العدد 780 صدر بتاريخ 8أغسطس2022
الكاتب المسرحي/ جمال عبد المقصود والذي توفي في الأيام الأولى من شهر يوليو الماضي (تقريبا في 4/7/2022) رحل عن عالمنا بلا وداع وبهدوء وصمت شديد لا يليق أبدا بكبار المبدعين. لقد علمت بخبر رحيله بالصدفة فقط خلال الإجتماع الأخير لمجلس إدارة «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية»، وكان المجلس برئاسة الفنان القدير/ ياسر صادق قد سبق له الموافقة بالإجماع خلال أوائل شهر شعبان الماضي على خطة الاحتفالات التي ينظمها المجلس بمناسبة شهر رمضان الكريم والتي تضمنت إقتراح بتكريم كل من رائد الفنون الشعبية/ د.أحمد مرسي، والكاتب القدير/ جمال عبد المقصود، ولكن نظرا للظروف الإحترازية بسبب الكورونا اللعينة وأيضا للظروف الصحية لكل منهما تم تأجيل التكريم. ويشاء القدر الا تتاح لنا هذه الفرصة إطلاقا أثناء حياة كل منهما برحيلهما عن عالمنا. لقد أخبرنا الصديق العزيز الشاعر والناقد المسرحي/ محمد بهجت - ونحن في صدد الاستعداد لعقد حفل تأبين للدكتور/ أحمد مرسي أنه قد علم بالصدفة برحيل الكاتب/ جمال عبد المقصود أيضا قبل عيد الأضحى المبارك بأيام، فكان الوحيد الذي علم بالخبر نظرا لصداقته وعلاقته الوطيدة بالكاتب الراحل.
وهكذا يرحل فرسان المسرح واحدا تلو الآخر في سرعة وصمت مريب لا يليق أبدا بحجم إسهاماتهم وإبداعاتهم، ويكفي أن أسجل لجريدة مسرحنا شرف الانفراد بتأبين مجموعة المبدعين وإتاحة الفرصة لي لا تحمل بمفردي مسئولية رثاء مجموعة الزملاء والأصدقاء المسرحيين ورصد توثيق مشاركاتهم المسرحية ومن بينهم هذا العام على سبيل المثال الفنانين: ولاء فريد، زينب منتصر، عايدة عبد العزيز، عهدي صادق، مصطفى سعد، فاطمة مظهر، سمير صبري (مسرحيا)، وكذلك المشاركة في تأبين وتوثيق أعمال الأساتذة: جلال الشرقاوي، يسري الجندي، أحمد حلاوة، عبد الرحمن الشافعي، د.كمال عيد.
المؤلف المسرحي/ جمال عبد المقصود:
الكاتب الكبير/ جمال عبد المقصود من مواليد مدينة «القناطر الخيرية» بمحافظة القاهرة عام 1925، وقد نال ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة عام 1962. بدأ حياته العملية بمجرد تخرجه، حيث التحق بالعمل ببنك مصر، ثم انتقل بعد ذلك وبالتحديد عام 1974 للعمل بالمصرف العربي الدولي وتدرج في المناصب القيادية. وجدير بالذكر أنه قد حصل خلال مسيرته العملية على دبلوم الترجمة عام 1974، ماجستير في الآداب عام 1994.
وهو يعد بصفة عام كاتبا غزير الإنتاج، ومن خلال دراسة قائمة إبداعاته المتنوعة يمكنني تصنيف مجموعة مؤلفاته كما يلي:
أولا – الأعمال الأدبية:
- نشر مجموعة من القصص القصيرة بعدة مجلات من بينها: آخر ساعة، الكواكب، الهلال، المجلة، بناء الوطن، الطليعة.
- نشر مجموعة من المقالات النقدية بعدد من الصحف والمجلات الفنية.
- نشر عدة نصوص مسرحية ومن بينها: «الغائب» بمجلة المسرح عام 1967، «حكاية ثلاث بنات» وقد نشرت ضمن سلسلة «مسرحيات مختارة» (الهيئة العامة للكتاب – العدد السابع) عام 1973، «الراجل الذي أكل وزة» نشرت بسلسلة «المسرح العربي» (الهيئة المصرية العامة للكتاب) عام 1987.
- يتضمن إنتاجه الأدبي أيضا بعض المترجمات الأدبية في القصة والرواية والمسرح.
ثانيا – الأعمال المسرحية:
تتضمن قائمة أعماله المسرحية التي قدمت على خشبات المسارح مجموعة المسرحيات التالية:
- الغائب (1968)، وقدمت من خلال فرقة «مسرح الجيب» من إخراج/ رأفت الدويري، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: تريز دميان، صبري عبد المنعم، محمد سالم، بشرى القصبي.
- حكاية ثلاث بنات (1973)، وقدمت من خلال فرقة «مسرح الجيب» من إخراج/ محمود الألفي وشارك في بطولتها كل من الفنانين: ميمي شكيب، عزيزة حلمي، إبراهيم عبد الرازق، آمال رمزي، نادية الشناوي. ويذكر أنها نالت شرف تمثيل «مصر» بمهرجان دمشق المسرحي الدولي عام 1973 أيضا.
- الراجل الذي أكل أوزة (1985)، وقدمت من خلال فرقة «مسرح الطليعة» من إخراج/ ماهر عبد الحميد، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: أحلام الجريتلي، يوسف رجائي، زايد فؤاد، محمود عبد الغفار.
- عالم كورة كورة (1987)، وقدمت من خلال فرقة «المسرح الكوميدي» من إخراج/ مجدي مجاهد، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: سامح السريطي، نادية فهمي، نهلة سلامة، مجدي إمام، حسن حسين.
- الدخول في الممنوع (1989)، وقدمت من خلال فرقة «المسرح الكوميدي» من إخراج/السيد راضي، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: نوال أبو الفتوح، حمدي أحمد، فؤاد خليل، نهلة رأفت.
- مسألة مبدأ (1990)، وقدمت من خلال فرقة «المسرح الكوميدي» من إخراج/ من إخراج/ مجدي مجاهد، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: محسن محيي الدين، نسرين، شادية عبد الحميد، آمان محي الدين.
- عالم بغبغانات (1994)، وقدمت من خلال فرقة «المسرح الكوميدي» من إخراج/ مجدي مجاهد، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: محمد أبو الحسن، سعيد عبد الغني، علا رامي، حسن حسين.
- مع خالص تحياتي (1979)، وقدمت من خلال فرقة «المدبوليوم» من إخراج/ عبد المنعم مدبولي، الذي شارك في بطولتها مع كل من الفنانين: عقيلة راتب، ثريا حلمي، سناء يونس، محمود مسعود، عفاف رشاد، ناهد رشدي، فؤاد أحمد، عبد السلام الدهشان. وجدير بالذكر أنها مقتبسة عن مسرحية الكاتب اليوغسلافي/ برتسلاف نوشيتش.
- يا مالك قلبي بالمعروف (1979)، وقدمت من خلال فرقة «المدبوليوم» من إخراج/ هاني مطاوع، وشارك في بطولتها كل من الفنانين: عبد النعم مدبولي، سهير المرشدي، عبد الرحمن أبو زهرة، فؤاد أحمد، محمد جبريل.
وبدراسة قائمة المسرحيات السابقة يمكن ملاحظة أن أعماله قد تنوعت بين فرق مسارح الدولة وفرق القطاع الخاص، وأنه لتمكنه في تقديم الكوميديا الاجتماعية ونجاحه في خلق المواقف الكوميدية التي تعتمد على المفارقات محكمة الصنع اقترب جدا من الفنان الكبير/ عبد المنعم مدبولي، الذي منحه فرصة أن يكون بمثابة المستشار الفني لفرقته «المدبوليزم»، وذلك ليس فقط لاختيار النصوص المناسبة للفرقة بل وأيضا القيام أحيانا بمهام «الدراماتوج» وإعادة صياغة بعض المشاهد والمواقف الكوميدية.
وبصفة عامة يمكنني أن أرصد أن تيمة القهر بمختلف تنويعاته السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية هي التيمة السائدة في غالبية أعماله، وعلى سبيل المثال فقد تناول من خلال مسرحية «الغائب» (وهي مكونة من ثلاث مسرحيات قصيرة) موضوع الاعتقال السياسي، ، وفي مسرحية حكاية الثلاث بنات تناول تجربة ثلاث فتيات مع الحب الذي يصطدم بمشاكل وعقبات تحول دون استمراره أو تتويجه بالزواج، وبمسرحية «الرجل الذي أكل وزة» تدور الأحداث الدرامية حول محاكمة مراكز القوى لرجل بجريمة الحلم ويتهمونه بخطورته على الأمن لأن الحلم في حقيقته تعبير عن الحرمان!!، وفي مسرحية «عالم كورة كورة» يعالج موضوع التعصب الأعمى إلى درجة الهوس، والذي قد يؤدي بدرجة المغالاة إلى الصدام بين الجماهير بسبب غياب النظرة الموضوعية المحايدة. ويتناول بمسرحية «الدخول في الممنوع» مساوئ التطلعات الطبقية، والتي قد تدفع البعض إلى التخلي عن المثل والمبادئ والقيم الاجتماعية وبالاستقرار والهناء الأسري من أجل تحقيق مكاسب أكبر والوصول لمكنة أفضل. ويتناول بمسرحية «عالم بغبغانات» بالنقد اللاذع سلبيات الممارسات الحزبية سواء داخل الحزب أو خارجه، ويكشف كيفية توظيف الشعارات البراقة الخادعة لكسب ثقة الجماهير، ثم بعد الفوز يسارع عدد كبير من الأقطاب الحزبية باستغلال مواقعهم ونفوذهم لتحقيق المكاسب الشخصية.
ويتضح مما سبق أنه كاتب يعي جيدا دوره الاجتماعي في نشر الوعي والارتقاء بمستوى الفكر، كما يحسب له تمكنه من كافة مفرداته الأدبية وإتقانه لهواية ومهنة الكتابة، ويتضح ذلك جليا من خلال ما تضمنته مقدمته لمسرحيته «حكاية ثلاث بنات» حيث كتب: «إذا كان جسم العمل الفني هو وسيلة للتعبير عن هدف الكاتب أو لإحداث التأثير الذي يسعى إليه فإن قيمة هذا الجسم تتحدد بمدى ما يحدث من تأثير في وجدان المتفرج. أي أن جسم العمل الفني ليس غاية في ذاته، وبالتالي من الممكن أن نقدم أصغر جسم ممكن بأكبر تأثير ممكن ... إن الكاميرا في يدي لا تصور الجسم الكامل، إنها تصور اليدين في ارتعاشها وترددها أو أسفل الوجه في محاولة للسيطرة على الدموع، المهم ليس الصورة بل نوع المنظر وزاوية الالتقاط ... كان علي أن أراعي في كل المواقف التركيب النفسي للشخصيات وواقعها الاجتماعي والثقافي ومقتضيات الموقف نفسه بما يتضمنه من صراع بين الأطراف».
- المتابعات النقدية:
جدير بالذكر أن مسرحيات الكاتب الكبير/ جمال عبد المقصود لم تحظ بتحقيق النجاح الجماهيري فقط بل فازت أيضا بإشادات عدد كبير من النقاد، ويمكنني على سبيل المثال اتخاذ كل من مسرحيتيه «الرجل الذي أكل وزة» - والتي تعد من أنجح مسرحياته جماهيريا – وأيضا مسرحية «عالم كورة كورة» نموذجين لرصد بعض الإشادات النقدية المهمة، تلك الإشادات التي كتبها نخبة من كبار النقاد كما يلي:
1- عن مسرحية «الرجل الذي أكل وزة»:
- من خلال سلسلة لوحات سريعة مشدودة الإيقاع تضمن أكثر مما تفصح تأتي المسرحية فضحا ساخرا وقاسيا للنظم الشمولية البوليسية التي احترفت امتهان أدمية البشر ... وقد وفق المؤلف في اختيار نموذجه الذي يمارس عليه النظام عنفه وسطوته .. ورغم البساطة والعفوية المتعمدة في أحداث هذا العمل إلا أنه من خلال هذه البساطة يتم جمع جزئيات الصورة المتناثرة لتبين مدى بشاعة عملية تخريب الإنسان ... وهذه المسرحية قطعة راقية من الكوميديا الساخرة تفجر عاصفة من الضحك الصحي، وبالتالي فهي تؤكد أن الكوميديا يمكن أن تخلق وتتفجر من خلال أكثر الأعمال جدية دون ابتذال أو إسفاف.
محمد عثمان: مجلة «روز اليوسف» (19/8/1985)
- من الغريب أن الكاتب نجح في إضحاكنا على مواقف وأوضاع لا تحتمل الضحك إذا قدمت بأسلوب واقعي، وهو ما يؤكد ملكة الفكاهة لدى الكاتب وبراعته في ابتكار المواقف والشخصيات التي تبرز مفارقات الواقع وتناقضاته بصورة تفجر الضحكات، وبراعته في كتابة حوار حي متدفق يتميز بالتركيز وخفة الظل والصدق عن مختلف الشخصيات، وكلها عناصر ساعدت على نجاح المسرحية.
فؤاد دوارة: مجلة «الكواكب» (17/9/1985)
- مسرحية «الرجل الذي أكل وزة» تعتبر – آخر المحاولات – حتى الآن – الجادة والجيدة لبلورة معنى الظلم والخوف والقهر ونتائجه للإنسان والمجتمع ... والمسرحية رغم قتامة الموضوع إلا أنها تملك القدرة على الإضحاك في أصعب القوالب المسرحية وهي «الكوميديا السوداء» ... لغة المسرحية حية نابضة قادرة على التعبير والإضحاك دون أية لفظة هابطة ... العمل في مجمله يستحق المشاهدة ويثبت أن مثل هذه الموضوعات لا تستهلك لأن القيمة الفنية والقدرة على التناول تعيش دائما.
سناء فتح الله: جريدة «الأخبار» (30/9/1985)
- أهمية هذه المسرحية أنها تتعرض لأخطر قضايا الإنسان وهمومه «القهر»، وبالتالي فهي تنضم إلى تلك الأعمال التي استهدفت الدفاع عن حرية الإنسان في ممارسة حقوقه المشروعة ... المسرحية كوميديا سوداء تجعلنا نضحك من شدة الحزن، حوار ساخر فيه عذاب الألم ومرارة الواقع ومبالغة مقصودة ومحسوبة تعمق الشعور بالأسى العميق الذي تغلفه ضحكات متواصلة تكاد تبللها الدموع. هذا الحس الكوميدي المرهف ليس غريبا على المؤلف/ جمال عبد المقصود الذي يعتبر كسبا حقيقيا للكوميديا المصرية.
نبيل بدران: مجلة «آخر ساعة» (9/10/1985)
- نص متميز ومتدفق ويثير الفضول ... كوميديا من ذلك النوع الذي افتقدناه طويلا، وحيوية وتدفق نص جيد واضح ما بذل في من جهد عميق لمؤلفه الشاب/ جمال عبد المقصود.
آمال بكير: جريدة «الأهرام» (30/8/1985)
- المسرحية «كوميديا سوداء» وقد استخدمت فكرة خيالية أو كاريكاتيرية أقرب إلى النكتة الدرامية واللفظية لتنتقد بعنف أشبه بفتح النيران على أحد سلبيات نظمنا السياسية ... والغريب والمدهش في الأمر أن ينجح الكاتب في تفجير الضحك الدامي الذي لم يتحقق بالابتذال أو بالإسفاف وأنما بالفن.
أحمد عبد الحميد: جريدة «الجمهورية» (12/10/1985)
- أنهم يستطيعون أن يمنعوا عن الإنسان أي شيء ولكنهم لا يستطيعون أبدا أن يحجبوا عنه الحلم، ففي الحلم يستطيع الإنسان أن يجد حلا لكل مشاكله. مؤلف المسرحية ارتفع بالحدث إلى حدود المبالغة ليهاجم زوار الفجر، هؤلاء المتخصصين في كتابة التقارير السرية ... نحن أمام عمل كوميدي سياسي اجتماعي نظيف وباهر.
حلمي سالم: مجلة «المصور» (27/9/1985)
- عندما يعيش الإنسان في ظل ديكتاتورية عمياء يفقد حريته تماما ويفقد حتى حقه في الحلم ... في سخرية لاذعة مريرة يتعرض المؤلف لهذا المفهوم ويعرض منه مأساة مجتمع بأسره .. كل ذلك من خلال قالب مسرحي اقترب من «الإسكتش» الدرامي السياسي مبتعدا – وهذه هي طبيعة الدراما السياسية – عن الشكل التقليدي المعروف للمسرحية، كذلك نجح عن طريق حواره الشديد الذكاء أن ينطق شخصياته بما يجيش داخل صدورهم من صراع وآراء.
مختار العزبي: مجلة «أكتوبر» (6/10/1985)
1- عن مسرحية «عالم كورة كورة»:
اختيار الكاتب المسرحي الصاعد/ جمال عبد المقصود هذه القضية موضوعا لملهاته الجديدة «عالم كورة كورة» بمثابة الوقوع على كنز ثمين، لأنه موضوع يهمنا جميعا والشباب منا بصفة أخص، كما أن التعصب والتطرف أيا كان مركز اهتمامه – كأي عيب أخلاقي آخر – من أخصب الموضوعات للملهاة بسخريتها وهجوها ومبالغتها التي تهدف للنقد، وإضحاكنا على عيوبنا الواقعية بهدف علاجها وتصحيح أفكارنا وسلوكياتنا، وهو ما نجح المؤلف في تحقيقه.
فؤاد دوارة: مجلة «الكواكب» (15/9/1987)
- ليس صحيحا أن مسارح الدولة – التابع للقطاع العام – لا يستطيع أن يقدم الكوميديا التي تنجح في اجتذاب الجمهور وتسعدهم، والدليل على ذلك مسرحية «عالم كورة كورة» ... فتلك المسرحية وهي غنائية موسيقية ذات رسالة ومضمون نقدي، لأنها تتناول في نصها صورة للتعصب الذي يسيطر على مشجعي كرة القدم لأنديتهم، وهو ما نستشعره جميعا وما نعانيه وما نتج عن ذلك من هوس وتسطيح للعقول.
محمد صالح: جريدة «الأهرام» (24/9/1987)
- وضع المؤلف يده على أحد مآسي هذا العصر وهي «الهوس الكروي» الذي يشترك فيه العالم كله حتى دول العالم الثالث ... العرض المسرحي المتميز كان بمثابة استفتاء خاص بالكرة وعالم الكرة، وتحذير من خطورة انسياقنا مع هذا الهوس. هذه القضية طرحها المؤلف - الجاد الذي يتمتع بحس كوميدي - من خلال حوار ساخر ممتع سريع وعرض جيد.
سناء فتح الله: جريدة «الأخبار» (21/9/1987)
- تمكن المؤلف من وضع يده على فكرة ساخنة أقام حولها البناء الدرامي، واعيا لأهمية رسم شخوصه بدقة ووصول أحداثه إلى المتلقي محاطا بالمبررات وسبل الإقناع لأن أحداث التي تعرضت لها دراما العمل توجد في كل بيت وتتسم بأنها أحداث معاشة ... وتبقى المسرحية نظيفة بعدما قرر مؤلفها ومخرجها وممثلوها السباحة ضد تيار الإسفاف اللفظي والحركي واحترموا مشاهديهم فاستحقوا احترام المشاهدين.
شادي ياسين: جريدة «الأحرار» (28/9/1987)
- أعتبر عرض «عالم كورة كورة» البداية الحقيقية لنشاط وعودة المسرح الكوميدي لأسباب ثلاثة هي:
أولا: أنها مسرحية مؤلفة وليست مقتبسة عن نص أجنبي، خاصة إذا كان لدينا مؤلفو الكوميديا المصريون القادرين على كتابة نصوص كوميدية جيدة نرى فيها أنفسنا وحياتنا.
ثانيا: أنها مسرحية نظيفة وخالية تماما من التعبيرات البذيئة الوقحة السائدة في أغلب العروض الكوميدية والتي تحاول التسلل لبعض عروض القطاع العام.
ثالثا: أنه عرض جيد استطاع رغم الدعاية الرمزية أن يتواجد بثبات وسط العروض الكوميدية الأخرى التي يحشدون لها أشهر نجوم الكوميديا.
نبيل بدران: مجلة «آخر ساعة» (14/10/1987)
- هذه المسرحية قوبلت بحفاوة نقدية سلطت الضوء على موهبة كاتبها .. وتدلنا القراءة المتأنية للنص على أن التعصب الكروي ليس سببا لما تنتقده المسرحية من سلبيات بل هو عرض من أعراض آفة أعمق تربطه بمظاهر أخرى مثل الحركة الثقافية والعلاقات الإنسانية عموما. وكرة القدم ليست إلا جزءا صاخبا من مشروع أيديولوجي ضخم وصناعة كبيرة في مجتمعات الاقتصاد الحر. وتصور المسرحية بإحكام تضافر الألعاب جميعا (الكرة، الثقافة والحب) على خلق عالم وهمي بديل لشقاء وسلبية الناس ... والجديد في المسرح السياسي للمؤلف أن الحوار لايتحول أبدا إلى مناقشة قضية مجردة، فالمؤلف لا يختار شخصية تكون بمثابة بوق أو مكبر صوت لأرائه، فلكل شخصية ملامحها وشحنتها الانفعالية في الحوار. وتجيء العامية الفصحى بحيويتها وتألقها لتربط بين الشخصيات والجمهور في لقاء حر يحرك الفكر والعاطفة.
إبراهيم فتحي: مجلة «المسرح» (نوفمبر 1987)
ويتضح مما سبق أهمية مؤلفاته المسرحية بصفة عامة ونجاحها في الجمع بين كل من النجاح النقدي والجماهيري، وإن كانت مسرحيته البديعة «الرجل الذي أكل وزة» تظل درة أعماله التي تقدم كثيرا بمختلف تجمعات الهواة بفرق المدارس والجامعات والشركات ومختلف الفرق الإقليمية أيضا.
رحم الله الكاتب القدير/ جمال عبد المقصود وأدخله فسيح جناته جزاء ما أخلص وأتقن في عمله وحرصه على تقديم الكوميديا الراقية لإسعادنا وخلق البسمة على شفاهنا.