العدد 808 صدر بتاريخ 20فبراير2023

حول قيم تعزيز الانتماء والتعاون  لدى الطفل والتضحية في سبيل الوطن ونبذ الطمع والأنانية، والدعوة لحب الغير في عرض مسرحي للطفل والأسرة. على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي قدمت فرقة الإسكندرية المسرحية, بقيادة المخرج / محمد مرسي, والتابعة للبيت الفني للمسرح مسرحية الأطفال «الملك همام وعصابة الضباع» من تأليف وإخراج/ إيهاب مبروك.
 تدور أحداث العرض في الغابة بين الحيوانات حيث تطمع عصابة الضباع في الاستيلاء على خيرات مملكة الملك الأسد «همام». وهو لديه ابنان؛ أحدهما «أسامة» وهو يتولى شئون إمارة الشمال لأن الحيوانات المفترسة بها تحمي كل الغابة بكل الحيوانات بها. والابن الثاني «فارس» يتولى شئون إمارة الجنوب وهي بها الحيوانات الأليفة ويتوفر بها الماء والغذاء لكل حيوانات الغابة. فيوجد تكامل بين الاثنين ويحكم الملك “همام” بالعدل والمساواة بين جميع حيوانات الغابة. وتطمع عصابة الضباع في التحكم في ملك الغابة وهي تعلم أن الثعلب مكار وله أطماع, حيث يظهر الثعلب «هجرس» المسئول عن نقل الخضار والمأكولات من إمارة الجنوب إلى إمارة الشمال. لكنه يرى أن قدراته تفوق هذا العمل بكثير فهو غير مناسب لإمكانياته, ولديه طموح أن يصبح هو وزير المملكة. ولأن عصابة الضباع تعرف هذا فعقدت معه اتفاق أن يساعدونه في تحقيق طموحه مقابل أن يبلغهم أولا بأول بتفاصيل كل ما يحدث في المملكة في حين يقوم زعيم الضباع في الخفاء بتجهيز جيش كبير من الحيوانات المتوحشة للاستيلاء على غابة الأسد «همام» والحصول على ثرواتها وخيراتها. في ذاك الوقت يجتمع الأسد «همام» بولديه “أسامة” و”فارس” حيث يرى أنه قد كبر في السن ويريد أن يولي أمر الغابة لأحدهما. 
وانتهز الثعلب الفرصة للوقيعة بين الأخوين بإقناع كل منهما بأنه الأحق من أخيه بالملك. ونجح في ذلك. فقرر الملك أن يترك لكل منهما فرصة بأن يحكم إمارته لوحده لمدة عام دون مساعدة منه أو من اخيه ومن يحقق ذلك فهو الأجدر بالحكم. بعد ذلك تقوم عصابة الضباع بالهجوم على إمارة الشمال ومحاصرتها  ومنع المؤن عنها حتى استولوا عليها وأسرو أميرها الأسد “أسامة” كما اسروا أمير الجنوب “فارس”. 
ومع الأحداث نكتشف أن الملك «همام» قد أخذ حذره وحيطته وقام بتخزين نصف مؤن إمارة الجنوب لديه واحتفظ بنصف جيش الشمال عنده. مما مكنه من محاربة عصابة الضباع واستعادة مملكته. ويعترف الأخوين بخطأهما ويقران بأهمية للتعاون بينهما وضرورة اجتماع القوة مع الغذاء والثروة للحفاظ على الوطن وحمايته. 
العرض تم تناوله بشكل غنائي استعراضي, ويقوم فيه الفنان/ رضا إدريس بدور راوي يحكي الأحداث لطفلين ويقوم المطرب/ إبراهيم الملاح بالتعليق  على الأحداث من خلال الغناء والمواويل.
تصمم الديكور لوليد السباعي عبارة عن بانرات تتسع باتساع المسرح تحمل خلفيات مختلفة للغابة, مع استخدام موتيفات بسيطة لبعض الأماكن للتعبير عن مكان كل حدث من الأحداث. على اليمين توجد مكتبة وهي تمثل بيت الحواديت التي يحكيها رضا إدريس للأطفال, وعلى اليسار محل ورد خاص بالمغنواتي إبراهيم الملاح. وهذه تمثل أماكن الرواة.
 يدخل الحكواتي (رضا إدريس) صاحب المكتبة من الصالة ويدعو الاطفال لممارسة القراءة من خلال استعراض غنائي. حيث يحتوي العرض على حوالي إحدى عشر أغنية ونجد أن الأغاني التي كتبها الشاعر/ كامل أبو الفتوح هنا هي من ضمن نسيج الحدث الدرامي وليست دخيلة عليه أو زائدة عن الحاجة, فمثلا مع دخول الثعلب «هجرس» يحدث استعراض غنائي يصف شخصيته وطموحه وأطماعه . وأيضا استعراض لزعيم الضباع يصف حياتهم القائمة على النهب والسرقة. وحققت الألحان للفنان/ هشام زيتون حققت البهجة للأطفال مع التأثير الدرامي المناسب لها.  وتعمل مواويل المغنواتي إبراهيم الملاح على وصف الأحداث وشرحها للأطفال المشاهدين وهو يمتلك صوت جميل يجذب الكبار والصغار.
أما الإضاءة التي صممها محمد المأموني واعتمدت على الإنارة في أغلب الأحيان  فقد استخدم إضاءات خاصة مناسبة في بعض اللحظات الدرامية المهمة مثل مشاهد حوار الثعلب مع الجمهور, ومشهد المواجهة بين الأميرين «أسامة» و»فارس» بعد الفتنة والوقيعة بينهما بإضاءة مناسبة ومتناسقة مع الموسيقى التحذيرية والحركة المعبرة عن المشاحنة والخلاف بينهما حيث يدوران حول بعضهما في دائرة مع التحفز للانقضاض. وكذلك في مشهد الحرب وانتصار الملك همام واستعادة الغابة. وعلى مستوى  الحركة التي صممها المخرج نجد أن الحركة حادة وصريحة بين الملك وأولاده وخطوط المواجهة واضحة بينهم. أما الثعلب فخطوط حركته ملتوية وثعبانية للدلالة على المكر والدهاء. كما صمم الاستعراضات الفنان/ محمد ميزو بشكل تعبيري مناسب للحدث الدرامي, وامتازت الاستعراضات بالحيوية والتدفق الحركي وجمال التصميم الدرامي لها وتعبيره عن الحدث.
ومن أهم ما يميز العرض الملابس التي صممها وليد السباعي وهو مصمم الديكور أيضا  فقد تم تصميمها بحيث يكون النصف الأعلى من الوجه حيواني والنصف الأسفل للجسم بشري (صممت ماسكات الرأس هبة توفيق) مع الاحتفاظ لسمة الحيوان بها لتحقيق الوسطية بين الحيواني والبشري لتسهيل مخاطبة الطفل.
أجاد الممثلون في أدائهم لأدوارهم وكان كل ممثل مناسب لدوره , حيث أدى الفنان الكوميدي رضا إدريس دور الحكواتي، والمطرب إبراهيم الملاح دور المغنواتي, وتميز أيضا في الأداء إيهاب يونس، مهند مختار, جهاد محمد، يحيى عرفة، محمد سعيد, يحيى حسن, الأطفال: لارا, نورسين, بياترس, سيد عادل, محمد محيي, مريم إيهاب, إدارة مسرحية أدوار ثانوية: حسام علاء الدين, إيوان, أحمد محمد السيد, نجوى أحمد, أحمد وليد, ياسر عرفة.
عرض مسرحية الملك همام وعصابة الضباع عرض جيد يحث على التمسك بالقيم الأخلاقية وغرس الوطنية والانتماء في قلوب الأطفال في إطار كوميدي استعراضي غنائي يخاطب الطفل والأسرة معا.