«101 عزل» عنوان متخصص وعرض متميز

«101 عزل» عنوان متخصص وعرض متميز

العدد 775 صدر بتاريخ 4يوليو2022

الإبداع ابن شرعي للألم، وكلما كان الألم كبير كلما كان العمل الإبداعي أقوى سواء كان هذا الإبداع موسيقي أو رسوم أو مادة مكتوبة، وهذا ما تؤكده الأعمال الفنية الخالدة في كل المجالات الفنية، فكل عمل عظيم وراءه ألم كبير، وقد اجتمعت كل الأعمال الإبداعية المتمثلة في الكلمة المكتوبة واللوحة الجميلة والموسيقى المعبرة، وأخيرًا الآداء التمثيلي الحقيقي، لكل فنان آمن برسالته وأهمية الكلمة التي يقدمها لجمهورة، فكان عمل فني إنساني قوي ورسالة شكر وعرفان لجهود وتضحيات قام بها من تناولهم العمل بالذكر العرض المسرحي (101 عزل).
العرض إنتاج فرقة المواجهة والتجوال بقيادة الفنان محمد الشرقاوى، والتابعة للبيت الفني للمسرح، بقيادة الفنان إسماعيل مختار، والذي بدأ رحلته من على خشبة  مسرح متروبول ( عبد المنعم مدبولي ) 
ويتناول بطولات جيش مصر الأبيض، ويرصد حياة هؤلاء الجنود الأبطال الشجعان الذين خاضوا معركة شديدة الخطورة والحساسية من أجل إنقاذ المصابين ومنهم من ضحى بحياته من أجل الغير، وينعي العرض كل أبطال الفريق الأبيض الذين فارقوا الحياة.
بطولة مجموعة متميزة من ممثلى البيت الفني للمسرح:  الفنانين عبدالمنعم رياض، أحمد عثمان، هايدى عبدالخالق، محمد مبروك، خالد سعداوى، وندا عفيفى، نيفين أغا، ومحمد عبدالتواب.
تأليف على عبد القوى، إخراج محمد درويش، أشعار طارق على، إضاءة أبوبكر الشريف، موسيقى أحمد نبيل، ملابس هبه مجدى، ديكور نهى نبيل، مادة فيلمية براء الصافى، استعراضات ضياء شفيق.
ويرصد أصعب الأوقات التي عاشتها الأطقم الطبية بمستشفيات العزل فى ذروة جائحة فيروس كورونا والتى عصفت بالعالم كله ومن خلاله شاهدنا وعايشنا بكل جوارحنا، تفاصيل دقيقة لأحداث حقيقية تابعناها جميعًا على الشاشات منها الطبيب الذي فقد بصرة بسبب مواصلته الليل بالنهار في متابعة الأبحاث العلمية ورعاية مرضاه، والطبيبة التي تركت خطيبها وتوفت بعد إصابتها، والممرضة التي تركت ابنتها، كذلك الجنود الذين تولوا مسئولية حراسة مستشفيات العزل ونموذج لتضحية الأمهات والزوجات في سبيل الواجب، كذلك الأم التي لم يزرها أولادها في المستشفى ورفضوا استلام جثمانها بعد وفاتها.
العرض على مستوى الكتابة قد رصد تفاصيل حقيقية وقدم معلومات وتفاصيل لا يعلمها سوى المتخصصين مما يدل على أنه كُتب بعد بحث ودراسة دقيقة، كما جاء الديكور والأكسسوارات والملابس ملائمة جدًا للدراما على الرغم من البساطة في تنفيذه وذلك من خلال الاعتماد على لوحة تعرف المكان وتقسيم الخشبة وإعدادها لتصلح لتقديم عدة حوارات لمجموعة من الأسر بالتوازي، وبهذه البساطة نجح الديكور في تجسيد المستشفى من الخارج، قسم الاستقبال، مكتب المدير، وغرف الرعاية بدقة شديدة.
أما الآداء التمثيلي لكل فريق العمل فقد تميز بالصدق الشديد جدًا لما يقدمونه، وقد توحد كل منهم مع الشخصية التي يقدمها، وكأنه يقول لها شكرًا من القلب لما قدمتيه من تضحية من خلال حبه لهذه الشخصية وتقديمها بهذه الدقة والبراعة.
تضافرت كل عناصر العرض لتخرج لنا عرضًا مسرحيًا أكثر من رائع، وعلى الرغم من مأساوية الأحداث إلا أن الكوميديا حاضرة وتم توظيفها ببراعة في السياق نفسه ولم تكن دخيلة، وعملت على تخفيف حالة الشجن التي تسيطر على الجمهور.
لكنه اختار عنوانًا لا يعرفه سوى المتخصصين وكأنه أُعد فقط من أجل فئة معينة، وهو (101 عزل) وتعني حالة حاملة لميكروب معدي، ومن وجهة نظري أنه كان يجب توضيح مدلول العنوان الذي اختاره فريق العمل للجمهور، هذه هي ملاحظتي الوحيدة على العرض، خاصة أنه إنتاج فرقة المواجهة والتجوال أي سيتم عرضه على جمهور من البسطاء بمختلف الأقاليم، خاصة أنه ملائم جدًا لهذا الجمهور لما يقدمه من حالات إنسانية ببساطة شديدة جدًا.  


نور الهدى عبد المنعم