د.جمال ياقوت: «التجريب والتطور التكنولوجي» محور الدورة الـ29

د.جمال ياقوت: «التجريب والتطور التكنولوجي» محور الدورة الـ29

العدد 749 صدر بتاريخ 3يناير2022

المخرج المسرحى السكندري د.جمال ياقوت، مؤسس ورئيس مهرجان مسرح بلا إنتاج الدولي، وأستاذ التمثيل والإخراج بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وعضو هيئة تدريس معهد الفنون المسرحية بالإسكندرية، مثّل في العديد من المسرحيات منها شهرزاد والغضب وباب الشعرية وحرية المدينة ويهودى مالطا وميس جوليا، كما أخرج العديد من العروض المسرحية منها بنطلون روميو والدنيا رواية هزلية وتاجر البندقية ودكتور زعتر ورحلة السيد كوكو والقرد كثيف الشعر ومهاجر بريسبان، هو واحد من المهمومين بالمسرح والطفل، أسس مدرسة كريشين للفنون بالإسكندرية لإيمانه بدور التمثيل فى بناء الشخصية وتعديل السلوك، أصدرت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم قرارًا في يوليو الماضي بتعيينه رئيسًا لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثامنة والعشرين، التي اختتمت فعالياته في 19 ديسمبر 2021. عن حصاد هذه الدورة كان لـ»مسرحنا» مع رئيس المهرجان د. جمال ياقوت هذا الحوار.

- حدثنا عن تأسيس شبكة للمهرجانات المسرحية العربية، مبادرة وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم؟
وجدنا أن هناك مجموعة من المهرجانات تتقاطع معا في وقت واحد، ففي شهر ديسمبر الذي أقمنا فيه المهرجان، سنجد مهرجان قرطاج ومهرجان الشارقة الصحراوي ومهرجان الكويت، وكلها مهرجانات كبيرة، وهذا يحرم الكثير من المسرحيين متابعة تلك المهرجانات، فعلى سبيل المثال، عندما طُلب مني أن أكون عضو لجنة تحكيم في مهرجان قرطاج، ذهبت في المرة الثالثة، أول مرة كان اعتذاري بسبب أنني كنت عضو لجنة تحكيم في مهرجان الكويت، والمرة الثانية كنت أقوم بإخراج عرض في الشارقة، وتحدثت مع معالي الوزيرة، وجاءت المبادرة من معاليها أن نقوم بهذه الشبكة، ولها ثلاثة أهداف أساسية، أولها تنسيق مواعيد المهرجانات، حتى لا يحدث أي تقاطعات، وأخذنا بالفعل الخطوة الأولي بإعلان الاجتماع التحضيري لتأسيس الشبكة، والهدف الثاني هو تبادل العروض والورش والخبرات المسرحية، والهدف الثالث هو أن نجتمع على وضع استراتيجية لتطوير آليات عمل المسرح العربي، وبالفعل قمنا بالاجتماع التحضيري لتأسيس الشبكة في القاهرة بحضور الأستاذ علي مهدي سفير اليونسكو والأستاذ إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، وسيتم عقد اجتماع في القريب العاجل، لإعلان التأسيس النهائي للشبكة ووضع آليات وضوابط عملها.

- ما ملامح الدورة التاسعة والعشرين من المهرجان التجريبي؟
المحور العام للدورة سيكون (التجريب والتطور التكنولوجي)، وهذا سينعكس على طبيعة العروض المختارة، والأبحاث المقدمة في المحاور الفكرية، بالإضافة إلى الورش التدريبية، وما تم ذكره هو محور عمل المهرجان، الدورة القادمة سوف يكون محورها العام خاص بالتكنولوجيا وكيفية تطوير ذلك، وأن تكون التكنولوجيا حليفة للمسرح، وسبب من أسباب تطوره وجذب الجماهير إليه. العروض العالمية على سبيل المثال في برودواى، هناك جمهور كبير يذهب لمشاهدة عروض هو على علم بحكاية العرض، مثل البؤساء، وعلى الرغم من ذلك  يذهب لمشاهدتها، خاصة العروض الموسيقية، باهظة الثمن، لكنه يذهب ليرى إبهار التكنولوجيا، فهذا موضوع في منتهى الأهمية، وقد استطاعوا أن يُسخّروا التكنولوجيا وخلقوا نوعا من الإبهار، يكاد المسرح معه أن يكون منافسا قويا للسينما، وهذا سبب من أسباب استمرار تلك العروض لمدة 40 سنة، هناك أسباب كثيرة ولكن يأتي على رأسها استخدام التكنولوجيا في المسرح. فالتكنولوجيا عامل مهم يجب أن يتم طرحه في كل شيء، وبدونها يهجر الجمهور المسرح، لأن السينما منافس قوي، والمسرح يستطيع أن يستفيد من ذلك من خلال الفيديو مابينج ومزجه مع الممثل الحي، أعتقد أن التكنولوجيا أصبحت خطرا على المسرح بصفة عامة، ، وبدلًا من أن تكون خطرا على المسرح، يمكننا أن نستخدمها لخدمته، ولا يتوقف استخدام التكنولوجيا على العروض التجريبية

- هل أبعدت التكنولوجيا الناس عن المسرح ؟
المسرح هو فن اللحظة الحية، وهذا لن يتحقق في أي من الوسائط الأخرى، سواء سينما أو فيديو أو الإنترنت، وهي لحظة مهمة، وربما يتأثر المسرح بالفعل بالتكنولوجيا، ولكن الذكاء يكمُن في أنه بدلًا من أن تُمثّل التكنولوجيا منافسا قويا قد يبعد الناس عن المسرح، فمن الممكن أن يستخدم المسرحيين هذه التكنولوجيا ويستفيدوا منها لجذب أكبر عدد من الناس لمشاهدة المسرح.

- ما المعايير التي تم على أساسها اختيار المكرمين في هذه الدورة؟
اتفقنا على أن يكون عدد المكرمين محدودا، حتي لا يفقد التكريم معناه، وحتى يشعر المُكرّم أنه متميز جدًا، وقررنا اختيار اثنين من مصر واثنين من العالم العربى وواحد من الغرب، وبعد دراسة كبيرة، بدأنا بمجال الإخراج وكان معيار الاختيار مبني على أن يتم اختيار أشخاص مؤثرين، وكان هناك تنوع في الاختيار، عصام السيد وأساس عمله هو مسرح الدولة، وقدم أعمالا مهمة في تاريخ المسرح المصري، وحسن الجريتلي، الذي قدم أعمالًا هامة في المسرح المستقل، وطوال الوقت هناك شعور أن المستقلين لا يأخذون حقهم ، فوددنا أن نقول أن الدولة مهتمة جدًا بالمستقلين وبوجودهم ويتم تكريمهم، وفي العالم العربي كان هناك عدد كبير نرغب في تكريمهم، ولكن وقع اختيارنا على د. ناجي الحاي مبارك والفنان خالد الطريفي، وفيه تنوع على مستوى المنطقة العربية، من الخليج والأردن، وعلى مستوى القيمة، وهما قيمتان إبداعيتان كبيرتان ، أما المُكرم الفرنسي جان جي ليكا، فهو من أهم السينوجرافيين، وعمل مع مخرج هام مثل بيتر بروك، وليسوا هم فقط من يستحقون التكريم، هناك الكثير غيرهم، وفي الدورات القادمة إن شاء الله سوف نقوم بتكريم بعض من يستحقون ، ولكن لن نستطيع أن نأخذ أكثر من اثنين من مصر واثنين من العالم العربي وربما نأخذ اثنين بدلًا من واحد من الغرب، وهذا هو الحد الأقصى للمكرمين.

-هل حملت دورة فوزي فهمي ما يستحقه من تكريم أم كان يحتاج المزيدً ؟
في ظل ظروف الوقت المتاح أعتقد أننا قدمنا شيء يعبر عن محبتنا للدكتور فوزي، لأنه توفى بعد أن كان قد تم الإعداد للدورة، ولكن على الرغم من ضيق الوقت، كان لدينا إصرار أن تحمل الدورة اسمه، وقمنا بعمل فيلم توثيقي وكتاب عنه، وسيظل المهرجان يحمل مشاعر طيبة له ويضع في أولوياته التنويع على إنجازاته ، واعتقد أن الفيلم كان معبرا عن رحلته الإبداعية، وأتصور أننا في حالة من حالات الرضا عن ما تم إنجازه، في ظل الظروف المتاحة.

- لماذا تم طرح فكرة نوادي المسرح التجريبي؟ وما خطة تطويرها في الدورات القادمة؟
قبل أن أتولى رئاسة المهرجان، كان يراودني دائمًا سؤال مهم، لماذا المهرجان التجريبي في القاهرة فقط؟ لذلك عندما توليت هذا المنصب، وددت أن يشارك المسرحيون في المحافظات مسألة التجريب، وعندما طرحت الفكرة على الأستاذ هشام عطوة رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، رحب بالفكرة جدًا، وهذا شجعنا أن نضع حجر الأساس للفكرة، وعلى الرغم من  أنني لم أكن أبحث هذا العام عن الجودة الكاملة للأعمال ، إلا أن العروض التي تم تقديمها، كان مستواها مشرف وجيد، وأتصور أن الدورات القادمة، سيكون لهذه الفكرة تأثير بالغ الأهمية على مسارات المسرح المصري. ففي الدورة القادمة لهم الحق أن يقدموا في المسابقة الرسمية للمهرجان، مثلهم مثل العروض الأخرى  إن كانت عروضهم بالجودة الكافية. وهذا المشروع سيشهد تطويرا كبيرا خلال الأيام القادمة وأتمنى أن يكون واحدا من أهم أسباب تطوير آليات العمل الإنتاجي في المسرح.

- ما أبرز صعوبات هذه الدورة، وكيف تصديتم لها؟
عامل الوقت هو الصعوبة الوحيدة تقريبًا التي واجهتنا، فيما يتعلق بإعداد الدورة، فيما عدا ذلك وفرت لنا الدولة لنا ميزانية معتدلة جدًا ومناسبة لما نقدمه في هذه المرحلة، وكل الجهات واللجنة العُليا وإدارة المهرجان جميعهم كانوا متعاونين جدًا، لم تواجهنا أى صعوبات، لدينا هدف واحد هو النجاح، ومهما كانت الميزانية وفي ظل قرار رئاسة الوزراء بتقليل النفقات، فأنا استطيع العمل بالمتاح، لأنني صنعت ذلك من قبل في مهرجان مسرح بلا إنتاج، والحمد الله أصبح مهرجانًا دوليًّا، فبعد «بلا إنتاج» أستطيع أن أعمل بأي ميزانية وتحت أى ظروف.

-ما سبب خلو  حفل الافتتاح من أي عرض احتفالي مثلما حدث في حفل الختام، وما سبب إقامته في مسرح البالون؟
عندما توليت مسؤولية رئاسة المهرجان التجريبي في منتصف يوليو الماضي، الوقت كان ضيقا للغاية، وبالتالي كانت الاختيارات المطروحة في المسارح محدودة، وتم تأجيل موعد المهرجان لديسمبر بدلًا من سبتمبر بسبب عامل الوقت، دار الأوبرا كان بها التزامات دولية وانشغالات ببرامجها، إلى جانب المهرجانات الأخرى مثل قرطاج، ولذلك تم تأسيس الشبكة التي تم ذكرها سابقًا، وبعد تفكير ودراسة وجدنا أن التوقيت المناسب أن يكون المهرجان في الفترة من 14 إلى 19 ديسمبر، وأن يكون الافتتاح في البالون، وهو مسرح كبير وعريق، وفرصة مهمة أن يرى ضيوف المهرجان مسارح أخرى يقام عليها فعاليات هامة مثل افتتاح المهرجان التجريبي، ونظرًا لضيق الوقت وددنا أن يكون الافتتاح بسيطا وأن يضم اليوم عرضا مسرحيا ضمن المسابقة الرسمية، وجعلنا العرض الاحتفالي في اليوم الختامي للدورة.

- بعد انتهاء الدورة هل أصبح لدى الجمهور العام إدراك كاف لمفهوم «التجريب»؟
مازال هذا الأمر يحتاج إلى وعي وجهد أكبر، ولكن «نادى المسرح التجريبي» سوف ينشر الفكرة جدًا، وهو ليس اختراع أو مدرسة واحدة، ولكنه دعوة للخروج عن الإطار التقليدي لتطوير المسرح في أى اتجاه، من حيث تطوير كل العناصر المسرحية، التجريب بشكل أكاديمي يخص المسرحيين أكثر من العامة أو الجمهور، ولكن لدي هدف آخر أتصور أنه قابل للتحقيق، أتمنى أن نقدم عروضا تتلاحم مع احتياجات الناس، من أهم أسباب طرحنا لفكرة «نادى المسرح التجريبي» هو أن يقدم المسرحيين في محافظاتهم عروضًا تجريبية من البيئة المحيطة بهم، وأن يخص التجريب مفردات البيئة الخاصة بهم، التطوير هو تطوير أنواع المسرح السائدة، فهو سلوك وليس نوع، التجريب هدفه تطوير آليات المسرح، وفي الدورات القادمة سيساهم التجريب في زيادة الاحتياج للمسرح وبناء جمهور جديد له. وسوف نقوم بعمل مشروع كبير مع السفارة والمركز الأسباني بالتعاون مع د. نبيلة حسن، وهى أول من ترجم عروض الميكروتياترو، ملامح المشروع سوف تظهر في الفترة القادمة، وقد يكون لهذا النوع المسرحي حضور مهم في الدورة القادمة، بعد المحاضرة التي قدمتها  الأسبانية فيرونيكا لاريوس في ثلاث محافظات خلال المهرجان (القاهرة- الأقصر-الإسكندرية)، وهذا النوع المسرحي مدته لا تزيد عن 15 دقيقة، ويُقدم في غرفة بإمكانيات بسيطة جدًا.

- ما الذي تأمل في أن يتحقق فى الدورات القادمة ولم تستطع تقديمه في هذه الدورة؟ 
أعتقد أننا حققنا كل ما قررنا تقديمه، وفكرة أن نقدم دورة في أربعة أشهر، هذا في حد ذاته إنجاز كبير، كان هناك شيء مهم نرغب في تقديمه هذه الدورة، ولكن ضيق الوقت منعنا من ذلك، وهو أن يحجز الجمهور مقعده أونلاين، وأتصور أن لدينا وقت كافي لتحقيق ذلك في الدورة القادمة إن شاء الله. 


إيناس العيسوي