المسرح الليبي..حاضره ومستقبله على مائدة معرض الكتاب «49»

المسرح الليبي..حاضره ومستقبله على مائدة معرض الكتاب «49»

العدد 546 صدر بتاريخ 12فبراير2018


ضمن فعاليات الدورة الـ49 لمعرض القاهرة للكتاب أقيمت الأحد 4 فبراير ندوة تحت عنوان «المسرح الليبي: حاضره ومستقبله»، احتضنتها قاعة محمد أبو المجد وحضرها من الفنانين الليبيين فتحي كحلول وعبد الحميد المهدي والمخرج منصور أبو شناف، وأدارها الفنان عبد الله بن سويد.
الفنان عبد الله بن سويد بعد أن رحب بالحضور قدم الفنان فتحي كحلول بكلمات بسيطة وسريعة قائلا: هو من مواليد مدينة طرابلس، يعمل مخرجا ومديرا للمسرح الوطني منذ عشرين عاما وحتى الآن. كانت أولى خطواته في مدرسة المدينة القديمة، حيث قدمه الموسيقار كاظم ندين، درس الغناء الشرقي وعلم الإيقاعات، في أواخر الستينات كان عضوا بالفرقة الموسيقية تحت إشراف الفنانين مصطفى الأمير ومحمد شرف الدين. حصل كحلول على جوائز كثيرة سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج أو الغناء والتلحين.
وطرح المخرج عبد الله بن سويد عدة أسئلة للنقاش حولها مع ضيوف الندوة أبرزها: ما الأرض الخصبة لنمو المسرح الليبي؟ ما الرسالة الحضارية الثقافية الذي قدمها؟ المسرح الليبي في قبضة الرقابة: ما نوع المسرحيات المقدمة في هذا الوضع؟
ما الأزمات التي يعانيها المسرح الليبي؟ هل لدينا في ليبيا عناصر فنية ذات كفاءة؟
الفنان فتحي كحلول بدأ كلمته بالترحيب بالسادة الحضور وخص بالذكر المخرج محمد الصادق وتمنى له الشفاء، والكاتب المسرحي الكبير على الفلاح وبالإعلامي الكبير الهادي البركوشي. أضاف كحلول: اليوم عندما نتكلم عن المسرح الليبي وقد مر عليه أكثر من مائة عام، فلا بد أن نتوقف عند مجموعة محطات صغيرة، للإجابة على التساؤلات المطروحة. وهي أن المسرح لدى كل الشعوب يبدأ مع ظهور الشعوب ذاتها، وينشأ تحت تأثير عوامل ملحة ترتبط بطموح وأحلام هذه الشعوب وآلامها وكفاحها من أجل حياة أفضل وواقع إنساني أكثر إشراقا. تابع كحلول: إن التجربة المسرحية الليبية ليست ابنة هذا العصر، بل هي تجربة ممتدة عبر التاريخ، فالمسرح الليبي يحمل بداخلة بذور الماضي. مؤكدا أن التاريخ المعماري الموجود على أرض ليبيا يشهد على ذلك، وهو في اللحظة نفسها يتطلع نحو المستقبل في محاولة للتجريب على أشكال جديدة لم تكن معروفة من قبل، من أجل تطوير هذا الفن الإنساني وإعادة صياغته من جديد، في قراءة إبداعية مفتوحة على مختلف الأجناس التعبيرية الأخرى، وفي محاولة للتمرد على السائد والمألوف وكل أشكال الإيهام والتخدير، باحثا عن علاقة تشكيلية جديدة بين عناصر العرض المسرحي لتحقيق حالة من التحاور والتصادم الاصطناعية في هذا الفضاء المفتوح، لمخاطبة كل الناس التي تشكل الروح الداخلية للعمل. مشيرا إلى أن المسرح في جوهرة لقاء شعبي مفتوح شرطه الأساسي الحرية، وهو فن ونشاط إنساني مبتكر ومتحرك يتأثر بالشروط التاريخية للعمل المسرحي، كل يكون راهنا هنا والآن.
تابع كحلول: إننا أمام بداية وعي جديد عن طريق تعزيز وتأكيد وترسيخ الهوية الليبية والقومية؛ إذ إننا نؤمن بمدى عمق وثراء شخصية الأمة. مؤكدا أن الإبداع الثقافي والفني هو أكثر أشكال الإنتاج قربا من الناس واتصالا بهم، وعندما يؤدي الفن والثقافة دورهما الحقيقي تكون التنمية قد تحققت، مشيرا إلى أن المسرح العربي أو الليبي جزء من المسرح العالمي، فالفسيفساء تتكون من جزئيات مختلفة اللون والشكل والحجم، ولكنها في النهاية تعطي لوحة واحدة، كذلك المسرح؛ فهو يتكون من عدة أشكال ينتمي كل شكل منها لمجتمع مختلف. وفي النهاية، يتكون الشكل العام للمسرح الذي ينتمي لقضايا الإنسان.
وأكد كحلول أنه على الرغم من ذلك، فإن المسرح الليبي ما زال يبحث عن ذاته ويحاول أن يكون على مستوى اللحظة التاريخية والقضايا المطروحة على الساحة العربية والعالمية.
أضاف: لقد ارتبطت ليبيا بعلاقات تجارية وسياسية وثقافية مع الكثير من الدول تنتمي إلى الحضارات القديمة، وتاريخ المسرح الليبي الحديث يمكن تقسيمه إلى أربع مراحل: المرحلة الأولى من 1908 إلى 1945مشيرا إلى أنه في 1908 رفض عمال ميناء طرابلس إنزال البضائع عن البواخر النمساوية وأضربوا عن العمل احتجاجا على ضم مقاطعتي البوسنة والهرسك الإسلاميتين، وفي هذه الظروف ظهرت أول مسرحية ليبية بعنوان «شهيد الحرية» تأليف وإخراج محمود قدري المحامي، وقدمتها فرقة التمثيل العربي بطرابلس، وقد خصص دخل هذه المسرحية لعمال المينا. تابع: وفي عام 26 قدم الفنان محمد عبد الهادي مسرحية بعنوان «آه لو كنت ملكا» وهي مقتبسة عن حكايات ألف ليلة وليلة، ثم قدم مسرحية أخرى بعنوان “خليفة الصياد” كانت سببا في قفل أبواب المسرح وحبس بعض أعضاء الفرقة التي لم تعد للظهور إلا بعد عام 35 حيث قدمت مسرحيتها الثالثة “نكبة البرامكة”، كما أوقفت السلطات مسرحية «الوفاء العربي» للمخرج وهبي البوري في بني غازي.
ثم تطرق كحلول للمرحلة الثانية، مرحلة الانتداب البريطاني مشيرا إلى تسلل بعض العسكريين إلى الأندية الأدبية والرياضية والفنية ليتمكنوا من الإشراف المباشر علي التيارات السائدة التي تنادي بالاستقلال، تابع: تميزت هذه المرحلة بوصول المسرح الليبي إلى المدارس، وعن المرحلة الثالثة التي كانت من 1952 إلى 1969 قال: لعب المسرح الاجتماعي دورا هاما ورمزيا واختيرت الشركات كمكان درامي تجري فيه الأحداث. أما المرحلة الأخيرة التي بدأت في ما بعد 1969 وما زالت مستمرة حتى الآن، فقال: فيها ظهرت كفاءات جديدة في معهد التمثيل والموسيقى وعودة بعض الدارسين في الخارج للوطن وتكوين فرق مسرحية جديدة والإعلان عن المهرجان المسرحي الوطني، وذلك عبر تكوين الهيئة العامة للمسرح والموسيقى. والاعتراف بدور الفنان وتكريمه وعمل نقابة للفنانين والكتاب وإنشاء كلية الفنون وفتح المعهد العالي للمهن المسرحية وتكوين الفرقة القومية للفنون المسرحية والاعتراف بدور المرأة الفنانة وتشجيعها. وقال كحلول إن المسرح الليبي يحتاج الآن إلى مشروع تجريبي وشامل وتشجيع الموهوبين وإعادة اللوائح المالية وإعادة المسارح المنهوبة وعودة المهرجان القومي.
الفنان عبد الحميد الهادي قال: قلت للفنان فتحي كحلول إما أن تصبح إسماعيل يس أو تصبح تحية كاريوكا رحمهما الله، فالأول أضحك الناس وأسعدهم دون أي تطوير إلى أن توفاه الله، والثانية من الرقص إلى أستاذة في المسرح بالعلم والثقافة، وقد قبل النصيحة واجتهد وسافر إلى الخارج وحصل على الدكتوراه وعاد إلى المسرح ليصبح أستاذا في المسرح بل مديرا للمسرح الوطني بطرابلس.
 

 


محمود عبدالعزيز- شيماءسعيد