التاريخ المجهول لمسارح روض الفرج (7) مواسم فرقة الكسار الأخيرة

التاريخ المجهول لمسارح روض الفرج (7) مواسم فرقة الكسار الأخيرة

العدد 798 صدر بتاريخ 12ديسمبر2022

ظل علي الكسار يعمل بأسلوبه المعتاد، بحيث يعرض مسرحياته ماتنيه في الكازينو بروض الفرج، وسواريه في المسرح بشارع عماد الدين في اليوم نفسه! وبمرور الوقت حدثت بعض الاختلافات مثل التمثيل كان يوماً في روض الفرج والآخر في شارع عماد الدين، أو أن يجعل التمثيل في روض الفرج أياماً محددة من كل أسبوع. والسبب في ذلك راجع إلى وجود منافسة شديدة بينه وبين أهم من قلد شخصية البربري، وهدد الكسار وشهرته كثيراً ولعدة سنوات، وهو «فوزي منيب» الذي اتخذ لنفسه لقب «بربري مصر الراقي» - أو العصري - مقابل لقب الكسار «بربري مصر الوحيد»!!
وهذه المنافسة سنتوقف أمامها كثيراً عندما نتحدث عن فوزي منيب، وسأكتفي هنا فقط بالإشارة إلى كلمة نشرتها مجلة «الصباح» في مايو 1933، قالت فيها:
«تبدأ فرقة الكسار عملها على مسرح كازينو سان أستفانوا بروض الفرج في يوم الخميس أول يونية. وبهذه المناسبة كان قد أشاع البعض أن الأستاذ «علي الكسار» أرسل إلى أصحاب كازينو سان أستفانوا يبلغهم أنه لا يمكنه العمل به ما داموا قد اتفقوا مع «فوزي منيب» ليعمل بجانبه بكازينو ليلاس بدون أخذ رأيه. والأستاذ علي الكسار ينفي هذه الإشاعة ويعلن أنه يسره أن يعمل بجوار فوزي منيب في أي مكان ليفرق الجمهور بين الاثنين، ويعرف فوزي مركزه فلا يطلق على نفسه في المستقبل لقب «بربري مصر الراقي»»!!
ومن الواضح أن فوزي منيب كان منافساً مهماً، لذلك استعد له الكسار استعداداً كبيراً لجذب أكبر عدد من الجمهور!! فلم يكتف الكسار بعرض مسرحياته، بل أضاف إليها فقرات فنية واستعراضية وغنائية متنوعة، مثل: فرقة «مزاي» الاستعراضية المتكونة من عشرين راقصاً وراقصة. وفقرات للألعاب الرياضية وبالأخص المصارعة من الأستاذ عبد الحليم محمود وأولاده. وبعض ألعاب السيرك مثل ألعاب البسكليت المسحور من الأستاذ محمد حسين. هذا بالإضافة إلى الإسكتشات، والمونولوجات، والرقص الشرقي، والطرب!! وإحقاقاً للحق يجب أن نقول: إن هذه الإضافات وافق عليها الكسار ضمن عمله في كازينو روض الفرج، ولكنها لا تدخل ضمن بروجرامه في مسرحه بشارع عماد الدين، لأن أغلب الألعاب والأغاني والاستعراضات المذكورة في الإعلانات كانت تُقدم في قهوة الكازينو الخارجية، ولا تُقدم على خشبة المسرح داخل الكازينو.
ومهما يكن من أمر هذه الإضافات إلا أنها مهمة جداً في مجال الوقوف ضد منافس قوي مثل «فوزي منيب»، الذي أثر على الكسار تأثيراً كبيراً، جعل صاحب الكازينو يخفض راتب الكسار وأفراد فرقته!! وهذا ما ذكرته مجلة «المصور» في يونية 1934، قائلة: وقع شيء من سوء التفاهم بين الأستاذ علي الكسار وبين صاحب الكازينو الذي يعمل به في روض الفرج حول المرتبات التي يتقاضاها ممثلو الفرقة. وقد رضى الكسار أن ينزل المرتبات عشرين في المائة، ومع ذلك لا يزال صاحب الكازينو يتشدد في تنزيل آخر!!
وفي العام التالي 1935 ظهر منافس آخر للكسار، وهو «يوسف عز الدين»، وقد ذكرنا الموقف الذي حدث بينهما أثناء عملهما متجاورين عندما تحدثنا عن يوسف عز الدين من قبل، فلا داعي لإعادة ما قلناه، ونقفز إلى صيف سنة 1939 لنقرأ إعلاناً منشوراً في جريدة «أبو الهول»، جاء فيه: تبدأ فرقة الأستاذ علي الكسار بإحياء حفلاتها بمصيف روض الفرج بكازينو سان أستفانو من يوم الخميس 11 مايو، وستواظب في الوقت نفسه على إحياء حفلات «السواريه» بمسرح الماجستيك، وستقوم بتمثيل الأدوار الأولى في المسرحين المطربة النابغة السيدة «حياة صبري». أما المنولوجست المشهورة «فتحية محمود» فإنها ستظل في فرقة الأستاذ علي الكسار حتى يوم 17 مايو ثم تسافر إلى الإسكندرية للعمل بكازينو كوت دازور.
وفي منتصف يوليو نشرت مجلة «الصباح» تفاصيل أخرى تحت عنوان «فرقة الكسار بين روض الفرج وعماد الدين»، قائلة: كانت فرقة الأستاذ علي الكسار قد بدأت عملها في مصيف روض الفرج مع مواصلة عملها أيضاً بمسرح الماجستيك بشارع عماد الدين، على أساس أن يدفع أصحاب كازينو روض الفرج مبلغ عشرة جنيهات يومياً، ابتداء من أول يونية إلى المسيو كوستى مدير مسرح الماجستيك، الذي يتولى دفع رواتب الفرقة بجميع أفرادها. أما الأستاذ علي الكسار فله مبلغ خاص يتقاضاه يومياً عن عمله في روض الفرج وفي مسرح الماجستيك. وقد حدث أن أصحاب كازينو روض الفرج لم ينفذوا عقدهم مع الأستاذ علي الكسار، ولم يدفعوا العشرة جنيهات المتفق على دفعها يومياً، فأظهر المسيو كوستى استياءه وطلب أن تكون الفرقة على حساب الأستاذ علي الكسار، وليس له دخل في إدارة الفرقة ومختلف شئونها. وقد بدأ العمل على حساب الكسار فعلاً من يوم السبت الأسبق في مسرح الماجستيك. على أننا لا ندري حتى الآن الأسباب التي جعلت الأستاذ علي الكسار لا يطالب أصحاب كازينو روض الفرج بتنفيذ العقد الذي ارتبط به معهم، والذي يقضي بأن يدفعوا له عشرة جنيهات عن كل يوم؟!
وإذا تركنا هذا الأمر وسألنا: هل هناك فرق كبير بين ما يُعرض في الماجستيك وبين ما يُعرض في روض الفرج من فرقة علي الكسار؟ الإجابة وجدتها في إعلان في هذا الصيف، هذا نصه: ابتداء من الاثنين 5 يونية سنة 1939 والأيام التالية، كازينو وكباريه ماجستيك، شارع عماد الدين، فرقة الأستاذ علي الكسار، إدارة عبد العزيز محجوب، بروجرام الأسبوع رواية «عامل التليفون» اقتباس علي الكسار، إسكتش «المصوراتي» بقلم محمد شكري، تلحين سيد مصطفى، رقصة «يا ساهر» بقلم أنيس أمين، تلحين حسن سلامة. أوركستر رئاسة المسيو باسترينو، تخت آلات رئاسة رضا إبراهيم، مدير المسرح محمد شكري، معلم الرقص المسيو كلاداكس، كل يوم حفلة نهارية بكازينو «سان أستفانو» بروض الفرج، أبطال الفرقة: علي الكسار، حياة صبري، حسن سلامة، الراقصة زوزو محمد، نعمات المليجي، نوسة أحمد، وداد فهمي، المطربة إخلاص جمال، عايدة محمد، منيرة جلال، منيرة لطفي، عواطف محمد، سعاد محمد، الراقصة ماري الجميلة، الراقصة كيكي، منولوجات من منيرة جلال وفاطمة ونبوية.
ورغم اشتعال الحرب العالمية الثانية، إلا أن مسارح روض الفرج لم تتوقف، بل ازدهرت أكثر في عملها، ونشرت المجلات إعلاناتها وأخبارها مثل مجلة «الصباح» التي قالت عنها في صيف 1941 تحت عنوان «فرقة الأستاذ علي الكسار بكازينو سان أستفانو بروض الفرج»: كان وجود فرقة عقيلة راتب في مصيف روض الفرج من الأسباب التي جعلت الأنظار تتجه إلى هذا المصيف بعد أن ظل مهجوراً منذ وقت طويل وقد تعاقدت فرقة الأستاذ علي الكسار على العمل بكازينو سان أستفانو بروض الفرج وسيبدأ عمل الفرقة من يوم الخميس 14 يوليو مع مجموعة من الممثلين والممثلات وقد اتفق مع المطرب إبراهيم حمودة، ولكنه لم يتفق بعد مع ممثلة أو مطربة أولى!
وتابعت المجلة الموضوع في الأسبوع التالي من خلال إعلان، جاء فيه: على مسرح كازينو سان أستفانو بروض الفرج «فرقة الأستاذ علي الكسار» من الأحد 3 أغسطس والأيام التالية. كل يوم رواية جديدة، إسكتشات تمثيلية، استعراضات راقصة. يقوم بتمثيل الأدوار مجموعة من نوابغ الممثلين والممثلات مع مجموعة ممتازة من مشاهير المنولوجست وعلى رأسهم المطرب المحبوب «إبراهيم حمودة» والمنولوجست البارعة «بديعة صادق»، والمونولوجست المشهورون: حسين ونعمات المليجي، سيد سليمان، محمد إدريس. ترفع الستار كل ليلة في الساعة السابعة والنصف تماماً.
وفي صيف 1942 تابعت مجلة «الصباح» إعلاناتها عن الكسار، قائلة: فرقة الأستاذ الكسار بكازينو سان أستفانو بروض الفرج، كل ليلة رواية جديدة. مجموعة من كبار الممثلين والممثلات والمطربين والمنولوجست، على رأس الفرقة «الأستاذ علي الكسار» الممثل الكوميدي المحبوب، إبراهيم حمودة، زيزي سعيد، منولوجات فريدة في نوعها من المنولوجست الصغيرة «سعيد حسين»، موزيكهول فني شامل بين الرقص الشرقي والرقص الأوروبي والإسكتشات والاستعراضات، وسط راقي، تجديد مستمر. وبعد أيام أُضيف إلى الإعلان الآتي: تنويم مغناطيسي وألعاب سحرية الأولى في نوعها من «الدكتور سعيد».
وفي صيف 1943 نشرت مجلة «الصباح» إعلاناً، جاء فيه: فرقة الأستاذ علي الكسار بكازينو سان أستفانو بروض الفرج، الافتتاح الأحد 23 مايو الافتتاح العظيم، كل يوم رواية جديدة، يقوم بأهم أدوارها كبار الممثلين والممثلات في مقدمتها الأستاذ علي الكسار، سعاد حسين، عبد العزيز أحمد، محمد شوقي، بهية حجازي، رجاء محمد. المنولوجست البلدي «شكوكو» لأول مرة بمسارح القاهرة، رقص شرقي من نوابغ الراقصات الشرقيات: سنية محمد، سميرة محمود، وهيبة حسن، ألعاب سحرية ومغناطيسية من الأستاذ الدكتور سعيد الذي تشرف بتقديم ألعابه أمام جلالة الملك. أماكن خاصة للعائلات، مواصلات سهلة لأول مرة يرى الجمهور فرقة الكسار في تكوينها الجديد.
وفي صيف 1944 نشرت مجلة «الاثنين والدنيا» إعلاناً للكسار بروض الفرج، أهم ما فيه أن الفرقة ضمت إليها إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو! وهذا نص الإعلان: علي الكسار وفرقته في عهدها الجديد، سعاد حسين، فايزة رشدي، بديعة صادق، لطيفة نظمي، سونيا رشدي، رجاء محمد، إبراهيم حمودة، إسماعيل ياسين، عبد العزيز أحمد، فهمي أمان، محمود شكوكو، عبد الحليم القلعاوي، الدكتور سعيد.
وفي صيف 1945 اهتمت مجلة «الصباح» بفرقة الكسار في روض الفرج اهتماماً خاصاً، بدأته بنشر إعلان قالت فيه: «الأستاذ علي الكسار يغزو روض الفرج ويفتح جبهة ثانية بفرقة من كبار المنلوجست، وفرقة من كبار المطربين، وفرقة الممثلين والممثلات بكازينو سان أستفانو يوم الأحد 6 مايو والأيام التالية. يوم الاثنين 7 مايو الساعة 10 صباحاً حفلة صباحية بمناسبة عيد شم النسيم: حامد مرسي، سعاد حسين، محمد الجنيدي». وبعد أيام نشرت المجلة إعلاناً آخر به تفاصيل جديدة، هذا نصه: «الأستاذ الكسار وفرقته بكازينو سان أستفانو بمصيف روض الفرج، أجمل مصيف مع أبدع برنامج ممتاز، روايات جديدة، يشترك في تمثيلها نخبة من كبار الممثلين والممثلات على رأسهم: علي الكسار، حامد مرسي، سعاد حسين، عبد العزيز أحمد، بهية حجازي، رجاء محمد. برنامج موزيكهول من ألمع كواكب المسرح الاستعراضي، المنولوجست الفاتنة سعاد حسين، والمنولوجست الشعبي محمد الجنيدي، الكحلاوي الصغير شفيق جلال، ألعاب سحرية جديدة من الدكتور سعيد.
لم تكتف المجلة بالإعلانات بل نشرت موضوعاً خاصاً بالفرقة – دليلاً على نجاحها في هذا الصيف – عنوانه «ليالي الأستاذ علي الكسار وفرقته بكازينو سان أستفانو بروض الفرج»، قالت فيه: تلاقي فرقة الأستاذ علي الكسار بكازينو سان أستفانو بروض الفرج نجاحاً فنياً ممتازاً لبرامجها الرائعة، وعناصرها البارزة، وقد وصل إلينا كثير من الرسائل التي تفيض بالإعجاب ننشر بعضها فيما يلي: «أعجبني في شخصية الأستاذ علي الكسار خفته كإنسان، وموهبته كممثل، ويبدو لي أنه سريع النكتة، حتى إني تخيلت أنه يؤلفها أثناء التمثيل، وإني أعتقد اعتقاداً جازماً أن شخصيته لا مثيل لها، ومهما جمعت الفرقة من عناصر فإنهم جميعاً في كفة، وهو وحده في كفة أخرى» [توقيع] فتحي الروبي من شبرا. «منذ رأيت الأستاذ إبراهيم حمودة على الستار الفضي كمطرب ممتاز في فيلم «شهداء الغرام» وفي فيلم «يسقط الحب» وأنا تواق إلى مشاهدة هذا النابغة وجهاً لوجه، فما كدت أستمع إليه بفرقة الأستاذ علي الكسار هذا الأسبوع حتى راعني هذا الصوت الذي يجمع بين الجاذبية والحنان والفن والقوة. إن فرقة الأستاذ علي الكسار يجب أن تفخر بالأستاذ إبراهيم حمودة، ولو أن الفنانين في هذا البلد يكتب لهم الإنصاف لرأينا إبراهيم حمودة لا يقل في مركزه وشهرته عن أي مطرب عالمي». [توقيع] فؤاد جمال الدين من المطرية. «.. ومن بين ما لفت نظري في برنامج المنولوجات بفرقة الأستاذ علي الكسار منولوجات المنولوجست الرشيقة سعاد حسين، ومنولوجات الأستاذ محمد الجنيدي، وكلاهما استقبل من الجمهور بحماس، واستعيد مراراً والاستعادة هي دليل النجاح، وكم كان بودي أن استمع لهما في «ديالوج» معاً، ولماذا لا تقوم الفرقة بتقديمهما في هذا النوع؟؟» [توقيع] عبد العزيز إسماعيل من شبرا.
وفي صيف 1947 نشرت مجلة «الصباح» إعلاناً، جاء فيه: ابتهاجاً بعيد الفطر السعيد «الأستاذ علي الكسار وفرقته بكازينو ليلاس بروض الفرج» ابتداء من يوم الأحد 17 أغسطس والأيام التالية، تقدم أقوى الروايات الاستعراضية التمثيلية الكبرى، يقوم بتمثيل الأدوار مجموعة كبيرة من نوابغ الكوميديا والفودفيل والطرب والمنولوجات في مقدمتهم: أمير الكوميدي الأستاذ علي الكسار، المنولوجست الفنانة فتحية محمود، مطرب السينما والإذاعة الأستاذ كارم محمود. مع برنامج موزيكهول ممتاز يجمع مختلف ألوان الترفيه والتسلية.
وكان صيف 1949 آخر صيف يُمثل فيه الكسار داخل كازينوهات روض الفرج!! ووجدت عن هذه النهاية إعلانين في جريدة «الأهرام» في شهري إبريل ومايو، الأول جاء فيه: «الكسار وفرقته المكونة من أشهر الكواكب، بكازينو ليلاس بروض الفرج – اليوم وغداً – أروع البرامج التمثيلية الاستعراضية: كوكب الغناء كارم محمود، أمير الفكاهة محمد الجنيدي، بطل الكوميديا علي الكسار، الثناء اللامع فايزة وسونيا، أخطر الألعاب من سيد ياسين. ترفع الستار الساعة 7 مساء، المواصلات سهلة للجميع». والإعلان الآخر يقول نصه: «الأستاذ علي الكسار وفرقته التمثيلية الاستعراضية بكازينو ليلاس بمصيف روض الفرج، كل ليلة رواية جديدة، المطرب المحبوب إبراهيم حمودة، يقوم بأهم الأدوار ملك الكوميديا علي الكسار».


سيد علي إسماعيل