تأكيدا على دورهم في عملية التنمية مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر.. قادرون باختلاف

تأكيدا على دورهم في عملية التنمية مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر.. قادرون باختلاف

العدد 769 صدر بتاريخ 23مايو2022

جاءت مسرحية “كنز الدنيا” من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، من إخراج الفنان أشرف عبد الباقي، والتي يشارك في بطولتها عدد من الأطفال المعاقين، وهي مسرحية اجتماعية كوميدية تناقش عددا من القضايا التي تهم مثل هؤلاء الأطفال، تأكيد لدورهم الفاعل في المجتمع وعملية التنمية، وهذا ما أكدته قبل ذلك احتفالية “قادرون باختلاف” للاحتفال بذوي القدرات الخاصة والتي شهدها رئيس الجمهورية، لتؤكد على دعم الدولة لتلك الفئات لإخراج الطاقات الكامنة بداخلها فكريا وثقافيا وفنيا، فهم جزء أصيل من عملية التنمية.
والفن هو أقدر الأشياء على تحويل المستحيل إلى أمر ممكن، وهذا ما ينطبق على مجموعة من الفرق المسرحية التي تهتم بتقديم المواهب الفنية من ذوي القدرات والاحتياجات الخاصة في مصر، ممن يتحدون الصعاب وتحويل الإعاقة إلى طاقة.
ومن تلك الفرق “فرقة الشمس” التابعة للبيت الفني للمسرح بوزارة الثقافة المصرية، والتي تضم مجموعة من الأطفال الموهوبين ممن فقدوا نعمة البصر، وقدمت الفرقة عروضها في أماكن متعددة  منها “مسرح الطليعة” و”مسرح الحديقة الدولية” و”مسرح السلام” وغيرها.
وتحمل الفرقة شعار “النور منكم ولكم”، وتشرف على الفرقة الفنانة وفاء الحكيم، وقدمت الفرقة مجموعة من العروض منها”العطر” إخراج محمد علام، و”ورد وياسمين” إخراج شريف فتحي، وهو أول عرض يشارك في صناعته فنانين  من أصحاب القدرات الخاصة وأصحاب جميع الإعاقات الحركية أو السمعية في تاريخ مسرح الدولة.
وتؤكد الفنانة وفاء الحكيم على أن الفرقة أطلق عليها اسم “فرقة الشمس” تعبيرا عن الأمل والطاقة الإيجابية  التي نتبادلها مع أبنائنا وإخوتنا من هؤلاء الأبطال.
وتقيم الفرقة مجموعة من الورش الفنية المتنوعة للتدريب على فنون الأداء المسرحي، وكذلك ورش لتعلم فن الرسم.
فرقة الشكمجية
“فرقة الشكمجية” فرقة مسرحية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، أسستها المخرجة أميرة شوقي، لتقديم مسرح غنائي يقدم رؤية فنية واقعية، من خلال طرح قضايا اجتماعية تمس هذه الفئة من المجتمع، وعلى مدار عشر سنوات قدمت الفرقة أكثر من عشرين عرضا، كان آخرها عرض “أين حقي”، وينتمي العرض إلى “المسرح الاستعراضي الغنائي”، حيث حاولت المخرجة توظيف الطاقات الفنية الابتكارية الكامنة داخل شخصية الأطفال وبعض الكبار المشاركين في العرض، في حدود خبراتهم  الحياتية البسيطة، لتحفيزهم على فكرة المشاركة المجتمعية.
وتطرح عروض الفرقة مجموعة من القضايا الإنسانية المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي ظل قرارات سياسية أعطت لتلك الفئة الاجتماعية عدة حقوق أساسية، منها التمكين الاجتماعي، خاصة في الوظائف العامة، ودخول نسبة منهم إلى مجلسي النواب والشورى، وغيرها من الاستحقاقات السياسية والاجتماعية المختلفة.
فرقة الصامتين
أما “فرقة الصامتين” المسرحية، وهي الفرقة الأولى من نوعها في مصر من الصم والبكم، الذين تغلبوا على الإعاقة بالإبداع، وخلقوا من العجز حالة من العطاء والقدرة على الابتكار.
تأسست الفرقة عام 2005 بمدينة المحلة الكبرى على يد رضا عبد العزيز مخرج ومصمم الرقصات الذي اتخذ من أسلوب الموسيقار العالمي “بيتهوفن” في التعامل مع الموسيقى وحيا وإلهامًا، وهو ما يعرف بالاتصال العظمي، وهو عبارة عن تحويل النغمات الموسيقية إلى ذبذبات يحسمها الصامتون عوضا عن سماعها، وهو فنان قام بتطوير هذا الأسلوب عن طريق النقر على الكفوف والأكتاف ليتناسب مع طبيعة إعاقة الصامتين. وقد اختار رضا لفرقته هذا الاسم ليعبر به عن عالمهم الصامت الساكن.
ويهدف “مسرح الصامتين” إلى الارتقاء بالطفل والناشئين الصم بهدف خلق جيل مبدع من ذوي الإعاقة منفتح على العالم، قادر على المشاركة في تأسيس مجتمع مبدع ناضج فكريا، ومساهم في تطوير الحضارة الإنسانية.
وحول الفكرة يقول رضا عبد العزيز: جاءت الفكرة عام 2005 حيث كنت أعمل مدرسًا في مدرسة الأمل للصم بالمحلة أخصائي مسرح، رأيت عروضا مسرحية بلغة الإشارة قبل عملي في مجال المسرح، وأنا كذلك موسيقي واستعراضي، فتوقفت عند الموضوع، وحاولت خلق طريقة للاقتراب من هؤلاء الأشخاص الذي حرموا من السمع والنطق. فبدأت أبحث عن لغة فنية من خلال ثقافتي الموسيقية، فحاولت إقامة عروض تتماشى مع قضاياهم من خلال توظيف لغة الجسد، ومن خلال توظيف كل الوسائل المتاحة عندهم، بدأت بعروض تجريبية، حتى قابلت الراحل د.رفيق الصبان، فحدثته عن تجربتي، خاصة أنه كان مهتما بالمسرح الراقص، فأحضرت له شريط فيديو لعروض الفرقة فقال لي: أنت أحدثت شيئا جديدا في فن الرقص الحديث، فرشحني للمهرجان الدولي للرقص بإدارة وليد عوني، وهو المهرجان الذي توقف بعد سفر “عوني” وبعد العرض وصفنا د.الصبان في مقال له: بأننا مفاجأة المهرجان، وهي فرقة تأتي من الأقاليم المصرية بروح المغامرة.
وأشادت بنا كل وفود الدول الأوروبية، خاصة التكتيك الفني، خصوصا أن هناك صعوبات واجهتني وهي كيف أجعل الممثلين متفاعلين مع الموسيقى وهم صم وبكم، فتغلبت على ذلك بالرجوع إلى بيتهوفن، فبعد إصابته بالصمم أنه كان يضع رأسه على جسم البيانو حتى يحس بعظم الجمجمة بالموسيقى الخارجة من البيانو، أطلقت مصطلح “الاتصال العظمي” وهو ما جعل الصامتين يحسون بالموسيقى بالاتصال العظمي عوضا عن سماعها.
كذلك حركة العين استطاعوا التواصل بها مع الجمهور، وهي تقنيات فنية وليدة اللحظة، وعن أهم عروض الفرقة سوف نجد أنها قدمت مجموعة من العروض منها” العرض الأول “أجنحة صغيرة” وهو العرض الذي عرفنا به في الوسط الثقافي، وتناول قضية الانتهاكات التي يتعرض لها أصحاب الاحتياجات الخاصة، وعرض على المسرح الصغير بالأوبرا، وحضره عدد كبير من المهتمين بفن المسرح. وشاركت به ففي مهرجان الرقص الحديث. 
كيان “الصامتين” منقسم لفرقتين “هتاف الصامتين” للأطفال الصغار، ولا يوجد لها دعم فهي تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة وكثيرون منهم لا يعمل بأجر.
الفرقة الأخرى “الصامتين” وهي فرقة خاصة للكبار وتقدم عروضها بشكل مستمر، خاصة في التجمعات الثقافية، وحاليا نقدم عروضنا في مركز طلعت حرب الثقافي بالقاهرة.
تحاول الفرقة جاهدة في عروضها القادمة التواصل مع البيئة المحيطة بها لتقدم مسرحا يتماشى مع اللحظة والمكان، وأرى أن المسائل تتطور يوما بعد الآخر، فأعضاء الفرقة يكتسبون ـ كل يوم ـ خبرات جديدة، على مستوى الرؤية، وعلى مستوى تطوير الأداء الحركي، وهنا يمكننا الحديث عن التطلع إلى اجتياز حدود الشكل من أجل تقديم المسرح الشامل، الذي يتضمن إبهارا بصريا وعقليا.


عيد عبد الحليم