العدد 808 صدر بتاريخ 20فبراير2023
من تابع رحلته مع مسرح الثقافة الجماهيرية يدرك تمامًا ماذا يعني أن يقدم المخرج أحمد عبد الجليل عرضا جديدا، وماذا تعني مشاركة هذا العرض في المهرجانات الإقليمية التي تقيمها إدارة المسرح سنويا، أو في غيرها من المهرجانات.. سيقول لك هذا المتابع: سيحصل عبد الجليل على الجائزة. ذلك أول ما كان يتوقعه المتابعون لتلك المهرجانات، ولعروض عبد الجليل، فهو إما يحصل على الجائزة، أو ينافس عليها. أطلقوا عليه (صائد الجوائز) ذلك فضلا عن تلك المتعة التي تحققها عروضه لجمهورها، والتي يعدها عبد الجليل جائزته الكبرى والأهم.
سألته أولًا بوصفه صاحب فكرة مهرجان المنصورة المسرحي، والحالم بإقامته: كيف كانت البداية؟
فقال: كانت فكرة إقامة مهرجان مسرحي باسم المنصورة تراودني منذ سنوات طويلة ، ناقشتها مع عدد من الأصدقاء الذين كانوا يشجعونني ومنهم الراحل د. محمود نسيم، والمخرج الراحل فهمي الخولي، وأستاذي د. حسين عبد القادر، كما كان المرحوم فتحي هاشم صاحب دار نشر جزيرة الورد يشجعني كذلك بالإعلان عن استعداده طباعة الإصدارات مجانا، ولما رحل كل هؤلاء في هوجة « الكورونا « اللعينة، إنتابني الخوف وخشيت أن يرحل الحلم أيضا فصممت على تحقيقه، وفاء لكل هؤلاء الداعمين والمشجعين للفكرة. عرضت الفكرة على السيدة إيمان أبو الغيط مدير مكتبة مصر العامة فتحمست لها وعرضت الموضوع على السيد الوزير المحافظ د. أيمن مختار الذي فاجأنا بأنه يحمل الفكرة ذاتها ويفكر في تنفيذها ويحلم بأن يكون للمنصورة مهرجانها، فتلاقت رؤانا وشرعنا في العمل. تشكلت اللجنة العليا برئاسة السيد الوزير، وكذلك اللجنة التنفيذية برئاسة عضو مجلس النواب أحمد الشرقاوي الذي كان متحمسا أيضا، وهو ما تجلى فيما بذله من جهد ووقت في استخراج تراخيص الأوراق وإنهاء كافة الإجراءات اللائحية والقانونية المتعلقة به، و إيمان أبو الغيط أمينا عاما. استغرق التحضير لإقامة الدورة الأولى ما يزيد عن عام ونصف، وأقيمت الدورة بنجاح برئاسة شرفية لدكتور أيمن الشيوي، وسط دهشة الجميع، ومع ذلك فقد هاجمنا البعض هجوما غير مبرر، ولم يكن لديهم غير كلام فارغ لا معنى له، أولئك الذين في قلوبهم مرض، فاشلون وكانوا يتمنون لنا الفشل، ولكن نصرنا الله ونجحنا بالرغم منهم.
ولكن ماهي الدوافع التي جعلتك تفكر في إقامة المهرجان؟
أولا عشقي لبلدي المنصورة، ورغبتي أن أقدم لها شيئا كبيرا ومستمرا، يبقى من بعدي، فوجدت أن إقامة هذا المهرجان الدولي يحقق ذلك، كذلك أردت أن تتذكر الأجيال الحالية من مسرحيي المنصورة ما قدمته الأجيال السابقة للمسرح، وهو ما أردت تحقيقه من خلال اطلاق أسماء رواد ورموز الفن المسرحي في المنصورة على الجوائز، فيكون لكل منهم جائزة تحمل اسمه في المهرجان، ذلك فضلا عن خدمة الحركة المسرحية في مصر عامة، وفي المنصورة خاصة بإضافة مهرجان دولي جديد لها، وهو بالتأكيد يثري هذه الحركة.
ما الإضافة التي قدمتموها في هذه الدورة إلى المهرجان؟
كان اهتمامنا بالإعلام أكثر، وقد قام الإعلامي وليد حسني بالترويج للمهرجان بشكل موسع في محطات مصرية وعربية كثيرة، أوجد زخما حول المهرجان، كما تواصلنا مع الدول العربية ودعوناها للمشاركة، وتولت الكاتبة صفاء البيلي هذه المهمة، بوصفها عضو اللجنة العليا للمهرجان، كذلك من الإضافات التي أعدها شديدة الأهمية إصدار نشرة يومية لمتابعة فعاليات المهرجان، يرأس تحريرها الإعلامي والناقد المسرحي يسري حسان.
تحدثنا عن المهرجان.. ماذا عنك أنت وماذا عن بدايتك الفنية؟
بدأت ممارسة المسرح في فرقة المنصورة عام 1964 ، كنت طفلا صغيرا، ومن المصادفات التي صنعتني أن شاركت في عرض من إخراج عبد الغفار عودة، وهو» موت بلا قبور» لجان بول سارتر، وكان أول عرض لي، الأمر الذي جعلني أتعامل مع المسرح بجدية شديدة، خاصة وقد كان رواد المسرح في المنصورة يحيطون بي ويعلمونني. بعد ذلك بفترة عملت مساعد مخرج مع عدد كبير من رموز الإخراج حتى تأهلت لممارسة الإخراج المسرحي.
هل يمكن أن تذكر لنا عددا من عروضك التي تعتبرها مهمة في مسيرتك؟
نعم، هناك عرض « الزير سالم» الذي حصل على أول أوسكار تمنحه الثقافة الجماهيرية، وقد قدمته مع فرقة سماد طلخا، و» شحتوت العظيم» للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم الذي ظل مقيما في المنصورة لمدة ستة أشهر في مرحلة إعداده وتنفيذه، وهناك « الموت وفارس الملك» لسوينيكا، مع فرقة غزل المحلة، وهو العمل الذي حصلت به على الأوسكار الثاني من قصور الثقافة، وهو العرض الذي قدم رؤيته الموسيقية الفنان الكبير انتصار عبد الفتاح، كذلك قدمت « شبح الأوبرا « لفرقة الاسماعيلية القومية، وهو العرض الذي ستظل الإسماعيلية تذكره ، وكذلك كل من شاهده لما حققه من إبهار.. هناك أيضا» عنترة» ليسري الجندي، والبؤساء، ومعظم هذه العروض حصدت جوائز مهمة.
منذ متى وأنت تمارس الإخراج المسرحي وما عدد العروض التي أخرجتها تقريبا؟
أمارس الإخراج المسرحي منذ 1986، وأخرجت 132 عرضا، بالثقافة الجماهيرية ،والجامعات والمعاهد العليا، والقطاع الخاص، كما أخرجت على مسرح الهناجر.
هل تميل إلى أسلوب بعينه في إخراج عروضك؟
نعم، أميل إلى عروض» الجراند ميزانسين» والمسرح الغنائي، ومنها قدمت «شبح الأوبرا» في الإسماعيلية، عام 69 ، وآخر أيام سقراط، مع فرقة المنصورة التي قدمت معها أيضا الجنيه المصري لبديع خيري.
أطلق عليك كثيرون لقب «صائد الجوائز» هل يمكن أن تذكر ما حصلت عليه منها في مشوارك؟
لا أذكر بالطبع كل الجوائز التي حصلت عليها بدقة، ولكن ما أتذكره أني حصلت على الأوسكار الذي تمنحه قصور الثقافة ثلاث مرات من أربع مرات فقط أقامته الهيئة، كما حصلت على المركز الأول في مهرجانات قصور الثقافة خمس مرات متتالية، وخمس مرات متفرقة، هذا إلى جانب جوائز أخرى حصلت فيها على المركز الثاني والثالث.
هل لديك مشروعات إخراجية الآن ؟
الآن أنا متفرغ للمهرجان، وأعتبره الأهم، حيث أريد أن أترك شيئا لأبنائي من فناني المنصورة والاجيال الجديدة، وهو يحتاج إلى تفرغ.
كيف ترى رحلتك مع المسرح؟
الرحلة كانت طويلة، وأزعم أني حافظت فيها على ما علمني إياه الرواد، من جدية وإخلاص وانضباط وتفان في العمل.
ما لذي تتمنى تحقيقه بعد أن حققت حلم إقامة هذا المهرجان؟
أتمنى أن أستأنف إقامة مهرجان مسرحة القصة القصيرة الذي أسسه الرواد في 1990، وتوقف عام ألفين، كما أتمنى إقامة مهرجان للغناء، استغلالا لتوفر عناصر غنائية رائعة في المنصورة ، وهناك بالفعل اتصالات مع نقابة الموسيقيين لتحقيق ذلك .