العدد 788 صدر بتاريخ 3أكتوبر2022
رائد التجربة المسرحية السعودية المعاصرة، تحظى دائما نصوصه على إقبال كبير من الشباب وعبرت كتاباته المسرحية حدود السعودية لتحلق في سماء الوطن العربي حاملة قضايا وهموما تتشابه وواقعنا جميعا، قدم وأشرف على الكثير من الدورات والورش التدريبية حول النص المسرحي وطرق وأساليب ومناهج الكتابة، المسرحية محلياً وعربياً، شارك في رئاسة وعضوية عدد من لجان التحكيم على المستوى المحلي والعربي، كما حصلت نصوصه على أكثر من 25 جائزة محلية وعربية، له العديد من الإصدارات، وقدمت حول نصوصه الكثير من الدارسات والبحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات السعودية والعربية ومنها على سبيل المثال لا الحصر رسالة دكتوراه بعنوان البناء الدرامي في نصوص الكاتب السعودي فهد رده الحارثي بكلية الآداب جامعة حلوان، اهتم دائما بالجديد والتجريب في الكتابة المسرحية والعرض المسرحي، نال الكاتب السعودي فهد رده الحارثي العديد من التكريمات أخرها تكريمه في الدورة ال«29» من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي و كان لمسرحنا معه هذا الحوار حول التكريم والمهرجان …
صف لنا في البداية أهمية تكريمك في مصر خاصة وأنها ليست الأولى؟
هذا التكريم الثالث، الأول من مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة، ومن ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي، دائما يشعر الإنسان بالفخر إذا كرم في منطقة أو مكان معين لأنه يشعر بالتقدير لجهده الذي بذله خلال سنوات طويلة، التكريم باقة جمال تمنح للإنسان ليستمر في عطائه ويستشعر أنه استطاع أن يقدم شيئا جميلا، أشكر كل من ساهم في هذا التكريم، وإدارة المهرجان، والقلوب الجميلة التي أحاطتني منذ لحظة التكريم حتى الآن بكثير من الجماليات، التكريم يأتي في تلك المنطقة الجميلة العطاء، كأن يهدي إنسان باقة وردة لآخر.
كيف ترى الدورة ال«29» من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ؟
علاقتي طويلة ووثيقة مع هذا المهرجان، فالمهرجان دائما يقدم الجديد والمبتكر منذ الدورة الأولى حتى الآن؛ و هذا العام يشهد زخما في الفعاليات والعطاءات من إصدارات وورش وندوات وبالتالي أشعر بالفخر بكل القائمين على المهرجان، وبكل الدورات السابقة؛ لكل ما يقدمونه بهذا المهرجان الضخم وهو تقريبا الأكبر في الشرق الأوسط، نفخر به كعرب لآنه دائما ما يقدم لنا الجديد والمفيد.
هل ترى أن المهرجانات في الوطن العربي تحقق المردود الثقافي المنتظر منها أم أصبحت مجرد مهرجانات للتسابق؟
بالتأكيد المهرجانات تعتبر معامل كبيرة وفرصة للالتقاء بين المسرحيين و معرفة تجاربهم و أدواتهم، يجتمع فيها النخب المسرحية ليقدموا ويتعرفوا على مختلف أعمالهم ولتشعل في المبدع الحافز لتقديم كل ماهو جديد، فدائما تأتي المهرجانات بتلك الآفاق، ولهذا تأتي أهمية مهرجان مثل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي؛ لكونه يجمع الكثير من التجارب حول العالم، فنتطلع على الكثير من التجارب العالمية والعربية ويتعرفوا هم على المسرح المصري والعربي؛ والمسارح العربية تتعرف على المسارح في إفريقيا وفي أوربا، بالتأكيد أي مهرجان هو إضافة؛ قد لا تروق المهرجانات لبعض الأشخاص لكني أرى أنها مهمة جدا للمسرحي لكي يعيد اكتشاف نفسه وأدواته.
المؤلف فهد الحارثي من القلائل الذين لا يخلوا مهرجان من نصوصهم من خلال العروض المسرحية في الكثير من المهرجانات في مختلف الدول العربية فما سر هذا التقارب ؟
حالة من البحث والنحت في التجربة والجديد والمختلف في محاولة إيجاد هذه اللغة البصرية، أو اللغة المبدعة؛ فالمسرح فن مبدع للغاية وممتع أكثر لمن يعمل وليس لمن يترقب؛ وبالتالي كانت لي فرص عظيمة أشكر كل الزملاء الذين عملوا معي طيلة فترة وجودي في المسرح من مخرجين و ممثلين و سينوغرافيين لأنهم من ساهموا في أن تصل هذه الأعمال إلى المهرجانات العربية والإقليمية والدولية، فلا أتصور أن المهرجانات هي الحافز الوحيد لتقديم العمل لأن الإنسان يجب عليه تقديم أعماله بشكل مستمر على المستوى المحلي و للجمهور وبشكل يصل للآخرين. المبدع لابد أن يكون قريب من الهموم العربية وقضايا أمته ولسان حال التطور الحضاري والفكري.
كأحد رواد التجربة المسرحية السعودية المعاصرة حدثنا عن تجربتك منذ البداية؟
تجربة ممتدة و طويلة لأكثر من «35» عاما، ومن الصعب تلخيصها، لكنها بدأت بالبحث عن المختلف، و المختلف لم يكن سائدا في ذلك الوقت في المسرح السعودي ولذلك أقمنا ورشة مستمرة للتدريب المسرحي، واستطعنا أن نكون كوادر مسرحية في مجالات التأليف والإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، وبدأنا البحث عن مسرح طليعي مختلف، بالتأكيد تواجه هذه التجارب دائما في البدايات الكثير من الاعتراضات؛ فتحتاج لمن يدعمها ويقتنع بقيمتها، ثم بعد ذلك بدأت رحلة الانطلاق نحو المهرجانات الخارجية التي كانت تجهل تماما ما هو المسرح السعودي. فتعرفت على هذه التجارب واستطعنا خلال سنوات طويلة من البحث والنحت والعمل في عمق التجربة أن نصنع جمالياتها، وهذه الجماليات بلا شك قدمت الكثير وجعلت الناس تتعرف على المسرح السعودي في الخارج، واستطاع أن يحصل على الجوائز ويحقق نفسه ويحقق تجربته وقيمه، وقاماته، وأن تظل هذه التجربة مستمرة لمدة ثلاثين عاما ليس بالشيء السهل وسوف تستمر لأنها خلقت أجيالها ومريديها وخلقت من يعملون فيها باستمرار وحب؛ ولذلك أنا ممتن كثيرا لكل الأسماء والقلوب الطيبة التي أفنت عمرها معي طوال مشواري لأنها استطاعت أن تقدم مسرحا ليس نخبويا وليس بعيدا عن الجمهور، مسرحا في عمق الحدث والجمهور .
بمناسبة الأسماء التي رافقتك في رحلتك هناك تجربة خاصة من المخرج أحمد الأحمري .. ما السبب في استمرار هذه المشاركة لسنوات طويلة؟
أحمد رفيق درب منذ البداية بدأنا سويا هو يسبقني؛ لكننا بدأنا معا من خلال ورشة العمل المسرحي بالطائف، وقبلها بسنوات ولكن في هذه التجربة التصقنا كثيرا وخضنا غمار التجربة بمعاونة عدد من الأسماء منهم سامي الزهراني وإبراهيم العسيري، والأحمري شديد الالتصاق بروحي؛ فنحن نعمل سويا منذ ثلاثين عاما سواء في التدريب أو الأعمال المسرحية أو محاولة إيجاد أجيال متكررة تستطيع أن تقوم على التجربة، وسر هذا التقارب أستطيع وصفه بأننا روح واحدة في جسدين الفكر والعمق واحد؛ ولذلك يسهل علينا التعامل مع بعضنا البعض.
تمتلك خصوصية في الصياغة حيث تشمل نصوصك على شيئ من تقنيات القصة القصيرة أو الرواية أو الخطابة وتتضافر مع تقنية الكتابة المسرحية فحدثنا عن ذلك؟
منذ البداية أحاول أن أكون مختلفا عما هو سائد؛ فقبل البدء في المسرح كنت صحافيا أكتب الشعر والقصة؛ لذلك عندما بدأت في كتابة المسرح سخرت جميع هؤلاء لكي يبنوا الكائن المسرحي، ولذلك بدأت منذ البداية في محاولة ليس فقط أن أكون مختلفا في طريقة الكتابة؛ لكن ؛ من خلال إيجاد مشاريع كتابية، كل مشروع يشمل ثلاث أو خمس مسرحيات أصل فيهما إلى نتائج ما وأعلن هذه النتائج لكي تنطلق لتجربة جديدة، ومن هذه التجارب محاولة إيجاد لغة مشتركة بين لغة الحوار في المسرح ولغة السرد في القصة؛ عملت على هذه التجربة في عدة أعمال ووصلت فيها لقناعات معينة، أيضا حاولت أن أصل باللغة الشاعرية ألا تكون بعيدة عن المتلقي وكيف أستطيع أن أستخدم تلك اللغة الأرفع والأعلى وتكون في نفس الوقت قريبة جدا من المتلقي ومن عملي، وكيف أستطيع أن أقنع كادر عمل كامل ليعمل على لغة مختلفة عن اللغة السائدة، وعدت بعد ذلك إلى مشروع مسرح اليوميات، ثم تعاملت مع تجربة رابعة هي قضية مراكز التواصل الاجتماعي وكيف نستفيد منها في تقنيات الكتابة المسرحية؟.. هي مجموعة من التجارب لا زلت مؤمنا أن في كل مرة أقدم مشروع وأصل فيه لنتيجة انتقل لمشروع آخر جديد، وهذا يفيدني كثيرا في مشروعي ككاتب، ألا أكرر نفسي أو أكرر وأنسخ قواعد معينة في الكتابة؛ أنطلق من كل تجربة لتجربة أخرى لكي أصل.
حدثنا عن تلك التجربة المختلفة.. مسرح اليوميات؟
هي تجربة تحتوي على مجموعة من النصوص تتعلق بحياة الإنسان اليومية وتفاصيله وأموره الحياتية البسيطة التي يعيشها ويعاني منها ويتعامل معها، أحاول أن ألتقط هذا من لغة الناس من تفاصيلهم من تكويناتهم؛ فهذه اللغة البسيطة التي تنحت في تجربة الإنسان، أتصور أنها كانت عماد تلك التجربة وقاعدتها.
قدمت العديد من الورش عن الكتابة المسرحية فكيف ترى النص المسرحي اليوم على المستوى المحلي وما تأثير تلك الورش على المسرح السعودي؟
من مميزات المسرح السعودي كثرة الكتاب، والكتاب الشباب، وفي الورش كنت أشهد دائما - وأتحدث عن تجربتي الشخصية- عددا هائلا من المتدربين الطموحين الراغبين في الكتابة، والأكثر ثمرة وعطاء كان الفتيات، وهذا يبشر أنه سيكون لدينا مجموعة كبيرة من الكاتبات المبدعات اللاتي يستطعن أن يقدمن المسرح بصورة مختلفة، فنحن في المسرح لا نجرب على طريقة الكتابة هذه تكون جاهز من الأساس، ولكن من لديه المقومات الأساسية للكتابة نضع المفاتيح المناسبة له لكي ينطلق لكتابة نفسه بطريقته المختلفة عن الآخرين.
بمناسبة المرأة ..ما وضع المرأة في المسرح السعودي حاليا؟
المرأة موجودة منذ زمن ككاتبة، مخرجة، مهندسة ديكور، وسينوغراف، لكن لم تكن موجودة بشكل مؤثر كممثلة بينما الآن انفتح المجال وأرى أن هناك أسماء كثيرة و مهمة ستكون موجودة على هذا المستوى و هناك ورش تدريبية مستمرة، و طاقات مبشرة للغاية، أتصور أن الخطط القادمة ستتيح للمرأة التواجد أكثر في كل عناصر العمل المسرحي، وقد نشهد نبوغ كثير من الأسماء لتقدم نفسها بصورة جيدة تزاحمنا نحن الرجال على هذا المسرح، الكوادر موجودة والشباب بكل خير وأعتقد أنهم يستطعن تقديم أنفسهن بصورة جميلة.
«البناء الدرامي في نصوص الكاتب فهد الحارثي» كان عنوان رسالة دكتوراه عن نصوصك المسرحية، وجاء ضمن تحليلاتها أنك تهتم بالمهمشين الذين لا يهتم بهم المسرح التقليدي وتجعلهم أبطالا في نصوصك ..هل حدثتنا عن هذا الاهتمام بالمهمشين ؟
الشخصيات المهمشة في كل مجتمع أعتبرها الأكثر ثراء بكل المعاني الجميلة وليست الأقل كما يتعامل معها البعض، فعلى سبيل المثال زرت قبل أيام منطقة العتبة، بالتأكيد لتلك الشخصيات المهمشة قصص كثيرة، كل إنسان منهم قصة طويلة، أنظر لتعابير الوجه الصادقة غير المزيفة وجوه لا تلبس الأقنعة، الجميع على طبيعته وسجيته، جميعهم يقدمون مسرحا كبيرا للغاية، فمن يستطيع أن يلتقط هذه الشخصيات ويرتقي معها بنفسه وفنه لكي يصل بها إلى الخشبة، سيقدم أعمالا رائعة، هذه الشخصيات دائما ثرية حتى في السينما، الأكثر ثراء هم الأكثر بؤسا، في المجتمع؛ لذلك فاهتمامي بهم لا يأتي من فراغ، بل لأن هذا حقهم ونحن نقدم الفن من هذه النماذج الرائعة.
تنوعت أعمالك بين نصوص للأطفال وديودراما ومونودراما فهل قصدت هذا التنوع أم أنه الإلهام الإبداعي وقت الكتابة؟
التجربة تأتي بطبعها لم أتعمدها، لأنه على سبيل المثال الكتابة للطفل هي أصعب أنواع الكتابة يجب أن نرتقي للطفل حتى نستطيع أن نكتب عنه، نحن نتعامل مع كائن مختلف تماما عنا، بعض النظريات السابقة كانت تقول يجب أن ننزل إلى الطفل حتى نصل إليه هذا خاطئ تماما في هذا الزمن؛ لأن الطفل مرتقي بالفعل كثيرا بتقنياته ووسائطه التي يتعامل معها، فكيف نستطيع التعامل مع الطفل التكنولوجي الذي يتعامل مع وسائط التواصل ووسائلها بصورة مرعبة؛ إذن نحن يجب أن نرتقي بهذا النوع من الكتابة، وخضت التجربة عن قناعة بها و لازالت هي الأصعب بالنسبة لي وتحتاج لجهود كبيرة حتى تستطيع أن تجذب طفل هذا العصر. أما الديودراما فأتصور أنها تأتي بالتكوين، فالمسرح فن إبداعي حتى في كتاباته لكنه لا يخلو من صنعة في النهاية؛ بمعنى أننا نكتب ونشرع في خلق مسرحية فنجد أنفسنا أمام شخصيتين متنافستين هذا التداعي النفسي لا يسعه عمل جماعي فيذهب لمسرح الديودراما، أو شخصية واحدة فتنطلق تجربة المونودرما، ولذلك ففي تصوري الأشياء تختار نفسها لا اختارها.
إذا تحدثنا عن شكل الكتابة في المسرح السعودي فماذا ستقول عنها؟
بدأت مثل أي مسرح عربي، انطلقت من النصوص التاريخية والنصوص التي تحاكي أوضاعا معينة في تلك الفترة، والنصوص الشعرية بالكامل التي تأثرت بأحمد شوقي ومسرحه، ثم بعد ذلك انتقلت إلى الحالة الاجتماعية فكانت معظم النصوص التي تقدم تتناول الحالة الاجتماعية في مجتمعنا، و أتصور أن هذا سبب الانغلاق لهذا النص المسرحي، ثم انطلقت التجربة الشبابية التي صنعت نفسها بصورة مختلفة، والتي بدأت تناقش نفسها بقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، و لكن بصورة مختلفة و قدمت نفسها بتجارب جديدة فهناك الكثير من الأسماء التي تخوض تجارب الآن بأشكال مختلفة و أتصور - ولا أدعي ذلك -أن تجربتي الشخصية كانت سببا في الانتقال بهذا المسرح وهيأت كثير من الشباب كي تختلف فيما بعد توجهاتهم ونقلاتهم في كتابة النص المسرحي.
إذا تحدثنا عن الأزمات .. أين تكمن في المسرح السعودي؟
هي كثيرة بالتأكيد، والمسرح السعودي لا ينفصل عن المسرح العربي في مشاكله؛ فالتجارب واحدة في كل أنحاء الوطن العربي الاختلاف نسبة وتناسب، و الدولة تولي اهتماما كبيرا بقطاعات الثقافة والفنون، وتحاول أن تؤسس لمرحلة جديدة مختلفة تماما في البناء ووضع الاستراتيجيات وهذا ما ينقص في العالم العربي، نحن نفتقد الاستراتيجيات التي نستطيع أن نعمل بها، وأرى أن الاستراتيجيات التي تم وضعها وبدأ العمل عليها مهمة وسيكون هناك أكاديميات توفر طاقات بشرية كبيرة، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك دعم للأعمال المسرحية ووجود للمسارح والفرق، وأتصور أن المرحلة المقبلة ستقضي على كثير من المشكلات، لكن المشكلات لا تنتهي بالتأكيد، سيكون لكل مرحلة مشكلاتها الخاصة.
هل نستطيع القول أنه مع الاستراتيجيات الجديدة يوجد سعي لأن يكون هناك مسرح في كل مكان في السعودية؟
بالتأكيد هذا من ضمن الاستراتيجيات والخطط الموجودة لدى هيئة المسرح والفنون الأدائية وترعاها وزارة الثقافة، إيجاد مساحات مسرحية في كل مكان و توفير مواسم ودعم للفرق والاهتمام بالمسرح المدرسي منذ البدء و تكوين معاهد وأكاديميات، خطة كبيرة شاملة أتصور أنها ستقدم المسرح في كثير من الأماكن بالطرق المختلفة بأشكاله المختلفة، المسرح الجماهيري والمسرح النخبوي والمسرح التجاري، كل المسارح ستقدم بكل الصور والأشكال.
ماذا عن المهرجانات المسرحية في السعودية ؟
وفق ما سمعت سيكون هناك الكثير من المهرجانات محلية وعربية ودولية ضمن الإستراتيجية الموجودة، وهي في خطة المسرح في القريب، تسعى الآن الجهات للترتيب لها بحيث تبدأ قوية وفعالة، وهي تستفيد حاليا من الخبرات الموجودة بالعالم.
كنت من مؤسسي فرقة الطائف المسرحية فهل حدثتنا عنها ؟
بدأنا بورشة عمل مسرحي للتدريب والتأهيل ثم انطلقنا نحو الفرقة المسرحية، وأصبح لها أذرع؛ فهناك أذرع للتدريب « الورشة»، والفرقة التي تقدم العروض المسرحية، وجناح آخر لدعم المواهب واستقبالها بأنواع مبتكرة مسرحيا في محاولة إيجاد الجديد باستمرار، هذه الأذرع جميعها تعمل في الفرقة. خلقت الفرقة أجيالها من القدامى المؤسسين إلى الشباب الجدد في عمر الخمسة عشر عاما، فهي تخلق أجيالها وتكويناتها، وقد قدمت أكثر من 50عرضا حتى الآن، وشاركت في أكثر من 120 مهرجانا دوليا وعربيا ومحليا، وتقدم عروضها باستمرار في الداخل في كل المدن السعودية، ولا تتوقف الفرقة عن العرض، فالعرض الواحد يستمر لفترات، فهي بالتالي تقدم نفسها بصورة جيدة، وأنا اشعر بالاِمتنان الكبير لها وأقضي معظم الوقت معها.
كيف يمكن للكتابة المسرحية مواكبة السرعة في التغيير والحركة التي يشهدها العالم وهل بالفعل هناك انفصال بين النص والعرض المسرحي؟
من الضروري أن تواكبها وإلا تموت، مع تلك السرعة التي يتحرك بها العالم على الكاتب المسرحي أن يتواكب معها، يجب أن يحاول توظيفها داخل النص المسرحي، مشكلتنا هي التنازع الحاصل في الفترة الأخيرة بين المؤلف المسرحي والمخرج، أتصور أن المخرج يحاول الآن إعادة دوره ومكانته من خلال أن يصنع هو كاتبه بمعني أن يلغي المؤلف ويصنع ما يسمى بالإعداد أو الاقتباس ويصنع نصا متشظيا تماما لكي يخلق عالمه ويبتعد عن الكاتب لأنه يحاول إيجاد نفسه بأدواته كمخرج في مكانه -المخرج والممثلين - لكن النص متشظي تماما لأنه ناتج عن اقتباس، ليس هناك المهني الجاد الكاتب الذي يقوم على هذا العمل.
وقد شاهدنا الكثير من الخلل في كثير من العروض ليس دفاعا عن حالي ككاتب؛ لكن؛ الحالة موجودة ومختلة وتحتاج لإعادة نظر، لكن أيضا من مهام الكاتب أن يحاول مواكبة التطورات، فالعصر الآن ليس كما في الماضي، مثلا كنا نحضر مسرحية مدتها ثلاث ساعاتٍ من يملك الآن ثلاث ساعاتٍ من عمره لحضور عرض مسرحي؛ علينا أن نختزل زمن المسرحية لساعة حتى يكون مناسبا للجمهور، أيضا علينا العمل على الكثير من التقنيات، فسرعة الزمن صارت تقنيات وليس من المعقول أن تكون لغتي اليوم هي لغتي قبل ثلاثين عاما، فقد اختلفت المفردات وطرق التأثير على الناس إذن يجب أن يسعى الكاتب دائما لمحاولة تجديد نفسه.
من كل ما كتبت أو أخرجت أيهما كان الأقرب إليك؟
كل أعمالي، هم أبنائي، جميعهم جزء من تكويني، وكل نص كان له ظروفه وحالته وجمالياته، حتى النصوص التي تفشل تكون جزءا من المؤلف فلا أتصور أن ينفصل كاتب عن نصوصه أو يستطيع الاختيار منها.
ماذا تمثل لك الألقاب كعراب المسرح السعودي التي أطلقها عليك المسرحيون السعوديين؟
لا تمثل الألقاب شيئا، هي فقط تطلق من باب الحب من الطلاب والمريدين والمقربين فما الذي أضافه لقب كوكب الشرق لأم كلثوم؟ فقط يبقى عمل الإنسان هو الأهم لأنه الذي يقدم المبدع بصورته وأنا أعتز كثيرا ب اسمي بعيدا عن الألقاب.
شاهدنا جميعا الانفتاح الذي يحدث في السعودية وموسم الرياض فيما يتعلق بالمسرح هل تجده حقق انتعاشه على مستوى النوع الذي يقدمه؟
الانتعاشة التي حققها في إطاره فمسرح الرياض يتبع هيئة الترفيه ويعتني تماما بقضية الترفيه، ترفيه المواطن سواء من خلال المسرح أو الغناء أو السيرك والفنون المختلفة، ومن هذا المنطلق قدم أشياء كثيرة للمواطن لكن المسرح جزء صغير جدا جدا من برنامجه ويشهد إقبالا ولكننا نقدم مسرحا مختلفا. ومن القضايا المهمة التي حققها موسم الرياض الانفتاح على العروض العربية، شاركت عروض مصرية وكويتية ومن دول أخرى، وهذا مفيد على مستوى الرؤية؛ لكن مسرحنا الذي نقدمه ونتحدث عنه مختلف تماما، فهو مسرح ثقافي يسعى للفن والرقي وتتولى مسئوليته وزارة الثقافة.
حدثنا عن مشروعاتك القادمة ؟
هناك عروض مثل «ساكن متحرك» عرضت في السعودية في أكثر من مدينة وستعرض هذا الشهر من خلال فعاليات مهرجان القاهرة للمونودراما، ومهرجان الإسكندرية الدولي مسرح بلا إنتاج، بالإضافة إلى مشاركتها في مهرجان آخر بالدمام، ثم سنعاود نشاطنا في عمل جماعي يتم العمل عليه حاليا عبر ورش متتالية سأقدمها بمشاركة أحمد الأحمري، وهناك عمل ثالث مع سامي الزهراني، لدينا الكثير من المشاريع التي نعمل عليها .
أخيرا نصيحة تقدمها لشباب الكتاب؟
أقولها لكل المسرحيين؛ إذا عملنا بحب على الأشياء ستثمر أكثر؛ بدون ذلك سنخسر كثيرا، فالحب هو وقودنا وطريقنا للوصول للجمهور والإبداع.