معهد الفنون الشعبية يستعيد احتفالية «المحمل» بعد غياب

معهد  الفنون الشعبية يستعيد احتفالية «المحمل» بعد غياب

العدد 771 صدر بتاريخ 6يونيو2022

المحمل المصرى هو الموكب الذى يخرج من مصر كل عام حاملا كسوة الكعبة، وظل  حتى بداية منتصف الخمسينيات من القرن العشرين. لم تكن رحلة المحمل المصري الذي كان يحمل كسوة الكعبة من القلعة مقر الحاكم في مصر إلى مكة بأرض الحجاز إلا تعبيراً عن عدة أمور متباينة، بدايتها الاحتفاء بالمقدس في نفوس المصريين، وتحويل أي ديانة إلى طقس احتفالي مستمد من وعيه الديني القديم، هذه الرحلة التي لم تتوقف إلا خلال الحرب العالمية الأولي، والمرّة الثانية عند الأزمة التي نشبت بين مصر والسعودية عام 1926 إلى أن توقف إرسال المحمل نهائياً عام 1961. لذلك كان المحمل الشريف الذي يحمل الكسوة المشرفة يعد مناسبة لا تضاهيها مناسبة، لم تزل في وعي المصريين حتى الآن، يتذكرونها ويقسمون بها ومن هذا المنطلق واحتفالا باختيار منظمة الأيسيسكو القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية، قامت قطاعات وزارة الثقافة بقيادة معالى وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم بإقامة مجموعة من الاحتفاليات، وشاركت أكاديمية الفنون بهذه الاحتفالية فقدم المعهد العالى للفنون الشعبية احتفالية «المحمل « التى كانت الأنسب فى إطار اختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية، عن فكرة الاحتفالية وبدايتها وأهم الفعاليات بها تحدثنا مع مجموعة العمل القائمة عليها من أساتذة المعهد العالى للفنون الشعبية
قالت د. غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون: أقمنا هذا الاحتفال بمناسبة اختيار منظمة الإيسيسكو القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية، فقد عقدت معالى وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم عدة اجتماعات مع قطاعات الوزارة المختلفة، وقدمت القطاعات مجموعة من المقترحات للاحتفالية وبالنسبة لنا فى أكاديمية الفنون فقد عملنا على مستويين، المستوى الأول باعتبارنا مؤسسة علمية فقد عقدنا مؤتمرا علميا يتصل باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية، تقدم له أكثر من 40 باحثا من مصر والشرق الأوسط، و انعقد المؤتمر أون لاين، وتم اختيار الأبحاث والملخصات و مراجعتها بشكل دقيق.
المحور الثانى خاص بالحفاظ على التراث والهوية المصرية، وكان ذلك اقتراح المعهد وهو إحياء طلعة «المحمل»، الذي كان فيما ماضى أحد الطقوس الهامة، حيث يقوم الحرفيون والخيامية بصنع كسوة الكعبة، ويقام احتفال كبير يجوب القاهرة في موكب ضخم وهو يعد مظهرا من مظاهر الفرح، وتذهب الكسوة الجديدة إلى الحجاز،وتعود الكسوة القديمة، وتقطع إلى  أجزاء يحتفظ بها الناس ويتباركون بها، وقد اقترح القائمون على المعهد العالى للفنون الشعبية إقامة هذا الاحتفال، ووجدنا أن لدينا متحفا للفنون الشعبية يضم مجسمات للمحمل والهودج وكان اهتمامنا بروح هذه الفعالية،وليس بالتفاصيل الدقيقة لطلعة المحمل، وقد قمنا بعمل الطقس المصاحب لهذه الاحتفالية وبجانب الفعالية أقمنا معرضا مصاحبا ساعدتنا فيه د. نفين محمد موسى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق، حيث زودتنا بمجموعة من الوثائق الأرشيفية الهامة عن «طلعة المحمل «، وكما نعلم أن آخر الاحتفاليات بكسوه الكعبة كان  عام 1962 وقد قمنا بعمل المعرض فى مراحل مختلفة، مرورا بعدة تفاصيل تخص فريضة الحج وأسعاره، وتعليمات المسؤول الأمنى، علاوة على إقامتنا معرضا للحرف من حلايب وشلاتين وأسوان، في وجود فرقة الإنشاد الدينى للمايسترو د. محمد سعد وكذلك طلبة  المعهد العالى للفنون الشعبية ككورال،  بمشاركة  ثلاثة أعضاء من ذوى الهمم إلى جانب حرفة الخيامية التى شاركت بها قصور الثقافة التى أود أن أوجه الشكر لها . واختتمت جبارة حديثها بشكر أستاذ الدراما وفن المسرح بالمعهد  الناقد محمد الروبى على ما بذله من جهد في إشرافه علي الاحتفالية الذي  كان - حسب قولها-   أكبر داعم لها.
الجهد  الجماعى
وكشف عميد المعهد العالى للفنون الشعبية د. مصطفى جاد عن فكرة الاحتفالية وجدول العمل الخاص بها فقال : عندما تقرر أن القاهرة 2022 عاصمة الثقافة الإسلامية وضع هذا الحدث على خارطة وزارة الثقافة المصرية، وطلب من جميع القطاعات تقديم فعاليات ومظاهر فنية ترتبط بهذه المناسبة، بحثنا عن عنصر التراث الشعبى الذى يمكن أن يقدم خلال هذا الإطار، ووجدنا أن الاحتفالات الشعبية مناسبة لهذا الحدث خاصة التى تكون مرتبطة بالفلكلور و هو ما ينطبق على احتفالية «المحمل» التى توقفت عام 1962 م. أضاف: شكلنا فرق عمل مختلفة، و بحثنا عن ماذا سيقدم فى هذه الاحتفالية وتم الرجوع للمراجع العلمية وأفلام الفيديو التى قدمت شكل الاحتفالية فى القرن العشرين،التى ترتبط بعناصر شعبية مثل الحرف الشعبية ومنها كسوة الكعبة التى كانت قائمة على فنون الخيامية.
وتابع: عندما تم تقديم هذا الملف من قبل المعهد العالى للفنون الشعبية إلى الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون؛ تمت الموافقة عليه من اللحظة الأولى وقدم الدعم الكامل له، ما من شىء طلبه القائمون على المعهد العالى للفنون الشعبية إلا واستجابت له رئيس الأكاديمية د. غادة جبارة فقد ذللت كل الصعوبات حتى تخرج الاحتفالية بشكل جيد ولائق. لم تكن الاحتفالية مجهودا فرديا ولكن أقيمت بمجهود جماعى، وكان لدكتوره سمر سعيد وكيل المعهد دور بارز وواضح فى الإشراف على فنون العرض، وكان هذا المجهود الجماعى  سببا رئيسا فى نجاح الاحتفالية.
واستكمل قائلا: المشهد وشكل المحمل فوق الجمل والطقوس الخاصة بهذه الاحتفالية من الطرق الصوفية والأغانى الشعبية ووجود أرباب الحرف أحدث حالة من الإبداع الشعبى الذى يمكن من خلاله «إعادة تقديم التراث»،وهو منهج علمى نقوم على دراسته بالمعهد العالى للفنون الشعبية، كما ساهمت دار الكتب المصرية برئاسة د. نفين محمد موسى بإقامة معرض خاص يضم الوثائق الخاصة باحتفالية المحمل على مدار التاريخ وجميع هذه العناصر كانت تحت إشراف الخبير وأستاذ الدراما والمسرح بقسم الأداء الشعبى «شعبة المسرح الشعبى» الأستاذ محمد الروبى.
وأضاف: تم العمل على الاحتفالية من خلال مجموعات مختلفة، فى البداية قمنا بالرجوع إلى الحرفيين الذين يستطيعون صناعة محمل مشابه للمحمل القديم، ووجدنا حرفيين مهرة استطاعوا الوصول إلى شكل المحمل، وشاركت فرق عمل من المعهد العالى للفنون الشعبية فى صناعته، كما تواصلنا مع مجموعة من المهتمين بتربية الجمال  من منقطة كرداسة، وتم الاتفاق معهم على جلب أحد الجمال حتى يتم توظيفه بعد تدريبات عملية، أيضا تم الاتفاق مع بعض المهتمين بتربية الخيول لجلب بعضها يستخدمها رئيس موكب الحج بالاحتفالية، وفريق آخر مهمته التواصل مع الطرق الصوفية وقد تم التواصل مع الشيخ علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية و أرسل ما يقرب من 60 مريدا بأزياء الطريقة العزمية، قاموا بالإنشاد الدينى مع الفرقة الموسيقية التى قادها المايسترو محمد عوض، فريق آخر من الطلاب يقوده الدكتور حسام محسب رئيس قسم فنون الأداء الشعبى لتقديم فنون التحطيب، إلى جانب الطلاب فى رفقه المحمل وقد قاموا بارتداء أزياء خاصة بالموكب ومنها زى الملك، وزى شيخ الطريقة، وأرباب الحرف الشعبية والباعة الجائلين، وبائع العرقسوس وكل هذا قاده المخرج عبد الله طيره الذى قام بإخراج حركة المحمل، كما كان هناك فريق عمل من مدرسة التكنولوجيا التطبيقية قاموا بعمل نموذج البوابة التى تمثل القاهرة القديمة التى كان يخرج منها المحمل.
واستكمل : كذلك كان هناك فريق تحت إشراف د. ولاء محمد رئيس قسم مناهج الفلكلور وتقنيات الحفظ التى قادت فريق التصوير الفوتوغرافى والفيديو للاحتفالية، وأقام معرضا للصور الفوتوغرافية خلال القرن العشرين، وهناك طلاب من معهد السينما شاركوا بتصوير بعض المشاهد وإعداد التقنيات الصوتية الخاصة بالاحتفالية بإشراف د. عاصم السيسى، ومن خارج المعهد شارك بعض العازفين الشعبيين من فرقة الآلات الشعبية.
وختم حديثه موضحا أن الاحتفالية تعد بداية لمجموعة من الاحتفالات الشعبية ومنها رحلة العائلة المقدسة، والاحتفالات الشعبية المصرية مثل السبوع، وذلك حتى تتعرف الأجيال الجديدة عليها.
  ورش عمل ودراسات
د. سمر سعيد وكيل المعهد العالى للفنون الشعبية قالت: الاحتفالية كانت مدرجة على قائمة الاحتفالات التى ستشارك بها أكاديمية الفنون بمناسبة اختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية أضافت: وهي إعادة إحياء لطقس تراثى كان يقدم من زمن طويل، حيث قدمت أخر احتفالية للمحمل فى ستينيات القرن الماضي، و قد واجهنا صعوبات كثيرة فى الوصول لشكل الاحتفالية وتفاصيلها وشخصياتها منها الملك ورجال الدين وطوائف الشعب، وهم يودعون كسوة المحمل التى تخرج من مصر فى طريقها للسعودية .
أكملت: قمنا بعمل ورش عمل ودراسات للوصول للشكل المثالى حتى تكون المحاكاة طبيعية وحية، وكان هناك دعم كبير من د. غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون حتى تظهر الاحتفالية بشكل جيد ولائق.
وأضافت: مشاركة الأساتذة والطلاب بهذه الاحتفالية كان لها أثر كبير، كما كان لمشاهدة  الشباب والأجيال الجديدة لاحتفالية حيه أمامهم بهذا التجسيد أثر كبير فى ترسيخ مبادىء كثيرة، كما أنها تعد جزءا تعليميا وفنيا للطلاب الذين شاركوا وشاهدوا الاحتفالية.
نجاح الطلاب
فيما أعرب أستاذ فن الدراما والمسرح الناقد محمد الروبى المشرف العام على الاحتفالية عن سعادته قائلا: الآن يحق لنا أن نفرح، فقد نجح طلابنا – طلاب المعهد العالى للفنون الشعبية-  في تجسيد احتفالية  المحمل  بنجاح فاق توقعنا. فاحتفالية المحمل لم يشهدها الواقع المصري منذ ستينيات القرن الماضي، وفيها كان  محمل سترة الكعبة يخرج من القاهرة الى مكة.. وكان يودع باحتفال ضخم يحضره ممثلون عن كل طوائف الشعب يشاركون فيه بالأغاني والأناشيد.
أضاف: نجح طلابنا في تجسيد هذه الاحتفالية التي اتفقنا نحن أساتذة المعهد بقيادة د.مصطفى جاد على أن نكون فيها مشرفين وموجهين عن بعد . تاركين الأبناء يبحثون ويقترحون وينفذون . وكانت النتيجة كما تمنيناها بل واكثر.
إن أجمل ما في هذا الحدث هو هدفه الذي لا يخص فقط التطبيق العملي على واحدة من أهم الاحتفالات الشعبية المصرية والتذكير بها..بل أيضا التدريب على العمل الجماعي. فقد شارك في هذه الاحتفالية كل طلاب المعهد ..(كل) بالمعنى الحرفي للكلمة ..بل وأضيف لهم طلابا من معاهد أخرى في الأكاديمية كالسينما والموسيقى والمسرح .. بل و كان الأكثر أفراحا لنا هو مشاركة تلاميذ مدرسة (الحرف الفنية) في تجهيز مناظر الاحتفالية
وتابع :تحية خاصة للطريقة العزائمية والطريقة الرفاعية اللتين رحبتا بالمشاركة بممثلين عنهم يرددون ابتهالاتهم ويسيرون في موكب الحفل..وشكرا لدار الكتب والوثائق على مشاركتها بمعرض المخطوطات الخاص بالاحتفاليات. وشكرا للهيئة العامة لقصور الثقافة على معرض الحرف البيئية المشارك في المسيرة، و لكل من فكر واقترح ونفذ شكرا للأبناء.. أنا أطير بكم فرحا.
إعادة إنتاج التراث
فيما قالت د. ولاء محمد محمود رئيس قسم مناهج الفولكلور وتقنيات الحفظ ورائد اللجنة الفنية وعضو اللجنة العليا للاحتفالية: الهدف الرئيسى من الاحتفالية هو توثيق التراث وحفظ فلكلور بلدى من الاندثار مع مرور الزمن وانتشار أفكار مغايره تحاول تشويه وإعادة إنتاج التراث، فكان من الهام التعرض لموضوعات غير تقليدية تضم عناصر فلكلورية وموتيفات شعبية مثل الرقص الشعبى والغناء  والرسومات الجدارية التى  تعبر عن الحج و جميعها موتيفات شعبية، وقد تم التوثيق الكامل للاحتفالية عن طريق طلاب قسم مناهج الفلكلور وتقنيات الحفظ
 مديح لسيدنا النبى
المايسترو محمد عوض المسئول عن الموسيقى بالاحتفالية قال:  لا يوجد غناء خاص «بالمحمل « فكل الغناء كان  لمدح سيدنا النبى والاشتياق لذهاب مكه والحج، وقد بدأت الاحتفالية بعزف موسيقى من الفرقة العسكرية التى تقوم بعزف ألحان وطنية، بعد ذلك قدم غناءا صوفيا وهو عبارة عن مديح فى رسول الله، وفى المحمل قدمنا أغنية للسيدة أسمهان بعنوان «عليك صلاة النبى وسلامه»  أثناء خروج كسوة الكعبة من بيت الكسوة. ثم تم استكمال الغناء الصوفى أثناء سير القافلة  التي يسير بها ممثلو الطوائف وممثلو الدولة ورجال الدين .
وتابع: عندما انتهت الرحلة قامت فرقة الإنشاد الدينى من طلبة المعهد العالى للفنون الشعبية بمصاحبة موسيقيين من الفرقة الموسيقية للفنون الشعبية بتقديم بعض الأغنيات، وشارك د. أحمد سعد الذى قام بالإنشاد الدينى مع الطلبة في بعض الفقرات ومنها الفقرة الرئيسية اغنية «إلى رحاب النبى» وأغنية «رايحه فين يا حاجه» التى يقتصر بها الغناء على الصوت النسائى، وأغنية «ياللي  انت رايح للنبى» والتى يقتصر فيها الغناء على أصوات الرجال، ثم يقوم المنشد د. محمد سعد بأداء  جزء من بردة الإمام البوصيرى بمصاحبة فرقة الكورال من الجنسين واختتمت الفعالية بأغنية «مدد يا نبى» ألحان  محمد الكحلاوى.
تكنيك الاحتفالية
المخرج عبد الله طيره  قال عن التجربة: بعد الموافقة علي اختيار احتفالية موكب «المحمل» تم ترشيحي من قبل عميد المعهد العالى للفنون الشعبية، د. مصطفى جاد  وكيل المعهد و د. سمر سعيد ورئيس  الأكاديمية د.  غادة جبارة لإخراج هذا الموكب، على الفور وافقت لأنه بمثابة نقطة تحول كبيرة في مشواري، وأدين بالفضل أيضا لمنسق الموكب الأستاذ محمد الروبي، وجميع أعضاء هيئة الإخراج علي رأسهم المخرج المنفذ عادل مهران.
وعن التكنيك الذى اعتمد عليه فى إخراج الاحتفالية قال: تكنيكي اعتمد على جعل الناس تصدق  إنه موكب حقيقي  يحدث فى الوقت الحالى، وبفضل الله حدث ما أردته.
وتابع: الناس في النهاية كأنهم كانوا ينتظرون الوصول إلي الحجاز وهذا يعد قمة النجاح أن ينتظر الجمهور ظهور الكعبة المشرفة وقد سعدت برؤية حالة النشوة الدينية في أعين  الحضور، الذين  حتى  اليوم يطالبون بإعادة تقديم  الموكب خارج أسوار أكاديمية الفنون.
وعن الصعوبات التي واجهته قال: هي السيطرة علي الجمهور ودفعه للمشاركة كأنه عنصر من عناصر الموكب، لأن  العمل 90? منه ينفذ لأول مرة في الشارع، والجمهور يعد بطل الحكاية، وبفضل الله كانت هناك خطة  لتوظيف مشاركة الجمهور دون أن يشعر بأنه أحد أهم عناصر الموكب، فتعاون الجمهور دون أن يشعر بنجاح كبير. .
تابع: أدين بالفضل لكامل هيئة الإخراج والمسؤولين عن هذه المنطقة مثل محمد الراوي وايمن عفيفي وعبدالله عصام وياسين رضوان ويارا الروبي وسام شاكر وأحمد صبري. وكلنا نعلم أن آخر موكب للمحمل تم في مشارف الستينيات، فعندما تفكر في إعادة إحيائه مرة أخري؛ فمن الطبيعى ألا  يكون  كما كان سابقا  لاختلاف الزمن والطبيعة ومعايشة الحدث ذاته، هنا يأتي دور الاستلهام، أن تستعين بالعناصر الأساسية ونوظفها في شكل آخر وصورة متطورة، هذه العناصر التي تم استلهامها هي الأداء الحركي قبل الموكب بالعصا، فكانت كل محافظة تؤدي ثقافتها احتفالا بالمحمل حتي لو لم يمر من عندهم، وكان من الصعب تنفيذ كل ثقافات مصر المحلية فاكتفيت بظهور الفلاحات بالزغاريد والصعايدة بالعصا والمزمار والطبل .
وأوضح أيضا :تم تضفير منطقة للتجسيد التمثيلي ظهر فيها بعض رموز الدولة :القسيس وشيخ الأزهر والحرس العسكري والخديوي وعامة الشعب، مثل بائع عرق السوس والجزار، وغيرهم وتم الاستعانة برجال الصوفية لاكتمال المظاهر الاحتفالية، والخيول و كذلك الجمل الذي يوضع علي ظهره الهودج الذي يحمل كسوة الكعبة، وتم استخدام أشهر الأغاني في زفة المحمل، علي أنغام وأصوات فريق إنشاد المعهد.
المسرح كان لها دور
وأشار م. بكار حميده مهندس ديكور احتفاليه الموكب  ورئيس قسم الديكور بمدرسه الفنون للتكنولوجيا إن الاحتفالية تعيد تقديم أحد المظاهر الشعبية الكبرى التي كانت تقام في مصر حتى مطلع الستينيات من القرن الماضي. وقد اعتمد تصميم ديكور الاحتفالية علي عده أجزاء أولها بوابه الدخول التي تشبه في تكوينها بوابات مصر القديمة، ثم بيت الكسوة متميزا باللون الأخضر ومناطق عرض الحرف اليدوية والشعبية لأربابها الأصليين من ألنوبة وأسوان، ثم منطقه معرض الصور لتوثيق الاحتفالية الأصلية وصولا إلي مسرح فريق الإنشاد الديني وبوابة الخروج، وقام طلاب المدرسة التكنولوجية بتنفيذ وتركيب الديكورات بكل احترافيه ومهارة.
وتابع: الاحتفالية كانت تنطلق من القاهرة التاريخية.. بما يصاحبها من الممارسات والاحتفاليات، مثل ترديد أغاني الإنشاد الديني، وفنون الرقص بالخيل، وفرق المزمار البلدي، وفنون التحطيب، ومشاركة بعض أصحاب الطرق الصوفية باستخدام البيارق المميزة لكل طريقة، وتمثيل الموكب من خلال أرباب الحرف التقليدية، وجداريات الحج، وإقامة السرادقات، ودار الكسوة، فضلاً عن شكل المحمل المميز الذي كان يعامل معاملة خاصة طوال العام. وقد أعيد تقديم الاحتفالية داخل أسوار أكاديمية الفنون وأمام المعهد العالي للفنون الشعبية، بمشاركة طلاب المعهد. وختم بقوله : المعهد العالي للفنون الشعبية يقوم على بحث ودراسة عناصر الثقافة الشعبية بمختلف فروعها، ويشهد نشاطًا غير مسبوق في تقديم وإتاحة عناصر تلك الثقافة في إطار احتفالي وإبداعي من ناحية وعلمي من ناحية أخرى، وقد ظهر هذا بوضوح خلال الاحتفالية بمشاركة قطاعات وزارة الثقافة المختلفة حيث شاركت دار الكتب والوثائق القومية بمعرض من الوثائق يعرض ويوثق احتفالية الحج ومسيرتها وتكلفتها قديما وغيرها من الوثائق الهامة كذلك شاركت الهيئة العامة لقصور الثقافة بمعرض متميز لبعض عناصر التراث الشعبى كما قامت بالمشاركة المتميزة مجموعه من العارضين من أسوان والنوبة وحازت معروضاتهم على إعجاب الحضور . وكان من أكثر الفقرات تميزا فى الاحتفالية هو الأداء المتميز لمشايخ وأتباع الطرق الصوفية وقام بتصوير الاحتفالية مروان هشام وأنطونيس نشآت من طلاب مدرسة التكنولوجيا التطبيقية.


رنا رأفت