فاطمة محمد علي: مونودراما «سيب نفسك» فرجة شعبية تدعو لحب الحياة

فاطمة محمد علي:   مونودراما «سيب نفسك» فرجة شعبية  تدعو لحب الحياة

العدد 821 صدر بتاريخ 22مايو2023

الفنانة فاطمة محمد علي تخرجت في جامعة عين شمس، درست اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية والشريعة في كلية البنات، وقامت بعمل دراسات وأبحاث كثيرة منها: البحث في أصول اللغة والموسيقى الفرعونية والرقص في مصر القديمة، ولديها العديد من الأبحاث في التراث. قدمت للمسرح المصري ما تخطى 150 عملا مسرحيا، وقامت ببطولة 15 عملا مسرحيا. حصلت على العديد من الجوائز، منها أفضل ممثلة من المهرجان القومي للمسرح المصري أكثر من عام على التوالي، وترشحت لجائزة أفضل ممثلة في مهرجان قرطاج، أخرج لها العديد من رواد المسرح. أول عمل قدمته بشكل محترف، هو «رجل القلعة» إخراج ناصر عبد المنعم، تلاه «يا مسافر وحدك» إخراج د. هاني مطاوع، ثم «شفيقة ومتولى» إخراج د. أشرف زكي، وبداية من السادس من أبريل استقبلت قاعة يوسف إدريس في مسرح السلام مونودراما «سيب نفسك» إخراج د. جمال ياقوت، وبطولتها.. عن العرض وأسئلة أخرى كان لنا معها هذا الحوار .
-حدثينا عن كواليس «سيب نفسك» حتى عرضها على المسرح؟
في البداية هاتفني د. جمال ياقوت، بأن لديه نصا جيدا ولا يرى أحدا غيري لبطولته ، وبالفعل قرأت العمل وكان ردي «أنا قتيلة هذه الشخصية».. الشخصية المكتوبة لنص المونودراما تكاد تكون أنا، الكاتب الأصلي أسباني دراماتورج وإخراج د. جمال ياقوت، وبدأنا نبحث عن جهة إنتاج في البيت الفني للمسرح، وذهبنا بالفعل بالنص لمدير مسرح السلام الفنان محسن منصور، ثم تحمس الفنان خالد جلال للعرض جدًا، حتى أنه قدمه في خطة البيت الفني للمسرح قبل موعده، وجعله في البداية ، إلى جانب تحمس وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني أيضًا. شعرت أن من واجبي أن أقدم شيئا للمسرح المصري، في عهد الفنان خالد جلال القائم بأعمال رئيس البيت ورئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي وعهد وزيرة الثقافة، فأن أشارك بعمل جيد للمسرح المصري في عهدهم شيء يسعدني. بدأنا التحضيرات للعرض منذ الإعلان عنه في المؤتمر الصحفي الذي أقيم في المسرح القومي بداية 2023، وبدأنا البروفات، ووفر لنا الفنان محسن منصور كل الإمكانيات، لأنه فنان في المقام الأول قبل أن يكون إداريا.
- ما الرسالة التي ترغبان في تقديمها من خلال «سيب نفسك»؟
هي تحققت بالفعل مع أول وثاني ليلة عرض، عندما سمعت من داخل القاعة بعض الجمهور في حالة مزاجية سيئة، وبعد العرض شعروا بالسعادة، استطاع العرض أن يُغير من حالتهم المزاجية للأفضل، وهذا هو الهدف من العرض من وجهة نظري، فالعرض يدعو للرضا وحب الحياة والنفس، يجب أن نتعلم كيفية التعامل مع الأزمات بالرضا والسعادة، فالحياة قصيرة ومليئة بالأحداث، فتغلبوا عليها بالرضا والسعادة.
-حدثينا عن استعدادك لتجسيد هذه الشخصية؟ 
بداخلي مخزون كبير من الشخصيات، أنا من الأشخاص الذين لديهم عين مثل الكاميرا ترصد وتلاحظ طوال الوقت، أنا لا أقوم بالتجهيز للشخصية بقدر ما أقوم بالاستعانة بالشخصية المُعيّنة المخزونة بداخلي لأنني أحتاجها في تجسيد عرض ما، ولكن هذا العمل بالتحديد يشبهنني جدًا، أكاد أُمثل شخصيتي الحقيقية، ليست الشخصية بعيدة عنّي تمامًا، كل مفرداتها وأحداثها، الإعداد الدرامي الذي قام به د. جمال ياقوت على النص الأصلي كان من تفاصيلي الشخصية، لذا أصبحت أصبحت تشبهني جدًا.
- وماذا عن احتكاكك بعناصر العرض؟
أول عنصر ظهر أمامنا هو عنصر الموسيقى، لأننا ودننا أن نقدم «فُرجة شعبية»، زوجي الفنان حاتم عزت يتميز جدًا بهذا الخط  الفني، ويكاد يكون من القلائل في مصر الذي يقدم موسيقى مسرحية تتميز بالطابع الشعبي المصري وليس الشعبي المُسف، الشعبي من قماشة محمد رشدي ومحمد قنديل وسيد مكاوي والليلة الكبيرة، الخاص بمفردات الهوية والثقافة المصرية، وكانت هناك غنوة عند حاتم اسمها «المقشة» ولأن بطلة العرض كناسة، فقد طلبت منه أن استعين بها، لتكون هي الإطار المُقدم فيه العرض، العرض مليء بالدراما والإنسانيات والشجن، لذا غلفنا العرض بأغنية المقشة، والحقيقة أن الجمهور استقبلها استقبالا  مذهلا، وتفاجأت أن الجمهور كان يردد معي من أول مرة يسمع فيها الأغنية، وهذا دلالة على أن الجملة الموسيقية عميقة وبسيطة وهذا ما يتميز به الموسيقار حاتم عزت، السهل الممتنع، ولدينا أغنية أخرى مهمة اسمها «دُنيا» للشاعر الراحل متولي عبد اللطيف، وهو أحد تلامذة الشاعر الكبير فؤاد حداد، وواضح جدًا الدراما الناطقة في الأغاني وعمقها رغم بساطتها، فهي مؤثرة جدًا وبها شجن وحنين غير طبيعيين، أما الشاعر محمد مخيمر فقدم أغاني رشيقة وبسيطة جدًا، معبرة دون أي استعارة، وهذا هو الهدف أن يشعر الجمهور البسيط بالسعادة ولا يشعر الجمهور الناقد بالضيق، هي معادلة صعبة ولكن عندما يكون هناك فنانين حقيقيين، ليس بداخلهم غير الفن، لا تكون صعبة على، وترسخ في الوجدان مثل الليلة الكبيرة ..الفكرة ليست صعبة طالما أنت حقيقية. ننتقل للعرائس، والحقيقة أنني كنت خائفة جدًا في البداية منها، وشعرت أنني لست ملكة في هذا الملعب الخاص بالعرائس، ولكنني وجدت أن الممثل يستطيع أن يقدم كل شيء طالما إحساسه صادق وصادر من داخله. وجدت أن التمثيل بالعرائس ليس بعيدا وصعبا، وأحببت العرائس وحرفية الفنان د. أمير عبد المسيح، وقد جعلني أحبها وأصادقها، فظهر العرض طبيعيا ووصل للناس ببساطة، وجزئية العرائس جزئية مبهجة، جذبت شريحة الأطفال، وهذا من أهدافي في المسرح، أن أقدم عرضا يُقبل عليه الأطفال قبل الكبار، على الرغم من أنه ليس موجّها للأطفال، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير.
د. جمال ياقوت تحملني جدًا، دائمًا كان يقول أني فنانة والفنانين صعب التعامل معهم، أعترف أنني فنانة مزعجة لأني أحب تفاصيل عملي، ود. جمال استطاع أن يقدم توليفة لا يستطيع أحد غيره أن يقدمها، هو من وجهة نظري «رونالدو» هذا المجال، أن يقدم عرضًا يجمع ما بين عرائس وموسيقى وفُرجة شعبية، هي توليفة خاصة به، تجعله متفردا دائمًا. أما الاستعراضات، فالحقيقة أن بداخلي راقصة لم تظهر للنور أبدا، كنت مكتفية بالتمثيل والغناء، ولكن هذا لا يمنع أني أستطيع تقديم هذا بحرفية، فأنا إلى جانب حبي للفن العالمي، أحب الرقص الهندي والإسباني، وقد أكدت على هويتي المصرية في الاستعراضات التي تم تقديمها ، ربما كُتب لهذا العرض أن يمثل مصر في الخارج، فالسلم الخماسي والموسيقى النوبية والإيقاع الصعيدي علامة عالمية د. جمال ياقوت وقد صنع ذلك بحرفية شديدة، واستطاع أن يصنع وردة داخل العرض الأشبه بالحديقة، وكانت الوردة هي الاستعراضات، جزء منها من الهند وجزء منها من أسبانيا، ومصمم الرقصات مناضل عنتر أهداني هذه الرقصات، المقدمة بشكل طبيعي و مقصود حتى تكون قريبة من الجمهور ويصدقها ، أنا لا أرغب في أن أتعالى على الناس، ولكنى أود أن أقدم لهم فنا يشبههم ويستطيعون أن يشاركوني الرقص والغناء الذي أقدمه، الفنان الحقيقي يجب أن لا يبعد عن المتلقي، حتى يستطيع أن يقدم فنه بسهولة.
-هل ممثل المونودراما يجب أن يكون لديه قدرة عالية على الارتجال ؟
هذه سمات أساسية يجب أن تكون عند أي ممثل حقيقي، سواء عرض مونودراما أو غير ذلك، لأن الممثل الذي يمثل بشكل حي، مُعرّض كل يوم لظرف مختلف، وجمهور مختلف كل يوم، لذا يجب أن يكون لديه قدرة على الارتجال وبديهة حاضرة. أذكر في إحدى عروضي التي قدمتها خارج مصرأن الديكور وقع عليّ، وتعاملت مع الأمر كأنه جزء من العرض، الارتجال جزء كبير ومهم من أدوات الممثل المسرحي، الممثل الذي لا يجيد فن الارتجال لن ينجح على المسرح، الارتجال هو أساس المسرح.

-هل المونودراما تحتاج إلى ممثل خاص لديه قدرات خاصة؟ أم أي ممثل يستطيع تقديم ذلك؟
عروض المونودراما تحتاج غلى ممثل له سمات خاصة، يجب أن يكون ممثل يمتلك أدوات مميزة، ويكون غني بالمعرفة والاطلاع، مطلع على التاريخ والفلسفة واللغة والأدب، الممثل في المونودراما عليه مسؤولية كبيرة، عليه أن يجذب عين الجمهور والمشاهدين أطول وقت ممكن منفردًا، ليس هناك عوامل مساعدة، فيجب أن يكون الممثل نفسه غني وشامل، بمعنى أن يستطيع أن يمثل ويُغني، لأن ذلك يُعد تطعيم للتمثيل وكسر للملل والنمطية، فلو الممثل من وجهة نظري لديه مفردات كثيرة ومميزة، يستطيع أن يتصدى للمونودراما.
-ما هو تعريف ومعايير ومقومات الممثل الشامل؟
الممثل هو فُرجة، الأجمل أن عناصر الفُرجة تتعدد أم تكون مركزة في منطقة واحدة؟، الأجمل بالتأكيد أن تتعدد، فالممثل الذي لديه اكثر من أداه يستطيع أن يذهب لأكثر من مساحة للفراغ، وبالتالي يستطيع أن يقدم متعة أكبر بفردة، ويتسطع أن يملأ وجدان المتلقي، الممثل الذي يُغني ويرقص ويمثل، هو يجعل كل حواس المتفرج منتبهة معه، فكرة تحقيق عناصر الفُرجة الكاملة بفرد واحد، وهذه معادلة صعبة ولكن ممكنة بالممثل الشامل.


إيناس العيسوي