قراءة فى النسخة 75 من جوائز تونى

قراءة فى النسخة 75 من جوائز تونى

العدد 773 صدر بتاريخ 20يونيو2022

 كانت قاعة راديو سيتى للموسيقى في نيويورك على موعد مع حدث فنى رئيسى وهو حفل اعلان الفائزين وتوزيع جوائز “تونى” عروس جوائز المسرح الأمريكي المنافسة لجوائز لورانس أوليفييه للمسرح على الجانب الأخر من الأطلنطى في بريطانيا. 
وكان هناك اهتمام خاص بالدورة الحالية لجوائز تونى باعتبارها النسخة الخامسة والسبعين منذ بدأت الجوائز عام 1947 تكريما للنجمة المسرحية أنطوانيت بيرى (1888- 1946) وتم اختيار تونى اسما مختصرا للجائزة باعتباره الاسم الذى كان أصدقاؤها ينادونها به. أما الاسم الرسمى لها فهو جائزة التميز في الأداء المسرحى. 
وكان يمكن أن يتم الاحتفال بالنسخة 75 العام الماضى لولا أن الجائزة لم تمنح فى ذلك العام بسبب توقف الكثير من المسارح من جراء كورونا. وعندما عقدت النسخة الحالية التى أقيمت في احتفال فخم شعر كثيرون بالارتياح بسبب عودة الحياة إلى المسرح التفاعلى الذى يتواصل فيه الجمهور مع الممثل وهو جوهر المسرح، بعد أن كانت فرق عديدة تقدم عروضها عبر الشبكة العنكبوتية مع محاولة إضفاء جو يشبه جو المسرح الحقيقى. وتم خلال الحفل تكريم عدد ممن شاركوا في مكافحة وباء كورونا. 
من هنا جاءت النسخة 75 والتى تميزت لتدل على أن المسرح سيظل قائما مهما كانت المصاعب والظروف والتحديات.
ولسنا هنا في محل سرد أسماء الأعمال الفائزة لكن سنقدم للقارئ رؤية وقراءة سريعة في الأعمال الفائزة . أشاد النقاد بالتنوع الكبير في الأعمال الفائزة من حيث المضمون وعدد الأعمال الفائزة والعرقيات التى ينتمى اليها الفائزون. .واشادوا أيضا باختيار الممثلة السمراء اريانا دى بوز لتقديم الحفل لكن الامر لم يكن كذلك بالنسبة للبعض.

«لولب غريب»
 أشاد معظمهم بالمسرحية التى فازت بجائزة افضل مسرحية موسيقية وهى “لولب غريب“. وفازت المسرحية أيضا بجائزة افضل كتاب مأخوذة عنه مسرحية . واعتبر النقاد هذا الفوز بمثابة رد اعتبار لمسرح السود الذى عان من الظلم كثيرا في المسابقات المختلفة لأسباب عرقية .
ولم يكن الأمر كذلك على مستوى الجماهير وبين السود انفسهم حيث اعتبروها تسئ إساءة بالغة إلى السود ولا تشرفهم كما يقول معظم النقاد الذين وصفوها بأنها فكرة مبتكرة للغاية. 
 المسرحية مأخوذة عن قصة بنفس الاسم للأديب الأمريكي مايكل جاكسون (41 سنة )وهو غير المطرب المعروف . وسبق أن فازت بجائزة بوليتزر الأدبية المرموقة في 2020.
تدور المسرحية حول كاتب مسرحى أسود شاذ (جسد شخصيته لارى اوينز) يكتب عرضا مسرحيا لممثل اسود شاذ أيضا. والمعروف أن مايكل أر جاكسون نفسه شاذ ويتباهى بشذوذه. وهو كاتب المعالجة المسرحية وكاتب أغانيها. من هنا هاجم الناقد المسرحى الأسود كارل بيلاك في تعليق له بجريدة دالاس مورننج ستار منح الجائزة لهذه المسرحية التى اعتبر أنها تسئ إلى مجتمع السود في الولايات المتحدة. وقال أن من الغريب أن تختار لجنة التحكيم هذه المسرحية رغم وجود مسرحيات أخرى . ويمضى قائلا أن الفكرة المبتكرة لا تكفى وحدها لمنح الجائزة لعمل فنى. ومضى في سخريته قائلا انه من حسن الحظ أن هذه المسرحية فازت فقط بجائزتين من 11 جائزة ترشحت لها. 
ولو أرادت اللجنة المسئولة مجاملة السود كان يمكن أن تختار مسرحية “ام جى “التى تتناول حياة المطرب العالمى الراحل “مايكل جاكسون “(1958- 2009 ) وتنافست في المسابقة وفاز بالفعل “ مايلز فروست “الممثل الذى جسد شخصية مايكل جاكسون بجائزة احسن ممثل وهى أول جائزة يرشح لها رغم سنه الصغيرة التى لا تتجاوز 23 عاما. ولفت فروست الأنظار في كلمته التى ألقاها وهو يتسلم الجائزة ...هذا دليل يوضح كيف يمكن أن تخرج امرأة سوداء قوية شابا اسود قويا لولاك يا أمى ما كان ميلادى شكرا . وقد حقق فروست رقما قياسيا فهو اصغر من يفوز في تلك الفئة منذ نشأة جوائز تونى. وساعده على ذلك صوته المجسم والمعبر القريب من صوت مايكل جاكسون .

الرجل الموسيقى
ويبدى الناقد الأسود دهشته من أن ترشح مسرحية “الرجل الموسيقى” التى حققت نجاحا كبيرا وإيرادات تصل إلى 3ملايين دولار أسبوعيا في فترة عرضها لست جوائز ولا تفوز بأى منها بينما يفوز نص معيب بالجائزة الرئيسة في جوائز المسرحيات الموسيقية. ويلاحظ أيضا أن ابسط دليل على شعبية المسرحية ونجاحها عندما بدأ النجم المسرحى الأسترالي هيو جاكمان الترنم بالأغنية الرئيسية في المسرحية وهى 76 ترمبون (الة موسيقية. وكان هناك ميكروفون قريبا منه فاستمع الحاضرون إلى صوته وبدأو يرددون الأغنية معه في تجاوب رائع. ومع ذلك رأت لجنة التحكيم أن المسرحية لا تستحق واحدة من الجوائز الست ولو جائزة افضل مسرحية معادة.
وسخر الناقد من الكلمة التى ألقاها جاكسون وهو يتسلم الجائزة والتى قال فيها انه امضي 18 عاما في كتابة القصة الأصلية لأنه حريص على الإتقان (!!!) وأراد أن يكتب قصة يتناول فيها الظلم الذى يلحق بالشواذ . وتعرض لقدر كبير من الهجوم عند صدور القصة لم يخفف من حدته فوز قصته بجائزة بوليتزر. ولم يثنه ذلك عن تحويلها إلى مسرحية يدحض فيها مفاهيم خاطئة !!!!!!!.
ويمضى الناقد قائلا أن المسرحية لم تحصل أيضا على جائزة احسن ممثلة في مسرحية موسيقية بل ألت الجائزة إلى الممثلة السوداء “جواكينا كولانجو “ عن مسرحية “ميدان الجنة “. وتدور المسرحية عن العلاقات بين السود والمهاجرين القادمين من أيرلندا في أوائل القرن التاسع عشر في نيويورك.

مجاملة
ويلتقط خيط الحديث ناقد صحيفة فلادلفيا انكوايرر فيشير إلى انه لا يعتبر مسرحية “الأصدقاء “ التى فازت بجائزة احسن مسرحية موسيقية معادة تستحق الجائزة . فهو يعتبر مسرحية “الرجل الموسيقى “ الأحق بتلك الجائزة. لكن يبدو أن النقاد الذين صوتوا لصالح “الأصدقاء” كانوا متاثرين بوفاة مبدع أغانيها ستيفن سوند هايم في نوفمبر الماضى عن عمر يناهز 91 عاما خاصة أنها فازت بأربع جوائز أخرى. 
والمسرحية مأخوذة عن مسرحية أخرى للكاتب والممثل المسرحى الراحل جورج فورث (1932- 2008) وقدمت لأول مرة عام 1970 وتم ترشيحها ل14 من جوائز تونى فازت منها بست جوائز في مقدمتها جائزة افضل مسرحية. وتدور المسرحية في نصها الأصلي حول روبرت وهو شاب اعزب يرفض الزواج رغم أن كل أصدقاءه متزوجون أو مخطوبون ويعتبر أن له أصدقاء كثيرين يجعلونه في غير حاجة إلى زواج . . ويحل عيد ميلاده الخامس والثلاثون ويحاول صديق له مع زوجته إقناعه بالزواج ...وتتحرك الأحداث. وفى العرض الفائز تم العكس حيث كانت البطولة نسائية هذه المرة لفتاة ترفض الزواج ومضى بها قطار العمر حتى تقتنع في النهاية .
 وشهدت النسخة الخامسة والسبعون من جوائز تونى رقما قياسيا أخر حيث فازت المخرجة المسرحية المرموقة ماريان اليوت (55 سنة) بجائزة احسن إخراج عن هذه المسرحية وهى المرة الأولى التى تفوز فيها مخرجة من الجنس اللطيف بجائزة الإخراج ثلاث مرات . وهى مشهورة بدقتها البالغة في العملة الإخراجية حتى أنها قرأت قصة وفاة بائع متجول لارثر ميلر 55 مرة قبل الإعداد المسرحى لها. وقالت أنها تهدى جائزتها لأي شخص يسعى كى تظل المسارح مفتوحة.
ومن المسرحيات الفائزة مسرحية “ثلاثية ليمان “ الفائزة بجائزة أفضل مسرحية تقليدية. استعرضت المسرحية تاريخ أسرة ليمان صاحبة البنك المشهور على مدى 150 عاما منذ بدأت نشاطها في القرن 19 وحتى الانهيار المالى عام 2008. ويستغرق عرض المسرحية 3 ساعات ونصف غير الاستراحات . وفازت دريدرى أو كونيل بجائزة احسن ممثلة عن مسرحية “دانا اتش “. وتقوم بدور سيدة تتعرض للخطف على أيدي العنصريين. وفازت فيليشيا احمد رشاد بجائزة احسن ممثلة عن مسرحية طاقم الهياكل الذى تدور أحداثه في مصنع للسيارات بديترويت.


ترجمة هشام عبد الرءوف