وداعا ..محمود جمعة الشاعر المناضل والفنان المنتمي للناس

وداعا ..محمود جمعة الشاعر المناضل والفنان المنتمي للناس

العدد 672 صدر بتاريخ 13يوليو2020

فقد الوسط الفني والثقافي واحدًا من أبرز الشعراء المسرحيين، الذين مارسوا مهنة التمثيل أيضا وهو الشاعر محمود جمعة  فشارك فى العديد من المسلسلات منها قوت القلوب وبحر وزلزال وبركة وكلبش ، كما شارك أيضًا فى فيلم الفيل الأزرق. شهدت حياة جمعة الفنية تقلبات أضفت عليها طابعًا خاصًا، حيث عُرف شاعرًا، ثم وجد ضالته في التمثيل، الذي تقمص فيه أدوار «العجوز» الطيب تارة والشرير تارة أخرى. رحل الفنان عن عمر يناهز 71 عامًا، بعد أن ترك  بصمة في حياة كُل من عرفوه وعملوا معه. التقت «مسرحنا» ببعضهم ليحدثونا عنه وعن فنه.
قالت خلود محمود جمعة، ابنة الفنان الراحل: كان أبًا حنونًا، فخورة بكونه أبى وصديقى، وقد نشرت على صفحتي على الفيسبوك عقب وفاته فيديو أسرد فيه قصة هذا العظيم، الذي لقبوه بـ»مارد الفن»، وقد أعددت هذا الفيديو من شهور وأعجبه بشده. اضافت :  د.أشرف زكى كان أقرب شخص لأبى في الوسط الفنى، و لم يتركنا لحظة بعد رحيله، و أكثر ما يُحزننى تداول البعض  أخبارا كاذبة عن والدي، منها أنه كتب وصيته، ونشر فيديو اللحظات الأخيرة لحياة «محمود جمعة»، واستعجب ذلك جدًا لأننا لا نعرف تفاصيل لحظاته الأخيرة.
وداعا عاشق الوطن والناس
المُخرج والمُؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة قال: الشاعر المبدع محمود جمعة مثقف حقيقي وقامة فنية سامية وحالة إبداعية خاصة، افتقدنا برحيله نموذجا مهما للشاعر الشعبي الأصيل المهموم بقضايا وطنه والمعجون بمشاكل الناس وآلامها. وقد تميز طوال مسيرته الإبداعية بإيمانه الكبير بموهبته وبقدراته على  توظيف كلماته في التعبير عن معاناة الأغلبية من طبقات الشعب الكادحة والمساهمة في تحقيق طموحاتهم وآمالهم. فكانت كلماته الصادقة بمفرداتها البسيطة المعبرة التي تخرج من قلبه وذهنه طلقات الرصاص لا تحتاج لإعادة صياغة أو لإجراء تعديلات، وكانت تتسم دائما بتضمنها لكثير من الصور البلاغية والمعاني المعبرة عن طموحاته المشروعة في غد أفضل مهما كانت قسوة وسوداوية الصورة الحالية، فقد كان - رحمه الله - مؤمنا تماما بالمقولة الشهيرة للأديب السوري الكبير سعد الله ونوس: «أننا محكومون بالأمل».
وتابع د. عمرو دوارة: التعاون الفني بيني كمخرج وبينه كشاعر تحقق في فترة متأخرة جدا نسبيا وبعد سنوات طويلة من الصداقة التي جمعت بيننا، ولكنه بالفعل كان تعاونا مثمرا ورائعا ومتميزا جدا فنيا، خاصة أنه قد تضمن أيضا مشاركته بالتمثيل في تجربة تعد من أوائل تجاربه بهذا المجال، وذلك بعرض «التوب والتاج» من إنتاج «الفرقة المركزية» (السامر) للهيئة العامة لقصور الثقافة عام 1991. لقد نجحنا سويا وبمشاركة الملحن المتميز رجب الشاذلي في تحويل نص الكاتب الراحل أبو العلا عمارة إلى أوبريت شعبي، وتقديم عدد كبير من الأصوات الرائعة من خلاله، وهي الأصوات التي أصبحت نجوما بعد ذلك ومن بينهم الفنانين: محمد عزت، هالة الصباغ، سيد الشاعر، وأيضا بمشاركة نجوم العرض بالغناء ومن بينهم الأساتذة: أحمد صيام ورانيا فتح الله ومحمد الحديدي ومحمد حجاج.
وأضاف د. عمرو دوارة: وتعد مسرحية «البحر والناس» لفرقة «القليوبية القومية» عام 2002 تتويجا فنيا للتعاون بيننا، حيث نجح في كتابة مجموعة من الاستعراضات التي تداخلت مع نسيج العرض بصورة بديعة، خاصة بعدما وفق كل من الملحن الموهوب خالد جودة ومصمم الاستعراضات الكبير عماد سعيد في تقديم تلك التابلوهات  الاستعراضية بصورة مدهشة حقا تكاملت مع الرؤية التشكيلية للفنان فادي فوكية، ما دفع الفنان محمود جمعة إلى حضور جميع البروفات وليالي العرض.  و تقدم لي باقتراح إضافة استعراض بديل لاستعراض النهاية، وبمجرد موافقتي تولى هو مسئولية إقناع جميع المشاركين بضرورة التنفيذ إيمانا منه بأننا جميعا نعمل بروح الهواية.  
تابع دواره : والمتتبع للمسيرة الفنية للشاعر القدير محمود جمعة وتألقه في التمثيل خلال السنوات الأخيرة يمكنه التأكد من أنه ظل محتفظا بروح الهواية حتى أنفاسه الأخيرة، لأنه ظل مؤمنا بأن الفن الحقيقي ينبع من الناس ويقدم بالناس ويهدف في النهاية إلى تحقيق غد أفضل للناس.
ممثل شاعر
فيما قال الفنان الكبير سيد رجب: نحن أصدقاء من أوائل فترة الثمانينات، تعرفت عليه كشاعر، وقدم لنا شعرا مسرحيا رائعا، وعلى قدر ما هو شاعر جميل، فهو أيضًا صديق رائع، مازلت أتذكر بعض أشعاره وأُغنّيها أيضًا. أضاف:  لقد فقدنا قيمة فنية كبيرة ، للأسف لم يكن حاضرا على الساحة منذ فترة طويلة ، ولكن نحمد الله أن الجمهور رأى إمكانياته الفنية في الأعمال القليلة التي قدمها. كان ممثلا شاعرا، وهذا أكثر ما كان يُميزه.  
وتابع «رجب»: جمعتنا مسرحية «النديم»، التى قدمناها على مسرح السامر، من إخراج ناصر عبد المنعم، وكُنا نجتمع عند أصدقائنا ويلقى لنا شعرًا، وكان يُساهم فى ألحان أشعاره، وهو من كتب أغاني المسرحية، وكُنت أقوم بدور النديم صغيرا، و كانت الحركة ترسم على الأغاني ، وأتذكر منها أغنية للنديم في مرحلة تأرجحه بين السياسة والشعر، وكانت كلمات الأغنية تقول:  
تتحدف من حالة لحالة وتسلم بشوات يا خسارة  
  يا ابن الشعب الشعب اتسخر وفنونك للشعب رسالة
  أديب بيدب دبيب ويصحى الناس تخلص من الديب    
 ولا أديب زى الأُداباتى.
وأضاف «رجب»: كان صديق وجدع وطيب وشاعر وحسّاس وفنّان ومُمثّل، وكُل شىء يمكن أن يوُجد فى شخص واحد.
عشرة عُمر
و قالت الفنانة القديرة ماجدة منير: هو عشرة العمر، بدأت معرفتي به منذ أربعون عامًا ورُبما أكثر، وبدأنا كفرقة هواة في قصر ثقافة الريحاني، فرقة المسرح المصري، وكانت تضم مجموعة من الهواة الهائلين جدًا، تحت قيادة المُخرج العبقري أخي مُراد مُنير، وقدمنا عروضًا كثيرة جدًا في قصر ثقافة الريحاني، التابع للثقافة الجماهيرية، وكان محمود جمعة من مؤسسي الفرقة، وكان يكتب أشعارا ويُمثل فى نفس الوقت، كان فنّانًا شاملًا، و يستطيع أن يعزف على الدُف. أشعاره لها علاقة بالوطن والأرض والفقراء والطيبين، حماسية ووطنية جدًا، متعاطف مع الكادحين ، كتب أشعارا كثيرة لمسرحيات الثقافة الجماهيرية منها مع الأستاذ مُراد مُنير مسرحية «مُغامرة رأس المملوك جابر» لـ»سعد الله ونّوس»، وعلى الرغم من أن المسرحية من الثمانينات، إلا أنني مازلت أتذكر بعض أبياتها.
وأضافت «ماجدة»: كان شاعرًا عبقريًّا، ولكن للأسف يظل فنانو الثقافة الجماهيرية مغمورين على الرغم من أنهم فنانين كبار، ولا يشعر بهم أحد.
تابعت:  تحدثت معه هاتفيًّا قبل وفاته بأسبوع وحدثني بنفسه، ورُبما هذا ما جعلني أشعر بالصدمة، وعندما عرفت خبر وفاته انهرت تمامًا، ولم أُصدق ذلك حتى الآن، كان يُحدثنى ليُهنئنى على أعمالي الجديدة، و كُنت أفعل ذلك أيضًا، وكُنت أقول له : بعد الستين تذكرونا، فكان رده إيجابيا « الأيام اللى جايه بتاعتنا يا ماجدة إن شاء الله».. حزينة جدًا لأنه لم يستمتع بنجاحه، شهرته جاءت مُتأخرة، لم يهنّأ بها للأسف، وهذا ما يجعلنى حزينة جدًا. كان مُحترما جدًا، معنا دائمًا فى كُل مناسباتنا المُفرحة والمُحزنة، نحن أصدقاء عمر، ترك لنا ذكرى جميلة.
وتابعت «ماجدة»: كان يكتفى بكونه شاعرا، و جميعنا حاولنا إقناعه بأن يُمثل، فاكتشفنا أنه مُمثل كبير جدًا، آخر الأعمال التي جمعتني به كانت منذ ما يقرب من سنة ونص في  الفيلم القصير «كنبة 2»، وقدمناه تطوعًا، لأننا أحببنا الفكرة، وكُنت أقوم بدور زوجته فى هذا الفيلم الذى استغرق تصويره يومًا كاملًا.
وعيه بالدراما أفاده شاعرا وممثلا
وقال المُخرج الكبير مُراد مُنير: بدأنا معًا وقمنا بعمل عرضين مُهمين جدًا في الثقافة الجماهيرية، فقد كان أحد أعضاء فرقتي «جماعة المسرح المصري»، العرض الأول كان «مغامرة رأس المملوك جابر» لـ «سعد الله ونوس»، وقد أبدع جدًا، وكتب أشعار ترقى إلى أشعار شعراء الربابة عندما يتحدثون عن الشخصيات التُراثية كأبو زيد الهلالى سلامة وغيره، أما العرض الثاني فكان «المساخيط» تأليف محمد الفيل، واستطاع «جمعة» أن يكتب ما يشبه النص الموازى المُبدع جدًا، وكان ذلك فى غاية الصعوبة، لأن العرض قائم على الطقوس الفعلية، ورغم كل ذلك استطاع أن يستوعبه، لأنه كان من بيئة شعبية جعلته يستوعب ذلك .. كُنا هواة وللأسف لم يأخذ العرض حقه من المُشاهدة.
وتابع مُراد منير: كُنا أشبه بمن يعيشون معًا طوال الوقت، سواء في المسرح أو خارجه، وأتذكر عندما أخرجت مسرحية «اللجنة» وكانت بطولة الفنان نور الشريف (يرحمه الله) والفنانة داليا البحيرى والفنان عمرو عبد الجليل، وكتب محمود جمعة أغاني المسرحية، وكانت كتابة مذهلة، كان شاعرًا مُميزًا، أُحب شعره جدًا، وأكثر ما يُميزه أنه كان يعرف جيدًا في الدراما، وحتى عندما مثل، فإن فهمه للدراما والشعر أفاده جدًا.
كذلك قال المُمثل والمُخرج الكبير سمير العصفوري: إذا أردنا أن نتحدث عن الثقافة الحقيقية  فى أقاليم مصر، وليس ثقافة الاحتراف بالقاهرة، ثقافة الجذور والفطرة، و الشعر و الحكمة الحقيقية، التي هى حكمة التُراث الشعبي غير المصنوعة، فنحن نتحدث عن محمود جمعة، فهو من النماذج الحقيقية لثقافة شعب ، ظل يتحرك طوال الوقت مثل البندول بين القاهرة وبنها.
وتابع «العصفوري»: لم تُغير القاهرة أبدًا من طريقة تفكيره أو من أسلوبه ولا من طريقة تعامله مع كافة البشر، إنسان يعيش بين القاهرة الحدثية وبين بنها التي مازالت ملتزمة بروح وطبيعة الريف المصري، من هُنا كان «جمعة» ممثلا وشاعرا ينطق بنفس الطريقة والأسلوب والقناعة التي يعيشها فى هذه البيئة. عندما تعرفت عليه، اكتشفت أنني تعرفت على شخص مستنير جدًا فكريا وسياسيا وعنده حكمة ووعى ومهارة وحرفة في ذات الوقت. «شوقى» كان شاعرا عظيما ولكن لم يكن يستطيع أن يُلقى شعره، وهُناك شُعراء كثيرين لا يستطيعون إلقاء أشعارهم  ولكن «جمعة» كان خلّابا عندما يلقى شعره أو يقرأ ما يكتبه، عشت معه أكثر من تجربة فى كتابة أغاني الأعمال المسرحية المختلفة، وكان صبورا جدًا معي من مشروع لمشروع، وآخر المشاريع التي كان يكتُبها لى و لم ترى النور، ومن المُحتمل أن ترى النور هذا العام مشروع «بير السلم»، تأليف د. سعد وهبة وكلماته ، وكنت استمتع جدًا بالحوار معه بالساعات عبر الهاتف، فهو شخصية مُمتعة ومُسلية، الجميل فيه هدوءه وقدرته على صُنع أشياء كثيرة مُتعددة.
وأضاف «العصفوري»: استطاع محمود أن ينتقل من المُمثل الذي يعيش في مسرح الثقافة الجماهيرية ومسرح الدولة و أن يصبح مُمثلا مرموقا فى أعمال تليفزيونية كثيرة، بذل فيها جهدًا واضحًا جدًا، فهو يتميز بالأداء والصوت والوقار والحضور، كان شخصية متكاملة، ونوعا لن نراه كثيرًا على الشاشة ، غير مُصطنع..  كُنا جميعًا نطمح الى أن يواصل هذه الرحلة ولكن قدره و المُعاناة الطويلة التي عاشها أسلمته فى نهاية الأمر إلى الراحة الأبدية.
النديم
وقال المُخرج الكبير ناصر عبد المنعم: لقد جمعنا عملً مسرحيًّ وهو مسرحية «النديم» عن عبد الله النديم، وكانت الأشعار له، وهو شاعر مُميز جدًا، ومُلتزم بقضايا الناس وهو شاعر فى منتهى الأهمية كشاعر عامية، وفى المرحلة الأخيرة تميز كممثل بتقديم أدوار لها طابع خاص.
وأضاف «عبد المنعم»: هو واحد من أعمدة مسرح الثقافة الجماهيرية، كان عضوا فى فرقة السامر، وشارك فى كثير من الأعمال المسرحية، كان «رجل مسرح». شارك في البداية كشاعر و قدم بعض ادوار التمثيل مُتفرقة، وكان شاعر مُميز جدًا، وعندما أخرجت « النديم « كُنت طالبا فى الجامعة فى الفرقة الرابعة، وكان كُل المُمثلين فى هذه المسرحية طلبة ومنهم الفنانة عبلة كامل والفنان أحمد كمال والإعلامي أحمد مُختار والنجم سيد رجب والإعلامية بُثينة كامل، كان ذلك سنة 80، وشاركنا بهذا العمل فى مهرجان المئة ليلة، هذا المهرجان الذي  كانت تنظمه الثقافة الجماهيرية، وعندما أخرجت العرض لم أجد أفضل من محمود جمعة ليكتب أشعاره، لأن شخصية النديم لها دور فى النضال السياسي والفكري فترة الثورة العُرابية، ومحمود كان من المُلتزمين بقضايا المجتمع والشعب المصري، فشعرت أنه سيكون أفضل من يُعبر عن هذه الحقبة، والحقيقة أنه كتب أشعارا مُتميزة جدًا، ولحنها عطية محمود، وكان أحد العناصر الهامة فى نجاح المسرحية.
وتابع «عبد المنعم»:  كان طيب جدًا ودمثا وعاشقا للتعلم، حتى انه  اشترى مؤخرا عودا  وبدأ يتعلم عليه. كنت أشعر بالدهشة من رغبته الدخول في مجالات جديدة، وكانت له مواقف سياسية مُهمة، واستطاع أن يُعبر عنها بشكل كبير جدًا ، وكتب الكثير لكل أقاليم مصر، و حاضر فى القُرى والنجوع يُقدم أمسيات شعرية.  كان أقرب إلى الراهب، يقدم  بدون مُقابل، أو بمُقابل لا يُذكر.
وأضاف «عبد المنعم» أيضًا: آخر لقاء بيننا كان العام الماضي بالصدفة، كُنت ذاهبا إلى مهرجان قرطاج للمشاركة بعرض مسرحي، وكان هو متجها لتصوير مُسلسل إماراتي في تونس، فى الطائرة تحدثنا عن مشروع جديد وهو مسرحة كتاب «حكايات من دفتر الوطن» للكاتب الراحل صلاح عيسى، كان محمود يعده  حتى يصلح للإخراج وكتب أشعاره ، وبالفعل اتفقنا على تنفيذ العمل، ولكنه مرض  فى الفترة الأخيرة، وللأسف لم نلتقي لتنفيذ هذا المشروع، و لم تصلني نسخة هذا العمل، وأتمنى أن تصلني، و بالتأكيد سأكون سعيدا جدًا بتنفيذه.
نجومية بعد الستين
و قال المُخرج شاذلي فرح: محمود جمعة كان مُوظفًا فى فرقة السامر المسرحية التي تتبع الهيئة العامة لقصور الثقافة، و يُعتبر جزءا مُهما من تاريخ المسرح المصري كشاعر، كتب المئات من الأغاني المسرحية، سواء على مستوى الاحتراف وفي الثقافة الجماهيرية، و تعامل مع المخرج الكبير سمير العصفوري فيما يقرب من خمسة أعمال منها «عنبر رقم 6» على مسرح الطليعة، وكان يُمثل فيها أيضًا إلى جانب كتابته لأشعارها، وقدم عرض «شفيقة و متولى» إخراج د. أشرف زكى، و بطولة حنان ترك، وكان له فى الثمانينات والتسعينيات الكثير من الأغاني لكبار المُطربين والمُطربات منهم الفنانين على الحجار ومحمد الحلو ولطيفة.
واستكمل «شاذلى»: محمود جمعة شاعر من الأرض، أغانيه لها رائحة الأرض، يكتب عن الفقراء والكادحين والعمال والفلاحين والطبيعة بكل أشكالها وعن عشقه للوطن. عندما أصبح على المعاش نجمه فى التمثيل صعد جدًا، وكأنه يقول يضرب لنا مثلًا بأن من المُمكن أن تأتى النجومية بعد الستين، من أشهر مُسلسلاته كلبش، وفوق السحاب وبركة.
الناقد المسرحى أحمد خميس قال: رحمة الله عليه من الناس الذين أفنوا حياتهم فى مسرح الثقافة الجماهيرية، شاعرا وكاتبا ومُمثلا ، خاصةٍ فى مسرح المُهمشين الذى لا يسلط عليه الضوء الإعلامي. أضاف :  للأسف لم يأخذ حقه ولم يُعرف للجمهور إلا عندما عمل كممثل فى بعض المسلسلات، التى أظهرت بشدة أن لديه كفاءات ووعى مُغاير وسرعة بديهة وإمكانيات شكلية تُتيح له أن يلعب أكثر من دور، ولكن الإعدادات والأشعار والأدوار والنصوص الذى قدمها لم يكن لها حظ وفير ، بالإضافة إلى النصوص الغنائية التي كتبها لكثير من المُطربين ولم تُقدم بالشكل اللائق بها، وكان لديه مشاريع فنية مُستقبليه خاصة بالكتابة، كُنت مُطلعا عليها بحكم صداقتنا، فى الفترة الأخيرة استطاع أن يُبرز كفاءاته التمثيلية، وهُناك مشاريع كبيرة ومُهمة له عند المُخرج الكبير سمير العصفوري، إعدادات قام بها محمود جمعة لنصوص كوميدية، ورغم حرص «العصفوري» على إعادة كتابة أى عمل يُخرجه، إلا أنه أعطى «جمعة» فرصة أن يكون قائد الكتابة، وكان أكثر ما يُميز أشعار محمود جمعة ارتباطها بالشارع والإنسان البسيط.
وأضاف «خميس»: من ذكرياته أنه كتب فى أوراق المحكمة التى كان يعمل بها أشعارًا بدلًا من بيانات القضايا، ولكن عندما وجدوا أن أشعاره مُهمة وكتابته مُختلفة وواعية، تم قبول طلبه كموظف فى وزارة الثقافة، وبالفعل قدم فى الفرقة النموذجية أكثر من عمل كممثل وكشاعر.
المُمثل والمُخرج المسرحى مجدي عبيد قال: كان شاعرًا يحمل هموم الوطن والمواطن، وتزاملنا في حلم الخلاص  من القهر والظلم نُنشد العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وطُفنا سويًّا وثالثا الموسيقار فاروق الشرنوبى معظم أقاليم مصر وقُراها، كُلًا منا شاهرًا سلاحه فى مواجهة التخلف والقهر، و قدمنا العديد من الأمسيات الفنية والندوات السياسية.
 اكتفى بعشق المسرح، حتي تالقت موهبته الفذة في التمثيل وهو في الستين من عمره، وحقق تفردًا وتميزًا من أول ظهور له حتي داهمه المرض، لقد ترك لنا ولأسرته ثروة لا تُقدر بثمن، وهى دفاتر أشعاره وروحه المُبدعة والمُحبة للسلام.
الكاتب والشاعر عبده الزراع قال: هو أحد أهم شعراء العامية المصرية في جيل السبعينيات الأدبي وينتمى فى توجهه السياسي إلى اليسار المصري، وقصائده الشعرية تتسم بالروح الثورية، وتتوجه للبسطاء من أبناء هذا الوطن باعتباره واحدا منهم..  لم يهتم جمعه بإصدار دواوينه الشعرية بل ظل يطوف القرى والنجوع فى الثمانينات وبداية التسعينات يلقى قصائده الشعرية فى الأمسيات التى كان يشارك فيها.
وأضاف عبده الزراع: تعرفت على محمود جمعة فى أواخر الثمانينات من خلال قصائده المنشورة فى الصحف والمجلات، ولفت نظرى بقوة وأحببت أشعاره الثورية التى تحتفى بالوطن، والتقيت به لأول مرة فى منتصف التسعينات فى إدارة المسرح بمنف، وكانت تربطني به علاقة طيبة، ولم نكن صديقين مقربين، ولكنى كنت التقى به كثيرًا فى العروض المسرحية التي كتب أغانيها، ولكنه فى السنوات الأخيرة انغمس أكثر فى الحياة الفنية، وتواجده الدائم للتصوير فى الاستوديوهات.
و قال الفنان المسرحى عضو الفرقة القومية المسرحية بالقليوبية شوقى أبو الخير: بدأ الفنان محمود جمعة مشواره مع الفن في طفولته مثل كل فنانى الأقاليم من خلال المسرح المدرسي ثم مع بداية الثقافة الجماهيرية، وحصل على  جائزة أحسن ممثل في إحدى المسابقات التي كانت تقيمها الثقافة الجماهيرية إلى جانب هوايته كتابة الزجل والأشعار والأغاني، واستمر حتى تخرجه من معهد إعداد الفنيين التجاريين شعبة القانون وعين في النيابة و شارك في حرب أكتوبر ،ولكنه لم يجد نفسه في هذه الوظيفة و استطاع الانتقال إلى الثقافة الجماهيرية بالقاهرة.
وأضاف «أبو الخير»: شارك في تأليف العديد من الأعمال المسرحية الاستعراضية لفرقة القليوبية الاستعراضية منها اوبريت في حب مصر الذى لحنه الفنان سيد مهدى وأخرجه عبد الرازق العاوي  إلى جانب مشاركته بتمثيل دور الفلاح المصرى وشاركه البطولة الفنان مجدى صالح، والجدير بالذكر أن هذا الأوبريت استمر عرضه عامين متتالين  وعرض في العديد من المحافظات وخاصة محافظات القناة والعريش ورفح  في القوافل الثقافية التى كانت تقيمها الثقافة الجماهيرية،  كما كتب العديد من الاستعراضات لفرقة القليوبية للفنون الشعبية و التى مازالت تعرض في المناسبات المختلفة، كما عمل كدراماتورجى لعدد من أعمال الفرقة إلى جانب تأليف الأغاني الخاصة بها، كما كان له دورًا بارزًا فى المسرح الجامعى ببنها.
وأضاف «أبو الخير»:  من المواقف التى لا أنساها أنه طلب منى ترك الإدارة المسرحية وعملي كمخرج منفذ والتفرغ للتمثيل بعد أن شاهد عرض مسرحية «حكاية كل بيت» بطولة الفنان سامح الصريطى وكنت أُشارك بها ممثلًا وأيده في ذلك الفنان سامح الصريطى.

 


إيناس العيسوي