«بين التسابق والجمهور ولجان التحكيم» مسرح الثقافة الجماهيرية تسابق أم لا تسابق؟

«بين التسابق والجمهور ولجان التحكيم» مسرح الثقافة الجماهيرية تسابق أم لا تسابق؟

العدد 788 صدر بتاريخ 3أكتوبر2022

مسرح الثقافة الجماهيرية هو مسرح للجمهور وهو المسرح الذي يعمل على تنمية وعي المجتمع بالقضايا المجتمعية المحيطة ومحاربة كل ما هو شاذ ومتطرف، بالإضافة إلى ممارسة الهوايات، حيث أصبح هذا المسرح يستوعب طاقات العديد والعديد من الشباب والهواة من الممثلين والكتاب والمخرجين والملحنين والشعراء ....الخ، والذي تخرج منه العديد من الممثلين المتميزين أغلبهم من فرق الثقافة الجماهيرية مثل «محمود يس، عاطف الطيب، محمود حجازي، عبد الرحمن الشافعي وغيرهم». 
وبالتالي أصبح مسرح الثقافة الجماهيرية هو المنفذ الوحيد في مختلف محافظات مصر وأقاليمها.
ولكن في الآونة الأخيرة لاحظنا أن مسرح الثقافة الجماهيرية حاد عن طريقه وأصبح همه الأول العروض التي ستشاهدها لجان التحكيم للتصعيد في المسابقات، مما أدى إلى الصراع والاشتباك بين المسرحيين ولجان التحكيم، وأصبح الجمهور همه الأخير أو قد يكون غير موجودا بالأساس.
مما جعلنا نتساءل عن طبيعة مسرح الثقافة الجماهيرية؟ وما الدور المنوط به؟ وماذا نفعل من أجل دعم دوره؟
وهل هناك مشكلة تتعلق بهذا المسرح من ناحية المتابعة النقدية، والمتابعة الإدارية من جانب آخر؟
وهل  يعد هم التسابق معوقا لدور المسرح في الوصول إلى الناس؟
أم أن المسابقات لها علاقة بالصراع بين المسرحيين واللجان؟ وهل إلغاء المسابقات يعد حلا لفك الاشتباك بينهما ؟
وأخيرا ما هي الآثار التي من الممكن أن تترتب على إلغاء التسابق سواء إيجابية أو سلبية؟
في تلك القضية قال الدكتور مصطفى سليم:
المسرح هو المسرح ومصطلح الثقافة الجماهيرية لم يعد موجودا والمصطلح الحالي بعد إعادة هيكلة وزارة الثقافة عام 1981 هو الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومن ثم صار تصنيفا إنتاجيا لا أكثر وإن كان هناك دور يمكن تلمسه الآن فهو يتضح في البيوت والنوادي؛ لأن القوميات فرق محلية للمحافظات تنتج شرائحها بشكل دوري ثابت مثل فرق مسرح الدولة من خلال عناصر ثابتة. وأوضح أن الدور هنا يتلخص في تفريغ طاقات الشباب وهواة المسرح وربما اكتشاف بعض المواهب وربما تكون التجارب النوعية من وجهة نظري هي أميز ما يقدمه مسرح الهيئة العامة لقصور الثقافة والباقي غالبا مكرر ومستنسخ.
وتابع سليم آسفا: أن المتابعات النقدية هي إهدار لطاقات النقاد وأعمارهم فهم يعملون ويواجهون الكثير من المصاعب والعقبات لكنهم غير مقدرين لأن اللوائح المالية بالية ولا تفيهم حقوقهم وبالتالي يعم الإحباط عالمهم لكنهم مع ذلك يجاهدون.
أما الدوائر الإدارية فهي كثيرة وملغزة ومنفصلة عن بعضها في غموض مربك لا يحله إلا النادر من أصحاب الخبرات الخاصة جدا وهم كالخفافيش يظهرون فجأة فيربطون الدوائر ويصلون لغايتهم سريعا ثم يختفون لذا تظل العقبات المالية والإدارية مهيمنة على كل الأداءات.
واستكمل مؤكدا أن المسابقات لم تكن في يوم من الأيام مشكلة أبدا، فالمسرح نشأ مهرجانا ومسابقة عند اليونان، المشكلة الحقيقية عدم وجود مواسم مسرحية بالمواقع المختلفة وعدم قيام الفرق بدورها حتى على مستوى نشر الثقافة المسرحية، وبالتالي تصبح المسابقة الهدف الوحيد الذي يسعى إليه المبدعون.
ومع ذلك تتسرب لنا تجارب رائعة على فترات تبرز عن مواهب فذه ولكن بلا نظام واضح.
وأضاف سليم: أستطيع أن أقول أن القيادات المتعاقبة للإنتاج المسرحي في قصور الثقافة لم تستطع التغلب على العقبة الرئيسة وهي غياب الهدف والاستراتيجية الواضحة عن الإنتاج المسرحي الإقليمي منذ إعادة هيكلة وزارة الثقافة عام 81 فقبل ذلك كان المد الاشتراكي هو المظلة الفكرية التي تضع أهدافا محددة ولعل وزارة الثقافة قد انتبهت لهذا الأمر وتعمل الآن على وضع ملامح وأهداف هذه الاستراتيجية.

وعقب الناقد أحمد هاشم قائلا:
لا جدال في أهمية مسرح الثقافة الجماهيرية حال كونه متنفسا هاما لهواة المسرح بالأقاليم، كما أنه جزء من تحقيق توزيع العدالة بين فئات الشعب المختلفة دون تركيزها في العاصمة فقط، كما أنه يساهم في تثقيف ورقى ذوق جمهوره في الأقاليم، وعلينا جميعا دعم هذا النشاط المسرحي بالأقاليم بداية من توفير النصوص المسرحية الجيدة التي تتواءم مع جمهوره، والعمل كذلك على توفير ظروف إنتاجية أفضل ليس من الناحية المادية فقط بل أيضا العنصر البشرى وتحديدا المخرجون والدقة في انتقائهم، فلا زال حتى الآن هناك بعض المخرجين غير الملائمين من الناحية الفنية يقومون بالإخراج في بعض فرق الأقاليم دون أن يكونوا مؤهلين لهذه المهمة، وتكون النتيجة كارثية ليس على مستوى العرض المسرحي فقط، بل أيضا على ما يتركونه من آثار سلبية على شباب الممثلين الذين يتأثرون بهم وبما يزرعونه من مفاهيم مسرحية خاطئة لديهم.
ومن هنا تأتى أهمية دور المتابعة لمراحل إنتاج العروض من قبل الإدارة العامة للمسرح على أن تكون متابعة من الناحية الفنية وليست الإدارية فقط لمراحل صناعة العرض المسرحي، وهذا ليس ببدعة جديدة، وإنما كان يعمل بها في فترات سابقة وتكون لجان المتابعة تلك لها الحق في إيقاف إنتاج العرض إذا لم تتوفر فيه عناصر الجدية والجدوى الفنية.
وأقر هاشم  بالتقصير النقدي في متابعة عروض مسرح الثقافة الجماهيرية، فقال: قليل هم النقاد الحريصون على الكتابة عن تلك العروض، ولأسباب كثيرة ومتشابكة اللهم إلا تلك العروض التي تشارك في المهرجانات الختامية والتي يكتب عنها في نشرات المهرجانات، ومن هنا نجد حرص المخرجين على الاستماتة في المشاركة في تلك المهرجانات، بالإضافة لأسباب أخرى منها أن معظم هؤلاء المخرجون يعتقد أن عدد مشاركات عروضه في المهرجانات هي جزء من سيرته الذاتية بالإضافة إلى فوز عروضه أو بعض عناصرها في المهرجان، مما يجعل هؤلاء البعض يصنعون العروض لمخاطبة لجان التحكيم في مستوياتها المختلفة، ذلك على حساب مخاطبة الجماهير التي من أجلها تصنع هذه العروض، وهذه كارثة حقيقية جعلت تلك الجماهير ـ وإلى حد كبير ـ تنصرف عن تلك العروض، وهذه حقيقة يلمسها كل من يتابع العروض في مواقعها حيث لا نجد في صالات العروض سوى أقارب وأصدقاء المشاركين في صنع العرض، وعلينا أن نعترف بذلك ونبحث حلول واقعية لتلك الأزمة دون أن نضع رؤوسنا في الرمال.
وأضاف هاشم : إن فكرة إلغاء المسابقات المسرحية ليست حلا لأن التسابق في حد ذاته يخلق نوعا من التنافس يؤدى إلى الاجتهاد والتجويد، وفيه اعتراف للذي اجتهد وتقدير اجتهاده في شكل جوائز أو غيرها من أنواع التقدير، ولكن علينا إيجاد آلية توعوية لدى المخرجين تزرع بداخلهم أن التقدير الحقيقي لأعمالهم هو التفاف الجماهير حول هذه الأعمال والاحتفاء بها. 

فيما قال المخرج والفنان عزت زين:
 أن أي مجال لا يخلو من تسابق، التسابق محفز للتفوق و الإجادة، كما أنه يخلق صراع شريف بين المتنافسين، من شأن ذلك الارتقاء بأي منتج، ففرق البيت الفني  تتنافس بطريقه غير مباشرة من خلال إقبال الجمهور، عروض مسرحية تستمر شهور وأحيانا سنوات، وعروض أخرى لا تتجاوز الشهر .
وأوضح أن الإغريق عرفوا المسرح و رصدوا جوائز للأفضل و هو ما أصبح نهجا في المهرجانات المسرحية و السينمائية حتى الآن .
وأشار إلى أن مشكلة التسابق بمسرح الثقافة الجماهيرية أصبح الهم الأول و الأخير لمعظم  العاملين به و القائمين عليه، هو إبراء ذمة للإدارة أن خطتها تمت على الوجه الأكمل بحفل توزيع الجوائز، و يتزامن ذلك مع معركة النتائج و الاعتراض عليها و على لجان التحكيم، فالفوز هو كل شيء شهادة الإبداع و التميز .
وفي غياب أي تجوال للعروض المتميزة أو تغطية نقدية أو ندوات تطبيقية لنقد العروض، أصبحت نتائج التسابق  هي الهم الأول و الأخير . 
ودعا زين إلى ضرورة أن يعاد النظر في التسابق و في الجوائز التي يجب أن تتحول إلى الجمهور بتجوال العروض الفائزة و المتميزة و تقديمها على أحد مسارح القاهرة لتحظي بمتابعة نقدية أوسع.

وقال الناقد أحمد خميس:
في مسألة الجوائز الخاصة بمسرح الثقافة الجماهيرية لابد وان نضع  أن هذا المسرح ضمن فلسفته الأساسية نشاط لهواة المسرح ولتقديم خدمة ثقافية لأهالينا في كل ربوع مصر، وظني أن الإبقاء على الجوائز مسألة هامة للغاية حيث أنها تحافظ على فكرة الاهتمام،فالتقييم يعنى أنك في، أو أن ما قدمته لم يلق الاستحسان الملائم وتلك مسألة ضرورية حتى نحفز المجتهد والذى يبحث عن أطر جمالية، أو ذلك الذى يريد أن يقدم أفضل ما عنده .
وأوضح خميس أن فكرة إلغاء الجوائز ستزيد المسألة سوءا، إذ سينظر المشتغلين للموضوع على أنه لا ثواب أو عقاب، وأن أي شيء يقدمه يمكن أن يصلح وهو ما يعنى تقليل سقف التطوير وعدم تحفيز المجتهدين، وإعطاء الفرصة لأصحاب النفوس الضعيفة كي يقودوا العملية الفنية إلى الدرك الاسفل، ثم إن إقامة المهرجانات المختلفة لفرق الثقافة الجماهيرية تعنى في أحد مهامها الأساسية تطوير الفرق والمخرجين بمتابعة الأعمال ورؤية الآخر وفهم طرق، فهى درس عملي لمن يريد أن يطور من أدواته ويبحث لنفسه عن أفكار بديلة مختلفة قد تكون طازجة، فلقاء الفرق يعين على تبادل الخبرات والأفكار.

وعقب المخرج اميل شوقي قائلا:
إن دور المسرح في الثقافة الجماهيرية دور « ساذج» حيث يعتمدون على ما يسمى الشريحة تلك الشريحة تحدث كل عام، أن ينتجوا مسرحية «مثلا فرقة قومية أو فرقة قصور»  في عشرة أيام أو لحد أقصى 15 يوم، وتعرض في المنطقة المركزية وفي النهاية نكتشف أن الدعم أو المنتج لا يصل لمستحقيه، فهناك مسارح موجودة طول العام يجب استغلالها بشكل دائم، ولا يجوز عمل عشرة أيام مسرح في السنة، فيجب أن يكون طول العام، وهذا ما يجعلنا نفكر تفكير آخر في مسألة تكوين الفرق القومية في المحافظات أو قصور الثقافة أو في بيوت الثقافة أيا كان المسمى. ويجب أن يكون لها دور فعال في المجتمع وأن يكون لديهم رؤية تفهم ما يمكن تقديمه وما لا يمكن تقديمه .
وتساءل شوقي قائلا: كيف للثقافة الجماهيرية أن تقدم عروض مترجمة مثل هاملت أو البير كامي أو ....غيرها، فالثقافة الجماهيرية  يجب أن يكون لها دور إيجابي في تنمية المجتمع المتواجد فيه، وهنا سيكون للمسرح قيمة ومعنى في الحياة الثقافية.
وعن تجربته الشخصية قال: كنت ذات مرة في الوادي الجديد وقدمت مسرحية شعرية « الحلاج» تتحدث عن رجل الدين في المجتمع ومهمته، فتكتشفي أنهم منتظرين اللجنة وبمجرد وصول اللجنة والتقييم ينتهي العرض ويغلق قصر الثقافة، ففي هذا المكان ينظرون لقصر الثقافة وكأنه مكان موبوء لأنه بالفعل لا يخدم المجتمع ولذلك فليس له دور فعال. وفي تجربة أخرى قال شوقي:  أنا أقوم بعمل مسرحية في أبو تيج وهم ليس لديهم مسرح للعرض وعندما بحثنا وجدنا حديقة يمكن العرض فيها، وعندما جاءت لجنة التحكيم كان أحد الممثلين أصيب بمرض فلم يأتي وقمت أنا بدوره وأنا غير مهيأ لذلك، فيأخذ العرض ضعيف لأنه لم يحقق رؤية لجنة التحكيم.
وعن الثقافة الجماهيرية أسهب شوقي قائلا: أرى أن هؤلاء هواة ويجب أن يكون لهم دعم وحافز غير التسابق، مثل من خدم المجتمع ومن قدم نصا جيدا  ...وما إلى ذلك  فيجب النظر بعيدا عن التسابق، وهناك بعض التجارب في الثقافة الجماهيرية والتي يجب أن يلقى عليها الضوء، وعن نفسه قال: أنا مثلا عملت 30 مسرحية في الثقافة الجماهيرية ولم يكتب عن عرض واحد منها ولم يصور أو يلقى الضوء عليها، فلا يوجد إعلام عن مسرح الثقافة الجماهيرية، فنحن نحتاج أن يكون هناك وحدة إعلام مركزية تغطي تلك الأعمال وأن يكون هناك بث مباشر بالمنطقة المحيطة بالعرض المسرحي.
وعن لجان التحكيم قال: يجب معاملتهم إنسانيا من حيث المبيت والوجبات والرعاية، فالمعاملة مع لجان التحكيم تكون سيئة للغاية وهو ما ينعكس على العرض المسرحي وتحكيمه.
مسرح الثقافة الجماهيرية يحتاج لدعم قوي ويحتاج لإعادة هيكلة، وعمل ورش مسرحية للفرق من خلال أكاديميين متخصصين حتى يتم تقديم فن حقيقي يبنى على أسس علمية، ومن المهم معرفة ما يجب تقديمه وما لا يجب تقديمه في الثقافة الجماهيرية.
قديما كانت توجد العديد من التجارب الجيدة مثل مسرح الجرن والسرادق والمسارح المفتوحة،  وهنا يجب إعادة النظر في مسرح الثقافة الجماهيرية. 
ونوه شوقي قائلا: إن كل ما يحتاجه ممثل الثقافة الجماهيرية عمل عرض جيد ينتشر ويتم مشاهدته في محافظات أخرى، ويكتب عنه بشكل محترم وهو ما يشبع ممثل الثقافة الجماهيرية،  وخاصة أن التعامل هنا مع مسرح هواة.
وأضاف: بعض المخرجين يستخدمون الخامات البيئية المتاحة كالعلب والصفائح حتى يعتمد كمخرج، فتوجد مهازل في الثقافة الجماهيرية حيث أناس ليس لهم علاقة وفي نفس الوقت مسؤولون عن تقديم عروض وفن وفكر . بالإضافة إلى أن التوزيع الجغرافي يعتمد على الصحوبية والمنفعة المتبادلة فالفساد منتشر بصورة كبيرة جدا.
واختتم قائلا: شرف المشاركة في أعمال الثقافة الجماهيرية أقوى بكثير من الجائزة والتسابق، فيجب التحفيز على المشاركة وليس التسابق والصراعات، لأن في رأيي أن الفن سيظل وجهات نظر فلا يوجد الأفضل وإنما هي المشاركة المطلوبة والتي يجب تشجعيها.

وقال المخرج خالد العيسوي:
 إن الدور المنوط به مسرح الثقافة الجماهيرية إتاحة الفرص للشباب لاكتشاف المواهب وتدريبها وتثقيفها مسرحيا لتكوين جيل مسرحي واعي بأهمية أبو الفنون. ويتوقف دعم دور مسرح الثقافة الجماهيرية علي عوامل عديدها منها:
1 - قصور الثقافة التي تقدم هذا الخدمة تحتاج إلى تطوير البنية التحتية لها خاصة في القاهرة وبعض الأقاليم. 
2- عدم وجود مسارح ثقافة جماهيرية يكفي لعدد العروض المسرحية المنتجة وخاصة في القاهرة.
3- عدم وجود الحافز المادي الكافي للشباب للإقبال على الاشتراك في العروض المسرحية مما يجعل الكثير يحجم عنه.
4- عدم وجود التغطية الإعلامية المتميزة لإلقاء الضوء على هذه المواهب والعروض المسرحية. 
5- عدم إتاحة الفرصة للعروض بتقديمها لفترة تكفي مدة المجهود الكبير الذي يبذل من أجل خروجه إلى النور مما يسبب إحباط لفريق العمل.......الخ
ورأى العيسوي أن المتابعات النقدية للعروض ضئيلة جدا وقد تكون النشرة الخاصة بالثقافة الجماهيرية فقط وتكون في المهرجان الختامي فقط، والمتابعات الإدارية تحتاج إلى إعادة نظر من القائمين عليها.
وأوضح أن التسابق من وجهة نظره مفيد؛ لأنه يجعل هناك حافز كبير للجميع، والصراع بين المسرحيين واللجان نتيجة أسباب عديدة لابد من مراجعتها من الطرفين، وأن إلغاء التسابق سيضر اللعبة المسرحية ولكن أيضا لابد من إعداد وإعلان اللوائح والقواعد الخاصة بالتسابق من البداية.

وقال المخرج عماد عبد العاطي
 إن دور مسرح الثقافة الجماهيرية معروف من اسمها  الثقافة الجماهيرية، هو أنشيء من أجل الجماهير، وليس من أجل التسابق من أجل ان يصل المسرح ورسالته إلى القرى والنجوع وليس في مسارح المدن المعروفة المسلط عليها الضوء بإعلامها وابهارها .
ولكى نعيد دور مسرح الثقافة الجماهيرية كما كان لابد من ان نرجعه للجمهور بنصوص للجمهور وليس للجان، فالنصوص العالمية اصبحت مرض تعانى منه فرق الثقافة ومسرحها، لابد من مسرح للناس وللمتلقي العادي والمثقف و للمزارع والطالب لكل الناس، وتساءل ما الفائدة التي تعود على المتلقي العادي من مشاهدته للمسرح العالمي؟ لا سعادة ولا تشويق، ابهار فقط، النقاد اصبحوا يروا مسرح الثقافة من زاوية مواكبة التطور في الامكانيات وعلى مستوى تطوير الأدوات وغيره، وغاب عنهم انه عُمل خصيصا لكشف المواهب في القرى والنجوع وكم من مواهب خرجت منه.
واستكمل قائلا: أصبحت ميول اللجان في التحكيم للميول الشخصية والثقافة التي نشأ عليها المحكم،وليس لتقييم عمل فنى متكامل لمخرج يمتلك أدواته، فالمشكلة ليست في التسابق المشكلة في المحكم، وعمل دورة توعية للمحكم شيء مهم ليعرف كيف يقيم عرض وهل المحكم  يجيد قراءة عرض مسرحي أم تم اختياره بناء على وظيفته مخرج مهندس ديكور كاتب مصمم استعراضات وكم من محكمين لا يجيدون قراءة العروض وأوضح أن موضوع التحكيم أصبح حب وكره يحب المخرج هذا او العكس يحب هذه النوعية من النصوص او العكس... الخ 
وأكد أن الصراع أصبح على المهرجان الختامي ويوم عرض اللجنة، وهذا أضر كثيرا بمسرح الثقافة فأصبحت ثقافة تقييمية وليست جماهيرية، ولذلك لابد من عودة الندوات مع اللجان، ولابد من عودة المهرجانات الإقليمية بندواتها لأن اثناء الندوة والمناقشة تستطيع اللجنة عرض أشياء كثيرة عن العرض كانت غائبة عنهم فيختلف الرأي بعد الفهم.
وقال : نحن لا نريد إلغاء المسابقات ولكن عدم وضعها في المقام الأول هو الحل وتغيير شكلها، من الممكن ان تقوم العروض المتميزة في كل الاقاليم بجولة للعرض بالأقاليم الأخرى، جنوب يعرض في الدلتا والدلتا العكس... الخ
واختتم عبد العاطي قائلا:  أن النواحي الإدارية بها تقصير وتساءل لماذا لا يبدأ ترشيح المخرجين من شهر يوليو،ويبدأ تقديم المشاريع في أغسطس، ونبدأ المناقشة خلاله وتنتهى نهاية أغسطس وتبدأ البروفات أول سبتمبر وتعرض العروض في 12 ديسمبر موسم شتوي، وموسم صيفي يبدأ شهر مارس وينتهى في يونيو، “حراك مسرحي طول العام» بهذا يعود مسرح الثقافة الجماهيرية.

فيما قال المخرج المسرحي د. محمد عبد المنعم
أن مسرح الثقافة الجماهيرية منوط بتوعية الجماهير وتنويرهم وتثقيفهم؛ وكى ندعم دوره بشكل جاد يجب أن نُشرك جميع المشاركين في أنشطته من مختلف أقاليم مصر لتقييم أوضاعه، واقتراح الحلول الخلاقة القابلة للتنفيذ، دون اقتصار ذلك على النخبة في القاهرة، لاسيما وأن  الحركة النقدية اقتصرت على عروض المهرجان الختامي، وهذا نوع من التنمر الفني غير المقصود يجب تلافيه. وقد شهد هذا الموسم متابعة إدارية ملحوظة للصديق الفنان مهندس/ محمـد جابر الذى كان حريصاً على حل كل المشكلات الإدارية التي تعرقل بعض العروض، معبراً دوماً عن حرصه على تقديم موسم مسرحي مثمر.
وتحدث عبد المنعم عن ما أسماه «موضة التسابق» التي اجتاحت مسرح الثقافة الجماهيرية فقال: هي آفة كبرى من آفات التردي التي أصابت هذا المسرح؛ بسبب ما يأتي : (أولاً ) يعتقد البعض أن الأسهم الكبرى تذهب للعروض التي تتأسس على نصوص المسرح العالمي، فيتسارعون على تقديمه، ويهمشون النص المصري والعربي، وتساعدهم لجان التحكيم في ذلك حين تصر على تصعيد هذه النوعية من العروض، فتصبح مشاركة معهم في الجرم. (ثانياً)  بعض أفراد لجان التحكيم أصبحت تراعى في المقام الأول ما تحصله من مكاسب من وراء العروض التي تصعدها رغم عدم جودتها، فإذا كان المخرج له ضلع أو له داعم قوى في وزارة الثقافة، إذن «مينفعش عرضه ميتصعدش»؛ لماذا؟ لأن هذا المخرج موظف في الثقافة الجماهيرية أو البيت الفني للمسرح، أو يرأس أحد المهرجانات التابعة لوزارة الثقافة أو يعتلى منصب مدير أحد المهرجانات أو غيرها من المهام الرفيعة بوزارة الثقافة؛ لذا يجب اختيار عرضه في مقدمة العروض المصعدة حتى تنال لجنة التحكيم الرضا وتحقق المكاسب المرجوة كالاستضافة في فعاليات هذه المهرجانات بأي صورة. (ثالثاً) نجد أن هذا المخرج أو ذاك من أصحاب الصوت العالي ممن يتوعدون للجان التحكيم إذا تجاوزتهم في التصعيد؛ ومن ثم تتجنب لجنة التحكيم ذلك الأمر منذ البداية حفاظاً على كرامتها، فتسارع إلى تصعيد هذا المخرج أو ذاك حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه. (رابعاً) أصبح التسابق في مسرح الثقافة الجماهيرية مصدراً يتكسب منه الكثيرون مكاسب غير مشروعة؛ أصبح «سبوبة لا غنى عنها» بسبب ما يُصرف على العروض المصعدة من أموال لترميم الديكور وخلافه مرة أخرى، رغم أن الديكور لايزال بحالته الجيدة ؛ لذلك اشتعل فتيل الخلافات بين الفرق، وتعالت نبرة «التشكيك» كشعار عام يميز هذه المرحلة من عمر مسرح الثقافة الجماهيرية.
واختتم عبد المنعم قائلا: أُفضل إلغاء مبدأ التسابق من الأساس، ويُستعاض عنه بتدوير العروض وتجوالها بالتبادل بين المحافظات في القرى والنجوع؛ حتى  يطلع جميعُنا على ثقافة الآخر ومشكلاته، وتزداد الخبرات، فيسهم الجميع في حل المشكلات، وبذلك نستثمر الأموال الطائلة التي تصرف على هذه العروض لصالح الارتقاء بالذوق العام، بدلاً من صرفها لتقديم ليالٍ عرض محددة من أجل لجان التحكيم، وتظل حبيسة في مكانها. ومن ثم سيُحقق هذا المسرح هدفه مع مرور الوقت، وسيستعيد دوره الريادي الخصب كما كان في عهد سعد الدين وهبة ومعاصريه.   


سامية سيد