رحيل أستاذ ومعلم الأجيال د. كمال الدين عيد

رحيل أستاذ ومعلم الأجيال د. كمال الدين عيد

العدد 777 صدر بتاريخ 18يوليو2022

يعد الأستاذ العلامة د. كمال الدين عيد أحد أبرز أبناء جيل الستينيات بكل رموزه الفنية في المسرح, ذلك الجيل الذي حقق نهضة مسرحية وفنية كبيرة, قفزت بمسيرة المسرح   المصري قفزة كبيرة أثرت الحياة الثقافية والفنية وأدت إلى تطور كبير في فهم ودراسة وتقديم وإنتاج وإخراج فنون المسرح في مصر. هو من ذلك الجيل الذهبي جيل الأساتذة الكبار: : كمال ياسين، سعد أردش وكرم مطاوع وجلال الشرقاوي ومحمد عبد العزيز وفاروق الدمرداش، وسمير العصفوري وأنور رستم, وغيرهم. ترك بصماته في تاريخ المسرح المصري مخرجا مبدعا وناقدا متميزا وعالما وأستاذا أكاديميا. احترمه وأجله الجميع لعظمة قدره وثراء علمه وحسن أدبه ورقي فنه. رحل عنا منذ أيام في هدوء عن عمر يناهز اثنين وتسعين عاما من العطاء المثمر ظل فيها حتى أواخر أيامه يعطي ويمنح الكثير من علمه دون أن يبخل على أحد بفكره وأفكاره وخبراته.
اسمه بالكامل/ كمال الدين محمد عيد. ولد بالقاهرة في 18 يونيو عام 1931م. التحق بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي عام 1945م بالدفعة الثانية للمعهد وكان صغير السن حينها ولكن تم دخوله بشكل استثنائي بتوجيه من النحاس باشا عندما شاهده يمثل في حفل  أقيم  في نادي «مبرة السيدة زينب» دور نابليون بونابارت عندما وصل إلى مصر بالحملة الفرنسية., فقال النحاس باشا: «الولد ده بيمثل كويس, خذوه في المعهد الذي افتتح العام الماضي», وسأله, فقال له إنه ما زال طالبا في الصف الثالث الثانوي, فقال «خذوه بشكل استثنائي». كانت الدفعة الثانية تضم معه من الفنانين/ عدلي كاسب ومحمد الطوخي وصلاح منصور وعبد المنعم إبراهيم وعبد المنعم مدبولي وعلي الزرقاني, ومن السيدات الممثلات برلنتي عبد الحميد وسميحة أيوب وعزيزة حلمي وملك الجمل. ولأنه عندما التحق بالمعهد كان عمره 14 سنة ولم يكن قد حصل على شهادة التوجيهية بعد فقد ظل بالمعهد حتى يتم سن الواحد والعشرين ثم يتخرج, فمكث سنتين في السنة الأولى ثم سنتين في السنة الثانية وكذلك سنتين في السنة الرابعة ثم سنة واحدة في العام الرابع وتخرج في عام 1952م.
بعد تخرجه عين مفتشا للمسرح المدرسي بمنطقة الإسكندرية التعليمية بوزارة التربية والتعليم ( 1955 – 1956), ثم مفتشا للمسارح والملاهي بمصلحة الفنون بوزارة الإرشاد القومي (1956-1958). 
سافر بعدها في 1958 إلى المجر في بعثة لدراسة الإخراج المسرحي حتى عام 1962, ثم عيم مخرجا من الفئة الأولى بهيئة المسرح, ثم أستاذ منتدب لتدريس نظريات الإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية  (1964 – 1968). حتى سافر في بعثة  بالمجر عام 68 على حسابه الخاص للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة في الآداب الدرامية وعاد منها عام 1974 , وعين مستشارا فنيا بوز ارة الثقافة الليبية لشئون الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية (1974 – 1977) وعمل أستاذا بكلية التربية بليبيا حتى عام 1986, ثم عاد إلى القاهرة وعين أستاذا للتمثيل والإخراج بأكاديمية الفنون, ثم وكيلا للمعهد العالي للفنون المسرحية حتى عام 1987, وانتقل للعمل بالإعارة كأستاذ بالجامعات في عدة دول عربية بالعراق والكويت والسعودية, وبعد عودته عمل أستاذا متفرغا وأستاذا منتدبا منذ عام 2002 بجامعات عين شمس والإسكندرية, وبنها وأكاديمية الفنون المصرية.
شهدت مسيرته الفنية إخراج 16 مسرحية لمسارح الدولة المختلفة وهي:
ثم تشرق الشمس – ثروت أباظة – مسرح التليفزيون 1963.
دراسات أنطون تشيكوف – أنطون تشيكوف – مسرح الجيب المصري 1963 – القاهرة.
الحضيض أو الأعماق السفلي – مكسيم جوركي – لأول مرة على المسرح المصري – مسرح سيد درويش – فرقة الإسكندرية المسرحية 1963.
مشهد من الجسر – آرثر ميللر لأول مرة على المسرح المصري – المسرح القومي بمسرح الجمهورية 1964 – القاهرة.
الأزمة – أحمد حمروش – مسرح إسماعيل يس بالإسكندرية 1964.
الخبر – صلاح حافظ – المسرح القومي – مسرح حديقة الأزبكية 1964 – القاهرة.
شفيقة ومتولي – شوقي عبد الحكيم – مسرح الجيب المصريى 1964 – القاهرة.
المستخبي – شوقي عبد الحكيم – مسرح الجيب المصري 1964 – القاهرة.
الضفادع – أرستوفانيس لأول مرة على المسرح المصري ، ت : د. لويس عوض – مسرح ميامي 1965 – القاهرة.
الحالة ج . فرقة بني سويف المسرحية التابعة لمؤسسة المسرح – مسرح المحافظة 1966.
الناس اللي في السما التـامنة – علي سالم – فرقة البحيرة المسرحية التابعة لمؤسسة المسرح – مسرح المحافظة 1966.
طبول في الليل – أول تعبيريات برتولت برخت – مسرح الجيب المصري 1966.
الأراجوز – عبد الرحمن شوقي – افتتاح فرقة القليوبية المسرحية التابعة لمؤسسة المسرح 1967.
الأستاذ – يوجين يونيسكو – مسرح الجيب المصري 1968.
مخرجًا مساعدًا لأستاذه الراحل/ زكي طليمات – عرض «موال من مصر» أمام أهرامات الجيزة 1971.
أهلاً فأر السبتية – عن دراما الإنجليزي بيتر شافر Peter Shaffer – مسرح الطليعة 1974.

كما كان له عدد من الإنشاءات والمساهمات الثقافية في الوطن العربي, تضمنت : الإشراف – بتكليف من وزارة الثقافة والإرشاد المصرية – على تجهيز المسرح الصيفي ببورسعيد 1957.- الإشراف على إعداد وتجهيز مسرح جامعة أسيوط 1958.- إنشاء كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة الفاتح – ليبيا عام 1987 (تغير الاسم الآن إلى كلية الفنون والإعلام)- إنشاء قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة – جامعة الكوفة – العراق عام 1990- إنشاء الدراسات العليا بقسم الإعلام – كلية الآداب – جامعة الملك سعود – الرياض 1998م- تكوين فرق مسارح الأقاليم في : الإسكندرية – الغربية – القليوبية – بني سويف – الإسماعيلية – سوهاج – من 1964 إلى 1968 - المساهمة في إنشاء مسرح الطالب – دولة الكويت 1993م- معاونات فنية لمركز الأبحاث والدراسات – المؤسسة العامة للسينما والمسرح – بغداد في 1980م- معاونات خاصة بالمسرح الوطني العراقي – بغداد –1980م.
وكان لأستاذنا الراحل د. كمال الدين عيد إنجازات علمية كثيرة في الدراسات الأدبية الدرامية والنقدية من خلال مشاركاته في المؤتمرات والندوات العربية والأجنبية, منها على سبيل المثال لا الحصر : المؤتمر الحادي عشر للأدباء العرب – طرابلس – ليبيا, ، ندوة جامعة الدول العربية – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – طرابلس 1979 , مؤتمر الغزو الثقافي في الوطن العربي ، تونس 1982, ندوة جامعتى باريس ، نيس، جامعة باريس (16) 1982, مهرجان المسرح العربي – المهرجان الثاني للنهر الصناعي العظيم – الجماهيرية الليبية 1987, الندوة الإعلامية من أجل إعلام قوي قادر على اختراق الحصار الإعلامي حول الجماهيرية والنظرية العالمية الثالثة ، طرابلس – فبراير 1984, مهرجان القاهرة الدولي للمسر التجريبي، القاهرة بعدة دورات, الندوة الفكرية لأيام الشارقة المسرحية 1994, وغيرها.
وقد عمل العالم الجليل الراحل على نشر العديد من البحوث والدراسات العلمية والنقدية في المجلات والمنشورات الثقافية والفنية مثل: مجلة المسرح المصرية, مجلة الأقلام العراقية, مجلة شؤون أدبية بالإمارات, مجلة عالم الفكر- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – دولة الكويت, المجلة العربية للعلوم الإنسانية بالكويت, مجلة قوافل, مجلة الأمن والحياة السعودية, وغيرها. كما عمد إلى نشر المقالات النقدية في  المجلات المصرية والعربية مثل: الكواكب المصرية, جماليات الفنون بالكويت, مجلة الغدير, جريدة السياسة, مجلة الكويت,  جريدة الوسيط السعودي, جريدة الجزيرة السعودية, مجلة الجيل, مجلة الرياض, مجلة (ضاد) من  اتحاد كتاب مصر, مجلة السينما والمسرح المصرية, مجلة الإذاعة والتليفزيون, مجلة ألف باء العراقية, مئات المقالات والدراسات فى جريدة مسرحنا, عشرات المقالات والدراسات فى جريدة الجمهورية,  وغيرها.
له من المؤلفات 35 كتابا ما بين التأليف والترجمة في مختلف صنوف المعرفة المسرحية، أثرى بها المكتبة المسرحية بعلمه وخبرته. من مؤلفاته : المسرح الاشتراكي، دراسات في الأدب والمسرح، زوايا جديدة في الدراما، «توفو ستونو جوفو» المخرج المعاصر، المعمل المسرحي، المفاهيم السيكولوجية في مسرح الطفل، سينوغرافيا المسرح عبر العصور، تاريخ تطور فنية المسرح، مناهج عالمية في الإخراج المسرحي، قضية الأوبرا بين التقليدية والتجديدية، اتجاهات في الفنون المسرحية المعاصرة، أعلام ومصطلحات الموسيقي الغربية، أعلام ومصطلحات المسرح الأوروبي. وغيرها. وكان آخر كتبه كتاب» جمالية الكتابة المسرحية والسردية عند السيد حافظ» وقد صدر عام 2021م.
ونظرا لمكانته العلمية والفنية على المستوى المصري والعربي والدولي, فقد شارك في عدد من المحافل الدولية ممثلا لمصر أو لدولة ليبيا أو لجامعة الكوفة ممثلا لها في المهرجانات والمؤتمرات الدولية مثل: مؤتمر الهيئة العالمية للمسرح I . T . I بالمجر – 1969, مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء – طرابلس – ليبيا – 1977, مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء – دمشق – سوريا – 1979, مؤتمر السيناريو والإخراج في التعليم الذاتي – جامعة الدول العربية , مؤتمر أعمال الألماني برتولت برخت Bertolt Brecht لدول آسيا – إفريقيا وأمريكا اللاتينة – برلين – ألمانيا – فبراير 1980, مؤتمر الغزو الثقافي – تونس 1982, مؤتمر الإذاعة والتليفزيون – بغداد – 1990, مهرجان الشارقة المسرحي – دولة الإمارات العربية المتحدة – الشارقة 1994, المهرجان المسرحي بالسليمانية – العراق 1990, المهرجان المسرحي الثاني – بغداد – 1990, وغيرها العديد من المحافل الدولية. 
كما قام الأستاذ الدكتور/ كمال الدين بالإشراف على عشرات الرسائل العلمية  ورسائل الماجستير والدكتوراه بالجامعات المختلفة مثل: أكاديمية الفنون المصرية, جامعة الإسكندرية, جامعة عين شمس, جامعة طنطا, جامعة حلوان. وشارك أيضا في لجان تقييم الإنتاج العلمي والترقية للأسالتذة والأساتذة المساعدين في أكاديمة الفنون وجامعة الفاتح بليبيا واجامعة بني غازي, وجامعة فلادلفيا الخاصة بالأردن, جامعة بغداد, ووعضوا بلجان الدراسات العليا بجامعة الملك سعود, وغير ذلك من عضوية لجان التحكيم في المهرجانات المسرحية الدولية, وعضوية لجان الترقيات بالجامعات, كما شارك في عضوية عدد من لجان التحكيم بالمهرجانات المسرحية الدوليةبمصر وليبيا والسعودية والإمارات. كما كان عضوا مشاركا في الموسوعة العالمية للمسرح المعاصر 1980.
تكريما له ولجهده العلمي الكبير قامت عدد من الجهات والمؤسسات المصرية والعربية بتكريمه وإهداءه دروع وشهادات تقدير احتفاء بمشوار عطاءه الكبير , منها: 
درع وزارة الإعلام المصرية – 1989 – عن إخراج العرض الشعري الموسيقي لمجلس التعاون العربي – الإسكندرية .
درع قسم الإعلام – كلية الآداب – جامعة الملك سعود.
درع جامعة الملك سعود – قزع القصيم .
درع مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون – عن دورة الإعلام في خدمة المجتمع .
درع مهرجان الجنادرية – عن عضوية لجنة التحكيم.
درع النادي الأهلى – دبي – عن الاشتراك في الندوة الفنية لتطوير مسرح الإمارات العربية المتحدة.
درع مهرجان الشارقة بالإمارات – عن عضوية لجنة التحكيم – وبحث نظري في فنون المسرح المستقبلية.
ميدالية أكاديمة الفنون.
ميدالية مهرجان الجنادرية – السعودية.
إضافة لذلك فقد أهدي عددا كبيرا من شهادات التقدير.
كما فاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2018م لما يمثله د. كمال عيد من قيمة علمية وأدبية ولما يمثله المسرح ذاته من قيم العدالة والحرية والنبل الإنساني. وقد رحل عن دنيانا في 14 يوليو 2022م, بعد مشوار طويل حافل بالعطاء والعلم وخدمة المسرح حيث تتلمذت على يديه أجيالا كثيرة.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏