفر والجمهور مدرجاته عالية، والصفر هذا جعلنا قد قمنا بإلغاء صالتى الجمهور والممثل، فأصبحت الصالتين مدموجتين بعضهما ببعض، قمنا بمراعاة أن يكون المسرح مكشوف فيكون هناك مصدات للهواء، لأن المسرح لن يخدم الأعمال الدرامية فقط، وإنما سيقام عليه عروض باليه وفنون شعبية وحفلات موسيقى عربية وغيرها من الفنون، سيخدم جميع معاهد الأكاديمية، قمنا بحساب كل شئ حتى فى حالة الأمطار، ولأن منطقة الجيزة مبنية على منطقة مياة زراعية، فلا قدر الله فى حالة ظهور مياة من الأسفل، قمنا بعمل مواتير رفع وطرد للمياة حتى لا نقع فى مشاكل المسارح التى تغرقها المياة الجوفية من الأسفل، كل شئ مصممة فى هذا المسرح مصممة على أساس الخبرات الأكاديمية المدروسة والتطبيق بشكل علمى سليم، حتى يكون هذا المسرح مطابق للمواصفات الفنية.

-حدثنا عن رسالة الماجستير التى حصلت على درجتها بالفعل وكيف طبقتها على أرض الواقع؟
«أساليب تصميم المناظر المسرحية فى الفضاءات غير التقليدية» هذا كان عنوان رسالة الماجستير الخاصة بى، وهى دراسة تحليلية تطبيقية فى مصر ودول العالم من عام 1997 إلى عام 2017، الموضوع بكل بساطة هذه الدراسة سمحت لى التعرف على كل أنواع الفضاءات الموجودة على مستوى العالم، سواء الفضاءات التقليدية كالعلبة الإيطالى والمسارح الرومانية ثم ثورة المسارح وهذا جعلنى اتعرض لانواع معمار كثيرة جدًا على مستوى العالم، فكل ذلك أعطانى خبرة جعلتنى عندما آرى أى مساحة فضاء استطيع أن أقول ما هو النموذج المسرحى الذى يتناسب معه، مع العلم أن مساحات الفضاءات غير التقليدية تكلفتها أقل بكثير جدًا عن مسارح العلبة الإيطالى، فتكلفة المسرح الواحد من العلبة الإيطالى والذى قد تصل تكلفته إلى 300 مليون جنيهًا، نفس تلك التكلفة نستطيع أن نصنع بهم ما يقرب من 100 مسرح فضاء غير تقليدى على مستوى الجمهورية، نحن نحتاج غلى مساحات مرنة قابلة للتشكيل وغير مكلفة.
قمت بتطبيق ذلك بالفعل على عرض «مسافر ليل» وعرض «إشاعات إشاعات» وعرض «الانتظار»، وبعدها قمت بتطبيق ذلك عمليًّا ليس على ديكور عرض مسرحى ولكن على فكرة بناء المسرح بتطبيق عملى لفكرة الفضاءات غير التقليدية، بتكلفة قليلة جدًا، والتنفيذ كان من خلال جهاز الخدمة الوطنية.

-ما فائدة تفعيل فكرة الفضاءات المسرحية وهل هذا سيجعلنا نستغنى عن العلبة الإيطالى؟
العلبة الإيطالى وهو المسرح الأكثر انتشارًا، ولا يمكن الاستغناء عنه، ولكن الفكرة أننا نفعل الفضاءات غير التقليدية، نفعل مساحات غير تقليدية تجعلنا نرى أساليب فنية مختلفة، بالتأكيد لن تكون حياتنا فى مصر عبارة عن مسرح العلبة الإيطالى فقط، الخروج خارج العلبة الإيطالى صعب جدًا أن تقوم عليه بتجهيزاتك الفنية من بناء ديكور وخلافه، داخل العلبة الإيطالى كل شئ مجهز، خارجها «الفضاء غير التقليدى» سواء فى مكان مفتوح أو مكان مغلق، فأنت تصمع كل شئ من جديد، القاعات المتواجدة فى مصر أغلبها مساحات عرضها ضيقة جدًا، المخرجين يحتاجون لقاعات عريضة وكبيرة ليقدموا فيها تشكيلاتهم المسرحية، نحتاج لمساحات تتيح للمسرحيين تقديم الأساليب الفنية المختلفة، مهمة المؤسسة الثقافية إتاحة العدالة الثقافية أن الجميع يستطيعون تقديم الأساليب المحببة لديهم.

-ما رأيك فى مسرح الثقافة الجماهيرية وتصنيفه على الخريطة المسرحية؟
هو المكان الوحيد الذى يغطى شبكة مصر كلها، له فى كل محافظة مسرح ونقطة التقاء للمسرحيين، هو يحقق نوع من العدالة الثقافية، ويتيح فرص لزملائنا الفنانين فى الأقاليم والمحافظات الأخرى أنهم يمارسون نشاطهم الفنى والمسرحى، وعندهم اماكن بعيدة عن الحركة المسرحية والتنويرية، على الرغم من تواجد التجارب النوعية، أى أفكار خارج الصندوق، ولكن تبقى العقبات فكرة تقديم الفرق لتجارب مسرحية خارج العلبة الإيطالى، وهذه مشاكل رأيتها بالفعل وأنا أقوم بتحكيم عروض الثقافة الجماهيرية.
الثقافة الجماهيرية تحتاج إلى تغييرات تتناسب مع سنة 2021، الموضوع صعب ولكنه ليس مستحيل وسيحدث إن شاء الله.

-هل الخريطة المسرحية للدولة تغيرت بعد الموجة الأولى والثانية للكورونا؟ وما الذى نحتاجه فى الموجة الثالثة لكى يكمل المسرح مسيرته فى ظل هذه الأزمة؟
الخريطة المسرحية بالفعل تغيرت ومشاريع كثيرة توقف، وأصبحنا نلجأ إلى المسرح المفتوح، والماليات المخصصة للإنتاج قلت للأسف، وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن وزارة الثقافة محافظة على الاستمرارية مقارنةً بدول كثيرة توقفت تمامًا، وذلك شئ يحسب للوزارة، ويجعلنا نفكر فى الفضاءات المسرحية غير التقليدية المفتوحة، نتمنى أن تنتهى هذه الأزمة، لكى يعود المسرح بكل طاقته ونستطيع أن نحقق جميع أحلامنا المسرحية والفنية إن شاء الله، لأن الكورونا أوقفت مشاريعًا كثيرة.

-ما الجديد لديك؟
بيتم التجهيز لإنتاج عرض ضخم خاص بى، يشرف على هذا الإنتاج الضخم الفنانان القديران أستاذ أيمن عزب والأستاذ خالد النجدى، الموضوع مازال فى المناقشات الأولية، وهما مرحبين بالفكرة جدًا، وداعمان للمشروع جدًا، نحن فى انتظار أن نرى وضع وظروف الكورونا، وفى أقرب وقت وفرصة سيتم الإقبال على هذه التجربة.
بالإضافة إلى أننى حاليًّا أقوم بتجهيز رسالة الدكتوراه الخاصة بى، وهى تتحدث عن «أثر الحركة الفعلية فى تصميم المناظر المسرحية» والحركة الفنية المقصود بها أن يصبح المنظر المسرحى رباعى الأبعاد وليس ثلاثى الأبعاد، ودخول مفهوم الزمن كبعد رابع من الناحية الفيزيائية فى تطوير المنظر المسرحى، وهذا سيقوم بعمل اختلاف فى فكر المصممين عندما يكون لديهم معلومات أكثر وأساليب مختلفة من الفكر، فيجدوا أنفسهم يشكلون بشكل مختلف، ويقدمون تصميمات المناظر المسرحية بأفكار واساليب مختلفة تناسب الدراما المقدمة، وقمت باختيار هذا الموضوع بالتحديد، لأنه موضوع لم يتم التعرض له من قبل، وإن شاء الله تلك الرسالة تقدم أساليب فكر مختلفة واتجاهات جديدة على المنظر المسرحى أو العرض المسرحى بشكل عام فى مصر.


إيناس العيسوي