الندوات التطبيقية.. هل هي عمل زائد عن الحاجة وترف يمكن الاستغناء عنه؟

الندوات التطبيقية.. هل هي عمل زائد عن الحاجة وترف يمكن الاستغناء عنه؟

العدد 863 صدر بتاريخ 11مارس2024

تلعب الندوات التطبيقية دوراً بارزاً وهاماً في تطوير العمل المسرحي وفتح آفاق مختلفة له من خلال ما تطرحه من رؤى وتأويلات تفتح آفاقا مختلفاً لصناع العروض لإدراك مواطن القوة والضعف في عروضهم المسرحية،   خاصة أن النقد عملية ليست منفصلة عن العملية الإبداعية بل مواكبة لها وهي جزء لا يتجزأ منها، كما أن للندوات التطبيقية دوراً هاماً في طرح العديد من وجهات النظر، والتأويلات الخاصة بقراءة العرض المسرحي. طرحنا سؤالاً على  مجموعة من النقاد، للكشف عن  مدى أهمية الندوات التطبيقية، ودورها الفعال في إعادة صياغة العرض المسرحي، وتحليله وما هي الاعتبارات التي يجب الاستناد إليها عند إقامة هذه الندوات.

تلاحق العروض وتفتح باباً للتأويل
قال الناقد والباحث حسام مسعد: لا شك أن ظاهرة غياب الندوات التطبيقية عقب تلقي العرض المسرحي تعود إلى غياب الفضاء العمومي المفعل والمؤمن بالوظيفة النقدية في المجال المسرحي التي تخلق رأيا عاما غير رسمي يواجه الرأي العام الرسمي لجهة الإنتاج الرسمية للعروض المسرحية، ولا أعفي من المسؤلية  الناقد، أو القارئ الحصيف الذي لا يبالي باستبعاده من المشهد المسرحي، وإعلان موته، لاسيما أننا نشهد عزوف هذا الناقد عن تسطير قراءته، وتحليله للعرض المسرحي في ظل غياب لغة التعلم الحواري، وحلول الدوغمائية، والانطباعية، وفرض الرأي، بالاستديوهات التحليلية في بعض التظاهرات المسرحية والتي لا تخلو من المحاباة لإدارة التظاهرة، وللعرض المنقود، إنني أحمل المسؤلية كاملة لصناع العرض المسرحي الواهمون أن ما ينتجونه من عروض مسرحية منزه عن كل نقد.
وتابع قائلاً: تغيب الوظيفة النقدية بغياب الفضاء العمومي الذي تهيمن عليه المؤسسة الرسمية التابعة للنظام السياسي الذي يتبني الباتريمونالية الجديدة التي تمزج بين مقولة الدولة الدستورية، وهيمنة الفرد، فتغيب الحرية، ويحل محلها عبارة التوجيه للوعي الجماهيري، رغم أن تفعيل الفضاء العمومي للمسرح سيضيف إلى صناعه ويخلق رأيا عاما غير رسمي يتساوى مع الرأي العام الرسمي ويضع حلولاً لإشكاليات الإنتاج وأهمها عزوف المتلقي عن ارتياد دور العرض المسرحي، إذ أن الندوات التطبيقية التي تلاحق العروض المسرحية تفتح باباً لتأويل وقراءة العرض المسرحي ربما يضيف إلى صناعه الذين يحددون الإطار الفكري والنظري للعرض وآلية الاستهداف والتفاعل مع المتلقي لإبدعاتهم الفنية.
وأضاف: لا سبيل لحلول هاته الإشكاليات إلا بعودة ثلاثة أفراد في العملية المسرحية وهم المبدع الحقيقي الباحث عن الرؤية المغايرة للعالم ، والقارئ الحصيف، والمؤسسة الرسمية التي لا تنتهج مبدأ المحاباة والولاء لها ولسياساتها الإنتاجية، ثم تبني لغة التعلم الحواري التي تتساوى فيها كل الآراء ليتم تفعيل فضاء عمومي صحي يتقبل الآخر، يتبنى ثقافة الاختلاف وحرية الرأي.

تفتح منظور لرؤية جديدة
فيما أكدت الناقدة أسماء حجازي على أهمية الندوات التطبيقية فقالت: من وجهة نظري أن الندوات التطبيقية ذات أهمية قصوى لصناع العمل سواء المخرج أو الممثل أو المعد.... وغيرها من عناصر العرض المسرحي فكل مبدع يهتم بعنصره على سبيل المثال يهتم المخرج برؤيته وأداء الممثلين؛ إذن الندوات التطبيقية تفتح منظورا لرؤية جديدة، وتسلط الضوء على مناطق ربما لم يرها المبدع، وربما تؤكد وجهة نظره أو تكون متضاربه معها.
وتابعت قائلة: من وجهة نظري أنها تعد تبادل وجهات النظر مع المبدع في صورة نقاش مفتوح لفتح باب التأويلات أو طرح لرؤى مختلفة خاصة أنه ليس دور الناقد أن يوجه المبدع، ولكن في الندوات التطبيقية يفتح الناقد مع صناع العمل نقاشاً ربما من خلاله يعيد المبدع النظر في شىء خاص بالعرض أو يؤكد وجهة نظر ما برؤية أشمل.
كما أن نص العرض يختلف عن النص الأصلي فيتم التعامل مع نص العرض بشكل مختلف ومن خلال النقاش في الندوات التطبيقية يتعرف المبدع على ما أخل به في البناء الدرامي للنص، وكذلك يفتح باب النقاش حول النص إذا تم الإعداد عليه، ففي الندوة التطبيقية تعقد مقارنه بين نص المؤلف ونص العرض المسرحي؛ لتوضيح تقارب الرؤى أو اختلافها، وهنا يأتي دور الناقد الذي يحلل النص، ويتعرف على النقاط التي أغفلها المبدع في النص الأصلي أو يناقشه في وجهة نظره في نص العرض ربما يحدث اختلاف أو اتفاق وجهات النظر، وفي الندوة التطبيقية تحدث مناقشات ويتم تبادل وجهات النظر التي تصب في مصلحة العملية الإبداعية. وعن الاعتبارات التي يجب الاستناد إليها في الندوات التطبيقية تابعت قائلة: إذا كان هناك إعداد وتعديل على النص الأصلي يجب أن يحدد الناقد إلى أى مدى أصاب أو اخفق هذا الإعداد حتى نخرج برسالتين هامتين وهما ما هي رسالة النص وما هي رسالة العرض، أم يتفق المخرج مع المؤلف على رسالة واحدة للعرض،  كذلك من خلال الندوة التطبيقية يتم مناقشة الممثلين في أدوراهم وكل عنصر من عناصر العرض والحديث عن كل ماهو مرئي ومسموع داخل العرض.
وارتكزت الناقدة أسماء حجازي على أهمية مناقشة النص مع المخرج وصناع العرض؛ حتى يتعرفوا عليه من وجهة النظر النقدية، فهناك بعض المبدعين لا يعون «مورال» العرض الذي يقدمونه متمنية أن يتم تعميم الندوات التطبيقية على مستوى الاحتراف، ولا تكون مقتصرة على الهواة والمهرجانات المسرحية فقط لأن لها أهمية في العملية الإبداعية بوجه عام وليست مقتصرة على جهة بعينها أو فئة معينة من الفنانين.

تربية ناقد شفاهي لا تأتي إلا بعد تدريب شاق
بينما أوضح الناقد أحمد خميس الحكيم قائلاً: تعد الندوات التطبيقية التي تقام عقب العروض المسرحية سبيلا مهما للغاية لتفكيك العرض، وبيان أهمية عناصره ومدى توافقها وملائمتها لطبيعة التيمات المتناولة وكذا القضايا المضمرة التى لم يشر إليها التناول الجمالي صراحة، والناقد الجاد يدرك دوره والمسئولية الملقاة على عاتقه تجاة الجمهور من ناحية وصناع العرض من ناحية أخرى، ولكن مؤخرا أهملت كثير من المؤسسات والمهرجانات ذلك الدور المفصلى واعتبرته جسما غريبا على الصناعة يرجى التخلص منه دون وعي أو إدراك لمدى الجرم الواقع على الحركة المسرحية، إلى جانب تعاظم ثقة بعض صناع اللعبة المسرحية فى أنفسهم، وعدم قبولهم لدور النقد لو أنه تعرض بالسلب لبعض عناصر أعمالهم، العمل النقدى الحقيقى دوره تنويرى والناقد الواعى يعرف المسئولية الملقاة على عاتقه والحركة المسرحية لن تكتمل أو تتطور إلا بوجود هؤلاء النقاد الداعمين الذين يساعدون فى التفسير والتحليل العلمى والجمالى والتاريخ البعيد معلم عظيم فى ذلك الجانب لكن قبل كل ذلك يرجى أن نعي ما هى الشروط والمعايير التى يتم بناءً عليها اختيار الناقد التطبيقى؟ فالمسألة ليست اعتباطا أو حسب الهوى، فتربية ناقد شفاهي لا تأتي إلا بعد تدريب شاق، ولكن مؤسساتنا الراهنة لم تعد تؤمن بتلك الأمور مع الأسف، ومن ثم تطيح بالندوات التطبيقية ولا تعترف بأهميتها وأهمية دورها الهام فى تطوير العرض المسرحى.

ضرورة تدفع الفن إلى آفاق مغايرة
وقالت الدكتورة وفاء كمالو: يأخذنا هذا الموضوع إلى الزاوية الحرجة التى تكشف بوضوح أن أزمتنا الثقافية والفكرية هي أزمة عقل جامد، وأسلوب تفكير أحادي، يتبنى منطق امتلاك الحقيقة المطلقة، فنحن لا نهتم بالعقل النقدى العلمي، قررنا استبعاده وعدم الاقتراب منه، فانتفت الفعالية الإنسانية وضاع العقل الذي ينتج التطور والتقدم، وبما أن قانون الحياة الطبيعية والاجتماعية هو التغيير، فإن قانون الفن والفكر هو التجديد، ذلك التجديد الذى يجب أن يكون في سياقه الفنى والتاريخي، لأنه لا ينبع من رغبة شخصية، وهو أيضا ليس حالة فكرية طارئة، لكنه هو الفكر ذاته حين يتجاوب مع الأصول التي ينبع منها، كما أنه هو التواصل الخلاق بين الماضى والحاضر، وهو الخروج من أسر السائد والكائن، ومن التبعية الفكرية والفنية اللاواعية، ويأتي ذلك عبر التحليل النقدى العلمي للفكر المعاصر، حتى نتجاوز أزمات الهزائم والردة والانكسارات.
وتابعت قائلة: إذا كان النقد يمتلك أقصى درجات الوعي، ليبوح ويروي ويصفع وجه الزيف، ليكشف عن أننا نعيش عصر ثقافة التخلف، وصناعة الجهل؛ لذلك يصبح علينا أن نحاسب تجاربنا المسرحية والدرامية، لعلنا نعرف أن المسرح هو الوعي والحرية والجمال والاكتمال وأحلام امتلاك الذات                                                                                                       
في هذا السياق نجد أن الندوات التطبيقية هى ضرورة حتمية تدفع تجارب الفن إلى آفاق مغايرة، عبر دورها في التفاعل الخلق مع صناع العروض، أما عن المعايير التى يجب الأخذ بها فهي تتبلور في أن المفاهيم العلمية للجمال قد تغيرت، وأصبح القبح درجة من درجات الجمال الفني، ومقابلا له، لكن هذا التقابل لا يعني التضاد، بقدر ما يعني التباين، الذى يؤكد كل منهما الآخر، فإذا تعرفنا على الأسود، فلابد أن نتعرف على الأبيض؛ وإذا أدركنا الظلام، فلابد أن ندرك النور، ولكى نتذوق الجمال، لا بد أن نفهم ما هو القبح، ولماذا هو كذلك، وأن نعلم أيضا أنه الدرجة الأولى في السلم الجمالي.
تطوير المنظومة المسرحية
فيما قال الناقد محمد النجار: ظل السؤال السرمدي الذي يتردد في عقل وقلب كل مبدع مسرحي. كيف أصل بالعرض المسرحي إلى أعلى درجات الإجادة والإبداع؟ وكيف أصل بالرؤى والدلالات إلى أفق أكثر رحابة للوصول إلى قاعدة جماهيرية قادرة على الاحتشاد وراء العرض والتفاعل الإيجابي مع جمالياته وتذوقها؟ وهو جل ما يهتم به الناقد المسرحي الحقيقي الساعي في أغلب الأحوال إلى الابتعاد عن الهوى وقراءة جماليات العروض المسرحية قراءة مجردة قائمة على العلم والقيم النقدية الحقيقة غير المنحازة والقادرة على إضافة رؤى متكاملة تضيف إلى العرض، وتطور من دلالاته، ذلك أن الناقد هو في الأصل والأساس مبدع قادر على فك شفرات العروض المسرحي، وإعادة تركيبها وترتيبها في محيطها الإبداعي والدلالي ومتجاوز في نفس اللحظة للتأثر الذي وقع على المبدع الأصلي للعمل خلال مراحل الإنتاج؛ وبالتالي قادر على قراءة الخافي عن المبدع والمتجلي في العمل حتى وإن كان ظاهرا على استحياء وينير للمخرج ولفريق الإبداع بالضرورة تلك المناطق التي تحتاج إلى صقل أو إعادة قراءة أو تأكيد أو ما إلى ذلك، ومن هنا تظهر أهمية الندوات التطبيقية للعروض المسرحية والتي تصبح تظاهرة مسرحية إبداعية هدفها الأول والأخير تطوير العمل المسرحي واحتواء الجمهور والانتقال بالعروض من مرحلة الإجادة إلى مرحلة الإجادة القصوى وتطوير الرؤى والدلالات بل وتطوير المردود منها، والسعي إلى خلق نقاش جدلي بين المخرج وفريق إبداعه والناقد والجمهور لفهم المردود الإبداعي والفكري والجمالي فيستمتع الجمهور ويعيد قراءة الدلالات المطروحة في العرض في إطار آخر علمي ومنضبط طبقا لثقافته وأيدلوجياته.
 وأضاف: تساهم الندوات بشكل كبير في تطوير المنظومة المسرحية كاملة إن صدقت النوايا، وصدق النوايا أن يتجرد الناقد القارئ للعرض المسرحي خلال الندوات التطبيقية من توجهاته الفنية والايدلوجية والسيسيولوجية ويبتعد عن الآراء المقولبة والمعلبة كذلك يتحلى بأقصى درجات ضبط النفس والقدرة على حشد الجموع لخلق نقاش صحي وثقافي وجدلي قادر على تقبل الرأي والرأي الآخر دون جور أو تحيز واري – بشكل شخصي.
وضرورة أن يتمتع الناقد القارئ للعروض المسرحية بخبرات صناعة العرض المسرحي جنبا إلى جنب مع الإعداد الثقافي والأكاديمي والعلمي لقراءة مراحل الإنتاج، وصعوباتها لسهولة الأخذ بالأسباب فضلا عن ضرورة أن يتمتع الناقد بثقافة حقيقية وقراءة واعية لتطور شرائح المجتمع وثقافاته، وقدرة على القراءة الموازية للمبدع ومصنفه الإبداعي بقراءة الأسلوب والفلسفة التي يتبناها المخرج / الممثل / المؤلف / الموسيقى / الفنان التشكيلي دون التباس فضلا عن تحلي الناقد القارئ للعروض المسرحية في الندوات التطبيقية بأسلوب إيجابي داعم في إدارة النقاشات دون احتدام.

..قراءة للعرض أم عرض للقراءة
فيما رأى الناقد الدكتور محمود سعيد دور وأهمية الندوات النقدية فقال: مما لا شك فيه أن أي عمل فني دوما هو في حاجة للنقد فالنقد مرحلة مهمة في حياة أي عمل فني لا بد له أن يمر بها، وفي حالة المسرح نحن أمام حالة خاصة جدا فالعرض المسرحي يكشف النص في الفضاء، ويرسبه في المادة الكلامية ويجسده ويفككه، فالمسرح شكل متوهج من القراءة فيه يتم احتراق الجسد واللغة معا؛ إلا أنه يفتح في ذات الوقت الستار على دراما المادة الكلامية ، فالمسرح الحقيقي هو الذي تمر فيه اللغة كالقذيفة هو طقس خفي كاشف للاسرار، أسرار عفوية وأفعال غير مرئيه؛ لتضاف مساحة جديدة كل لحظه..هذا هو دور الناقد فوق منصة الندوة التطبيقية حيث تنعقد اللغة مع الأشياء؛ ليشكل العرض مع الفضاء لغزا رمزيا وانجذابات واندفاعات.. لذا تبدو أهمية الندوات في أنها كاشفة للعرض، وللناقد معا، ففي الندوة يفكك الناقد كل شيء، بشرط أن يلعب لعبته النقدية على المعروض أمامه، على الكائن وليس الممكن، فكثيرا ما يقع بعض النقاد في خطأ السعي وراء الممكن متجاهلا الكائن المرجو نقده، متناسيا مهمته الأساسية التي جاء من أجلها ليبدأ في الإملاء، إملاء قراراته وتطلعاته على المخرج، وفريق العمل متوهما أنه يقدم لهم درسا نقديا رزينا وهو في الواقع لا يقدم ولا يؤخر.
وتابع قائلاً: في الندوات يجب على كل فرد الالتزام بدوره وبحدود هذا الدور تاركا لعبة الشخصنة والعلاقات الخاصه ولعبة الرفض أو القبول لمخرج ما أو ممثل ما أو مؤلف ما.. فالناقد الحقيقي يقدم رؤيته بعيدا عن أي حسابات أو صداقات أو عداوات، لذلك يفضل عدم تكرار الوجوه كي لا نصل أحيانا إلى ما يشبه فريق العمل الممل وهو ما يطلق عليه «العرض جاي بنقاده».. لذلك وجب على منظمي الندوات التطبيقية التنويع في الوجوه النقدية ومنح الناقد وقتا كافيا لتقديم رؤيته النقدية.
كي يقدم لنا الناقد طرحا نقديا جديدا لعرض مسرحي جديد مبتعدا عن الجمل الجاهزة والمقولات النقدية المستهلكة المجانية، بل لابد للناقد من اقتحام النص ومشاكسة العرض وتفكيك كل ما هو موجود على خشبة المسرح ومراوغة الممثل ومداعبة المخرج، مداعبة نقدية مدروسة تنتج لنا رؤى جديدة تتحاور بطلاقة مع شتى لغات العرض المسرحي

يستفيد صناع العرض من رؤية النقاد ووجهة نظرهم
بينما ذكر الناقد أحمد هاشم قائلاً: مما لا شك فيه أن الندوات التطبيقية على العروض المسرحية تلعب دوراً مهماً في النشاط المسرحي حيث تكون هذه الندوات مباشرة بين الناقد وصناع العرض، ومن هنا تأتي أهميتها حيث بالتأكيد يستفيد صناع العرض من رؤية النقاد ووجهة نظرهم في العرض المسرحي، وإن كنا نؤكد على السادة النقاد عدم القسوة على صناع العرض المسرحي كما أن النقد ليس فقط أن يشير إلى السلبيات بل أيضا يجب أن نشير إلى الإيجابيات، وهذا يسعد كثيراً صناع العرض المسرحي.
وتابع هاشم قائلاً : النقد لا يعني التأكيد فقط على السلبيات وإنما السلبيات والإيجابيات حتى يكون دوره إيجابياً إذن نؤكد مرة أخرى أن الندوات التطبيقية على العروض المسرحية تعلب دوراً مهماً في النشاط المسرحي وإن كانت بعض الندوات التي تأتي مباشرة بعد العرض لا تساعد الناقد في تكوين رؤيته وجهة نظر متكاملة حول العرض المسرحي ومن هنا أحياناً تأتي الندوات سطحية.
وأضاف: النقد له دور أساسي في تشكيل الواقع المسرحي، ونرجو أن تتم هذه الندوات بكل وعي من النقاد وسماحه من صناع العرض، ولا تكون هناك حساسية لصناع العرض حول ما يستمعون إليه  من تحليل أو نقد للعرض المسرحي.

تطوير المهنة وآليات العمل المسرحي ومفرداته الفنية
فيما أشار الناقد طارق مرسي إلى أهمية الندوات التطبيقية فذكر قائلاً: للندوات التطبيقية أهمية كبيرة خاصة في العروض المسرحية سواء على المستوى الاحتراف أو مسرح الثقافة الجماهيرية لسببين:  الأول لتطوير المهنة، وتطوير آليات العمل المسرحي ومفرداته الفنية المختلفة، ثانياً محاولة البحث عن أفكار وعلاقات جديدة يتم طرحها على المستوى الإحترافي، أما على مستوى الثقافة الجماهيرية والهواة فهي مهمة جداً لزيادة الثقافة المسرحية لديهم، وفتح رؤى وإتجاهات مسرحية جديدة وتعريفهم كيفية استخدام الأدوات والمفردات المسرحية المختلفة من ديكور وعناصر الموسيقى والغناء والتمثيل، وكيفية استخدامها وتواجدهما داخل العرض المسرحي كعلامات تؤكد فكرة النص واتجاهات المخرج ورؤيته التي يطرحها خلال عمله.
وتابع قائلاً: وللندوات التطبيقية أهمية كبيرة مع الهواة في تحديد الطرق والمدارس والمذاهب المسرحية التي يتعاملون معها ويأخذون اتجاهاتها لتطوير العملية المسرحية، وتطوير أنفسهم وزيادة ثقافتهم المسرحية كذلك لها أهمية كبيرة في المسرح بشكل عام وليس مستوى مسرح الثقافة الجماهيرية فقط فهي تعد تكملة لدائرة الإبداع لها عناصر سواء على مستوى إنتاج العرض المسرحي أو النقد فهي عملية إبداعية مكلمة يجب أن تكون متواجدة وحاضرة في كل الأوقات واختفائها يعد مؤشرا سلبيا داخل الحركة المسرحية.
أما عن الاعتبارات التي يجب الاستناد إليها عند إقامة ندوة تطبيقية فهي اعتبارات مهنية وانتقائية بشكل كبير فيجب أن يكون بها ثلاث مهنيين ناقد وموسيقى ومصمم ديكور حتى يكون هناك إلمام بعناصر العمل المسرحي وإن لم يتوافر وجود الثلاث مهنيين ومتخصصين فمن الممكن وجود ناقد متخصص موسوعي يتحدث عن كل الاتجاهات التي تطرحها الندوة، وتكون هناك خطة لدى المؤسسة المسرحية التي تقيم هذه الندوات لعروضها لتشاهد ما هي النواقص أو مناطق الضعف لديها في إنتاج العروض المسرحية ومفردات العروض المسرحية وتبدأ في تخصيص ندوات لمناقشة تلك السلبيات، وتناقش هذه المفردات التي من المفترض أن ندعمها ونقويها وخاصة في العروض التي يثار عليها جدل أو أنها عروض ضعيفة يجب مناقشة مبدعيها على أن نفتح لهم جوانب القصور في العرض المسرحي مع شرح أسبابها وكيفية تجنبها في المستقبل.

توجيه الهواة
واتفق الناقد د. محمد سمير الخطيب على ضرورة وأهمية الندوات التطبيقية ودورها في توجيه الهواة بشكل كبير وتحديد مناطق القوة والضعف في تجاربهم المسرحية وفتح آفاق مختلفة لهم، أضاف: ولكن الأمر يختلف لدى المحترفين بشكل كبير وهم الذين يختلفون حول تحليل وانتقاد عروضهم المسرحية.


رنا رأفت