العدد 684 صدر بتاريخ 5أكتوبر2020
الكاتب الصحفي والمؤلف محمد نبيل، هو خريج كُلية الإعلام والكُلية الحربية، له العديد من المؤلفات الاجتماعية والتاريخية ومنها عندما تغيرت مصر وقناة السويس.. العبور الدائم والتدخل المستحيل، كما له مجموعتان قصصيتان هما “سفر العاشقين” و”نجمة سيناء”، إلى جانب أن له العديد من الروايات منها “رصاص الحُب” و”حكايات الولاد والأرض” التي تحولت إلى مسلسل إذاعي يناير 2016، و”سيناء سكة العاشقين” التىي أيضا تحولت إلى مسلسل إذاعي في أكتوبر 2016، وحُسن الحياة، التي أيضا تحولت إلى مسلسل إذاعي مارس 2016، وأخيرا “عتبات الجنة” التي تحولت لمسلسل إذاعي 2017، له العديد من الإسهامات الدرامية فقد قدم رؤية درامية ومُعالجة تليفزيونية (مسلسل تليفزيوني) لروايتي “رأس العشق” و”رصاص الحب”، وله العديد من الإسهامات الثقافية، فهو رئيس تحرير سلسلة العبور، التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو مؤسس رابطة كتاب وشُعراء أدب الحرب، وقد نظم العديد من المسابقات الأدبية المعنية بأدب الحرب، بالإضافة إلى إعداده للبرنامج الإذاعي “الأخلاق تصنع إنسان”، وإيضا إعداد برنامج “إنجازات وطن”، التي تم تقديمها بشبكات الإذاعة المصرية، وبعد ما قامت سعادة وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدائم بإطلاق مشروع “أبطال من بلدنا”، وهو تحويل القصص التى ضمها كتاب “حكايات الولاد والأرض” للكاتب الصحفي محمد نبيل إلى أعمال مسرحية من خلال الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعن هذا المشروع المهم والكتاب وأسئلة أخرى، كان لـ”مسرحنا” معه هذا الحوار.
- متى جاءت لك فكرة “حكايات الولاد والأرض”؟ ومتى بدأت تجميع هذه القصص؟
لدي العديد من الأصدقاء الضباط من القوات المسلحة والشرطة منهم من أُصيب ومنهم من استشهد، وهذا بالطبع واجب اتجاه الوطن، وأي فرد يتم وضعه في هذا الاختبار ينجح ويُلبي نداء الوطن على الفور، الشهادة بالنسبة لنا مطلب وحلم جميعنا نحلم به، إذا تم سؤال أي أم شهيد ستُجيب أن ابني كان وهو صغير يُخبرها أنه كان يتمنى أن يصبح ضابطا ويُدافع عن الوطن، وعندما حقق ذلك نما هذا الشعور لديه وبخاصةٍ في الفترة الأخيرة عند معظم الشباب.
عندما وجدت أن كثيرا من الدراما التي تُقدم في التليفزيون والإذاعة والمسرح والاهتمامات لقادة الفكر وصُناع الرأي في مصر غير مُتجهة نحو فكرة الشُهداء، وهي معنية ولا تهتم بهم بشكل كبير وبخاصةٍ ذكراهم، الاهتمام يكون وقت الاستشهاد، ولكن ليس لإحياء ذكراهم، كثيرا كنت أتحدث مع أُسر الشُهداء التي أعتبرهم أُمهاتي وآبائي، كان أكثر ما يقولونه إن أولادهم لا أحد يتذكرهم، ما عدا بالتأكيد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي دائما يقول شُهداء مصر فوق رأسنا أكثر من مرة، ويُصرح أكثر من مرة أنه يتمنى أن يكون شهيدا لهذا الوطن، فهذا كان عزاؤهم الوحيد، الوجدان العام للناس يجب أن يتم تغذيته من خلال الآداب والفنون والإعلام والدراما، وهكذا.
هُناك نقطة أخرى وهي الحكي الشعبي، لقد اكتشفنا أو بدأنا نشعر أن من فترة طويلة فقدنا جلسة الجدة وحكايات الأم والجدة مع أحفادها، وأنها تحكي لهم عن السير الشعبية والبطولات، التي كانت تزرع في النشء، حُب الوطن والمبادئ والقيم وجماليات الأخلاقيات، أجيال كثيرة جاءت ليس لديها “حدوتة” تسمعها، وليس لديها ذكريات وجسور صلة بين القديم والحديث، ما بين الجدات والأحفاد، أو بين الأمهات والأبناء أو البنات وهكذا.
من هُنا جاءت فكرة “حكايات الولاد والأرض”، فلماذا لا أحكي لهؤلاء الأولاد والأجيال القادمة، حكايات حقيقية وليست حكايات مُختلقة، وأُقدم في الوقت نقسه تلك الحكايات كمادة خام لصُناع الثقافة والرأي والفكر والإعلام والدراما المسرحية والإذاعية والتليفزيونية والسينمائية، من الممكن أن تكون مادة خاما وتُثير انتباههم أو تلفت الاهتمام لتحويلها لقصة أو لمسلسل وهكذا، ده كان المقصد العام، وهذه كانت رغبتي والدافع لدي في البداية والسبب في عمل هذا الكتاب، وهُناك سبب آخر عندما فقدنا الحكي الشعبي فقدنا معه تواصل القيم الأخلاقية، والإنسان المصري تغير كثيرا عندما فقد هذا التواصل أو الميراث الثقافي وميراث الحكي الشعبي، ومن هُنا جاءت الفكرة أن القصص تُقدم بشكل حكاية، وأن يكون شكلها على لسان أُم الشهيد أو زوجته أو بنته أو أخته، وبالصيغة نفسها التي يتحدثون بها، بعيدا عن المفردات الأدبية الرزينة، وبعيدا عن المُعجم الأدبي المُتعارف عليه من قوة وعُمق وإثراء، ولكنني اكتفيت أن تكون المشاعر واضحة جدا، بطلاقة وسلاسة التعبير عند الأم والزوجة، عن والدها أو عن شهيدها، وكنت أكتب على لسانهم أحلام الشهيد منذ نعومة أظافره حتى وصوله للكُلية الحربية أو الشرطة، أو عندما أنهى تعليمه الأساسي أو الجامعي، التجارب الإنسانية بالكامل كنت أرصدها بين قوسين، لم أكن أتدخل فيها تماما، وكنت أترك للقارئ أن يعيشها ويتعمق فيها ويقرأ حكاية على لسان أصحابها، وكان هُناك نقطة كان يجب أن أهتم بها أن القارئ المصري حاليّا أصبح هاجرا للقراءة وغير مُمارس لهواية القراءة، كُنا قديما نقرأ كتابا في اليوم أو أكثر، وبالكثير كان الكتاب يستغرق معنا أربعة أيام ولو رواية نسهر عليها للانتهاء منها، إنما الأجيال الحالية والقادمة أصبحت القراءات الإلكترونية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كُل ذلك اختزل وقت القارئ، وأصبح الكتاب غير مستهدف، لذلك فكرت أن تكون القصة بالكثير تكون ألفا ومئتي كلمة، وفي إطار القصة القصيرة والحكي على لسان أم الشهيد، فكان هذا بُعدا مهما لتُكتب بشكل مُبسط ومختصر، لتكون أقرب إلى المُعالجة الدرامية، بحيث إنها تُقدم كمادة خام لصُناع الدراما من جانب، ومن جانب آخر تكون مختصرة ومُكثفة بكل القيم والصور الجمالية، المستهدف تكون مصاغة، وبذلك كانت المعادلة بين الكتابة بشكل مختصر وبين الكتابة المُكثفة والكتابة بلسان الحاكي أو الراوي وهي الأم أو الزوجة.
- حدثنا عن المحاور التي اعتمدت عليها في الكتاب؟
المحور أو الهدف الأول جميعا نتفق أن الكتاب وثيقة تاريخية نرجع إليها وكل الدراسات العلمية وغير العلمية تذهب إلى النصوص الأدبية المكتوبة أو النصوص الموثقة ومنها الكتاب طبعا، أنها تكون دراسة اجتماعية وساسية وأدبية، بحيث نستطيع أن نقول إننا سجلنا في هذه الذاكرة الوطنية هذا الشهيد بشكل ما وأعطينا حقه علينا أنه يُخلّد بشكل موثق، الهدف الثاني إبراز حجم البطولة التي قدمها هذا الشهيد لمثيله من القراء والشباب، لأول مستمعي الحكاية من الأطفال، حتى يتم تقديم النموذج الذي قدمه الشهيد، وهذه قيمة عُليا، وهي قيمة التضحية والفداء والإيثار بالنفس في سبيل الآخرين وفي سبيل الأرض والكرامة، ومن المهم جدا بعد تخليد ذكرى الشهيد أن نوثق التضحية والقيمة التي قدمها لبلده وننقلها للقارئ أو للجمهور المستهدف من القُراء، محور آخر أن يكون لدينا بطل ثانٍ، الكثير من الناس لا تعرفهم وهم الأم والزوجة وعائلة الشهيد، فإن كان الشهيد الذي استشهد وتُفارقه روحه في أقل من لحظات ولا يُعاني أكثر من هذه اللحظات، إلا أن المُعاناة الدائمة تكون دائما مع أم الشهيد، هذه الأم التي يُطلق عليها فعليّا “الأم البطلة”، هي الأم التي ربت وكبرت وغرزت في ابنها أن الأرض عرض، كما يُقال في كل المناطق الشعبية والأرياف وفي أودية البوادي والسواحل، هذه الأم البطلة تُعاني كل يوم، والقصد من الكتاب، وبعد تخليد وتمجيد ذكرى الشهيد وتقديم النموذج من القُراء من الجمهور المستهدف هو رقم 2 أن نُقدم بطلا من نوع آخر، أغفلت السير والحكي عنه، وهي الأم والزوجة والأخت والبنت للشهيد، هؤلاء يُعانون باستمرار من فقد، في الأغلب كنت أتحدث على لسان تلك الأربع بطلات، وبالطبع كان هُناك كلمات على لسان الأب والأخ، ولكنني أرى أن المُعاناة الشديدة تكون عند هذه المرأة المصرية التي اعتادت أن تقدم هذا الوليد أو هذا الزوج دفاعا عن أرضها وعرضها وشرفها.
محور آخر مهم يرصده هذا الكتاب، يرد الكتاب على كثير من الأقاويل المغرضة التي تقول إن شباب مصر غير مهتم ولا ينتمي ويعيش حالة من الاغتراب، إلى آخر هذه المصطلحات السلبية التي يُحاول البعض من خارج حدود مصر إطفاءها على حالة الشباب بشكل عام، وبخاصةٍ بعدما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن 60% من سكان مصر هم في سن الشباب، وهو القصد الذي حاول الآخرون تسريبه عبر وسائل الإعلام وعبر الدراما، أن الشباب المصري غير مهتم ولا ينتمي لهذه الأرض ويتمنى مفارقتها، وهذا مما قصدت عكسه تماما من ذلك الكتاب، لأن 80% من سلسلة هذا الكتاب من الشباب في أعمار العشرين والثلاثين، وهم من سارعوا وغادروا في تقديم أرواحهم فداء لذلك الوطن، وهذا أبلغ رد على محاولات الآخر في إصباغ صبغة غير حقيقية وسلبية على شباب ومستقبل هذه الأمة.
وكثير من دور النشر عرضت على طباعة هذا الكتاب ومنها صحيفة الجمهورية نفسها، التي أكتب فيها مسلسل الكتاب بشكل يومي في رمضان وبشكل أسبوعي في غير رمضان، ولكني كنت مُصرّا أن تكون دار النشر الحكومية المُمولة بأموال المصريين، وليست دارا خاصة أو غير رسمية، لأنني تنازلت بشكل كامل عن المقابل المادي لهذا الكتاب وأجزائه وأي تصرف فني أو درامي أو مسرحي أو إذاعي أو تليفزيوني أو سينمائي لهذا النص، تنازلت تماما عن الحق المادي لميزانية الدولة في سبيل نوع من رد الجميل لهؤلاء الشُهداء، واحتفظت فقط بالحق المدني أو المعنوي، وكنت مُصّرا أن تكون الطباعة طباعة حكومية لصالح المصريين، وهذا أعتقد من الأهداف التي ينشدها سيادة الرئيس في هذه الآونة، عندما قال إن قناة السويس كان من الممكن حفرها بأيدي غير المصريين وبأموال غير المصريين، ولكن الأجمل أنه قد تم حفرها والإتمام بأيادٍ غير المصريين.
- ما الذي لاحظته عندما تعرفت أكثر على قصص هؤلاء الأبطال؟ وما العوامل المشتركة بين كل بطل والآخر من أبطال “حكايات الولاد والأرض”؟
القاسم المشترك بين جميع شهداء الكتاب “حكايات الولاد والأرض”، واختيار العنوان لهم علاقة بأنهم كلهم أولادي في أرض مصر، والابن مهما كبر في نظر أمه ولد، وكُل مولود ولد، لذلك تم اختيار مفردة الأولاد بلهجتها المصرية وليست الفصيحة “حكايات الولاد” وليست “الأولاد”، وكان اهتمامي الأول أن تكون اللهجة بلهجة هذا الوطن، وهم بالنسبة للأرض هي الأم، أما اختيار مفردة الحكاية، حفاظا أو استرجاعا أو محاولة لاسترجاع الحدوتة في السير الشعبية، ومحاولة لوجود ذكرى تتواجد في ذاكرة الأسرة المصرية، ليحكي الجميع لبعضهم في لحظات أو في ثوانٍ قليلة أو في دقائق معدودة، حكاية هذا الشهيد إن أرادوا الحديث أو القراءة عنه والاستماع عن بطولاته، تلك تم اختيار العنوان أو فلسفة هذا العنوان.
أما القاسم المشترك ما بين هؤلاء جميعا، فكلهم يحلمون منذ نعومة أظافرهم بالتضحية من أجل هذا الوطن، جميع من تم ذكر أسمائهم من شهداء مصر داخل هذا الكتاب، على لسان ذويهم من أمهاتهم وزوجاتهم وآبائهم قالوا إن أصحابهم أثناء الاستشهاد رووا لهم أن الشهيد لقى شهادته في صدره وفي وجهه وهو مبتسم وهو مقدم وهو شُجاع إلى آخر هذه الصفات الإيجابية، أما التشريح الطبي أو المعاينة الطبية للشهيد يقولون جميعهم بالكامل إنهم تلقوا الرصاص في المواجهة ولم يكن موليا أو خائفا في معاركه، وهذا تقرير فخر للأسر المصرية لجيش مصر وشرطة مصر، أن جميعهم بالكامل تلقوا هذه الضربات في المواجهة، هذا قاسم مشترك كان يجب أن أُشير إليه سواء في حكي أو في وصف التقرير الطبي لهذا الشهيد.
هُناك أمر ثانٍ منذ الطفولة والشهيد كان يريد أن يلتحق بشرطته أو جيشه لحماية المواطنين أو لحماية الأرض، وهم في هذا الحلم سواء، والأم تحكي والزوجة تحكي والابنة تحكىي وتصف مشاعر أبيها عندما كان يحاول الحكي لها عن صغره، كلهن اتفقن على أن هذا الشهيد كان يحلم بالشهادة في سبيل الله، وفي سبيل الحفاظ على هذا الوطن، أما الأمر الثالث وهو قاسم مشترك أيضا أن البطلات من أهل الشهداء سواء كانت أما أو زوجة أو بنتا أو أختا، يتمتّعن بصفة البطلة بشكل مطلق، أنا كنت أتوقع مثلا آلاما نفسية عندما أتحدث مع أم الشهيد أن تبكي وأن أُصيبها ببعض من الأذى النفسي، إلا أنني اكتشفت وبكل الفخر، أن كُل أمهات الشُهداء في حالة فخر وسعادة بفقدان هذا الولد، ولكنهن اتفقن على أنهم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون، فهن لديهن اطمئنان بأن أولادهن أحياء وهن أقوياء البأس، وأقوياء الشكيمة غير باكيات ولكنهن مطمئنّات، فالفراق من الممكن أن يحدث في الحياة، من الممكن أن يُسافر الابن ويعمل في الخارج ويبتعد لأي سببٍ أو آخر، ولكن الفراق والأم مطمئنة والزوجة مطمئنة على أن فقيدها حي يُرزق عند الله ويُكرم عند الله وأنه شفيعها في الجنة، هذا مبعث الفخر عندما وُضعت الراحة النفسية وحائط صد قوي ومنيع أمام البُكاء واليأس، والاستسلام لآلام الفراق.
- حدثنا عن التعاون الذي تم بينك وبين الهيئة العامة لقصور الثقافة لتحويل “حكايات الولاد والأرض” لمشروع مسرحي “أبطال من بلدنا”؟
الحقيقة معالي الوزيرة شرفت جدا بتعاونها بشكل مُطلق وأُكرر بشكل مُطلق، مع هذه الفكرة “حكايات الولاد والأرض”، بمجرد أن عرضتها عليها وجدت أن هذه الفنانة المسئولة تُرحب بها، وليس على سبيل الترحيب المعنوي وكفى، ولكن الترحيب كان بتقديم التيسيرات والتسهيلات، وتم طبع الجزء الأول وتحرير عقد بالأجزاء التسعة التالية لهذا الكتاب بالهيئة العامة للكتاب مع الدكتور هيثم الحاج علي، لتدوين هذه الحكايات في تلك المؤسسة وهذا الصرح الثقافي التابع للدولة، معالي الوزيرة شجعتني جدا، الفكرة في البداية كانت ستكون خمسة أجزاء، وهي من اقترحت أن تكون عشرة أجزاء، وقلت لها مصر ولادة ومصر مُقدمة للشهداء بشكل قوي، ولدينا من الكتابة ومن الثراء في شهداء مصر ما يكفي لعشرة أجزاء أو أكثر، وقالت إنها موافقة على أن يكونوا عشرة مبدئيّا قد يزيدون بعد ذلك، حفظ الله مصر وحفظ أبناءها وأكرمنا بهذا الجيل القوي المُدافع عن وطنه، معالي الوزيرة تقبلت هذا الأمر وعرضته على دولة رئيس الوزراء، الذي أثنى بشكل كبير من خلال وسائل الإعلام ومن خلال بيان رسمي صدر للمرة الأولى بعد صدور الجزء الأول من “حكايات الولاد والأرض”، بيان رسمي صدر عن دولة رئيس وزراء مصر يشكر فيه هذه التجربة، ويُثني على تجربة وزارة الثقافة مع الكتاب، نوعا من تمجيد المكتبة المصرية، أولا تمجيد ذكرى الشهيد وثانيّا إثراء المكتبة المصرية بحكايات البطولات وتقديم النموذج كما سبق وأشرنا.
هذه السيدة الفنانة استثمرت نجاح هذا الكتاب، فالكتاب كان على منصة وزارة الثقافة فترة الكورونا أكثر من ثلاثة أسابيع أو أربعة أسابيع، حقق في خلال هذه الفترة تم تحميله ما يزيد على 5000 مرة pdf، هذا الكتاب للجماهير في فترة وجيزة جدا، وكان اللافت للانتباه أن المصريين يحبون هذه النوعية من الكتابة، كما أن معالي الوزيرة رحبت جدا بفكرة أنها ترسل الكتاب كهدية منها لأسر كُل شهيد بخطاب بخط يدها، كان أثره قويا جدا عند أُسر الشهداء، أولا اعتبروا أن الحكومة والمُمثلة في وزارة الثقافة ووزيرة الثقافة، أنها ما زالت تتذكر هذا الشهيد وهذه الأسرة، وما زالت تُمجد فعل هذا الشهيد، أيضا حولت معالي الوزيرة النص إلى كتابات عدة منها تحويله إلى نصوص مسرحية، بحيث إن في هيئة قصور الثقافة ستة أقاليم موزعة على محافظات مصر بالكامل، كل إقليم يضم أربع محافظات تقريبا، ويضم اسم شهيد من هذه المحافظات، وأولاد هذا الأداء المسرحي من محافظة الشهيد، لمزيد من المصداقية والمعايشة واستثمار هذا الكتاب بشكل جيد جدا، وبعد عرض هذه المسرحيات في القريب القادم إن شاء الله، سيتم اختيار ستة شهداء آخرين غيرهم، حتى يتم مسرحة جميع أجزاء الكتاب، وهم 10 أجزاء، والذين يحتوون على 150 إلى 200 شهيد تقريبا خلال العشرة أجزاء المُقرر إن شاء الله حتى شهر يونيو القادم، أيضا تم اعتماد الوزيرة لـ”حكايات الولاد والأرض” لنسختها للأطفال من سن خمس سنوات وما دون ذلك، لتعليمهم صورة الشهيد، بصورة مصورة، بحيث الطفل يقرأ ويلون صورة الشهيد وأصحابه وأمه وأخواته وعلم بلاده، فهذا استثمار آخر للكتاب، أحمد الله عليه، مع ذكر تكريم السيد رئيس الوزراء لهذا الكتاب، وأشكر ربي أنه منحني هذا التكريم من رأس الحكومة المصرية، من خلال رئيس الوزراء والهرم الثقافي لمصر ممثلا في معالي وزيرة الثقافة السيدة الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدائم، في النسخة الثانية أو الجزء الثاني من سلسلة هذا الكتاب، أيضا أثنى السيد رئيس الوزراء على هذه النسخة، لأن بيان مجلس الوزراء كان يُشيد بهذه التجربة ويُثني عليها، كما أثنى عليها في نسختها الأولى.
أعتقد أن هُناك استثمارا آخر للمركز القومي للسينما بإعادة تصوير أو تحويل هذا الكتاب إلى معالجات بصرية مع أسر الشهداء للحكي، من خلال لقاءات مع أسر الشهيد، وذلك المشروع في طور التنفيذ بعد موافقة السيدة وزيرة الثقافة عليه، رئيسة المجلس القومي للسينما تناقشت معها د. عزة، وتم الاتفاق أيضا على تقديم هذه الأعمال، كل هذه الأعمال وليدة الاستثمار الحقيقي لـ”حكايات الولاد والأرض”، كلها أنا متبرع بعقودها، أو متنازل عن هذا الحق المادي، لصالح هذا الوطن، وهذا أقل جهد أقدمه أولا للشهيد وثانيا لأسر الشهيد وثالثا للأجيال القادمة ورابعا لهذا الوطن.
- كيف تتخيل شكل تقديم قصص الكتاب كعروض مسرحية؟
بعيدا عن تخيل العرض المسرحي، ولكن أستطيع أن أتخيل مدى ردود الأفعال لتلقي هذا الحدث، لأن التناولات المسرحية، ترجع رؤيتها في إطار النص في يد المخرج وأداء الممثلين في هذا العرض، ولكن أنا أتصور باستطلاع بسيط لأهالي الشهداء وأصدقائهم وجيرانهم وعائلاتهم في شوق لمشاهدة هذا العرض، كل مخرج يُقدم لمحة درامية طبقا لرؤيته والإطار العام الذي يحكم تقديم الشهيد كنموذج وقيمة وتضحية لهذا الوطن، حتى الآن عندما تم النشر وأعلنت معالي الوزيرة أنه سيتم مسرحة هذا الكتاب، سيل المكالمات والرسائل التي تأتيني من أسر وأصدقاء الشهداء في المحافظات المجمع عرض المسرحيات فيها، سيتم عرض هذه المسرحيات في محافظات أسيوط وأسوان وكفر الشيخ وبورسعيد ووالبحيرة والدقهلية والجيزة.
- ما مشاريعك القادمة؟
بالتوازي مع عمل حكايات الولاد والأرض أنهيت ثلاثة أجزاء من مسودة كتاب شهادات رجال عن أزمنة الجمر والبشارة، وهي شهادات معنية بمقابلات شخصية مع أبطال أكتوبر وأبطال الاستنزاف، والجمر والبشارة المعني بها الجمر للاستنزاف والبشارة لنصر أكتوبر عام 1973، وسيتم إصداره قريبا إن شاء الله، وهناك مشروع آخر محل الكتابة حاليّا وهو عن مُصابي عمليات سيناء، وأقابل فعلا بعض المصابين الأبطال الذين فقدوا ساعدا أو عينا أو جزءا من جسدهم لصالح هذا الوطن، وما زالوا يتنفسون بوطنية، والكتاب سيكون معني بتخليد ذكراهم أيضا، فليس الاتجاه فقط نحو الشهداء، ولكن أيضا هناك نجوم على الأرض، لتوثيق بطولات المصابين في أحداث سيناء.