اتفقوا على ضعف ميزانياته وضرورة الاهتمام به المسرح الجامعي في خواطر ممارسيه

اتفقوا على ضعف ميزانياته وضرورة الاهتمام به المسرح الجامعي في خواطر ممارسيه

العدد 824 صدر بتاريخ 12يونيو2023

المسرح هو أبو الفنون، وليس مجرد وسيلة للترفيه والمتعة، وهو أيضًا أداة تنوير ووسيلة لإشباع الدافع إلى المعرفة والاستطلاع من خلال ما تقدمه المسرحية من معارف ومعلومات تشبع هذا الدافع بأسلوب فني شيق، محفز للانتباه.
وقد شهدت خشبة المسرح الجامعي فى مختلف المحافظات البدايات الفنية لعدد كبير من الموهوبين الذين صاروا فيما بعد «نجوم شباك» أو نجوم الصف الأول ومنهم، الزعيم عادل إمام، وقت التحاقه بكلية الزراعة جامعة القاهرة ، كذلك الفنان د. يحيى الفخراني، وفى ثمانينات القرن الماضي بدأ الفنانان خالد صالح وخالد الصاوى حياتهما الفنية فى المسرح الجامعي .. ماذا عن المسرح الجامعي الآن؟ هل مازال بنفس الأهمية؟ هل مازال يلعب الدور الذي أُنشيء من أجله؟ ما سلبياته وإيجابياته؟، «مسرحنا» طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من المخرجين والفنانين «طلبة» المسرح الجامعي والمسئولين عن هذا المسرح 

المخرج المسرحي السعيد منسي قال: يعتبر هو نواة المسرح أو المعمل الذي يتخرج منه أغلب الموهوبين الذين يسلكوا طريقهم ويصبحوا نجوما، أغلب النجوم من  خريجي المسرح الجامعي، وهو يُنمي الموهبة ويوسع الوعي عند الشباب، ويقوم بعمل عامل الجذب، ومهم أن نهتم بالمسرح الجامعي، ومن جامعة لجامعة تختلف قوة المسرح الجامعي، فنجد جامعات تهتم به مثل جامعة القاهرة وعين شمس، وأخرى مهرجاناتها قليلة جدًا، وبعضهم يهملون المسرح الجامعي ويرون أنه ليس أساسيا بالعملية التعليمية، خاصة جامعات الأقاليم، وهناك بعض جامعات الأقاليم تشجع الطلبة على دخول المسرح.
وتابع: هناك بعض موظفي رعاية الشباب ليسوا على وعي أو إدراك بالمسرح، ويعدونه رفاهية وغير هام، وهناك رعايات شباب متفهمة لأهمية المسرح ويساعدون الطلاب ويوفرون لهم كل ما يساعدهم لخوض تجربة المسرح على أكمل وجه.
وأضاف: بدايتي كانت مع مسرح الجامعة في كلية التجارة جامعة المنصورة، وقد قمت بالتمثيل داخل الكلية ثلاث سنوات، بعدها بدأت رحلة الإخراج، وأول عمل أخرجته في الجامعة كان لكلية الهندسة جامعة المنصورة، وحقق نجاحا كبيرا، وكلية الآداب بجامعة المنصورة حققت معها نجاحات كبيرة جدًا، وأخرجت فيها ما يقرب من عشر سنوات، وحصدنا العديد من الجوائز، وشاركت بهم في أول دورة للمهرجان القومي للمسرح، وشاركت في المهرجان القومي بفريق مسرح جامعة المنصورة بأكثر من عرض، بعدها بدأت رحلتي مع جامعة طنطا وحصدت معها العديد من الجوائز، ثم بدأت رحلتي مع مهرجان إبداع الجامعات، وحصل عرض «القروش الثلاثة» لجامعة طنطا عام 2016 على لقب المهرجان القومي للمسرح المصري، أفضل عرض وأفضل إخراج، والعام الحالي شاركت في مهرجان إبداع بعرض «المنفى» بفريق مسرح جامعة طنطا أيضًا، وشاركت في مهرجان إبداع أيضا بفريق مسرح جامعة بني سويف. تجاربي مع المسرح الجامعي تؤكد أن هناك مواهب وطاقات شبابية تحتاج إلى مزيد من الدعم والاكتشاف وتسليط الضوء عليها وعلى هذه التجارب الشبابية.

مصنع النجوم
فيما قال المخرج والمدرب ولاعب المايم الفنان محمد عبد الله: المسرح الجامعي هو مصنع النجوم، قدم لمصر العديد من النجوم منهم الفنان فؤاد المهندس وثلاثي أضواء المسرح والفنان عادل إمام والفنان سمير غانم، وهم من صنعوا تاريخ مصر السينمائي والمسرحي على مر الأجيال، المسرح الجامعي يواجه تحديات كبيرة، منها الميزانية وتجهيز المسارح، ومنها تطبيق الأفكار الجديدة دون اللجوء للأفكار القديمة، المسرح الجامعي توجهه الآن أصبح أفضل بكثير في عرض المشكلات المجتمعية المختلفة، ولكن التحديات التي تواجهه في المقام الأول: الميزانيات، الطلبة يعانون من المسارح وتجهيزاتها، وإدارة الجامعة أحيانًا تتعنّت فلا أحد يعرض العرض خارج أسوار الجامعة، وحتى في حالة السماح به فالميزانية تكون غير كافية لتوفير ثمن إيجار مسرح للعرض عليه.
وأضاف: ورغم كل هذه التحديات إلا أنه مازال مصنع النجوم كل عام، ونتمنى أن تهتم الدولة به أكثر من ذلك، وكما قامت وزارة التربية والتعليم بمبادرة المسرح المدرسي، نتمنى أن يكون لدينا مبادرة المسرح الجامعي، وأن نقدم عروض مسرح الجامعة في جميع محافظات مصر، وندعمها للسفر للخارج لتقديم العروض المميزة في مهرجانات دولية، وقد بدأت رحلتي مع مسرح الجامعة من 2004، وقدمت معه العديد من التجارب التي حصدت العديد من الجوائز، وأفتخر أني ابن المسرح الجامعي، وأتمنى أن نقدم دائمًا عروضًا مميزة من خلال المسرح الجامعي تحترم عقلية الجمهور.

حجر أساس 
وقال المخرج مايكل مجدي: لدي ثلاث مشاركات إخراجية مع المسرح الجامعي، مشاركتان مع كلية إعلام وواحدة مع كلية الطب البيطري، والمسرح الجامعي هو حجر أساس حقيقي، ولكن للأسف نحن نواجه العديد من المشاكل خاصة في مهرجان الجامعة، أهمها الميزانية، وليس الفكرة قلة الميزانية، ولكن أن الميزانيات ليست موحدة، لا توجد عدالة في توزيع الميزانية، بالإضافة إلى أن الميزانيات قليلة جدًا، وعلى سبيل المثال هذا العام إنتاج عرض «ثلاثة مقاعد في القطار الأخير» إعلام القاهرة ميزانية العرض ما يقرب من 30 ألف جنيها وهذا مبلغ ضعيف جدًا لإنتاج عرض مسرحي ضخم، مقابل عروض أخرى تحصل على مبالغ ضخمة، فالمنافسة غير عادلة، إلى جانب عدم وحدة الرقابة، يجب أن يكون هناك هيئة موحدة، أو جهة موحدة للرقابة على النصوص المسرحية المقدمة في الجامعة، بالطبع هناك رقابة على المصنفات الفنية نخضع لها جميعًا، ولكن كل كلية تمارس رقابة مختلفة عن الكلية الأخرى على النص المقدم لها، فنجد بعض الأشياء مسموح بها في كليات غير مسموح بها في كليات أخرى، بعض الكليات تتناول قضايا وكليات أخرى ممنوع أن تتناولها، فمثل ما لدينا جهة واحدة للمراقبة على المصنفات الفنية، يجب أن يكون هناك جهة واحدة للمراقبة على عروض الجامعة، حتى يكون الأمر عادلا، أو نكتفي فقط بجهة الرقابة على المصنفات الفنية.
وتابع: المكان الذي نقوم فيه بالبروفات غير آدمي في بعض الكليات مثل كلية الطب البيطري، كذلك فإن معظم العروض تقدم على مسرح المدينة الجامعية، وهو مسرح سيء جدًا وإمكانياته ضعيفة جدًا، ولكن هناك كليات تمتلك مسرحا تعرض عليه عروضها وتقوم ببروفاتها عليه، كلية التجارة والحقوق والكليات الأخرى تستلم مسرح المدينة الجامعية صباح يوم العرض، ولا يوجد يوم تحضيري يسبق يوم العرض، وبالتالي لا تخرج العروض بالقوة المطلوبة، من وجهة نظري أرى أننا نستطيع تطوير ذلك من خلال توحيد الميزانيات وتطوير المسرح الذي تعرض عليه الجامعات، وتوحيد الرقابة على العروض.
وكذلك قال الفنان ومدرب التمثيل باخوم عماد: هذه تجربتي الأولى لتدريب الممثل مع فرق المسرح الجامعي، وقد قمت بخوضها مع فريق مسرح كلية الإعلام جامعة القاهرة في عرض «ثلاثة مقاعد في القطار الأخير»، ووجدت من خلالها أن فريق المسرح الجامعي يتلوث تمثيليًّا من التجارب السابقة، هناك أفكار مغلوطة عن التمثيل، وهذا مرهق جدًا، وقد حاولت أنا ومخرج العمل أن نعيد تشكيل ذلك، ويجب أن يتم الاهتمام بوجود مدرب تمثيل مع فريق مسرح الجامعة، أحيانا بعض المخرجين لا يهتمون بذلك، على الرغم من أن دوره مع طلبة الجامعة في غاية الأهمية.
وتابع: يجب أن نمنح حرية أكبر للأفكار المطروحة  ولا نعترض على أفكار مسموح بها، بالتأكيد مسرح الجامعة له ضوابط وأخلاقيات، ولكن الأفكار وهموم الشباب ومشاكلهم إن لم تخرج في أعمالهم فأين تخرج، ويجب أن يتم اختيار المخرجين بعناية، وغير المتخصص يقام له مقابلة للتأكد من خلفياته ومعلوماته الفنية أولًا، إلى جانب أنه يجب أن يتم إعطاء مهمة النشاط الجامعي لكوادر فنية مدركة لأهمية هذا النشاط. مسئول النشاط الفني يجب أن يكون مدركا لأهميته وعلى وعي ودراية به.

علاقات 
قالت إسراء سامح الطالبة بالفرقة الرابعة كلية الإعلام جامعة القاهرة: علاقتي بالمسرح الجامعي بدأت من العام الأول، كل عام كُنا نقدم عرضا وفي عامي الثالث قدمت عرض «ليلة مرصعة بالنجوم»، وفي العام الرابع قدمنا «أرض زيكولا»، و»ثلاثة مقاعد في القطار الأخير» إخراج مايكل مجدي، وشاركنا بالأخير في مهرجان جامعة القاهرة المسرحي للعروض الطويلة، ومميزات المسرح الجامعي أننا نختلط بخبرات مختلفة تعلمنا الكثير، وهذا يجعلنا نرى المجال من الخارج بكل تفاصيله، والمسرح الجامعي يمتاز بالروح والراحة، وكأننا نجلس في منازلنا، هناك مساحة من الراحة والاستقرار، وهذا ما يجعل المسرح الجامعي مختلف عن التمثيل خارج أسواره، وهو مسرح تأسيسي وتعليمي، يُرسخ بداخلنا أساسيات المسرح بشكل سليم، ونستفيد بورش التمثيل التي تقدم أولًا.
وتابعت: ضغط الوقت هو أكثر المشاكل التي تواجهنا، وربما نشعر بذلك أكثر عند المشاركة في المهرجان، إلى جانب أن الدراسة والمسرح معًا يحتاجان إلى مجهود كبير و إلى استعداد لتحمل هذا الضغط، ومن وجهة نظري أرى أننا نحتاج أن يكون لكلية إعلام مسرح مستقل، وأن يكون هناك اهتمام أكثر بنشاط التمثيل، لأن إعلام هي واجهة الكليات، لذا نحتاج أن يكون لدينا مسرح مستقل مثل كلية التجارة والحقوق، بالإضافة إلى المزيد من الدعم المعنوي والمادي.
فيما قالت ياسمين أشرف الطالبة بالفرقة الثالثة إعلام القاهرة: المسرح الجامعي هو أساس المسرح، ويجعلنا نتعلم التمثيل ويطور منّا، معنا مدربين للتمثيل، إلى جانب التشجيع الدائم، والتنافس بين الكليات يخلق المزيد من التعلم والتركيز بهدف التميز والحصول على جائزة، ومسرح الجامعة يُعلمنا الاحترام، يجعلنا نحترم الخشبة التي نقف عليها، ونحترم مواعيد البروفات، ونتعلم أساسيات نسير عليها. 
وأضافت: التحقت بالتمثيل في المسرح الجامعي بالصدفة العام الماضي، وبدأت في التركيز على الارتجال، وعرضت أربعة عروض، وبعد كل عرض دائمًا تأتيني فرص للعمل في مسرحيات خارج أسوار الجامعة.
وتابعت: سلبيات المسرح الجامعي، أن ليس في يد الطلبة أن يختاروا المخرج، أحيانًا كثيرًا يكون المخرج مفروض علينا، وأحيانًا يكون هذا الفرض من خلال رعاية الشباب، وهذا بشكل عام، أرى ذلك من السلبيات، إلى جانب أن الميزانيات ضعيفة، وأحيانًا دكتور الجامعة لا يهتم أو يقدر أن الطالب يقوم بنشاط مهم، أحيانًا يضطر الطالب للغياب من المحاضرة من أجل البروفات، وللأسف الدكتور لا يقدر ذلك ويؤثر ذلك على الدرجات، لا يعترفون بالاعتذارات المكتوبة أو الاستثناءات هذا يجعل البعض يبتعد عن الأنشطة التي تستغرق وقتا ومجهودا مثل المسرح، ربما ذلك هو أكثر شيء سلبي في مسرح الجامعة، وأتمنى أن تهتم وزارة الثقافة أكثر بمسرح الجامعة، يتخرج منه ممثلون حقيقيون، وللأسف مسرح الجامعة لا يراه إلا طلبة الجامعة ومن يعملون فيه، نتمنى أن نُرى بشكل أفضل، وأن يتم تسليط الضوء علينا. 

رعاية الشباب
فيما قالت منال صلاح شحاتة أخصائية فنون بالإدارة العامة لرعاية الشباب بجامعة طنطا: مسرح الجامعة يتخرج فيه شباب موهوب جدًا، وفيما بعد يحترف سواء في التمثيل أو الإخراج أو الديكور، والمهرجانات الجامعية تنقسم إلى نوعين داخل الجامعة، أحدهما للمحترفين، بمعنى أن كل العناصر تكون من خارج الجامعة ما عدا الطلبة فقط، والمهرجان الآخر هو الطُلابي، وكل عناصره من الطُلاب، والمهرجانات المسرحية تخلق روحا من التعاون والود بين الفرق ، وهذا ما يحدث في مهرجانات جامعة المنصورة. المهرجان الأول الخاص بالمحترفين يفيد الطلبة وينقل لهم خبرات المحترفين من الذين يخرجون لهم أو من مدربي التمثيل وهكذا.
وأضافت: فيما يتعلق بدور رعاية الشباب، فنحن نضع لائحة يجب الالتزام بها، وهم بالفعل يلتزمون وأكثر، خاصة الالتزام بعدم احتواء النصوص ألفاظا خارجة ، وكذلك الملابس ، لأن كل ذلك يتم تقديمه داخل حرم جامعي، وفي حالة تقديم الاستعراض، يجب أن يكون في حدود الآداب العامة للمسرح، والجامعة توفر دعما ماديا مناسبا للعرض، وكل فريق مسرح يتم تمرينه في كليته، والمسرح يتوفر للبروفات، إلى جانب توفير بدلات للطلبة المشاركين في نشاط المسرح، وتوفير مكان للمبيت لمن يحتاج لذلك في المدينة الجامعية، ومن وجهة نظري أرى أن السلبيات تتم عندما نفتح الحضور للجمهور، يتسبب ذلك في الزحام ونحاول أن تكون الأولوية للطلبة لمشاهدة النشاط الخاص بهم أولًا، والحقيقة أن الطلبة مستفيدون جدًا من النشاط المسرحي، ويتم اختيار المتميزين ويُشكل منهم منتخب مسرح الجامعة. وهذا العام شاركنا في مسابقة إبداع بعرض «المنفى» إخراج السعيد منسي، الذي استطاع بمجهوده والتزام فريق مسرح طنطا وحبهم للتمثيل أن يحصلوا من خلال عرض «القروش الثلاثة» على أفضل عرض في المهرجان القومي عام 2016، ونحن كرعاية شباب دائمًا نحاول جاهدين أن نوفر للطلبة المناخ المناسب لممارسة النشاط المسرحي، والذي يلقى إقبالا كبيرا منهم.
وختامًا قالت مديرة النشاط الفني بجامعة بني سويف: في إدارة النشاط الفني لدينا أكثر من نشاط منهم النشاط المسرحي، الذي نهتم به ونعطيه وقتًا ومجهودًا، والاهتمام الأكبر يكون بفريق المسرح، أبو الفنون الذي يقدم رسالة مهمة جدًا، والجزء الأكبر من ميزانية النشاط الفني تذهب إلى المسرح، فنحن مدركين أهمية المسرح الجامعي، فهو المتنفس للشباب ليخرجوا طاقاتهم ومواهبهم، وهو رسالة قوية للمجتمع وللشباب، لذلك نحاول جاهدين أن نوفر كل الإمكانيات المتاحة ، سواء من الماديات أو المناخ أو التسهيلات للطلبة للتوفيق بين دراستهم وحضور محاضراتهم ووقت البروفات، ولا أجد سلبيات تواجه المسرح الجامعي بقدر طاقة التعاون والود والمحبة بين كل عناصر هذا النشاط من إدارة الجامعة وإدارة النشاط الفني والطلبة، ليخرج هذا النشاط على أعلى مستوى وأفضل شكل يليق به.


إيناس العيسوي