منى كنيعو: المسرح العربي يعيش حالة من الإحباط تعكس الأوضاع السياسية والاقتصادية

منى كنيعو: المسرح العربي يعيش حالة من الإحباط تعكس الأوضاع السياسية والاقتصادية

العدد 528 صدر بتاريخ 9أكتوبر2017

في تخصص دقيق وجدت ذاتها، وأصرت على التعمق فيه رغم كل المعوقات إلى أن وجدت ضالتها، فإذا بها تنساق وراء رغبتها في دراسته.. إنها الدكتورة منى كنيعو، الأستاذ المساعد بقسم فنون التواصل في الجامعة اللبنانية الأمريكية في لبنان، التي حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة بيروت وعلى درجتي الماجستير والدكتوراة في دراسات المسرح بجامعة ليدز في المملكة المتحدة.
جاءت منى للقاهرة خصيصا لتشارك ضمن فعاليات مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي بورشة حول الإضاءة المسرحية، وهي الورشة التي جذبت العديد من نجوم الإضاءة في مصر مثل أبو بكر الشريف وعدد كبير من شباب المسرح لاكتساب الخبرة من هذه الورشة التي تعمل على صقل الموهبة الفنية للممارسين والفنيين..

كيف كانت بدايتك في دراسة الإضاءة المسرحية؟
أنا بالأساس درست فنون جميلة، ولكن جذبني مجال الفنون البصرية المسرحية، فدرست سينوجرافيا وإضاءة، وعملت فترة في مجال تصوير الفوتوغرافيا، ووجدت كل المجالات تخدم بعضها، وفي البداية وجدت اعتراضا كبيرا من أسرتي وأتذكر أن والدي عندما كنت أتأخر في الدراسة أو في العمل كان يسخر مني ويقلل مما أقوم به من جهود، وكان دائما ما يتساءل عن طبيعة عملي ولسان حاله يقول إن الإضاءة تتلخص في الضغط على زر للإضاءة وعلى زر آخر للإظلام، وكان دائما ما يقول “بتعملوا إيه يعني؟!”، وكنت عادة ما آخذ الأمور ببساطة، لأن واجبنا أن نقوم بتثقيف المجتمع بطبيعة عمل الإضاءة لأننا نخلق صورا متتالية على المسرح وطالما لا يروننا على المسرح فإنهم يعتقدون أننا لا نعمل وأن عملنا لا أهمية له.
كيف تقيمين المسرح العربي في الوقت الحالي؟
المسرح هو انعكاس لحياتنا وأوضاعنا المعيشية، وبما أننا لا نعيش أفضل فتراتنا التاريخية، فالمسرح أيضا لا يعيش أفضل حالاته وأرى أن الإحباط يعم الكثير من العروض، كما هو الحال في حياتنا السياسية والاقتصادية، فالمسرح يأتي من قلب الشارع وليس من المريخ، وبالتالي فهناك تجارب كثيرة سوف تترتب وتنطلق بعدما تتضح الرؤية أكثر، ودائما ما كانت وظيفة المسرح هي طرح الأسئلة.
كيف ترين واقع المسرح المصري؟
لا أستطيع أن أحكم على واقع المسرح المصري لأنني غير متابعة جيدة لما يدور به، ولكنني أحيانا أقرأ عنه وأستطيع أن أرصد بعض التجارب التي تعكس التجارب اليومية.
كيف ترين عودة المهرجان التجريبي بعد توقفه لعدة أعوام؟
مسرورة كثيرا، وشيء طبيعي أن يعود المهرجان الذي يبلغ من العمر 24 عاما بشخصية جديدة، بعد توقف دام عدة أعوام، ولا بد أن نمنحه عددا من الدورات حتى تتضح شخصيته الجديدة، التي تتبع ما يصير من الأجواء.  
من خلال تعاملك مع الكثير من المخرجين المسرحيين كيف رصدت تعاملهم مع مصممي الإضاءة؟
المخرجيون في التعامل مع الإضاءة المسرحية ليسوا سواء، لأنهم في الغالب الأعم ينقسمون إلى قسمين، الأول وهو الأكثرية منهم تتعامل مع الإضاءة بقليل من المعلومات وقليل من الثقافة وقليل من الأهمية، وهو مخرج لا يفهم مفردات العمل أو الإضاءة وليس لديه خيال في العمل، وهناك نوع آخر من المخرجين يعرف أدق تفاصيل العمل ويتعامل بمهارة فائقة مع كل مفردات العمل، وبالتالي فالسلبية الوحيدة تتمثل في أنه يحجم عملنا وخيالنا كمصممين إضاءة في تنفيذ ما يتطلبه العمل، ولا يسمح لنا بإطلاق خيالنا ولا يعطينا فرصة للحلم، ودورنا في أن نمارس الحوار مع المخرجين للوصول إلى حل وسط كل حسب حالته.
وما هي ملاحظاتك على إضاءة عرض افتتاح المهرجان التجريبي؟
لقد جاء افتتاح المهرجان في شكل بسيط عبارة عن عرض لفرقة التنورة التراثية التابعة لقصور الثقافة، وهو أمر ليس بجديد، لأني كنت أشاهد عروض هذه الفرقة الرائعة منذ 20 عاما في الغورية وما زلت محتفظة لها بذكريات جيدة، إلا أن ما حدث في افتتاح المهرجان، كان بعيدا تماما عن أصول الإضاءة المتعارف عليها، لأن الإضاءة لا بد أن تكون جزءا من النص ومن العرض ولا تكون نصا موازيا أو منافسا لما يتم تقديمه، ومن هنا رأيت الإضاءة تنافس الراقصين في الرقص على المسرح.
كيف ترين تقنيات الإضاءة في العالم العربي؟
تقنيات الإضاءة في العالم العربي لا تختلف كثيرا عن العالم الغربي، والفارق بين المسرحين يكمن في كيفية استخدام الأدوات وكيفية اكتساب المهارات، لأن الإضاءة يجب أن تخدم العرض، ويتم توظيفها لخدمة النص، وليس لاستعراض مهارات مهندس الإضاءة، فكلما كان الضوء قليلا كان حضوره أقوى، وكلما زاد فإنه يمكن أن يطغى على النص الأصلي، وما لفت نظري بشدة في مشاهدتي للمسرح العربي أن هناك ما يشبه الموضة في استخدام جهاز “موفينج هيد” الذي صنع في الأساس ليوفر الجهد على صناع المسرح لأنه يعمل بشكل أوتوماتيكي مع الموسيقى فكلما زادت حدة الأنغام كلما تزايدت الأضواء المتراقصة بألوانها وأشكالها المختلفة، وكأن هدف مصمم الإضاءة أن يقول للجمهور أو يوحي له أنه وصل لأقصى درجات العلم في هذه المجال.
أنت مهمومة بالتوفير في مجال الإضاءة المسرحية.. لماذا؟
من لم يفهم طبيعة الإضاءة لن يستطيع أن يصمم إضاءة عرض مسرحي، لأن الاضاءة مرتبطة بالخيال وهناك الكثير من العروض مبنية على الخيال من الأساس، والمخرج الناجح من يخلق الخيال من رأس الجمهور، وهناك الكثير من أدوات الإضاءة يمكن أن نستغنى عنها ونوفر منها باستخدام الأدوات العادية التي نستخدمها في المنزل، خاصة مع المشاكل المادية التي تواجه صناعة المسرح في كل الدول العربية.


محمد لطفي