العدد 599 صدر بتاريخ 18فبراير2019
الممثل والمخرج أحمد الرافعي عضو المسرح القومي، حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الإخراج المسرحي من المعهد العالي للفنون المسرحية ودبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية، تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج، حصل على جائزة أفضل مخرج من مهرجان المسرح العالمي (أكاديمية الفنون) عن عرضه «الضوء الأسود» 2004، وأفضل ممثل دور ثانٍ بمهرجان المسرح القومي 2015 عن عرض «روح»، وأفضل مخرج بمهرجان الفنون المسرحية للمسرح الجامعي 2018 عن (why men love mozaz)، ومؤخرا حصل على جائزة أفضل مخرج عن عرضه «الرهان» بمهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحي. «الرهان» بطولة طارق عبيد، تيسير عبد العزيز، سلوى أحمد، محمد يوسف أوزو، أحمد الرافعي، إعداد درامي باسم عادل، ديكور إيهاب صبحي، موسيقى محمد خالد.
- في البداية ماذا تمثل لك الجائزة؟
كما قال المتنبي «لم أرَ في عيوب الناس شيئا كنقص القادرين على التمام».. الجائزة وأي جائزة أخرى ضرورية، فقد نشأت على التفوق، وكنت من أوائل دفعتي وعينت في المسرح القومي، وعندما التحقت بالدراسات العليا في المعهد العالي للفنون المسرحية كان ترتيبي الأول على دفعتي، وكذلك عندما قمت بعمل دبلومة الدراسات الإسلامية.
فدائما التفوق مطمحي عندما أقدم عملا فنيا، ودائما الاختلاف هو ما أسعى إليه فليس هناك ما يستدعي أن أقدم عملا يشبه ما يقدمه الكثيرون، وفي العام الماضي أخرجت تجربة للمسرح الجامعي وحصلت على جائزة، ومن الطبيعي إذا كنت على علم جيد بقواعد حرفتي أن تكون نافذة لقلب المتلقي، وأفضل ما يقدم، والأهم أن يعي كل فرد بماذا يتفرد ويبدأ في تنمية ما يتفرد به.
- «الرهان» عرض مأخوذ عن رواية لتشيخوف.. ما أسباب انجذابك للنص؟
القصة سبق وأن قدمت في سهرة تلفزيونية في الثمانينات بطولة الفنان عبد الرحمن أبو زهرة ويحيى الفخراني والفنان جمال إسماعيل، وقدمت كفيلم أجنبي قصير، وفي سهرة تلفزيونية في سوريا بعنوان «المرايا».
وما جذبني في النص هو الأسئلة الفلسفية التي يطرحها، وهي: من أين؟ وإلى أين؟ وماذا سنفعل؟ وجميعها تساؤلات يترتب عليها كل أفعال البشر وتاريخ حياتهم واختيارتهم في الحياة، والجماهير بحاجة إلى التعرف على تلك التساؤلات حتى لا تصبح حياتهم عبثا، يجب علينا أن نوفر الوقاية الكافية لمقاومة الأشياء التي يدسها أعداؤنا لنا عن طريق الأدوات الناعمة للإعلام.. ورواية تشيخوف منسوجة ببراعة شديدة بالإضافة إلى غرائبية عوالمها.
- ما الرؤية التي أردت إبرازها؟
كما سبق وأشرت أن ما جذبني للقصة هو طرحها لمجموعة من التساؤلات التي تقوم عليها حياة الإنسان، والتي نسجها الكاتب ببراعة شديدة، وقد حاولت أن أقدمها بصورة جاذبة ولافتة للنظر تجعل الجمهور يخرج متسائلا ويكون لديه «تغذية رجعية» وإضافة جديدة لثقافته، فكما نعلم أن وظيفة الفنان في غاية الأهمية.
ما أبرز الصعوبات التي واجهتها في العرض؟
أبرز الصعوبات التي واجهتني هي التعامل مع العنصر الجيد المتقاعس. وأود أن أقول إن التمثيل كان يضم مجموعة متميزة في التزامها وحرفيتها وتحملها للمسئولية وكذلك فريق الإخراج، ولكن كانت هناك عناصر خارج دائرة الإخراج والتمثيل لم يبذلوا الجهد المطلوب ليستثمروا الموهبة الغالية التي يتمتعون بها.
- وماذا عن إعادة تقديم العرض على خشبة مسرح الدولة؟
هي بالنسبة لي أفضل جائزة، وهي الجائزة الحقيقية. وأتمنى أن ينال الجوائز التي يستحقها.
- لماذا يفضل الكثير من المسرحيين تقديم نصوص عالمية على الرغم من وجود نصوص متميزة للكثير من الكتاب العرب؟
«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها».. فليس لدي أزمة في هذا الأمر، وإن كنت شديد الشغف بالبحث عن المواهب العربية الشابة في الكتابة لأنه شيء هام وضروري. وأود أن أشير إلى أن هناك فروقا كبيرة في المعارف والعلوم والفنون بين الحضارة الشرقية والحضارة الغربية، وهذا الفرق بالطبع لصالح الشرق وفي الكثير من المعارف والفنون، فعلى سبيل المثال تتميز الموسيقى الشرقية بشكل كبير عن الموسيقى الغربية، بالإضافة إلى تميز فنون العرض متعددة وجهات النظر واتجاهات التلقي الموجودة في الفنون، وذلك على عكس العلبة الإيطالية الأحادية الفقيرة في جمالها، فالشرق سبق الغرب في العلم بقرون كثيرة وتعرف الغرب على العلوم المختلفة عن طريق المعابر، بالإضافة إلى أن الشرق أول من أسس أهم ثلاث جامعات، وتقدم في فنون العمارة، ففي الوقت الذي كان يعيش سكان لندن في أكواخ من الطين على ضفاف النهر، كانت قرطبة تحوي ألف حمام والأندلس تحوي 30 مكتبة.
ومن ناحية الفنون، فنحن نتميز بأن لدينا الجمال مركز، فليس هناك مقارنة، وسأضرب مثالا بسيطا في التمثيل، فنحن نتفوق كثيرا: فعندما رأى أنطوني كوين الفنان القدير عبد الله غيث وهو يقوم بالتمثيل انبهر بأدائه.
- قدمت الكثير من التجارب المسرحية المتميزة ومنها عرض «روح» للمخرج باسم قناوي.. حدثني عن دورك في هذا العرض المتميز؟
الحقيقة، إن هذا العمل والدور الذي قدمته به يعد من أكثر الأدوار التي أعتز بها وسأظل أعتز بها إلى آخر مشواري، فهو عمل متميز وله رسالة مهمة وهادفة وقد بذل القائمون على هذا العمل قصارى جهدهم، بالإضافة إلى أن هذا العمل شهد الكثير من الأمور الجيدة والمميزة وهي حصوله على الكثير من الجوائز في المهرجان القومي ومشاركته في مهرجانات عربية، وقد خرج عرض روح باحترافية شديدة.
- حمل مهرجان النقابة فكرة «التجربة الأولى».. من هذا المنطلق كيف يستطيع المخرج المبتدئ من وجهة نظرك تقديم عمل يتوافر فيه الحد الأدنى من الجودة الفنية؟
أود أن أقول إن المخرج ليس آلة، فالذي يحركه دافع، وهذا الدافع يجعله يتحمل آلم تجربة الإخراج، ويجب أن يكون لديه رسالة يود أن يبعث بها للجموع ويكون مهموما بقضية ما، وهو ما يدفعه إلى أن يوظف أدواته ليعلم الجموع ويمتعهم بما يقدمه والعلم يجب أن يصحبه متعة، بالإضافة إلى أن المخرج يجب أن يكون فنانا موسوعيا، وهذا يعني أن يكون قارئا في كتب الناس ومهتم بالناس كما يقولون «فنك مع الناس وللناس»، فأحد تعريفات حرفة الإخراج هي كيفية توظيف المواهب المتباينة في كمها ونوعها ليصبحوا جماعة على درجة كبيرة من الهارمونية والتجانس ليقدموا رسالتهم بأعلى جودة ممكنة، لذا يجب أن يكون المخرج قريبا من الجموع والناس، ومدركا أن حرفته جزء كبير منها التعامل مع البشر، ويكون على دراية كبيرة بأن الفائدة لا تعود فقط على المتلقي ولكن بها عوائد صحية ونفسية على ممارسيها.
- ما تقييمك للحركة المسرحية في السنوات الأخيرة؟
عام 2015 كان عاما فارقا، وكان به زخم وظواهر مسرحية مهمة، بالإضافة إلى الإيرادات الكبيرة، ولا يمكن أن نغفل أن هذه الظاهرة بدأت بعد «تياترو مصر».. ولكن هذه الصحوة تراجعت وظهر جيل جديد يقدم اللعبة المسرحية بمعايير مسرحية شديدة الخطورة فظهر جيل من «الشكلانيين» يتنافسون في الشكل دون الاهتمام بالمحتوى الفني، وأود أن أقول إن أزمة المسرح ليست أزمة ميزانيات ولكنها أزمة إمكانيات بشرية.
- تقوم منذ عامين بالتحضير لمشروع عرض «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ.. حدثنا عن هذا المشروع؟
منذ عام 2009 وأنا أسعى لتقديم هذا المشروع «أولاد حارتنا» على خمسة أجزاء، وتتضمن الفكرة تقديم العرض بأكثر من مخرج أو يقدمها مخرج واحد.