الضريح رحلة المجتمع للبحث عن الخلاص

الضريح رحلة المجتمع للبحث عن الخلاص

العدد 558 صدر بتاريخ 6مايو2018

على خشبة مسرح الهوسابير بوسط البلد قدم فريق “عجبي” فريق تمثيل كلية السياحة والفنادق والمصمم والمخرج مناضل عنتر عرض “الضريح”، الذي يناقش فكرة البحث عن الوسيط سواء للوصول إلى الله أو الوصول إلى هدف محدد في الحياة.
ينطلق عرض “الضريح” من محاولة لتقديم نقد لمن يستخدمون الدين كأداة سلطة والبعض الآخر ممن يبحثون عن وسيط بينهم وبين الله متناسين الوسيط الأصلي وهو الدين السماوي، ولتأكيد ذلك الطرح يقدم “الضريح” بوصفه ذلك الوسيط الذي يؤمن به البعض كأيقونة دينية ويتخذه البعض الآخر كسبيل لتحقيق الأهداف والأحلام، وذلك من خلال تقديم مجموعات متفرقة من المؤدين على خشبة المسرح كل منهم يمثل فئة اجتماعية مختلفة ولكل منهم ميول وأهداف مختلفة، حيث قدم العرض أربع مجموعات أولهم تمثل وضعية المرأة الأرملة البسيطة التي تبحث عن شيء يحميها من كوارث الدنيا التي تتعرض لها بسبب الطمع بعد موت زوجها، والمجموعة الثانية تمثل فئة الشباب الذي يثور ضد الباطل ويحاول مناصرة الحق، أما المجموعة الثالثة فكانت من نصيب الشباب البسيط في الفكر الذي يحاول مسايرة الأحداث وتجنب الأخطار، والمجموعة الأخيرة التي تمثل رجال الأعمال ذوي السلطة والنفوذ والمال، فكان الصراع في العرض بين فئات اجتماعية مختلفة ويتمثل أكثر في صراع بين الروح الثورية والسلطة الفاسدة، فنجد رجل الأعمال الذي أراد الوصول إلى هدف ما في عمله عن طريق فعل الخير لكل من يأتي إلى الضريح ومناداة صاحب الضريح ليحقق له ذلك الهدف، بالإضافة إلى محاولته في إبعاد الآخرين ليكون الصوت المسموع لدى صاحب الضريح هو صوته فقط، محاولته التي أوصلته إلى محاولة قتل المرأة التي تدعو هي الأخرى صاحب الضريح، ووقوف الشاب الثوري أمام تلك المحاولة للاعتراف بالحق، ووقوف الشاب بسيط الفكر مع رجل الأعمال للاعتراف بالباطل، ومن خلال ذلك الحدث يتضح لنا دور كل مجموعة من المجموعات التي سبق الحديث عنها كما يتضح لنا أن الهدف الأساسي حماية الضريح كأيقونة دينية وملجأ للكثيرين، ولكن هناك شخصية رجل الأعمال الذي أمر بهدم الضريح بعد أن وجده بلا فائدة بالنسبة له.
كان التمثيل في العرض منضبطا سواء من خلال تقديم أنماط مختلفة داخل كل مجموعة أو من خلال تقديم المخرج للفئات المختلفة من خلال مجموعتين كل مجموعة بها أربع شخصيات، ولكنهم في الأصل ما إلا شخصية واحدة، وهذا ما جعلنا نرى الصراع بين فئات مختلفة لا أشخاص، كما أن حركة الممثلين جميعا على خشبة المسرح منظمة بشكل جيد سواء في حركة الاستعراض الخاص ببداية العرض أو خطوط الحركة على خشبة المسرح، أما بالنسبة للملابس فكانت لكل مجموعة زي موحد يعبر عن فئتها الاجتماعية وشخصيتها فكان أمامنا زي العباءة للمرأة والبذلة لرجل الأعمال وهكذا، والديكور كان بسيطا عبارة عن ألواح خشبية مزخرفة تمثل شكل الضريح؛ مما يوضح لنا وحدة الحدث الدرامي وكذلك وحدة المكان.
قُدم العرض بمزيج بين اللغة العامية واللغة العربية الفصحي كما كان العرض يحمل آيات من القرآن الكريم والإنجيل، ورغم ذلك وقع الكثير من الأخطاء اللغوية كنصب الفاعل على لسان أحد الممثلين، بالإضافة إلى أن العرض لم يكن له ختام مما أثر على وجود بصمة إيجابية على النهاية.
من جهة أخرى استعان مخرج ومؤلف العرض مناضل عنتر بجملة من فيلم أجنبي بعنوان (v for vendetta)، وهي أن الفكرة لا تموت، حيث إنه وإن تم هدم الضريح فلن يموت لأنه فكرة يؤمن بها الكثير باختلاف الأسباب التي تجعلهم يؤمنون به، وهذا ما تؤكده جملة العرض عن الضريح أنه فكرة يقدمها المتطرفون والمتشددون بوصفها لعنة ويرون أنها عقاب بينما الحالمون ما زالوا منتظرين لتحققها.
ومن هنا نجد أن الصراع لا ينتهي دائما نهاية محتومة وإنما تختلف النهايات بوجود منتصرين، وخاسرين، وأيضا شهداء وهذا ما تم تأكيده من خلال الحوار في العرض.
لقد نجح العرض في إثارة الكثير من الأسئلة حول دور الدين داخل المجتمع والقوى الاجتماعية التي تدعمه وتتصارع حوله، كما جعلنا كمشاهدين نفكر في أسباب الخوف ومحاولة حماية الفكرة التي نؤمن بها مهما كانت المخاطر حتى تعيش الأحلام والأهداف.


علياء النربس