كاندي كراش .. حكاية ترفيهية وتعليمة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة

كاندي كراش ..   حكاية ترفيهية وتعليمة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة

العدد 783 صدر بتاريخ 29أغسطس2022

يقدم البيت الفني للمسرح – فرقة مسرح الشمس لذوي الاحتياجات الخاصة – العرض المسرحي كاندي كراش على مسرح الحديقة الدولية من تأليف (سعيد حجاج) وإخراج (محمد متولى) وكلمة كاندي اسم إنجليزي تعني الحلوى أو البنبون ذو الطعم اللذيذ وعندما تسمى فتاة كاندي فيعني أسمها الحلوة أو الجذابة أو الفاتنة، أما كراش فهي كلمة إنجليزية أيضاً ولها العديد من المعاني في بعض البلاد، ومنها على سبيل المثال تدمير أو اصطدام؛ لكن مع تطور الزمن أصبحت تعني بأن شخص متيم بشخص أخر أو مفتون به ؛ لكنه لم يصرح له بذلك. وعنوان المسرحية كاندي كراش يعني أسمان لشخصيتان في العرض المسرحي هما كاندي (شيماء عبدالناصر)، وكراش (محمود الهنيدي)، وهذان الشخصان يملكان  مسرح وصل إليهم عن طريق إرثهما من أحد الأجداد ويعملان مهرجان في هذا المسرح الذي يديره كوجي (أشرف عبد الفضيل) شريكهما الثالث في المسرح ورثة أيضاً عن طريق الأجداد. هذا المسرح ازدادت حالته سوءً وأصبح مهجوراً يسكنه مجموعة من الحيوانات والحشرات، ويريد كوجي أن يبيع المسرح لرجل أعمال يدعى بلومان (محمد دياب) ليحصل على نصيبه من المال ليتزوج به، أما بلومان فيريد هدم المسرح ليقوم ببناء برج سكني على أرضه، ويحاول كوجي مساعدته في إتمام الصفقة  ويخفي على كاندي وكراش الأمر  ويخدعهما ويبلغهما أن بلومان سيجدد المسرح حيث أن كاندي وكراش يريدان تجديده وعودته إلى حالته السابقة ليقوما  بتقديم عروض مسرحية لإسعاد الأطفال وتعليمهم أشياء مفيدة، حيث أندفع الأطفال إلى ألعاب البوب جي وغيرها من الألعاب الإلكترونية، وتركوا الفن والمتعة الحقيقية فالمسرح بالنسبة لهم مركز للإشعاع الثقافي، والمسرح بالنسبة للطفل يعبر عن شريط الذكريات في المستقبل، حيث أن مشاهدة العروض المسرحية تعتبر وقت للعب والترفيه وكذلك فهو أحد طرق التعليم حيث أنه يغرس القيم النبيلة في عقل الطفل، وداخل هذا المسرح المهجور ووسط الكراكيب تعيش مجموعة من الحيوانات والحشرات  .
تدور الفكرة الأساسية في هذا العرض حول إعلاء قيمة العمل. وينقسم الصراع إلى ثلاثة محاور، المحور الأول بين كوجي وبلومان اللذان يريدان إتمام صفقة البيع ويحاولان تنفيذ مخططتهما وبين كراش الرافض للبيع وانضمت إليه كاندي عندما علمت بنية بلومان بأنه يريد هدم المسرح وعدم تجديده، والمحور الثاني بين مجموعة الحيوانات والحشرات وبين كوجي وبلومان حيث أنهم يدافعون عن المكان الذي يعتبر وطن بالنسبة لهم، ثم أخيرا الصراع بين الكلبتان( ريتا - عفاف ممدوح، كلوبة – رحمة ممدوح) ومعهم القطة (قطقوطة – أشرقت يوسف) من جهة والفأرة (فرفوره) ومعها الحشرات ( حنوش – حمادة عبدالسلام، سحلوله – شيماء حمدي،  صرصوره – شذى مصطفى، صرصور - أحمد محمود) من جهة أخري، فالقطة والكلبتان حيوانات أليفة ومن الممكن أن يعيشوا مع أي شخص ويكونوا سعداء بعيدا عن الكراكيب خاصة لو كانت صديقتهم كاندي، لكن الفأرة وباقي الحشرات لا مكان لهم يعيشوا فيه إلا وسط الكراكيب.
في النهاية وبعد المفارقات التي تعجب الطفل وتجعله يندمج في الاحداث ويتفاعل معها مثل القبض على كوجي وحبسه وسط الكراكيب لإعادة الأموال لبلومان ورفض الصفقة، وخطة الحصول على عقد البيع لإلغائه، وتفكير بلومان في إسعاد الأطفال بأن يكون له دور في المسرح بمساعدته لكاندي وكراش ويقوم بتجديد المسرح
عند قراءتنا للنص الدرامي للمؤلف سعيد حجاج ونص العرض للمخرج محمد متولي نجد المخرج حافظ على البناء الدرامي للنص الدرامي، لكنه لم يستعين بأشعار سعيد حجاج وقام (بلال أمام) بكتابة أشعار جديدة حتي تناسب رؤيته الإخراجية وأعتقد أنه تم بالاتفاق مع مؤلف النص الدرامي، كما قام بتغير أسماء بعض الشخصيات فتحول أسم القرموطي إلى بلومان، وعزوز إلى كوجي حتي يتم توحيد أسماء الشخصيات الإنسانية وتصبح أجنبية ومن وجهة نظرنا نعتقد أن المخرج أراد أن يقدم عرض مصري خالص ذو صبغة عالمية ليقول أننا نستطيع رغم أننا لا نملك من الإمكانيات المادية أن ننافس العروض الأجنبية ونسعد أطفالنا ونعلمهم قيماً من البيئة المصرية. كما قام المخرج بتعديل النهاية حيث أنه جعل بلومان الرجل الذي جاء لاستثمار أمواله والمكسب السريع يعدل عن رأيه ويشترك مع كاندي وكراش في تجديد المسرح.
عند الحديث عن رؤية المخرج لتنفيذ نص العرض نجد الديكور (حازم شبل) عبارة عن منظر لمسرح من الداخل مهجور به بعض البرتكبلات المهملة والحبال الملقاة على الارض وضعت في عمق المسرح وخلفها ستارة استخدمت كشاشة عرض في بعض الأحيان، ثم يتم تعدل وضع البرتكبلات كما يتم وضع بانوهات على جانبي المسرح مشدود عليها بانرات مرسومة بالوان مبهرة في دلالة على تجديد المسرح ، وفي مشهد افتتاح العرض المسرحي بعد التجديد  ترفع الستارة لأعلى التي وضعت في العمق ويظهر عمق جديد عبارة عن ممر ووضعت على الأرض سجادة حمراء ويبدأ استعراض الاحتفال بعودة المسرح لتقديم رسالته.
أما الإضاءة (إبراهيم الفرن) فكانت لإنارة المكان وفي بعض الأحيان تسلط بؤر ضوئية للتركيز على وجوة الممثلين. كما تم استخدام الإضاءة للتعبير عن الحالة الدرامية فسيطر اللون الأزرق على معظم الأحداث في بداية العرض عندما كان المسرح مهجور تم تزايد شدة الإضاءة في مشاهد الاستعراضات خاصة استعراض النهاية.
 كانت الملابس (ريم هيبة) غير تقليدية وسيطر عليها الألوان المحببة للأطفال فنجد كراش يرتدي ملابس المهرج المتعارف عليها ثم يرتدي جلباب نسائي مزركش للتخفي في شخصية أم كراش، ثم يرتدي ملابس مهرج تميل إلى التفاصيل الأجنبية، وارتدى بلومان زي لونه ازرق، وكوشي بدلة غير تقليدية فكان الزي يغلب عليه طابع الفانتازيا. 
قدم المخرج عدد من الاستعراضات (ضياء شفيق) المصاحبة للأغاني (موسيقى والحان حازم الكفراوي) كجزء من النسيج الدرامي المكملة لأحداث العمل فنجد في بداية العرض تدخل الحيوانات والحشرات  بأغنية واستعراض ليتعرف عليها المتلقي ( أنا حنوش ملك الكراكيب (...) أنا ريتا الكلبة البلدي العفريتة (...) أنا كلوبه... الخ) ثم تستكمل الأحداث، واستعراض وأغنية كل صعب بين كاندي وكراش (كل صعب هيبقى سهل) وهو دعوة للاتحاد ضد أي خطر ولذلك لابد أن تقف كاندي وكراش معاً ويضعا يدهما في يد بعضهما ليتحديا بلومان وكوجي وينتصرا عليهما، وكذلك استعراض انا كاندي وفيه تقوم بتعرف نفسها لبلومان ... وهكذا إلى أن نصل إلى نهاية العرض  باستعراض وغناء أيدوا الأنوار في احتفالية بعودة المسرح. 
ومن خلال الرؤية البصرية التي حققها المخرج نستطيع القول بأنه من الممكن ان يقدم عرض مسرحي للأطفال برؤية مصرية عصرية ينافس ما يقدم من عروض أجنبية تحقق المتعة للطفل المصري مع التركيز على القيم التربوية والاجتماعية والثقافية المصرية.
وعن رسالة مسرح الشمس لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة نقول أننا شعرنا بأن الموجودين على خشبة المسرح من الأصحاء جميعاً على الرغم من وجود البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة واظهار قدراتهم الإبداعية ومن ضمنهم محرك العرائس إسلام سالم وهو أول لاعب أراجوز من ذوي الاحتياجات الخاصة ويدرس في كلية التجارة ، والممثلة رحمة ممدوح التي كانت بطلة أول عرض لنفس المخرج محمد متولي من إنتاج فرقة الشمس (الحكاية روح) والتي كانت تعاني من حالة توحد شديدة، وهي حاليا طالبة بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية فقد نجح المخرج محمد متولي في استخدام منهج السيكو دراما (العلاج بالدراما) وادي مسرح الشمس رسالته تحت قيادة الفنانة وفاء الحكيم في العلاج بالفن. 


جمال الفيشاوي