افتتاحيات مسرحيات شكسبير(1-2)

افتتاحيات  مسرحيات شكسبير(1-2)

العدد 772 صدر بتاريخ 13يونيو2022

مقدمة الترجمة
 أقدم هذه الترجمة لكل المهتمين بالعلاقة بين المسرح والفلسفة، ولاسيما علاقة المسرح باعتباره فن أداء مستقل عن النص الدرامي الذي ينتمي إلى الأدب. وهي الفكرة التي عكف مؤلف هذا المقال «جيمس هاملتون» علي توضيح كافة جوانبها في كتابه «فن المسرح The Art of Theater” والذي صدر عن Blackwell Publishing 2009. وقد سبق أن قدمت مسرحنا بعضا من فصول هذا الكتاب في أعدادها السابقة. لعل أبرزها الفصل العاشر الذي يحمل عنوان «الفهم التفسيري للعروض المسرحية» والذي ناقش خلاله المؤلف أربعة عناصر أساسية هي «شروط نجاح التفسير»، و«تجنب نظريات معنى العمل الفني»، «التفسير والمغزى»، و«تفسير المؤدين». 
 وقد أبدى أستاذي وصديقي الكاتب المسرحي والناقد الكبير عبد الغني داود بعض ملاحظات مهمة حول هذه المقالة – التي أشرت إليها – وتتلخص هذه الملاحظات في أن الأفكار التي عرضتها تلك المقالة مبهمة وغير مفهومة. وقد وعدته بأن أقوم بمراجعة ترجمة هذه المقالة .. وقمت بذلك بالفعل، ولكني لم أجدها مستغلقة علي القارئ المتخصص في المسرح. ولعل الأمر الذي جعل أستاذي يرى أنها مبهمة، ربما يرجع في جانب منه إلى أن الفهم التفسيري للعروض المسرحية مرحلة متقدمة تسبقها مرحلة الفهم الأساسي للأداء المسرحي وماهيته وآلياته وما يفعله المؤدون وما يراه المتفرجون. وهي أسئلة حاول المؤلف الإجابة عليها في الفصول التي سبقت الفصل العاشر المشار إليه سابقا. ولذلك فان لصديقي الأستاذ عبد الغني كل العذر لأنه لم يطالع الفصول السابقة حتى يستجلي الغموض الذي صادفه. 
 ولكني عثرت بمحض الصدفة علي المقال الذي أقدم له الترجمة التالية. وهو يتضمن نفس الفكرة التي سبق أن طرحها المؤلف في كتابه المشار ليه آنفا، مع بعض التطوير للفكرة باستخدام افتتاحيات مسرحيات شكسبير كنموذج تطبيقي للكيفية التي يفهم بها المتفرج العرض المسرحي فهما عميقا. وأهديها أولا إلى أستاذي وصديقي عبد الغني داود، وأهديها ثانيا لكل المهتمين بفن المسرح باعتباره فنا إدراكيا. وأهديها ثالثا لكل المهتمين بالعلاقة بين المسرح ومنهج التحليل الفينومينولوجي (الذي يستخدمه المؤلف كأداة لتحليل ظاهرة الأداء المسرحي). وأخص بالذكر في هذا الشأن الجهد الذي قام به الأستاذ عبد الناصر حنفي في كتابه المهم « تأملات في فينومينولوجيا المسرح». 
 في عام 2005 جادلت ايفيلين تريبل بأن فهمنا لنظام لعب الأدوار في المسرح قد تشوه، ولاسيما فيما يتعلق بمتطلبات نظام المسرح التذكاري الذي جرى علي المشاركين فيه بشكل ثابت، بسبب الميل إلى النظر إلى الإدراك علي أنه إدراك فردي وليس إدراكا اجتماعيا، وهو الأمر الذي أدى بنا إلى تخيل عمل البنيات الجماعية المعقدة في إطار آلي. والنظام الذي وصفته تريبل كان يهدف إلى السماح بالمطالب التذكارية الهائلة المفروضة علي ممثلي مسرح شكسبير حتى تكون قابلة للتتبع. وقد كان هدف دراستها هو شرح الكيفية التي تناول بها الممثلون في عصر شكسبير أدوارهم، ولاسيما أن هذا الجانب من أدوارهم هو الأكثر بروزا نظرا للحقائق التي مفادها أن كل ممثل كان لا بد أن يكون له سبعين دورا فرديا تحت إمرته، وأن خمسين دورا منها أو نحوها قد تم تعلمها حديثا، حيث لا يوجد ممثل لديه النص الكامل للمسرحية، إذ كان هناك عدد قليل من التدريبات (كما نعرفها اليوم) وكان أغلبها إما أداء العرض في الليلة الأولى، أو أجزاء من المسرحية لا يمكن معرفتها وحدها. 
 ولن أسهب في فكرة تريبل الرئيسية، وهي تحديدا، أن استخدام البيئة المادية هو طريقة لتفريغ المهام الذهنية. ورغم ذلك، سوف أعتمد علي بعض أدلتها لتأكيد التركيز علي النقاط التي تؤكد أن مسرحيات شكسبير، مثل مسرحيات منافسيه، قد أُعدت في المقام الأول للترفيه، وأن هذه المسرحيات استخدمت تقنيات متنوعة لجعل ذلك ممكنا. 
 تبدأ تريبل تطويرها لنظام العرض بلفت النظر إلى عدة أدوات، وصيغ، وممارسات للمسرح الحديث المبكر من أجل إظهار كيف أنها تشكل عناصر البنية الإدراكية في التقييد والتحديد، والتي تتيح أيضا مستوى مذهلا للإنجاز. وتتضمن هذه العناصر دار المسرح والحبكات وأدوار الممثلين والبنيات اللفظية للمسرحيات، ونظام التدريب والممارسات التنظيمية للفرق. وقد عثرنا علي مثال لذلك في مناقشة تريبل لحبكات المسرحيات. 

 هذه هي وثائق دار العرض ... التي تنشئ الصنعة الإدراكيـة
 الأساسية في المسرح الحديث المبكر. وتحتوي هذه النصوص علي وصف للمشاهد الواحد تلو الآخـر، والمداخــل، وأحيانـا المخـارج الأدوات الضرورية، والشخصـيات، والإشـارة إلى الصوت والموسيقى. وبعض الحبكات بها فتحات في أعلاهـــا إذ يُفترض أنه كانت معلقة علي الحائط. 
وتؤكد بريبل علي أنه: 
 علي الرغم من أن الحبكات غالبا ما كانت ناقصة بشكل جنوني (...) وهذه هي النتيجة الحتمية بأنها ليست معنية بحل مشكلات المتخصصين لمدة أربعمائة عـام بالتالي ولكـن لمسـاعدة فرقــة المسرح الإليزابيثي لتقديم المسرحية ... فالحبكة معدة كخريطة ثنائية الأبعاد لكي يتم زرعها في فضاء خشـبة المسـرح ثلاثي الأبعاد ولكي تستخدم بالتزامـن مع الأجــزاء. ولأن المؤديــن ليس لديهم النص بالكامل، فقد سمحت لهم هذه الوثيقة أن يروا المسرحية ويعدوها، وأن يفهموا إيقاع المشاهد. 
 وكما يجب أن يكون واضحا الآن، فان إطار هذا المقال هو مسرح شكسبير الذي يُفهم باعتبار أنه يتكون من عروض مسرحية، فضلا عن نصوص مسرحية يتم أداؤها. وبالطبع من البديهي أن تكون العديد من النصوص المسرحية – بما فيها نصوص شكسبير – مفيدة في توجيه العروض، وأنها استخدمت لهذا الغرض. وهذا يصدق أيضا علي النصوص المسرحية الأخرى التي لم تستخدم بهذه الطريقة. ولا يشرح أي من هاتين الحقيقتين الإضافيتين المتمثلتين في أن معظم تحليلات مسرحيات شكسبير قد جرت وكأنه عروضها كانت مجرد مصادفة. وكانت نتيجة هذه التحليلات، من بين أمور أخرى، أن ركز المتخصصون علي معاني الكلمات فضلا عن الأفعال. والنتيجة الأخرى هي أن المتخصصين والنقاد قد افترضوا أنه عندما كانت تُعرض المسرحيات كانت تنتمي إلى المذهب الطبيعي. والنتيجة الثالثة هي أنهم افترضوا أن العروض الشكسبيرية، عندما تحدث في أي وقت، فإنها كانت تهدف أساسا إلى توصيل الأفكار فضلا عن أنها وسيلة للترفيه. وهذه مسألة مؤكدة، لأنه لا يوجد تعارض من حيث المبدأ بين أداء ينقل الأفكار وأداء ترفيهي. والنتيجة الأخرى – والتي كانت منتشرة في دراسات شكسبير – وهي أن أغلب الدراسات استندت إلى افتراض أنه، عندما توجد صعوبات علمية في النصوص المسرحية، فان هذا نوع من الأخطاء فضلا عن أنه جزء لا يتجزأ من الفن الدرامي في المسرحية. ولكن السمات الجمالية لأغلب المسرحيات، عندما تعتبر عروضا مسرحية فضلا عن أنها عروض لما هو موجود في النص، فانها تختلف نوعا ما. وأحد هذه الفروق في مقالنا الحالي هو أننا نحتاج إلى تحليل كيف تبدأ المسرحية. 
 وتساعدنا هذه الحقيقة في توضيح كل من نوعي التحليل الفلسفي الذي أتمنى لكم أن تشرعوا فيه عند الانخراط في هذا المقال وكذلك طموحي فيه. وكما أوضح دارين هيك وآخرون، فان تحديد موعد الانتهاء من العمل الفني هو سؤال وجودي حول هوية العمل الفني، لأننا عندما نطرح السؤال عما يعنيه الانتهاء من العمل الفني وتحديد الآثار المترتبة علي هذه الحالة، فإننا نبدأ بافتراض أن هناك بعض الأعمال الفنية المكتملة في متناولنا. ثم يقول: 
 بالنظر إلى أن العمل قد انتهى (كما في الفرضية السابقة)، فإذا عاد الفنان إليه الآن وقام بإجـراء تغييرات عليـه، فانـه يمكننا أن نقول أحد أشياء ثلاثة (1) لم ينتهي العمل في المقام الأول، وبالتالي ستكون النتيجة هي نفس العمل، ولكنه تغيّر فقط، (2) أن العمل انتهى، ولكـن الفنـان قادر علي تجـاوز ذلك من خـلال تغييره، وبالتـالي فان النتيجــة ستكون نفـس العمل مرة أخرى، وتغــير فقط، (3) انتهى العمل بالفعــل ولم يستطع الفنان تجاوز هذا، وبالتالي ستكون النتيجة عملا جديدا، أي عمل يمكن تمييزه عدديا عن العمل السابق، وفي كثير من الحالات سوف يحل محله. 
وبالمقارنة، السؤال عما يحدث عندما يبدأ العرض المسرحي هو سؤال معرفي (ابستمولوجي)، وهو سؤال عن الكيفية التي يفهم بها المتفرجون ما يدور في لحظات افتتاح العرض وعن كيفية استرشادهم بما يشاهدونه في تلك اللحظات إلى توقع الحدث التالي، علي الأقل في العرض المسرحي السردي. وهذان هما السؤالان اللذان يتناولهما هذا المقال. فافتتاحيات المسرحيات تتضمن آليات التوجيه والانتباه. وتحليل آليات الانتباه واستغلالها بالتالي له أهمية كبرى في فهمنا لكيفية توصل المتفرجين إلى فهم العرض المسرحي. 
البلاغة والحدث الدرامي:
 استرشدت معظم دراسات التحكم في الانتباه والتي أجريت حول ما يتعلق بالترفيه المسرحي عند شكسبير باهتمامات بلاغية. وهذا الأمر مناسب بشكل عام، ولاسيما في ممارسة العروض الشكسبيرية. وملائم عموما للأسباب التي استشهدنا بها. فالعروض ليس مجرد تصوير للنصوص المسرحية وليست تمثيلا لما يكمن خفيا في النصوص المسرحية. 
 وفي حالة ممارسة الأداء الشكسبيري خصوصا، فان استخدام البنيات البلاغية لفهم تلك الممارسات مضمون بحقيقتين تاريخيتين: حقيقة أن شكسبير كان في منافسة مع أنواع من الترفيه الشعبي الأخرى وسعى إلى إيجاد وسيلة لجذب المشاهدين والمحافظة عليهم ؛ وحقيقة نشره لنصين بلاغيين وقراءتهما وفهمهما علي نطاق واسع واتبعه شعراء آخرون ومتحدثون خلال القرن الذي ألف فيه أغلب مسرحياته. توحي هاتان الحقيقتان أن استخدام التصنيفات البلاغية لفهم ما كان يفعله هو أمر مفيد، ولكنهما لا يؤكدان ذلك يقنا بالطبع. 
 ورغم ذلك هناك شيء واضح. وهو أن الصيغ التي استخدمها كتاب المسرح المعاصرين لشكسبير أصبحت هي الصيغ البلاغية المعيارية التي تُدرس في المدارس. وعلي الرغم من أن أغلب مشاهديه لم يكونوا من المتعلمين، فقد كانت المسرحيات مألوفة لمشاهديها عندما لم تكن مفهومة لأنها نادرا ما كانت متاحة بشكل واع. وربما كانت الاستخدامات البلاغية في العروض المسرحية جزء من توقعات المشاهد في المسرح الإليزابيثي حتى لو لم يكونوا معتادين علي مصطلحات مثل «الديباجة prooimion»، أو «الافتتاحية prologue”، أو «تأطير الحوار framing dialogue»، أو «المقدمة الاستهلالية induction». إذ يمكن أن تكون هذه المصطلحات هي جزء من وعيهم بعالمهم مثل الصيغ التي يستخدمها العديد من صناع السينما في هوليود في عالمنا اليوم. فمعظمنا لا يعرف «ما هو التأطير المتغير variable framing»، علي الأقل عندما لا نستطيع تقديم تفسير له (حتى لو سمعنا عنه). 

ما هي الافتتاحية
 تأمل السطر الأول في مسرحية «هاملت» («من هناك؟»). لا يجب أن نعتبر هذا السطر هو افتتاحية هاملت، مع أنه يبدأ أغلب عروض المسرحية. وها هو السبب: انه ليس السطر الأول الذي يسمعه المتفرج في عرض أشبه بالكلام في الحلم الذي يرقي إلى إعادة سرد القصة نفسها تماما، علي الأقل فيما يتعلق بالعلاقات الأسرية في القصة. افتتاحيات مسرحيات شكسبير وكلام المسرحيات الشبيه بكلام الأحلام، بالمقارنة إلى بدايات نصوص شكسبير، مماثلة بشكل حاسم وترشد المشاهدين لبناء نفس التتابعات التالية، لكي يعيد سرد نفس القصة تقريبا في مناقشته للعرض. ولذلك، مهما كانت الافتتاحية، فمن غير المرجح أن تتكون من بداية لفظية مشتركة. 
 لقد قدم شكسبير وكتاب المسرح الآخرين عددا من النصوص المعيارية في البلاغة التي استغرق معظمها وقتا لا بأس به لتفسير هذه الأدوات البلاغية مثل الديباجة – وهي الخطوط أو الكلمات التي تجعل المتفرجين ينخرطون في السرد التالي. وبالمقارنة، يقترح جويل بينابو التالي: 
 ربما يمكن مقارنة الافتتاحية الشكسبيرية بما يمكن تمييزه بوضوح بأنه التمهيد الموسيقي في الأوبرا، المقدمة التي تشير إلى الأفكار التي توضع في الحركات التالية. والمتفرج، بالطبع، يظل غير واع بالعمليـة التي يحـدث من خلالهـا الانغماس، ولكـن بالنسبـة للكاتب المسرحي الذي يبني الافتتاحية، والناقد الذي يحللها، فان فكـرة الافتتاحيـة هذه مفيـدة لأنها تضـم عـددا من الاستراتيجيات لجذب الاستجابة وتوجيهها إلى المكان الذي يتكشف فيه الفعل – استراتيجيات تضمنت تمييز أشكال مثل التمهيد والحوار المؤطر والمقدمة الاستهلالية. 
وها هنا أحد المواضع التي تتجلى فيها حقيقة أننا نفكر في التأثيرات الجمالية للعروض المسرحية بدلا من الأعمال الأدبية التي نقبل علي شراءها. 

الأحداث وخيوط الحدث الدرامي 
 قدم بينابو اسهاما مؤثرا في هذه المناقشة بملاحظة أنه يمكن فهم الاستراتيجيات البلاغية المتاحة لشكسبير وكتاب المسرح الآخرين باعتبارها صيغ أدبية وباعتبارها جزء من الترفيه القابل للتحليل بتأملها باعتبارهما أحداثا. ففي الحالة الأولى، فانها تلح القراء والمستمعين من خلال ربطها بقدرات الفهم اللفظي. وفي الحالة الثانية، تلح علي المستمعين والمشاهدين لربطها بقدرات فهم الأحداث ومساراتها. وقد استخدم شكسبير، بوجه خاص ما يسميه بينابو « خيوط الحدث strands of action « ؛ وأن فهمها وكيفية عملها هما مفتاح فهم الفرجة. وخيط الحدث كما يقول بينابو هو: 
 التسلسل المسرحي للحدث في مقابل التقسيم النصي، مثل التقسيــم إلى مشاهد. وأحيانا تتطابق خيوط الافتتاحية مع تقسيم المشهد ولكن ليس دائما. فربما تقدم في تتابع، كما في مسرحـية «الليلة الثانيــة عشرة» أو كما في حالة «ماكبث» و«هاملت»، فربما يتم تأجـيل الخـط بتقديم خط آخر وتطويره أكثر عندما يتم تناوله مرة أخرى .
 وتضم الخطوط عادة نفس جوهر الشخصيات وتشارك غالـبا في نفس الروابـط الضعيفـة، أو نقاط الاتصـال، مـثل الإشـارة إلى شخصية أو حدث. ويتضمن الخيط الحدث الذي يقوم من خلاله الكاتب المسرحي بتقديم مادة توضيحية تكشف المسرحية ككل، والتي يجب أن تظل معلقة أو بدون حل. وأعني بها أن الخـيط يتضمن الحدث الذي يتم تقديمه ثم يتأجل. ولا يكتمـل التسلسـل الافتتاحي للمسرحية حتى تتضح الخيوط المعلقة ويتطور الحدث بشكل مستق. 
وهنا توجد حركتان. الأولى، أن استخدام شكسبير لخيوط الحدث كان الوسيلة التي سعى من خلالها إلى المشاركة وجذب اهتمام المتفرج. والثانية أن استخدام شكسبير لخيوط حدث متعددة لم يكن وسيلة لجذب الاهتمام فقط، بل كان أيضا لتأجيل وإثراء القصص المقدمة. والمثال علي هذا يوجد في افتتاحية مسرحية « ماكبث» 
 حيث يمر المتفرج بشكل متتابع من مشهد الساحرات في الصحراء إلى ساحة المعركة حيث يقدم القائد الجريح وصفا لشجاعة ماكبـث كمحارب، ثم يعود ثانية إلى الساحرات. يشكل الكاتب المسرحي هذه الأحداث حتى يتمكن المتفرج، الذي يعايش الحدث وهو يتجلى أمامه، من تجميع الأحداث معا في الوقت المناسب لإدراك منطـق المسرحـية، ثم يكـوّن نموذجـا داخليا يمكـن تقويمه بشكل تراكمي علي الرغم من أنه لم يستطع أن يفهم النموذج في الافتتاحية. 
.............................................................................
• نشرت هذه المقالة ضمن مجموعة إصدارات مجموعة تايلور وفرانسيس وهي مؤسسة نشر دولية تعمل علي نشر الكتب والدراسات المتخصصة في جميع مجالات المعرفة .


ترجمة أحمد عبد الفتاح