محمد سليم: «خلطة شبرا» شكلت تحديا لي على مستوى الإخراج

محمد سليم: «خلطة شبرا» شكلت تحديا لي على مستوى الإخراج

العدد 767 صدر بتاريخ 9مايو2022

ضمن مراسم الاحتفال بمرور 60 عاما على إنشاء مسرح الطليعة، تم افتتاح عرض « خلطة شبرا» بقاعة صلاح عبد الصبور بالطليعة، وهو عرض من إنتاج الفرقة ويمثل شكلا من أشكال الحكي المسرحي. «خلطة شبرا «حكايات وذكريات حي وأهل شبرا أحد الأحياء المصرية العريقة. من تأليف وإعداد وأشعار يسري حسان عن كتابه «خلطة شبرا»، وألحان الموسيقار الراحل أحمد الحجار وغناء ماهر محمود، بطولة محمد هاني ومحمود عبد الرازق وعلاء النقيب وأحمد عبد الجواد، وإخراج محمد سليم.
عن العرض والمسرح كان لمسرحنا هذا الحوار مع المخرج محمد سليم.

- كلمة تختصر فيها سيرة المخرج محمد سليم؟
مؤلف ومخرج مسرحي، عضو عامل بنقابة المهن التمثيلية شعبة نقد - إخراج مسرحي، تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية دفعة 2002 قسم الدراما و النقد المسرحي، مارست العمل بالمسرح كمساعد مخرج ثم مخرج منفذ للعديد من الأعمال، وحاليا فنان ممتاز بالبيت الفني للمسرح، لي مشاركات كمؤلف نص» ألف حبيب وحبيبة» إنتاج المسرح القومي و إخراج عاصم رأفت، دراماتورج «أشباح هينريك إبسن» إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة إخراج شريف صبحي، دراماتورج «الفرافير» يوسف إدريس إنتاج مسرح الغد، البيت الفني للمسرح إخراج محمد سليم، قدمت كمخرج:» ضحكة أراجوز» تأليف سليم كتشنر إنتاج مسرح الغد، «هي كدة» تأليف يوسف إدريس إنتاج مسرح الغد، «البيت الكبير» تأليف سراج الدين عبد القادر إنتاج الفرقة الاستعراضية قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، «قمر العميان» تأليف على أبو سالم إنتاج مسرح الغد، «دراما الشحاذين» تأليف بدر محارب إنتاج مسرح الغد، «المجانين» تأليف محمد الشربيني إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأخيرا «خلطة شبرا» .
 -كيف عرف المسرح طريقه إليك؟ وماذا يعني المسرح بالنسبة لك؟
منذ زمن بعيد وأنا أحب المسرح ولذلك قدمت في المعهد ونجحت في امتحانات القبول، وبالتالي فالمسرح لي هو الحياة، وأنا جربت العمل في أعمال أخرى ورغم نجاحي فيها لكن الشيء الوحيد الذي أستطيع عمله وأنجح فيه هو المسرح فأنا لا استطيع الحياه بدونه.
- ما سبب حماسك لنص «خلطة شبرا» أو بمعنى آخر ما الذي استفزك فيه لإخراجه؟ وماذا عن رؤيتك الإخراجية؟
نص خلطه شبرا مثير جدا بالنسبة لي، أحسست بتلك الإثارة منذ قرأته لأول مرة حيث ندخل في الأماكن والشخصيات على مدار زمن مختلف عن زماننا هذا والناس وتركيباتهم الاجتماعية والعلاقات بينهم وكيف كانوا يتعاملون في ذلك التوقيت والعلاقة بين المسلم والمسيحي، كان ذلك بالنسبة لي تحديا على مستوى الإخراج، فكيف أقدم ذلك بشكل بسيط وفي نفس الوقت يكون ممتعا للجمهور أي «السهل الممتنع»، أيضا سمح النص أن تكون المزيكا مناسبة وملائمة، فمنذ زمن وأنا أريد تقديم هذا الشكل الإخراجي ولذلك قدمت هذا النص.
- الإعداد المسرحي لوسيط غير مسرحي هل سببه قلة النصوص أم أن هناك أسباب أخرى؟
لا توجد قلة في النصوص فالنصوص موجودة، ولا أعرف لماذا يلجأ المخرجون للنصوص العالمية على الرغم من أنهم لو بحثوا فسيجدوا نصوصا يستطيعون أن يقدموا فيها رؤى إخراجية متعددة، ولكن كما جرت العادة دائما يقدمون نصوصا أجنبية .. في رأيي توجد قلة في البحث عن النصوص المصرية أو العربية، وكل العروض التي قدمتها كانت مصرية، ولم ألجأ لتقديم نص أجنبي، ومن الممكن أن يكون هناك نص مصري مأخوذ عن نص أجنبي ولكن مؤلفه مصري .
- هذا النص بطبيعته من الممكن أن يحدث به ارتجال لأنه قائم على الحكي، ماذا كان منهجك، وهل أقمت ورشة تساعد الممثل على أداء هذا النوع من التمثيل المستند إلى الحكي؟
طبيعي جدا أن يحدث ارتجال في بعض الأوقات، وأن يحدث تفاعل بين الممثل والجمهور، وقد يكون هناك من الجمهور من يعرف معلومة يكمل بها كلام الممثل ويرد عليه الممثل. أما الورشة، فلا إنما بقدر الإمكان يكون الممثل محترفا وفاهما لفكرة الحكي وحالة التفاعل التي ستحدث بينه وبين المتفرج، لتكون ردود أفعاله سريعة ويستطيع فعل ذلك أثناء العرض، وهذا ما تم الاتفاق عليه مع الممثل منذ مرحلة البروفات والتي تشبه الورشة، والتي ينطلق بعدها الممثل في العرض، أي أن الاحتراف أحد بنود الاتفاق مع الممثل.
- ماذا كان رد الفنان أحمد الحجار عندما عرضت عليه النص وما مدى حماسه له ؟
قال لي «هذا العمل رائع جدا وأعتقد إنه سيستمر عرضه لفترات طويله» وكان في غاية السعادة، وبدأ يلحن وكان عندما ينتهي من لحن يرسله لي بصوته على رسالة واتسمت ألحانه بإحساس عالي جدا.
- وهل أنهى كل ألألحان قبل الوفاة؟ وهل كانت لديه نية الغناء بصوته أم اكتفى باللحن؟
لحن أحمد الحجار كل الألحان قبل وفاته إلا لحنا واحدا فاضطررنا لإلغائه، وعندما بدأت عمل أول بروفة سألني بعدها عن البروفة القادمة لكي يحضر فعرضت عليه الانتظار لحين الإعداد مع الممثلين، فقال لي أريد أن أسمعك اللحن لايف على العود وحتى نأخذ رأي الآخرين في الألحان، كان متحمسا جدا للعمل وعرَض أن يحضر العازفين وبدء البروفات وكان ميعادنا يوم الأربعاء، ولكن في الثلاثاء جاءني خبر وفاته فكانت صدمة كبيرة، خاصة أنه كان سيقوم بالألحان والغناء معا ووفاته فرضت علي أن أكمل العرض بحماس لأن ألحانه  كانت أمانة في عنقي.
ما سبب اختيارك للفنان أحمد الحجار للتلحين؟
لسببين أولهما: لأنه صديق ويفهمني جيدا، يفهم المطلوب دون مراجعة خاصة أنه كان يفهم في الدراما جيدا، وثانيهما: أن شبرا تعتبر منطقته فكان متحمسا جدا لها.
- وماذا عن ماهر محمود؟
هو ممثل ومطرب وعازف وله أعمال كثيرة، وهو جميل على المستوى الأخلاقي والإنساني و الفني، وقد استوعب الألحان بشكل جيد واستطاع تنفيذها بالشكل المطلوب، و استطاع أن ينقل لنا إحساس الحجار ببراعة فائقة.
- هل واجهتكم صعوبات أثناء الإعداد لهذا العرض؟
الصعوبات الطبيعية التي تواجهنا في أي عرض هي مرحلة البروفات والإجراءات الإدارية والميزانية، ولكن لا توجد أية صعوبات غير معتادة، و كان عادل حسان مدير المسرح متعاونا ووقف بجانب التجربة وأزال كل العقبات، والصعوبة الحقيقية التي واجهتنا بالفعل هي وفاه الفنان أحمد الحجار؛ ولكنه كان قد أرسل إلينا الألحان بالصوت ومسجلة.
هذا النص إعداد عن كتاب «خلطة شبرا» للمؤلف نفسه يسري حسان.. لماذا لم يذكر أن العرض إعداد عن الكتاب؟
لأنه لا يعد إعدادا، عندما يكون مؤلف الكتاب هو نفسه مؤلف العرض، لا نحتاج لكتابة الإعداد، فمؤلف النص هو بالنسبة لي مؤلف العرض وليس معدا له، ولكي أقول أنه معد أو إعداد فيجب أن يكون معدا عن مؤلف آخر .
- في رأيك ما طبيعة النصوص المسرحية التي يجب تقديمها للمجتمع ؟
لا أحب تصنيف النصوص «اجتماعية أو سياسية.... أو غيرها»، التصنيف الأساسي بالنسبة لي أن أقدم نصا يصل للمتفرج ويمسه بشكل أو بآخر، المهم أن يطرح  النص قضية تهم المتفرج «المثقف والعادي»، ولدينا مشكلة أن البعض يقدم العروض التي تحتوي على التعقيد؛ لأننا ننظر للمهرجان والجوائز وننسى أن المسرح يقدم للجمهور والمتفرج العادي، و من الضروري مخاطبة هذا الجمهور بما يصله.
هل تعتقد أن هناك حاجز بين المسرح والجمهور؟
لا يوجد حاجز بين المسرح والجمهور غير أن تقدم له أعمالا لا تخاطبه ولا تهمه أو تخاطب فئة المثقفين فقط، والحاجز الآخر هو عدم وجود دعاية وبالتالي لا يعرف الجمهور بوجود أعمال مسرحية مقدمة، وهذه الحواجز نستطيع حلها فهي في أيدينا نحن.
هل تعتمد على تقنية معينة في الإخراج؟
لا توجد تقنية معينة فكل نص بالنسبة لي له رؤيته و مدرسته الإخراجية، والنص هو الذي يفرض ذلك، ولكني ألعب على إدخال السينما في المسرح في معظم عروضي، السينما الخيالية وإبهارها،  كذلك وظفت السينما الوثائقية.
- ثنائية التقليد والتجديد معادلات يومية في الإخراج المسرحي، أين تقف منها ؟
كلنا تعلمنا على أيدي أساتذة عظماء، فنحن نشرب منهم ونأخذها بطريقة التجديد؛ لأن الزمن مختلف والتركيبة الاجتماعية مختلفة، وهو ما نتحدث عنه في «خلطة شبرا»، فالمجتمع كان له شكل ما في وقت من الأوقات و»شبرا هي مصر»، ثم أصبح هناك اختلافات وتطور ما أدى إلى الاختلاف في شكل العلاقات الاجتماعية .. «خلطة شبرا» عرض حكي قدمته بوجهة نظر إخراجية، وحاولت أن أحقق فيه حالة مسرحية، فالحكي يجب مسرحته، وهذا هو التجديد في رأيي، أن لا نأخذ المسألة على علتها كما هي، ولكن يجب تقديمها بمنهجك ورؤيتك في الوقت الحالي.
ما تقييمك للحركة المسرحية في مصر؟
الحركة المسرحية الحالية جيدة جدا حيث توجد نشاطات في جميع أماكن وزارة الثقافة تحديدا، ولا توجد مشاكل غير مشاكل الدعاية والتسويق والقرب من الجمهور، أيضا في الثقافة الجماهيرية الحركة المسرحية جيدة حيث تقدم عروضا كثيرة في مواسم، والبيت الفني للمسرح وقطاع الفنون الشعبية يقدمان كما من العروض لا بأس به بالإضافة إلى دعم الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم للحركة المسرحية في مصر، فهي تقف بجانب الأعمال المسرحية الجيدة.. لذلك فالحركة المسرحية في مصر بخير.
- ماذا لديكم من خطط ومشروعات مستقبلية؟
لدي عرض يُقدم في المسرح الكوميدي قريبا من تأليفي وإخراجي، كنت قد قدمته قبل مشروع خلطه شبرا، يناقش قضية لها علاقة  بفيلم ورواية «قنديل أم هاشم» ليحيى حقي، وأتمنى أن يكون ناجحا بإذن الله.


سامية سيد