العدد 630 صدر بتاريخ 23سبتمبر2019
كاتب وناقد فني ونائب رئيس تحرير مجلة الكواكب عضو بنقابة الصحفيين، وأنشأ بها أول فريق مسرحي، قدم الكثير من الورش في مجال الصحافة، ساهم في إنشاء عدد من الصحف، اتسمت كتاباته بالحيادية، بالإضافة لكونه رئيسا لمؤسسة «س» للثقافة والإبداع، أسس ورأس أول مهرجان مسرحي في صعيد مصر وهو المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، له دور كبير في تنمية المسرح العربي والأفريقي مما جعله يسعى لإقامة اتحاد المسرحيين الأفارقة.. من هنا التقت “مسرحنا” بالناقد هيثم الهواري وأجرت معه هذا الحوار.
في البداية حدثنا عن مهرجان ألوان الدولي واختيارك رئيسا شرفيا للمهرجان؟
هناك تعاون بيننا وبعض الدول من خلال برتوكولات التعاون التي وقعناها أثناء فعاليات مهرجان مسرح شباب الجنوب لترشيح العروض المشاركة بالمهرجانات في الدول التي وقعت البرتوكولات، وكذلك ترشيح العروض من جانبهم للمشاركة في مصر، وتم اختياري مؤخرا رئيسا شرفيا للدورة الرابعة لمهرجان ألوان الدولي لمسرح الشارع بمدينة بن جرير المغربية والمزمع إقامته أكتوبر المقبل، وهناك عروض مصرية سيتم اختيارها للمشاركة في فعاليات المهرجان، وأعتبره من المهرجانات المسرحية الرائعة التي يلتف حولها الشارع المغربي، حيث إن لديهم أفكارا مختلفة ومهمة وكسروا قاعدة مسرح العلبة وقدموا عروضهم في الشارع بشكل جيد، وبالنسبة للعروض المشاركة لم يتم اختيار العروض المصرية حتى الآن لعدم انتهاء فترة إرسال طلبات المشاركة.
- كيف بدأت فكرة إنشاء اتحاد المسرحيين الأفارقة؟
بدأ التجهيز له خلال الدورة الثالثة من المهرجان المسرحي لشباب الجنوب، وكانت هناك توصيات لإقامة الدورة الرابعة من المهرجان أفريقية، كعادتنا في تقديم الجديد كل عام في المهرجان، ورفضت لجنة المهرجانات إقامته بحجة أن هناك مهرجانا أفريقيا تقيمه الدولة ولم يُقم، كما وجدنا أن هناك الكثير من الدول الأكثر تقدما في مجال المسرح سواء على مستوى التدريب والورش أو الأعمال التي تقدم، بالإضافة لأن معظم المدربين في هذه الدول من بلدان مختلفة ليست من بينها مصر، فالمصريون في أفريقيا لديهم الكثير من المشكلات التي لا تجد من يفكر في حلول لها، ومن هنا قررنا خلال الدورة الرابعة من مهرجان شباب الجنوب إنشاء اتحاد المسرحيين الأفارقة، وبدأنا العمل على فكرة جعل الدورة أفريقية، فكانت العروض المشاركة من القارة الأفريقية، تواصلت مع بعض المسرحيين سواء في الدول الأفريقية أو مصر، منهم د. جاستن بيلي عميد كلية الفنون والموسيقى والدراما بجنوب السودان، ووضعنا الخطة الرمزية للاتحاد، وكان من المفترض حضور عدد كبير منهم لفعاليات الدورة الرابعة من مهرجان مسرح شباب الجنوب ولكن حالت الظروف دون حضورهم وحضرت تونس والمغرب والجزائر والسودان، وأعلنا في المؤتمر الصحفي تأسيس الاتحاد وآلياته وأهدافه، وقد لاقى صدى كبيرا من الأفارقة وأبدى عدد كبير رغبتهم في الانضمام للاتحاد.
- ممن شكل المكتب التنفيذي لاتحاد المسرحيين الأفارقة؟
ترأست مصر الاتحاد، ويشغل المخرج المغربي الكبير عبد الكريم الركاكنة رئيس الاتحاد المغربي لمهن الدراما منصب أمين عام الاتحاد، وأسماء بخيت مدير عام مؤسسة «س» للثقافة والإبداع أمينا للصندوق، والمخرج الكيني كيفين كيماني رئيس مؤسسة ومهرجان كينيا الدولي للمسرح أمينا عاما، د. جاستن جون بيلي منسقا عاما، والمخرجة السودانية ازدهار محمد نائب أمين عام اتحاد الدراما السودانية رئيسا للجنة المؤتمرات والفعاليات، والفنانة الجزائرية حكيمة جلايلي أستاذ بالمعهد العالي للفنون بالجزائر رئيسا للجان التنظيم، والمخرج التونسي نوار الضويني مسئول شؤون العضوية، بالإضافة لعدد من الدول الأخرى.
- ما هي أهداف الاتحاد؟
تتلخص أهدافه في رعاية الإبداع، وفنون العمل المسرحي المتبادل بين دول القارة، وتطوير الصناعة المسرحية بوصفه أحد المرتكزات المهمة في عملية الاقتصاد الثقافي، وإدارجها ضمن سياسة التنمية البشرية في دول القارة وتوثيق ونشر الإنتاج المسرحي للقارة إلى العالم، إقامة المحاضرات في الدراسات المتخصصة في الشأن المسرحي الأفريقي في أفريقيا، وعمل تبادل ثقافي عبر فنون المسرح، وتوسيع دائرة الورش التدريبية بشكل متخصص من كبار المسرحيين الأفارقة، ويمكن الاستعانة ببعض المتخصصين من خارج القارة للاستفادة من الخبرات المختلفة، وتبادل إدارة العملية المسرحية والرؤى بين المسرحيين من مختلف الدول.
- هل هناك صعوبات واجهتكم أثناء التجهيز إعلان للاتحاد؟
أكثر الصعوبات التي تواجهنا دائما في مصر الروتين والبيروقراطية، فالاتحاد مكون من مجموعة من المؤسسات والمنظمات المسرحية من مختلف الدول الأفريقية، ولم نواجه هذا الروتين الذي نعاني منه، فلإقامة فعاليه لا بد أن تتبع جهة أو تعمل تحت مظلة شيء ما حتى تتمكن من العمل، نتمنى أن تتغير المنظومة النمطية والبيروقراطية لتسهيل وتذليل العقبات التي تواجه أي من المشروعات الثقافية.
- ما الأسس التي سيتم بناء عليها اختيار الدول المشاركة؟
تشارك نيجيريا والكاميرون وجنوب أفريقيا، لم تقتصر المشاركات على منطقة معينة، بل تمتد لأماكن متفرقة من شمال وجنوب ووسط أفريقيا، وقد بدأنا استقبال عدد كبير من المشاركات، أفريقيا بها أربع وخمسون دولة والمشاركة متاحة للجميع، ولكن المكتب التنفيذي يكون بالانتخاب كل أربع سنوات من الدول الأعضاء.
- ما الخدمات أو الفعاليات التي سيقدمها الاتحاد؟
وضعنا خططا لعمل ورش تدريبية، وبرامج مسرحية مختلفة للمسرحين في القارة الأفريقية، بحيث يكون هناك تبادل بين المسرحيين وبعضهم من خلال تبادل المهرجانات والمشاركات، وسيتم بالتأكيد عمل أجنده للاتحاد وبدأنا بالفعل التجهيز للمهرجان الأفريقي الأول للمسرح الذي من خلاله ستنطلق أولى فعاليات الاتحاد، وسوف يحدد موعده في المؤتمر الأول الذي سيعقد بدولة كينيا نوفمبر المقبل، ويتم تجهيز برنامج كامل للعمل طوال العام من ورش وعروض وفعاليات أخرى.
- ذكرت مسألة التوثيق ونحن لدينا أزمة في ذلك فهل هناك برتوكول مع جهة ما للقيام بذلك؟
لدينا أزمة عامة في مسألة توثيق العروض والفعاليات المسرحية من مهرجانات وغيرها، ولكننا نملك وحدة تصوير كاملة لتوثيق فعالياتنا فيديو وصور، وعمل أفلام كاملة للاجتماعات والمهرجانات والعروض، مثلما فعلنا في فعاليات مهرجان شباب الجنوب بحيث يمكن الرجوع إلى المادة الموثقة عند الحاجة إليها.
- معنى ذلك أننا سنشاهد عروضا لفنانين من مختلف الجنسيات في عمل مسرحي واحد؟
الخطة تشمل تكوين عدد من الفرق المسرحية المشتركة، وقد كونا بالفعل فريقا مسرحيا مشتركا بمشاركة من تونس والمغرب ومصر، وبالتأكيد ضمن خطتنا إنتاج عروض مشتركة خاصة بالتراث والفلكلور الأفريقي حيث هناك تركيز على التراث الأفريقي وبعض الموضوعات التي لا نعلم عنها شيئا في أفريقيا.
- كيف خططتم لجمع عناصر العرض في مكان واحد من مختلف البلدان لعمل البروفات؟
بالتأكيد سنوفر مكانا لإقامتهم، وسنتغلب على الأمر بالاتفاق على مكان محدد وعمل لقاء مجمع للبروفات والعروض، لن يعيقنا شيء لتنفيذ ما نطمح لتحقيقه.
- مع اختلاف اللغات هل ستقدم العروض بلغة موحدة أم كلٍ بلغته؟
هناك الكثير من اللغات في القارة الأفريقية لكن ما يتم تداوله ثلاث لغات رئيسية هي الإنجليزية والفرنسية والعربية، ومن يحدد اللغة هي فكرة العرض والنص المكتوب ولا مانع من احتفاظ كل بلغته، فكل دولة حين تشارك تتحدث بلغتها فليس هنا ضرر في هذا، لكن إن كنا سنقدم عرضا مثلا عن التراث المصري فبالتأكيد سيقدم باللغة العربية.
- وهل من الشروط أن تكون الأعمال المشاركة تراثية؟
نتحدث عن المسرح الأفريقي بشكل عام بشتى أنواعه وموضوعاته وليس شرطا أن تكون أعمالا تراثية، فهناك الكثير من أنواع المسرح وكثير من أشكال الكتابة المسرحية سواء التجريبية أو الكوميدية وغيرها، نعم نحاول الحفاظ على التراث بشكل كبير ولكن في نفس الوقت نعمل على كل الأشكال.
- ما سر اهتمامك الشديد بفكرة التراث تحديدا ولماذا دائما نلجأ للأعمال التي سبق وقدمت في هذا الصدد؟
لا نلجأ للأعمال التي قدمت من قبل بل نسعى لأن يكون هناك كتابات جديدة، فلا يمكننا تجاهل هويتنا وتراثنا الذي بدأ في الاندثار مع الغزو الثقافي الأجنبي، وللأسف لا يُستغل بشكل صحيح على العكس، أننا نفقد هويتنا وثقافتنا وأخلاقنا وعاداتنا لدرجة أننا أصبحنا غير قادرين على الاحتفاظ بموروثاتنا، ولدينا أجيال جديدة لا تعلم عن هذا التراث شيئا وتلك مسألة كارثية، كذلك الأمر بالنسبة للتراث الأفريقي لدينا الكثير جدا الذي يجب أن نبحث عنه ونحافظ عليه أيضا من أجل الأجيال القادمة.. إن فقدنا هويتنا انتهينا.
- من الفئات المستهدفة من المشاركة في فعاليات مهرجان المسرح الأفريقي؟
يختلف الأمر عن مهرجان مسرح شباب الجنوب الذي هدفه الأول والأساسي هو الرعاية المادية والمعنوية للفرق الحرة والمستقلة والهواة ممن لا يجدون من يدعمهم، ففي مهرجان المسرح الأفريقي المشاركة متاحة لجميع الفرق سواء كانت تعمل تحت مظلة الدولة أو فرقا خاصة ومستقلة وغيرها.
- الورش التي تُقام ضمن فعاليات مهرجان المسرح الأفريقي أو من خلال نشاطات الاتحاد هل تستهدف إنتاج عروض؟
الورش عموما ترتبط غالبا بإنتاج عروض بالتعاون بين جميع الورش في التأليف والتمثيل والإخراج والديكور، وكل منهم يقوم بدوره، فلن نكتفي فقط بإقامة الورش والتدريبات بل بتطبيق ما تم التدريب عليه بشكل عملي لتحقيق أقصى استفادة ممكنه بالإضافة لكونها عروضا مشتركة بين مختلف الأشخاص والفئات.
- هل ما زال المسرح الأفريقي يهتم بالواقع السياسي بشكل أساسي في الأعمال المقدمة؟
المسرح الأفريقي كغيره له تطوراته ومراحله فقد كان يهتم كغيره بالقضايا والواقع السياسي، وقد خرج من هذا الحيز إلى الاهتمام بالقضايا والأشكال المختلفة وليس فقط المسرح السياسي.
- في مهرجان مسرح شباب الجنوب هل اختلفت العادات والتقاليد والتراث المقدم كثيرا عنا؟
كل دولة لها تراثها وتقاليدها الخاصة بها وكل دولة قدمت ما يمثلها، لكن هذا لا ينفي أن هناك بعض الأشياء في العادات والتقاليد والتراث المقدم كانت تشبهنا، فلدى السودان حكايات كثيرة تشبهنا، وكذلك المغرب لديهم حكايات تشبه كثيرا هويتنا المصرية.
- حمل المهرجان شعار “مسرح ضد الإرهاب” كيف استطعت تحقيق هذا الشعار؟
حدث ذلك من خلال الجمعية الثقافية التي أقيمت في محافظة أسيوط التي يُعرف أنها موطن للجماعات المتشددة والأفكار المتطرفة، وذلك بالورش التدريبية والعروض التي قدمت، ذهبنا للقرى المحرومة من شتى أنواع الثقافة، استطعنا عمل تنمية ثقافية ووعي للناس، مما يساهم في القضاء على الفكر المتطرف، فتدريب الشباب ودعمهم ماديا لإنتاج العروض جعلهم سعداء لأننا قدمنا لهم الوعي الثقافي بدلا من إهمالهم وتركهم فريسة سهلة لاستقطابهم من قِبل تلك الجماعات والأفكار المتطرفة، من المستحيل أن يحمل إنسان قدرا من الثقافة ويحمل سكينا للقتل، ولم نرفع شعار مسرح ضد الإرهاب فقط إنما أيضا رفعنا شعار “رسالة سلام للعالم” فأخبرنا العالم أننا ها هنا أمنين خاصة حين شاركت الفرق الأجنبية أيضا في التجول في القرى وتقديم عروضها للناس في قلب عاصمة الصعيد.
- أخيرا أعلم أنك مهتم بالبحث ودراسة المسرح في أفريقيا فكيف تراه من وجهك نظرك كناقد فني؟
المسرح الأفريقي في تطور مستمر وسريع ويتسم بالتقنيات والتكنيكات الحديثة والمتطورة جدا مقارنة بمسرحنا المصري، بالإضافة لاهتمام هذه الدول بالورش التدريبية وتنمية المواهب بحيث تُقدم الأعمال بشكل أكاديمي جيد، وجدت أنهم يهتمون كثيرا بالتفاصيل، هذا بالإضافة للإنتاج الكبير من العروض المسرحية فدولة مثل نيجيريا لم أتوقع أن يصل إنتاجها السنوي لما يقرب من الألف مسرحية، في حين أننا هنا في مصر نحتاج للنظر في مسألة التوقف عند حضارة السبع آلاف عاما ونبدأ البحث عن أسباب تفوق كثير من الدول ليس فقط في التقنيات والتجهيزات إنما أيضا في أداء الممثلين ومستويات وأساليب الكتابة والإخراج ومختلف عناصر العمل المسرحي، فلننظر لعروض الشارع خارج مصر، تُقدم بشكل محترف ومتقن ومستوى عالٍ في حين أن لدينا الكثير من المشاريع لمسرح الشارع لكننا للأسف ما زال شكل مسرح العلبة هو المُسيطر تماما.