سنووايت برؤية جديدة تحترم عقلية طفل الألفية الثالثة

سنووايت برؤية جديدة تحترم عقلية طفل الألفية الثالثة

العدد 523 صدر بتاريخ 4سبتمبر2017

نجح المخرج محسن رزق في تقديم عرض “سنووايت” الذي يقدم حاليًّا على مسرح عبد المنعم مدبولي، برؤية جديدة تحترم عقلية طفل الألفية الثالثة، بداية من اختيار القصة “سنووايت”، وهي قصة محببة للأطفال ويحفظونها من خلال متابعتهم للفيلم أو قراءتها أو حكيها لهم، وتقديمها في قالب مختلف، فجعل من المقدمة غير التقليدية مدخلا مناسبًا لحكي قصة معلومة مسبقًا، من خلال الأم التي تستعد للاحتفال بعيد ميلاد ابنتها، وتفاجأ بها ترفض حضور الدمية “باربي” الحفل حتى لا توجد به من هي أجمل منهامن هنا بدأت الأم تحكي لطفلتها قصة سنووايت مع الساحرة الشريرة التي حاولت قتلها فقط لكونها أجمل منها، لتعلمها درسًا في حب الناس ونبذ السلوكيات السيئة -منها الأنانية وحب الذات- في أسلوب جديد وشائق لراوٍ غير تقليدي ومختلف.
كما أنه كان موفقًا في اختيار الشخصيات: عايدة فهمي التي تعود بعد غياب لتقول لنا ما زال لدي الكثير لأقدمه في فن التمثيل والأداء وعلم الصوتيات، فرغم أن “إيفيلين” شخصية شريرة إلا أنه أعطاها مساحات بها خفة دم منها المشهد الذي بدأته بتقليد أصوات الحيوانات، وكذلك وهي تقول إن لديها قطة تحبها، عايدة فهمي أكثر من رائعة؛ نجحت في أن تجعل الأطفال يحبون شخصية شريرة بالعمل وإدراكهم جيدًا أن هذا الشر مجرد تمثيل.
مروة عبد المنعم طفولة وبراءة وخفة دم وروح، فهي في العرض طفلة حقيقية لا يزيد عمرها عن ثلاثة عشر عامًا، بتلقائية ومن دون أي افتعال، تشع بهجة وتنشر طاقات إيجابية طوال الوقت، كذلك اختلاف الأداء بين شخصية الأم وشخصية سنووايت الذي يؤكد قدرتها العالية وبراعتها في التمثيل.
 مصطفي حجاج “ستفن” يمتلك أدوات كثيرة منها إجادة الرقص والتمثيل وتصميم الاستعراضات وربما تكشف لنا الأيام القادمة عن مواهب أخرى.
خالد إبراهيم الذي جسد شخصية الصياد صاحب القلب الطيب الذي رفض تنفيذ أمر الملكة وقتل سنووايت، أداء عالٍ وخبرة.
هشام عادل، باسم قناوي، محمد سلامة وباقي الأقزام خفة ظل وحركة وأداء، لكن ربما لو تم الاستعانة بأقزام كان أفضل، خاصة أنه عرض مقدم للأطفال فكيف نقول لهم أن هذا الشخص هو قزم بينما هو شخص عادي.
الطفلة الصغيرة التي كانت سببًا رئيسًا لسرد أحداث سنووايت، موهبة تستحق الرعاية.
الديكور للفنان الرائع حازم شبل بألوانه المبهجة ولوحاته خاصة غرفة الطفلة التي حرص أن يكون بها مكتبة تحوي قصصًا للأطفال، وأعتقد أنه كان من الأهمية الإشارة إليها ولو بجملة واحدة في النص.
شاشة العرض لها دور كبير وموظفة بشكل جيد خاصة في مشهد الغابة وسنووايت تجري، فهي تعمل على تنمية القدرة على التخيل والربط بين الموقف وما يحدث بها في الخلفية
الإضاءة الهادئة أحيانًا الصاخبة أحيانًا أخرى بألوانها المبهجة والألترا للفنان الكبير جدًّا أبو بكر الشريف.
الإعداد الموسيقي للفنان المتميز أحمد عبد المعبود الذي اعتمد في بعض المواقف على ألحان محببة للأطفال منها: “إيا إيا آه”، “إعلان فودافون في رمضان الماضي”
والملابس المناسبة دراميا ومصنوعة من خامات وألوان ملائمة لعروض الأطفال للفنانة نعيمة عجمي، وكذلك الماسكات المتميزة جدًّا والجديدة للفنان مجدي ونس.
مجموعة اللوحات الفنية والتشكيلية الرائعة التي  صممها الفنان مصطفى حجاج والتي أشاعت حالة من البهجة والمتعة البصرية: سنوايت وستفن، الساحرة والعفاريت، الأقزام والعفاريت، وكذلك استعراض الملكة مع الحرس عقب تخلصها من سنووايت، استعراض ترتيب وتنظيف منزل الأقزام سنووايت والحيوانات، الأقزام وهم خائفون من سنووايت، استعراض التوبة، استعرض الختام سعادة في سعادة.
نجح أيضًا في تقديم القصة في إطار درامي متوافقًا مع واقعنا الحالي ومشكلاته، وتقديم الحلول لها وتوجيه النصح والإرشاد من دون خطابية ومباشرة من خلال قصص الأقزام وظروفهم الحياتية التي جعلتهم يحترفون السرقة: مدرس الموسيقى، مهرج السيرك، الطباخ، النجار، صاحب مكتبة الأطفال، الفتاة الدميمة التي تعلمت من سنووايت أن الجمال ينبع من الداخل ومن إحساسنا به الذي ينتقل بطبيعته للآخرين.    
استعان المخرج أيضًا بشخصيات محببة للأطفال: تويتي وباربي والديناصور شلبي، كما استخدام لعبًا محببة أيضًا: مسدسات مياه بأنواع مختلفة وبالونات ومزامير، وكلها عناصر تعمل على جذب اهتمام الطفل.
 سنووايت والأقزام السبعة, هي واحدة من الحكايات الأكثر شهرة في العالم, ظهرت لأول مرة عام 1812, عندما قام بنشرها “الأخوان جريم” ضمن الحكايات التي قاما بجمعها من القصص الشعبية الأوروبية القديمة، ومثل الكثير من حكايات جريم, فإن قصة سنووايت والأقزام السبعة تجري أحداثها في فترة العصور الوسطى، وانتقلت عن طريق الرواية الشفهية على مر القرون, وفي عام 1937 أنتجت شركة “ديزني” للرسوم المتحركة فيلمها الأول بعنوان “ سنووايت والأقزام السبعة “, وحظى الفيلم بشعبية واسعة في جميع أنحاء العالم, ومنذ ذلك الحين ننظر إلى تلك القصة باعتبارها مجرد حكاية خيالية, ولكن مع ذلك تشير الدراسات التاريخية مؤخراً إلى أن هذه الخرافة الشهيرة, قد لا تكون خيالية جدا بعد كل شيء.
لذا وجب على المخرج وضع كلمة “إعداد” بدلاً من كلمة “تأليف” على أفيش وبانفليت العرض، وهو فنان كبير قدم وجبة دسمة للأطفال وأكبر من أن يقع في هذا الخطأ.
كما يؤحذ على العرض أيضًا طول الفترة الزمنية، التي يتم معالجتها أو التحايل عليها بتقسيم العرض إلى فصلين يتخللهما استراحة، وكأن طول الفترة الزمنية ارتباط شرطي لعروض الأطفال على الرغم من صعوبة ذلك فقد رأيت الأطفال الجالسين بجانبي وهم يغطون في نوم عميق.


نور الهدى عبد المنعم