عروض المدارس المسرحية (1932 – 1941)

عروض المدارس المسرحية (1932 – 1941)

العدد 770 صدر بتاريخ 30مايو2022

في ثلاثينيات القرن الماضي – وتحديداً في عام 1932 – تحدثت الدوريات عن الأنشطة المسرحية لمدارس النيل في شبرا، ومن هذه الدوريات مجلة «الصباح» التي نشرت موضوعاً بعنوان «الحفلة التمثيلية السنوية الخامسة لمدارس النيل بشبرا»، قالت فيه: «أقامت مدارس النيل بشبرا حفلتها التمثيلية السنوية الخامسة يوم الخميس الماضي فمثلت بها رواية «الجزاء» من تأليف عباس أفندي الخرادلي، وإخراج محمد أفندي توفيق، وقام بأدوارها: عبد المنعم أفندي علي (الباشا)، ومحمد أفندي مصطفى الحداد (ضياء)، ومحمد أفندي عبد المنعم حتاتة (قدري)، ويوسف أفندي أحمد (سعيد)، وعباس أفندي زيدان (الحاج يوسف)، وحسين أفندي عرابي (رئيس المحكمة)، وإسماعيل أفندي شلبي (مستشار يمين)، وجمعة أفندي عبد الجواد (مستشار يسار)، وعبد الحليم أفندي الشعراوي (وكيل نيابة)، ومحمد أفندي جابر الحيفي (المحامي)، وجندي صادق أفندي عبد السلام العناني رئيس فرقة التمثيل بمدرسة شبرا الثانوية، وقد مثل دور (لويس الحادي عشر)».
وبعد عامين علمنا – من الوثائق الرقابية – أن طالبات مدرسة النيل الابتدائية بشبرا مثلوا مسرحية «الضريرة»! حيث وجدنا خطاباً من سكرتير الجمعية الصحية، جاء فيه الآتي: حضرة صاحب السعادة مدير الأمن العام، نتشرف بأن نرسل لسعادتكم مع هذا عدد 3 نسخ من رواية «الضريرة»، التي ستقوم بتمثيلها طالبات مدرسة النيل الابتدائية بشبرا بدار الأوبرا الملكية في مساء يوم 18 أبريل سنة 1934 كدعاية صحية لعيد الطفل، الذي ستحييه الجمعية الصحية المصرية. رجاء التكرم بالتصديق عليها، وتفضلوا يا صاحب السعادة بقبول أسمى احتراماتي. [توقيع] «الدكتور أحمد محمد كمال» سكرتير الجمعية الصحية المصرية».

مدرسة متفرجة
من طرائف المقالات التي وجدتها، مقالة موقعة من «مدرسة متفرجة»! وواضح أنها خجلت من ذكر اسمها، وهذا أمر طبيعي في هذا الزمن! لكن الأهم أنها شاهدت العرض وكتبت عنه مقالة ونشرتها باسم مستعار في مجلة الصباح في يونية 1932، تحت عنوان «الحفلة التمثيلية لإعانة الضريرات بمدرسة المعلمات الراقية بشبرا»، جاء فيها: «أقامت مدرسة المعلمات الأولية بشبرا بجيناكليس - [وجيناكليس حارة متفرعة من شارع الترعة البولاقية] - يوم الأربعاء والخميس والجمعة الموافق 11، 12، 13 مايو فافتتحت الحفلة بنشيد مدرسي ألقته بعض التلميذات الضريرات بصوت حنون، ثم قامت بعض المعلمات والتلميذات بتمثيل رواية «تاجر البندقية»، وقام بأدوارها: الآنسة عائشة الغمري (شيلوك) فحازت الإعجاب، والآنسة فتحية عزت (بسانيو) فنجحت فيه، وكانت مثال الرجولة الحقة. والآنسة كاميليا (بورشيا) فأدت دورها على الوجه الأكمل. فقط أخذنا عليها انخفاض صوتها في بعض المواقف. وأما التلميذات فقد أبدعن جميعاً، نخص بالذكر منهن فاطمة السيد (جراشيانو)، فأبدعت كل الإبداع، وبدور الخواجة (أنطونيو) فأجادت، ونفيسة شعراوي (لورانزو) فنجحت فيه، وتخلل الفصول بعض منلوجات ألقيت من بعض التلميذات، وبالإجمال فقد كانت الحفلة تستحق كل إعجاب، وذلك بفضل القائمات بشأن هذه الجمعية، وعلى رأسهن السيدة المهذبة الفاضلة سنية هانم عزمي المفتشة بوزارة المعارف. [توقيع] «مدرسة متفرجة»».

مدرسة كلية شبرا
بدأت الدوريات الفنية تهتم بأنشطة مدرسة كلية شبرا المسرحية في عام 1932، حيث قامت مجلة «الصباح» بشر كلمة بعنوان «في كلية شبرا الثانوية»، قالت فيها: «أحيت مدارس كلية شبرا الثانوية للبنات حفلتها السنوية مساء الخميس 11 أغسطس، فبدأت الحفلة بأناشيد ومثّل تلميذات الكلية رواية «في سبيل الوطن» تأليف محمود الناصح أفندي، وتلحين أبو العلا أفندي درويش. وقد نجح الجميع في أدوارهن خصوصاً الآنسات اللواتي قمن بأدوار: عصمت بك، وطاهر، والضابط اليوناني، وفابروز، وبديعة، وخالدة، وجميل، ولطيفة، وشريف».
وبعد خمس سنوات نشر أحد الطلاب في جريدة «أبو الهول» كلمة عنوانها «مدرسة كلية شبرا للبنات»، قال فيها: «كنت ممن حضروا حفلة مدرسة كلية شبرا للبنات، وقد أعجبت كل الإعجاب بالبرنامج، وفي مقدمته «ملاك وشيطان» التي مثلها التلميذات. ثم مثلت فرقة محمود الناصح رواية «دكتور الهنا» فنجحت نجاحاً باهراً. كما أن صالح أفندي عجاج في دور «عنتر الجزار» كان لا بأس به، وكذلك إسماعيل محمد في دور «بلبوص البربري»، وفريد فهمي في دور «الخياطة». [توقيع] «فخري بشارة .. طالب بمدرسة الصناعات الميكانيكية»».
وبعد عامين – وتحديداً في عام 1939 – نشر ممثل وملحن كلمة في جريدة «أبو الهول» عنوانها «بين هواة التمثيل»، قال فيها: «قرأت في مجلة «الصباح» كلمة بإمضاء «الفريد ديمتري» بمناسبة إقامة حفلة مدرسته السنوية «كلية شبرا للبنات». وقد حرضه محمود الناصح أفندي، لأن ينسب إليه تأليف جميع البرنامج، والحقيقة غير ذلك، فإن الرواية الأولى هي «البرنسيس» التي أسماها «الغني والفقير»، والثانية «الحانوتي» التي أسماها «اللي ما يشتري يتفرج». والمعروف للعالم أجمع بأن الروايتين للأستاذ الريحاني. وأما الأناشيد فمأخوذة من صالات الإسكندرية. فإذن أين مؤلفات «الخايب» مع العلم بأن الحفلة كانت على عاتقي وزميلي أحمد أفندي الخياط. [توقيع] «صالح عجاج ممثل بالحفلة»، «أحمد الخياط ملحن الحفلة».
وفي عام 1940 وجدنا آخر أخبار المدرسة – وفي الوقت نفسه، ما وجدناه كان رداً على الكلمة السابقة - عندما نشر صاحبها كلمة في جريدة «الأمة»، قال فيها تحت عنوان «مدارس كلية شبرا الابتدائية»: «أحيت مدارس كلية شبرا الابتدائية للبنات حفلتها السنوية يوم الخميس الماضي، وجميع البرنامج من تأليف محمود الناصح [توقيع] «الفريد ديمتري»».

عروض لمدارس أخرى
في يناير 1933 حدثتنا جريدة «أبو الهول» عن «الحفلة التمثيلية السنوية لمدرسة الصلاح بشبرا»، قائلة: أقامت مدرسة الصلاح الابتدائية حفلتها التمثيلية السنوية يوم الخميس الماضي، فافتتحت بكلمة من حضرة رمزي أفندي فهمي ناظر المدرسة، وتهنئة عيد رأس السنة بالفرنسية من تلميذات المدرسة، وقطعة «الذئب» من تلاميذ المدرسة. وألقيت عدة منولوجات من أحمد أفندي أمين شكري، وصلاح محمد علي، والآنسة اعتدال محمد، ومرجريت يوسف. وكانت الحفلة قاصرة على أولياء أمور الطلبة والطالبات، وحضرها بعض نظار المدارس المعروفين.
وفي فبراير 1933 أخبرتنا جريدة «أبو الهول» بحفلة مشروع القرش، قائلة: «أقيمت مساء الخميس الماضي حفلة تمثيلية على مسرح الرمسيوم بمدارس فؤاد الأول بشبرا، خُصص إيرادها لمشروع القرش، ونحن نشكر الفرقة على تطوعها لإحياء هذه الحفلة، وقد أجاد حضرات الأفندية فهمي عبد الجواد في دور «نفوسة»، وإدوارد أفندي في دور «عفيفي»، ولا يفوتنا أن نشكر على صفحات الصباح حضرات أعضاء الأوركستر برئاسة أحمد أفندي رمزي، الذي شنف أسماع حضرات مشرفي الحفلة. وقد تبرع لمشروع القرش في هذه الحفلة حضرة المربي الفاضل ناظر مدارس رقي المعارف بمبلغ ثلاثة جنيهات مصرية للمشروع، مما زادنا تقدير غيرته الوطنية».
وفي فبراير 1933 أيضاً أخبرتنا جريدة «أبو الهول» عن «حفلة مدرسة دار الإخلاص بشبرا»، قائلة: «أقيمت في مساء الخميس قبل الماضي حفلة تمثيلية من بعض هواة التمثيل بمدرسة دار الإخلاص بشبرا بأرض الطويل، فافتتحت الحفلة بالسلام الملكي من أوركستر الأمير فاروق برئاسة فؤاد أفندي حلمي، وسكرتارية إسماعيل رفعت. والذي قلل من قيمة الحفلة سوء المعاملة التي لاقاها بعض المتفرجين من ناظرة المدرسة، وسوء النظام حتى اضطر الأوركستر إلى الانسحاب في الساعة التاسعة مساء قبل انتهاء التمثيل. [توقيع] «متفرج»».
وفي يونية 1933 نشر «رأفت الجندي خريج المعلمين العليا» في مجلة «الأمة» خبراً بعنوان «الحفلة التمثيلية السنوية لمدرسة دار الفتوح الأدبية»، قال فيها: كنت ممن شاهدوا الحفلة السنوية لمدرسة دار الفتوح الأدبية الخيرية بشبرا مساء الخميس الماضي، وسررت جداً من نظام الحفلة. وقد كانت تحت رعاية صاحب السعادة محمد عبد الخالق مدكور باشا، فافتتحت الحفلة بآي الذكر الحكيم وألقيت كلمة الافتتاح، ثم كلمة المدرسة من قلادة أفندي يعقوب. وبعد أناشيد ومحاورات من الطلبة والطالبات، قامت «فرقة زهرة التمثيل» بتمثيل رواية «البادي أظلم» تأليف سيد أفندي خميس. وقام بأهم أدوارها الأفندية: علي صادق، ومحمد علي الشافعي، وصالح محمد السيد، وفؤاد الفيومي، ونبيه سليمان، وصالح عجاج، وإسماعيل محمد، وإحسان شوقي. وقد أظهر الجميع مقدرة وكفاءة في التمثيل. وختمت الحفلة برواية «البربري» تأليف علي أفندي صادق، وكان يشرف على النظام الأستاذ عبد الفتاح حمودة ناظر المدرسة. [توقيع] «رأفت الجندي خريج المعلمين العليا».
وضمن الوثائق الرقابية المؤرخة في يوليو 1933، وجدنا أوراقاً تتعلق بمسرحية «المتهم البريء» تأليف محمود علي نصر، والتي عُرضت على مسرح مدرسة مصر الحديثة بشبرا، تحت رعاية ناظرها سليم فؤاد. وتحكي هذه المسرحية أن «أمين ويوسف صديقان حميمان يريد الأول أن ينتقم من الثاني لاعتدائه على شرفه في شخص زوجته، فيقتله مع خادمه عثمان، ويقبض البوليس على عبد الحي صديق يوسف باعتباره أنه القاتل لمصادفة وجوده في مكان الجريمة، ويحكم عليه بالإعدام. وعند الشروع في تنفيذ هذا الحكم يتقدم أمين القاتل الحقيقي ويعترف بالجريمة فيحكم ببراءة عبد الحي ويطلق سراحه.

مسرحية همم الرجال
وثائق مؤرخة في ديسمبر 1933 عن مسرحية «همم الرجال» تأليف «عطا الله يوسف»، تم تمثيلها في المدرسة الحديثة بشارع خورشيد بشبرا. والمسرحية تدور – كما جاء في الأوراق نصاً – حول «وديع أفندي ناظر مدرسة بالسودان منذ سبع سنين. يرغب في العودة إلى مصر ليعمل في الأعمال الحرة وفتح مدرسة بعد أن أقتصد مبلغ 100 جنيهاً، فيعود إلى مصر ولكن يضيع منه مبلغ 80 جنيهاً كان قد وضعهم في شنطة ولا يبقى معه إلا مبلغ 20 جنيهاً. ولكنه لا ييأس ويقدم على فتح مدرسة أهلية وتشجعه على ذلك زوجته جوليا، وتم فتح المدرسة ولكن عدد التلاميذ لا يكفي مصاريف المدرسة، وانكسر عليه أجرة المنزل شهرين، وصاحب البيت يطالب بإلحاح دون جبر. ويجئ إليه عبده شقيقه ويطلب منه قفل المدرسة نظراً لأن المدرسة لا تحصّل حتى مصاريفها فأصبح مديوناً، ولكن وديع أفندي يرفض هذا الرأي ويطلب من أخيه أن يساعده، ولكن أخيه يرفض لأن ماهيته يا دوب تكفي العيال. ويطلب منه أن يدبر نفسه بنفسه، ويجئ المحضر لأنه تكلف بالحجز على جميع ما في المدرسة نظراً لتأخره في سداد أجرة ثلاثة أشهر لصاحب البيت. ويفكر في العمل ممثل. وأثناء تفكيره يدخل عليه صديقه فهمي ويعلمه أن معه مبلغ 30 جنيهاً ويريدها وديعة عند وديع أفندي أمانة لمدة ستة شهور لأنه ليس في احتياج لها حالياً. ولكن وديع أفندي يرفض ظناً منه أن فهمي جاء ليقدم له مساعدة. ويلتحق بالعمل ممثلاً بمسرح الكسار، ويراه شقيقه عبده وهو يمثل بمسرح الكسار ويقول في نفسه إن أخاه لم يدفعه لاحتراف المهنة سوى الحاجة الشديدة، ويندم على عدم مساعدة شقيقه عند الحاجة، ويفكر في حيلة لمساعدته دون أن يعلم. وعندما ينزل ابنه صبري ليلعب الكرة بالشارع يرمي له المحفظة دون أن يراه ويجد الولد المحفظة ويجري بها إلى أبيه ويفتحها فيجد بها مبلغ 30 جنيهاً، ولكن والده يؤنبه ويقول له إياك أن تكون خطفتها، أو سرقتها، ولكن الولد يحلف لأبيه أنه وجدها عندما كان يلعب الكرة. ويطيب خاطره والده ويحضر ورقة ويكتب بها إعلان عن المحفظة ويرسل الولد بالورقة إلى جريدة الأهرام لعمل الإعلان. وأثناء خروج الولد يجد بائع اللوتارية ويلح عليه بشراء ورقة فيشتري منه ورقة بمبلغ خمسة جنيهات، ولكن ينسى أخذ باقي ال20 جنيهاً من البائع فيبكي كيف سيتصرف في عمل الإعلان وليس معه نقود فيخرج والده ويجده يبكي وواقفة معه سعاد ابنة عمه عبده، ويلمح معه ورقة اللوتارية فيأخذها منه – ويرسل سعاد بالإعلان إلى الجريدة وأثناء خروجها يجدها أبيها ويأخذ منها الإعلان ويمزقه وثاني يوم يشتري جريدة الأهرام ولم يجد بها الإعلان ويقرأ اليانصيب فيجد أن النمرة كسبت مبلغ 400 جنيهاً ويذهب لصرف المبلغ ويعلم أن أخيه هو الذي ألقى بحافظة النقود أمام ابنه دون أن يراه فتتحسن أحواله وينجح مشروعه».
ومن الوثائق نعلم أن مؤلف المسرحية هو « عطا الله يوسف» ناظر المدرسة الحديثة بشارع خورشيد بشبرا، لذلك الرقيب قال في تقريره: «... والرأي أن الرواية مكتوبة بلغة عامية وكان الأجدر – وهي موضوعة ليمثلها طلبة مدرسة – أن تكون مكتوبة باللغة العربية ولا بأس من تمثيلها».
ومن الوثائق الرقابية المؤرخة في عام 1936، وثائق مسرحية «الملك الديمقراطي»، وموضوعها يدور «حول ملك صالح أخلص لشعبه، كما أحبه الشعب. يعامل وزراءه وقواده وخدمه معاملة حسنة، وكان هذا الملك مجتمعاً مع رجال دولته، وتأجل الاجتماع إلى اليوم التالي وبينما هو في مكتبه بعد خروج الوزراء رأى شبحاً ولما استنطقه قال له: إنه المال. فيخبره الملك إنه ليس بحاجة إليه. ثم جاءه شيخ آخر وقال له بأنه الحظ، فقال له الملك سوف أوعدك بأني سأناديك عند الحاجة وانصرف، ثم دخل شيخ آخر وقال له إنه الشرف فيطلب منه الملك أن لا يفارق شعبه». هذه المسرحية تم تمثيلها في مدرسة ولي العهد بشارع القصابجي بجوار جامع الخازندار بشبرا.


سيد علي إسماعيل