فرق هواة المسرح الشبراوية

فرق هواة المسرح الشبراوية

العدد 768 صدر بتاريخ 16مايو2022

من خلال المقالات السابقة يتضح لنا أن هواة التمثيل في شبرا ينتشرون بصورة ملفتة للنظر! وهذا الأمر لاحظته مجلة «مصر الحرة» في يوليو 1928، فكتبت حوله كلمة، علمنا منها أن بين يوم وآخر تظهر فرقة تمثيلية من الشباب الناهض هواة التمثيل، غرضها الأخذ بيد الفن وإشباع رغباتهم من مورده، وتدريب أنفسهم على مواقفه. وقد ظهرت أخيراً فكره باسم «نادي تضامن التمثيل للطلبة» بجزيرة بدران بشبرا، وقد أعدوا بعض روايات لتمثيلها، نرجو لهم النجاح والتوفيق.
وفي عام 1931 تحدثت مجلة «الصباح» عن «فرقة تمثيل شبرا»، قائلة: «تكونت فرقة من طلبة حي شبرا للتمثيل والموسيقى، وعقدت أول اجتماع لها، وانتخب مجلس الإدارة من: علي عبد القادر رئيساً، ويوسف عز الدين وكيلاً، وعبد العزيز سكرتيراً، وحسن محمود وكيلاً، ومحمد عزت الفرماني مراقباً عاماً، وهي بعيدة كل البعد عن الشئون السياسية والدينية، وقد حددت يوم 15 أغسطس لإقامة أول حفلة لها على مسرح رمسيس. وكل من يريد الانضمام إليها يخابر السكرتير بشارع الجيوشي نمرة 29، أو الرئيس تليفون 1931. فنرجو لهذه الفرقة ما تؤمله من نجاح». 
ويجب أن نلاحظ التنبيه الموجود بأن الفرقة «بعيدة كل البعد عن الشئون السياسية والدينية»! وهذا يعني وجوب عدم اهتمام الطلبة أو اشتغالهم بالأمور الدينية أو السياسية في تلك الفترة، وهي فترة وجود الاحتلال الإنجليزي في مصر!! كذلك يجب ملاحظة أن هذه الفرقة كانت ذات قيمة ما، كونها ستعرض أولى حفلاتها على مسرح رمسيس، وهو مسرح يوسف وهبي!!

فرقة هواة شبرا
وفي عام 1932 أخبرنا «منير» من شبرا عن «فرقة هواة شبرا»، التي قال عنها في مجلة «الصباح»: «تكونت هذه الفرقة التمثيلية في شهر إبريل الماضي من طلبة المدارس العالية والثانوية، ولما كان برنامج الفرقة ينص على تقديم حفلات شهرية لتمثيل روايات مصرية، قامت الفرقة في أوائل شهر مايو بتمثيل رواية «ضحايا المجتمع»، مصرية عنيفة من نوع الدرامة ذات ثلاثة فصول، بقلم الكاتب الروائي القدير «الأستاذ نقولا الناجي» بمعهد التربية، ورواية «عريس الهنا» كوميدي ذات فصل واحد. وكان من نجاح أفراد الفرقة في إقامة هذه الحفلة ما ألهج ألسنة الجميع بالإعجاب والتقدير، وجعل توزيع تذاكر حفلة شهر يوليو الحالي من السهولة، حتى أن صالة مدرسة النهضة الوطنية بشبرا لم يكن بها شبر واحد لقدم في كل من حفلتي السيدات والرجال، حيث قامت الفرقة بتمثيل روايتي «المأذون الفيلسوف» و«مدرسة الشيخ بركات». ولقد أجاد جميع الأفراد كل في دوره، خاصة الأفندية وهبه تادرس، ولبيب تادرس، وزكي جندي. [توقع] «منير - شبرا»».
ومن الواضح أن نشاط هذه الفرقة كان مميزاً، لا سيما في هاتين الحفلتين، لدرجة أن مجلة «الكواكب»، كتبت كلمة أخرى عنها – وعن عروضها – تحت عنوان «فرقة هواة شبرا»، قالت فيها: «تألفت في حي شبرا فرقة من هواة التمثيل، تجمع بين طلبة المدارس العليا والثانوية، وغرضها الأول خدمة هذا الفن الجميل، الذي يعتبر مدرسة للأخلاق، قبل أن يكون مجالاً للتسلية وقتل الوقت. هذا وقد أقامت الفرقة حفلتها الأولى بمدرسة الجهاد بشبرا في مايو الماضي، إذ مثلت روايتي «ضحايا المجتمع» و«عريس الهنا». وقد نجح الطلبة في تمثيل الروايتين نجاحاً باهراً، شجعهم على إقامة حفلة أخرى في يوليو الحالي بمدرسة النهضة الوطنية بشبرا، مثلوا فيها رواية «المأذون الفيلسوف» تأليف الأستاذ عباس الخرادلي المدرس بمدرسة الأمير فاروق الثانوية، ورواية «مدرسة الشيخ بركات» تأليف حضرتي وهبه أفندي تادرس وزكي أفندي جندي. وقد لقيت الحفلة من النجاح ما لقيت سابقتها. ونحن نهنئ أعضاء هذه الجمعية الجديدة كما نثني على همة حضرة عبد المنعم أفندي إسماعيل الذي يقوم بمهمة إخراج روايات الجمعية».
وواصلت الفرقة نشاطها المتميز، فكتب عنها كلمة، نشرها في مجلة «الصباح» بتاريخ سبتمبر 1932 عنوانها «فرقة هواة شبرا»، قال فيها: «تكونت فرقة تمثيلية من الطلبة باسم «فرقة غواة شبرا التمثيلية»، واتخذوا لها مركزاً بسراي مدارس الجهاد بشارع ابن الكوراني نمرة 19 شبرا القاهرة. وقامت الفرقة بعدة حفلات دورية بمركز ناديها. وبمدارس النهضة الوطنية بشبرا. لاقت فيها من النجاح ما ليس له مثيل. وغرض الفرقة الأساسي هو إعلان شأن ذلك الفن. واجتمع مجلس إدارة الفرقة وقرر تمثيل روايتي «قابيل قاتل أخيه» درام بقلم جميل البحري، و«خليك على نارك» كوميدي بقلم زكي جندي بالمساحة المصرية في حفلتي يومي الأربعاء 7 سبتمبر للسيدات والخميس 8 سبتمبر للرجال. ثم قامت الفرقة بعملية الانتخاب، وأسفرت عن الأفندية: صادق محمد المدير الفني، ونقولا التاجي المدير الإداري، ووهبه تادرس رئيساً، وزكي خيري وكيلاً، وصادق عطا الله سكرتيراً، ورمزي أفندي فريد أميناً للصندوق، ونجيب جندي مديراً للمسرح، وإبراهيم بيومي ملحناً للفرقة، ولبيب تادرس، وعبد السيد منصور، وكامل ميخائيل، ورمزي سلواني، وفكري يوسف، ومحمد عبد الفتاح، وإبراهيم حنفي، ومنير إبراهيم، ونسيم أسعد، ونقولا عزيز أعضاء».
وبعد إقامة الحفلتين، كتب عنهما أيضاً «حسن محمد فؤاد» من شبرا تغطية صحافية، نشرها في مجلة «الصباح» تحت عنوان «الحفلة السنوية لمدارس الجهاد بشبرا»، قال فيها: «أقامت مدارس الجهاد حفلتها السنوية في يومي 7 و8 سبتمبر. حيث مثلت «فرقة هواة شبرا التمثيلية» روايتي «قابيل قاتل أخيه» درام 3 فصول، و«خليك على نارك» كوميدي 3 فصول، وافتتحت الحفلة بالسلام الملكي من أوركستر الأمير فاروق. ثم تلاه كلمة لحضرة ناظر المدارس. وبعدها نشيد التلاميذ وتلميذات المدرسة، ثم شنف آذان الحاضرين مطرب الطلبة الناشئ «فتحي عثمان» على تخت مؤلف من بعض هواة فن الموسيقى. وكثيراً ما طلب الجمهور استعادة الأدوار التي كان يلقيها ومنها «في الليل لما خلي». ثم ابتدأت الرواية الدراما، فالرواية الكوميدي فكان ضحك متواصل مدة ثلاث ساعات. وقد أجاد جميع ممثلي الروايتين ونخص منهم بالذكر الأفندية: لبيب تادرس، وزكي الجندي، وصادق عطا الله دانيال، ورمزي فريد، والشيخ مرقص، ومحمد عبد الفتاح، وكامل ميخائيل، وفكري يوسف، وعبد السيد منصور، ونقولا عزيز، وإبراهيم محمد، وكامل شحاتة، ونسيم أسعد. ويرجع الفضل في تنظيم الحفلة إلى نقولا التاجي أفندي مدير الفرقة الإداري والطالب بمعهد التربية. ووهبه تادرس أفندي رئيس الفرقة. وقد قام حليم أفندي المصري بعدة ألعاب سيماوية مدهشة، وتخلل الروايتين القطع الموسيقية من الأوركستر، وانتهت الحفلة دون أن يحدث ما يكدر الصفو».
ومن الأخبار الغريبة عن هذه الفرقة، ما نشره أحدهم في جريدة «أبو الهول» بتاريخ أكتوبر 1933، قائلاً تحت عنوان «فرقة هواة شبرا»: «أقامت فرقة بشبرا تدعى «فرقة هواة شبرا» حفلة تمثيلية في مساء يوم 9 أكتوبر الماضي بدار مدرسة الجهاد الابتدائية بجزيرة بدران. وكان ذهابي لمشاهدة رواية كُتبت بالتذكرة اسمها «صندوق الدنيا» في خمسة فصول؛ ولكن للأسف لم أرها بل رأيت فصلاً من رواية «مدرسة الشيخ بركات»، وكانت لا بأس بها من حيث التمثيل، مع استثناء كل من زكي جندي ولبيب وبعض أشخاص آخرين، وكان نظام الحفلة مختلاً للغاية لكثرة المنظمين من الشبان أعضاء الفرقة، وذلك يرجع إلى أن الحفلة لم تكن مقصورة على الرجال، بل كان بها سيدات. ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن هذا هو السبب الأساسي».
أما آخر أخبار هذه الفرقة، فقد نشرتها جريدة «أبو الهول» في يناير 1934، تحت عنوان «فرقة هواة شبرا التمثيلية»، قائلة: «اجتمع مجلس إدارة الفرقة بكامل هيأته برئاسة وهبه تادرس، ووكالة زكي جندي، وسكرتارية صادق عطا الله، وأمانة الصندوق رمزي فريد، وقرر بإجماع الآراء الموافقة على ما يأتي: أولاً، إحياء الحفلة التي ستقيمها جمعية أصدقاء الكتاب المقدس، وتمثل «أولاد الشقاء» تأليف رمزي فريد، ورواية «مدرسة الشيخ بركات» كوميدي تأليف زكي جندي. ثانياً، إحياء الحفلة التي ستقيمها جمعية ثمرة الإخلاص القبطية بشبرا، حيث تمثل رواية «يوسف الصديق». ثالثاً، إحياء حفلة بمدينة الحوامدية لحساب سالم يوسف الشيخ التاجر بها. رابعاً، ضم الأفندية أحمد مصطفى دكروري، ومحمود الفيلسوف، وعدلي ونيس، واعتبارهم أعضاء بالفرقة. [توقيع] «حسن محمد فؤاد»».

فرقة أبناء فن التمثيل
ظهرت فجأة واختفت فجأة، مثلها مثل أغلب فرق الهواة!! فقد كتبت عنها مجلة «الفنون» في يونية 1933 تحت عنوان «فرقة أبناء فن التمثيل»، قائلة: «كون لفيف من هواة التمثيل بحي جزيرة بدران فرقة تمثيلية باسم «فرقة أبناء فن التمثيل»، واتخذوا لها مركزاً مدرسة مصر الحديثة، وهي مكونة من الأفندية: إبراهيم محمد مدير فني، ومحمد عبد المجيد رئيس، ومحمود علي نصر وكيل، ويعقوب إبراهيم سكرتير، وسيد سليمان أمين صندوق، وكل من: أسعد عوض الله، حسن البكري، موسى متولي، محمد نبيه، فائق أندراوس، محمود محمد حنفي، محمد رشاد، إبراهيم حمد، حسن محمد حسن، عبده عبد العزيز، جورجي نخلة، عبد الحميد حافظ .. أعضاء.
وفي نهاية الخبر كتبت المجلة «ملاحظة»، قالت فيها: «ويلاحظ أن هذه الفرقة هي «فرقة ابن الرشيد التمثيلية»! والتي تسمت بهذا الاسم على أثر نجاحها في الحفلة، التي أقامتها بدار نقابة العمال! فأولى بهؤلاء الهواة بدل أن يفكروا في إلغاء اسم فرقتهم أن يعملوا بكل جد ونشاط حتى يفوزوا باسم فني محترم.
ومن حسن الحظ أننا وجدنا وثائق رقابية مؤرخة في يوليو 1933، أي بعد أيام من الخبر السابق، علمنا منها أن الفرقة ستمثل مسرحية «همة أبو عفان»، وهي أوبرا كوميك في ثلاث فصول تأليف «محمود علي نصر»، وستمثل في مسرح مدرسة مصر الحديثة بشبرا بشارع ابن الرشيد! كما وجدنا في الوثائق ملخصاً للمسرحية، جاء فيه الآتي: «علاء الدين يحب حسنية ابنة الخليفة، ويخرج للبحث عنها ومعه خادمه عثمان، فينقلوهم العفاريت إلى قصر الخليفة، وتخدمهم كهرمانة خادمة القصر، وتحب كهرمانة عثمان وتسهل اجتماع علاء وحسنية ويقبل الخليفة زواجها لما يعرف أن علاء ابن ملك، ويتزوج عثمان بكهرمانة وتنتهي المسرحية».

فرق أخرى
أخبرتنا بها بعض الدوريات، مثل مجلة «الصباح» في أكتوبر 1933، قائلة: «اجتمع بعض الهواة وكونوا فرقة تمثيلية باسم «فرقة الفنون الجميلة بشبرا». والاشتراك فيها مجاناً، وقد انضم إليها الأفندية: وليم جرجس، وسيد عبد المعطي، وعلي محمود عيسى، ويوسف عز الدين، وأنسي حسين، وعدلي جاد الله شحاتة، وعبد الجواد شحاتة، وحليم سليمان، وعدلي مرقس. أما سكرتير الفرقة فهو «علي حسن علي» بنادي شبرا الرياضي بشارع مسرة نمرة 9».
بعد هذا الخبر بأيام، وجدنا سكرتير الفرقة ينشر كلمة في مجلة «الصباح»، قال فيها: «الفرقة تشكر مجلة الصباح الغراء على تشجيعها لفن التمثيل، وستمثل الفرقة قريباً رواية «جريمة الآباء» ذات ثلاثة فصول، وهي على استعداد تام لقبول أي هاو وهاوية. [توقيع] «سكرتير الفرقة علي حسن علي»».
وفي أكتوبر 1935، حدثتنا جريدة «أبو الهول» عن احتيال فرقة لاسم فرقة أخرى، قائلة تحت عنوان «فرقة الطلبة التمثيلية بشبرا»: «ظهرت بعض الإعلانات معلنة عن حفلة مدارس بهاء العصر. وجاء فيها أن فرقة الطلبة التمثيلية بشبرا ستقيم هذه الحفلة، ولكن مع الأسف ليس لهؤلاء أي علاقة بهذه الفرقة، فهم بضع أنفار يتخذون اسم الفرقة ستاراً لهم. [توقيع] «رئيس الفرقة توفيق جبرائيل»».
أما جريدة «المقطم» فنشرت في ديسمبر 1936 خبراً بعنوان «فرقة للممثلين الهواة»، قالت فيه: «تألفت شعبة من شباب شبرا الراقي وألفوا فرقة للهواة بشبرا، وجرى الانتخاب لتأليف مجلس إدارتها، وأسفر عن النتيجة الآتية: محمد عبد المنعم رئيساً، حسن البارودي وكيلاً، إسكندر عبد الله واصف سكرتيراً، زكى فؤاد أميناً للصندوق، أنور ناصف عضو شرف، محمد عبده حسن عضو شرف». مع ملاحظة أن «حسن البارودي» المذكور في الخبر، ليس هو الفنان القدير حسن البارودي - هكذا أظن - لأن الفنان في ذلك الوقت كان علماً من أعلام المسرح المصري، ولم يكن هاوياً!!
آخر خبر يتعلق بفرق الهواة، نشرته مجلة «آخر ساعة المصورة» في فبراير 1944 تحت عنوان «حفلة»، قالت فيه: «تستعد رابطة شبرا للتمثيل لتقديم رواية «قلوب محطمة» إخراج الأستاذ عبد السيد منصور».


سيد علي إسماعيل