محمد أبو العلا السلاموني: مسرحيتي «هكذا تكلم داعش..» تحتاج لشجاعة لعرضها على المسرح

محمد أبو العلا السلاموني: مسرحيتي «هكذا تكلم داعش..» تحتاج لشجاعة لعرضها على المسرح

العدد 763 صدر بتاريخ 11أبريل2022

الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني عمل بالتدريس في التربية والتعليم، ثم مديرًا للفرق القومية المسرحية، و مدير عام المسرح ثم مستشار المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، كذلك عمل رئيسا لتحرير سلسلة نصوص مسرحية، ورئيسًا للمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية عام 2009، ورئيس لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي بالقاهرة 2014، ورئيس لجنة التحكيم بالمهرجان القومي للمسرح المصري 2017. حصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في الآداب، و على وسام الدولة في العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1986، كما حصل على جائزة الدولة في التفوق في الفنون 2012 وجائزة أفضل نص مسرحي في المهرجان القومي للمسرح عامي 2006 و2009. كتب أكثر من أربعين مسرحية عُرضت كلها. له العديد من المسرحيات المنشورة منها مباراة بلا نتيجة وتحت التهديد والحريق ورجل في القلعة وملاعيب عنتر وأمير الحشاشين والمحروسة والمحروس والقصر المسحور وعرش الحب ورسائل الشيطان و”هكذا تكلم داعش.. فقه الخلافة والغزو والجهاد” الصادر عن دار المطبعة الأميرية، وهو النص الذي حصل على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة .. عن الجائزة وأشياء أخرى كان لـ”مسرحنا” معه هذا الحوار.

-حدثنا عن نص مسرحية “هكذا تكلم داعش.. فقه الخلافة والغزو والجهاد” الفائز بجائزة معرض الكتاب؟
هذا العمل المسرحي يتناول قضية الإرهاب والتطرف الديني في مصر والمنطقة العربية، لقد كتبت في هذا المجال ما يزيد عن عشر مسرحيات تتناول هذه القضايا التي بدأت منذ ظهور جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 على يد مؤسسها الأول حسن البنا، ونشرت هذه الأعمال في المجلد الرابع الخاص بى، وبه خمس مسرحيات، بعضها قُدّم على خشبة المسرح والبعض الآخر لم يتم تقديمه، وهناك مسرحيات أخرى خارج المجلد ومنها مسرحية السحرة والمليم بأربعة وأخرجها المخرج الراحل جلال الشرقاوي على مسرح الفن عام 1990، بطولة نور الشريف ونورا ومحمود الجندي، ومسرحية ديوان البقر التي أخرجها كرم مطاوع على مسرح الهناجر 1995، بطولة عبد الرحمن أبو زهرة وأحمد حلاوة وناهد رشدي وماجد الكدواني، وأيضًا مسرحية أمير الحشاشين، وقد توقفت نتيجة خوف مدير المسرح وكانت من إخراج سعد أردش وبطولة عبد المنعم مدلولي، كان من المفترض أن تعرض على مسرح البالون ثم السلام ولم يتم عرضها للأسف، وكذلك مسرحية الحادثة و لم يتم عرضها خوفًا من الجماعات المتطرفة عام 2002، ثم تم نقلها لمسرح الطليعة وتم بالفعل تقديم العمل بصورة غير لائقة دون الإعلان و بلا دعاية من إخراج ماهر سليم (يرحمه الله) على مسرح الطليعة، وكل ذلك توضيحًا لسبب عدم تقديم مسرحيتي التي فازت على خشبة المسرح، للأسف الكل خائف من تقديم الأعمال التي تقاوم الإرهاب، وللأسف الشديد الرقابة توافق على تقديم هذه النصوص على خشبة المسرح ولكن مديري المسارح لا يوافقون على تقديم مثل هذه الأعمال. فوز النص معناه أنه تم قراءته من نخبة من المثقفين، هذا النص يتحدث عن ظاهرة الدولة الإسلامية التي ظهرت بـ اسم “داعش”، في العراق والشام، وقد تناولت ذلك من أجل أن أظهر حقيقة هذه الدولة المتطرفة الإرهابية، المسرحية تتناول “داعش”، و كيف استطاع أبو بكر البغدادي، تنصيب نفسه خليفة المسلمين، ومن يختلف معه يعلن تكفيره، وهنا نطرح سؤالا: لماذا تُكفّر “داعش” المجتمع؟ تكفير المجتمع قائم على أن عدم وجود الخليفة، يعني أن  المجتمع جاهلي، ومن وجهة نظرهم أن الخليفة يمثل ظل الله على الأرض، كل هذا ليس له أي أساس من الصحة، ودور الفن أن يحارب هذا التفكير ويحارب الجهل والإرهاب بالوعي.
-حدثنا عن الجائزة التي حصلت عليها؟
هذه الجائزة تقليد من تقاليد معرض القاهرة الدولي للكتاب، هو يقدم جوائز لأفضل الكتب الصادرة في جميع فروع الفنون والعلوم والآداب وكافة الألوان الفكرية، هذا التقليد بدأ عام 1992، وقد حصلت على أول جائزة مع هذا التقليد عن نص “تغريبة مصرية” وقد تم تقديمه من  إخراج عبد الرحمن الشافعي على مسرح البالون.
-هل ترى أن لدينا أزمة في كتابة النصوص المسرحية؟ أم فى عدد من يكتبون للمسرح؟
ليس لدينا مشكلة في التأليف المسرحي أو في الكُتّاب الجيدين، هناك العديد من الكُتّاب الجيدين الذين يكتبون ببراعة، للأسف المسرح في هذا الزمان مبني على قواعد خاصة بصُنّاعة، في الستينيات كان مدير المسرح يتصل بكبار المؤلفين وشباب المؤلفين، ويطلب منهم نصوصهم لتقديمها، الآن الوضع مختلف تمامًا، هناك الكثير من المخرجين أصبحوا يؤلفون، لم يعد هناك من يلجأ للنص الجيد، وهناك ظاهرة غير صحية وهي تمصير النصوص الأجنبية، مرحلة التمصير كانت في بداية معرفتنا بالمسرح من 150 عاما، الآن لسنا في حاجة للتمصير أو الإعداد، لدينا مؤلفين جيدين، و يمكننا أن نقدم النصوص القديمة لكتاب كبار مثل صلاح عبد الصبور وسعد الدين وهبة ومحمود دياب وغيرهم، بريطانيا تقدم حتى الآن أعمال شكسبير، لماذا لا نقدم تراثنا ونهتم بأعمال الكُتّاب الكبار والشباب؟، لدي ما يقرب من أربعين نصا مسرحيا، لماذا لا يتم الاستعانة بهذه النصوص، سواء أعمالي أو أعمال غيري من الكُتّاب؟ لماذا يذهب المخرجون ومديرو المسارح للنصوص الأجنبية؟ هذه أسئلة تحتاج إلى طرح لمعرفة إجابة لها؟
- و كيف نُعالج هذه المشكلة؟ 
سلسلة نصوص مسرحية كانت تنشر نصا مسرحيا جديدا لشباب الكُتّاب وكبارهم . على مدار عشر سنوات كنت مسئولا عن هذه السلسلة، ة قمت بنشر 120 نصا مسرحيا، لماذا لا يستعان بهذه النصوص ويتم عرضها على خشبة المسرح؟ والمركز القومي يقوم كل عام بعمل مسابقة. لماذا لا يتم تقديم النصوص الفائزة على خشبة المسرح؟ وهناك العديد من المسابقات الخاصة بالتأليف المسرحي، ولا يتم تقديم نصوصها، ولا أعرف السبب الحقيقي وراء ذلك.
-هل من ضمن أسباب المشكلة عدم اهتمام المخرجين بالنصوص الجيدة وتقديمهم لنصوص عالمية في أغلب الوقت؟
نعم هذه حقيقة للأسف، هناك العديد من المخرجين يعتمدون على ذلك، وأيضًا يسرقون فكرة إخراج هذا النص العالمي من أى عرض أجنبي تم بالفعل، للأسف بعض المخرجين لا يرغبون في الإبداع أو تقديم أفكار جديدة.
-ما رأيك في مسرح الثقافة الجماهيرية ؟
مسرح الثقافة الجماهيرية هو المسرح الحي الآن، لحضوره في الأقاليم، وللأسف الأقاليم تحتاج إلى مسارح بشكل أكبر، وتحتاج إلى مزيدً من العروض المسرحية، و مسرح الثقافة الجماهيرية هو الوحيد الذي يقدم المسرح في الأقاليم، ولكن للأسف ليس هناك تشجيع له، و يجب أن يتم تقديم عروض في النجوع والمراكز الحية في القرى و المدن، عروض الفرق القومية والقصور والبيوت والنوادي كلها لا تزيد عن 200 أو 300 عرضا، نحن نحتاج إلى المزيد والمزيد، و هناك مشروع في غاية الأهمية هو “حياة كريمة” يهدف إلى تغيير حياة القرية المصرية إلى الأفضل، من خلال تقديم خدمات كثيرة، وليس بالضرورة أن يكون المسرح علبة إيطالية، الفراغات المسرحية هى الحل. 
-هل عاد جمهور المسرح إليه في السنوات الأخيرة؟
الذهاب إلى المسرح عادة، وهذه العادة يجب أن تتأصل منذ الطفولة، بمعنى أن يعتاد الطفل على رؤية العروض الجيدة، هناك ضرورة لتقديم عروض مسرحية في مراحل التعليم المختلفة، لكى يكون المسرح عادة عند الأطفال منذ الصغر، للأسف ما يتم تقديمه عبر شاشات التلفاز يجعل الأطفال والشباب يتخيلون أن هذا هو المسرح، و يجب إعادة تقديم العروض المسرحية الجيدة عبر شاشات التلفاز.
-ما الذي تنصح به شباب المؤلفين؟
القراءة ثم القراءة، يجب أن يقرأوا النصوص المسرحية القديمة والتراث المسرحي العالمي والعربي، لأن هذه النصوص تجعل الشاب يقدم نماذج مسرحية جيدة، بناءً على خبرة القراءة، ولابد من مشاهدة المسرح، الخبرة النظرية من خلال قراءة النصوص والخبرة العملية من خلال مشاهدة العروض المسرحية، بالإضافة إلى تقديم أعماله في القرى والنجوع، يجب أن يبدأ الكاتب تجربته من الأقاليم، لابد من ممارسة المسرح نظريًّا وعمليًّا، من يكتب للمسرح لا يجب أن يكتب من أجل الكتابة فقط، ولكن يجب تنفيذ العمل، وهناك إمكانية أكبر للشباب أن يقدموا عروضهم من خلال الثقافة الجماهيرية والتنوع الذي بداخلها من خلال الفرقة القومية أو فرقة  قصور ثقافة أو فرق بيوت الثقافة و نوادي المسرح، الأمر يحتاج لبعض التعب ولكنه يستحق. 
- لماذا لا تُقبِل الجهات الخاصة على نشر النصوص المسرحية؟ وهل نحتاج إلى زيادة عدد المنشور من النصوص الجديدة والقديمة من خلال الجهات الحكومية المختصة ؟
هذه ليست مشكلة، لأن هناك أكثر من جهة حكومية مختصة بالنشر، ليس هناك أزمة في النشر، ولكن القطاع الخاص هدفه الأساسي الربح،  الكاتب يحتاج إلى الدعم الأدبي والمعنوي أكثر، وهذا متحقق بالفعل من خلال الجهات الحكومية المختصة بذلك، بالإضافة إلى المسابقات الخاصة بالتأليف وسلسلة نصوص مسرحية.


إيناس العيسوي