محمود حسن: قدمنا «الجميلة والوحش» بشكل ورؤية جديدين

محمود حسن: قدمنا «الجميلة والوحش» بشكل ورؤية جديدين

العدد 762 صدر بتاريخ 4أبريل2022

مسرح الطفل هو أحد ركائز الوعي تبنى عليه ثقافة لأجيال متعاقبة؛ لما له من مكانة ثقافية وأدبية وتربوية وفنية وجمالية وتعليمية، ولقد ارتكز مسرح الطفل في معظم الأحيان على التاريخ العربي والموروث والأسطورة ليحقق أهدافه من حيث المتعه والتعليم، كما كان للمحتوى الأخلاقي دوره في اختيار النصوص، وكانت هناك حاجة ملحة للتجديد ليظل جاذبا ومتطورا، لذا لجأت العروض إلى التقنيات الحديثة لتدخل بقوة ضمن عناصر العرض المسرحى، وقد قدم مؤخرا على خشبة المسرح القومي للأطفال العرض المسرح “الجميلة والوحش “ تأليف وأشعار ناصر محمود، إخراج محمود حسن، موسيقى وألحان هشام طه، ديكور محمد الغرباوى، ملابس مروة عودة، ماسكات محمد سعد، استعراضات أشرف فؤاد، مادة فيلمية شركة يوتوبيا، إضاءة أبو بكر شريف، ماكيير إسلام عباس، بطولة بهاء ثروت، سيد جبر،حسن يوسف، عادل الكومي، مروج جمال، أحمد يوسف، منصور عبد القادر، وائل إبراهيم، هناء سعيد، أيمن بشاى، نشوى حسن، محمد الشربينى، سامر المنياوي. 
المخرج محمود حسن عضو نقابة المهن التمثيلية والسينمائية و خريج المعهد العالي للفنون المسرحية 1987، قدم العديد من الأعمال التلفزيونية كمخرج منفذ منها على سبيل المثال التعلب، اللص والكلاب، حكاية بلا بداية ولا نهاية، حواري وقصور، هى وغيرها، اثنين اثنين، الشهاب، الرجل والحصان.  كما قدم العديد من المسرحيات ومنها كيد النسا، حريم الملح والسكر، القلم المغرور، فتح مكة،الجميلة والوحش، شمس وقمر وغيرها، وهو الآن مدير عام للمسرح القومي للأطفال.. أجرينا معه هذا الحوار لنقترب من تجربته الأخيرة  ونتحاور معه كمدير للمسرح القومي للأطفال                                                                                    
- لوحظ مؤخرا تقديم عروض مسرحية للأطفال عن أفلام كارتون عالمية.. لماذا؟  
تاريخيا قصص التراث الشعبي الأوروبي سنجدها مأخوذة من فترات الاستعمار والمكتبات القديمة، فعندما دخل الاستعمار الأوربي للشرق قاموا بالحصول على الكثير من قصص الأطفال  وقاموا بمزج تراثهم الشعبي مع تراثنا وبدأوا في كتابة قصص شيقة قدموها كأفلام كارتون لكبار النجوم؛ وبالتالى أصبحت عنصرا جاذبا وللأسف الشديد نحن لا نقوم بالاستعانة بتراثنا الشعبي ولا أريد أن أتهم المسرحيين بالتقصير ولكن هناك نوع من أنواع الاستسهال نتيجة لقناعات مختلفة، وفى فترة تولى الفنانة عزة لبيب المسرح القومي للطفل أتذكر إن أول قصص التراث الشعبي التي قدمت على خشبة المسرح كانت “الجميلة والوحش “ وقمنا بجلسات عمل للكتابة أنا والكاتب المسرحى والشاعر ناصر محمود لمدة عام كامل وكان هدفنا أن لا نقدمها بشكلها الغربي، ولكن نستعين بالإطار العام للقصة ونضع فيه معطياتنا ومدلولات خاصة بنا.
- ما أبرز الصعوبات التي وا جهتكم عند إعادة العرض بعد سنوات من عرضه الأول  وما أوجه الاختلاف ؟
عندما قدمنا “الجميلة والوحش” عام 2012 بعد قيام ثورة يناير لم تحصل على حقها فى العرض على الرغم من إننا  رفعنا لافتة كامل العدد، وكان سعر التذكرة آنذاك 10،15،20 جنيها، وعندما شاهد الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني العرض طالب بإعادته مرة أخرى بميزانية اكبر، وكان يرى أنها ستحقق نجاحا كبيرا ثم تولى الفنان حسن يوسف إدارة المسرح وتم مناقشة إعادة العرض و لم يقدم حتى خروجه إلى المعاش، وعندما توليت إدارة الفرقة أعدت المسرحية، والحقيقة ان الفنان إسماعيل مختار قدم لنا كل الدعم ووفر كل الإنتاج فى مفردات العرض. لم نختلف كثيرا ولكننا قدمنا للطفل القصة وبعض مشاهد ارتجالية خاصة  بالممثلين على خشبة المسرح، و في السابق كان أبطال العرض هم  الفنانة الجميلة مروة عبد المنعم والفنان الجميل هشام المليجى، وعندما شرعنا في تقديمها كانت مروة عبد المنعم منشغلة فى بعض الأعمال الفنية، ما جعلنا نستعين بالفنانة مروج جمال وهى طالبة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكان رغبتنا تقديم بطلة جديدة للساحة المسرحية، وقدم دور “الوحش “ الفنان بهاء ثروت مع تغيرات أخرى في بعض أبطال العمل وتناولنا العرض بشكل ورؤية جديدتين، وقمنا بتكثيف بعض الأشياء فى النص.
- كيف تم توظيف عنصر السينوغرافيا لخدمه دراما العرض ؟ 
المشكلة الأولى التي واجهتنا أن هناك مشاهد تتم فى خلفية المسرح باللونين: الأبيض والأسود “سلويت” وحتى نقوم بهذا الأمر كانت هناك مشكلة كبيرة وهى ضرورة وجود استديو كامل فى خلفية المسرح، و بما أنى أقدم أعمالا للفيديو فقد قمت بتصوير “السلويت” فيديو وبذلك أدخلنا عنصرا من التكنولوجيا خدم العرض ووفر كثيرا من جهد الممثلين، التصوير قدم صورة ثابتة على خشبة المسرح، حققت للأطفال مع الشاشة السحرية الخيال والمتعة، وأصبح هناك تنوعا فى الصورة البصرية يساعد على الطفل على إطلاق العنان لخيال .
هذه هي التجربة الأولى للفنان القدير بهاء ثروت التى يقدمها للطفل فماذا عن تعاونك معه؟
الفنان بهاء ثروت تربطني به علاقة صداقه قديمة بحكم عملي كمخرج منفذ للأعمال الدرامية وقد قدمت ثلاثة أعمال من بطولته وعندما خاض التجربة وجدها مختلفة وأثنى عليها و قال إن أمتع الساعات التي يقضيها على خشبة المسرح في عرض “الجميلة والوحش “ وأنه وجد أن العرض يحترم عقلية الطفل ويبث فيه العديد من القيم و به كم كبير من الممثلين على قدر كبير من الموهبة والحرفية .
- ما الرسائل التي أردت أن تبعثها للطفل من خلال العرض ؟
أن يفكر الطفل بشكل واسع ويتعلم العديد من القيم و قد قدمت العمل ليس للطفل فقط وإنما للأسرة، فالطفل لا ينفصل عن أسرته .. أقدم العمل للطفل الكامن داخل الأب والأم .
- هل يستطيع الطفل فهم رمزية العرض ؟
بالطبع يستطيع فهمها وذلك لتفاعل الطفل فى الوقت الحالى مع التكنولوجيا ولديه معلومات، فلماذا نحبس الطفل في العقلية القديمة .
هل تفكر أن يكون اتجاهك في الفترة المقبلة هو تمصير أعمال عالمية للطفل تناسب مجتمعنا ؟
أتمنى ذلك ولكن عندما يتوافر لدى عدد كبير من الموضوعات المختلفة، فمن الصعب تقديم عمل عالمي للأطفال كما هو، ولكن يجب أضع له معطيات جديدة ومختلفة تحاكى البيئة المصرية .
- تقام العديد من المسابقات للتأليف الموجه للطفل ويفوز عدد كبير من الكتاب المصريين.. لماذا لا يتم الاستعانة بالنصوص الفائزة في المسرح القومي للطفل ؟
فى فترة تولى الفنان حسن يوسف لإدارة مسرح متروبول قام بتنظيم مسابقة للكتابة وكانت لجنه القراءة تضم كبار الكتاب و تقدم لنا ما يقرب 80 نصا وفاز أربعة نصوص وكنا ننوى إنتاج بعضها ولكن للأسف الشديد عندما انتهى المشروع توقف إنتاج هذه النصوص، فبمجرد الحصول على الجوائز لا يسعى الفائز لتقديم النص، وهناك ضرورة لربط الجائزة بالإنتاج، والتقصير من الجهتين الكاتب وجهة الإنتاج، فالكاتب  ينتظر  أن تقوم جهة الإنتاج بطلب النص لإنتاجه، وجهة الإنتاج تنتظر أن يقدم لها النص، وهناك ضرورة كبيرة لأن تقوم الجهات المنظمة لمسابقات التأليف الخاصة بالطفل بربط النصوص الفائزة بجهات الإنتاج المختلفة فلسنا فى جزر معزولة.
هل من الممكن إقامة مسابقة التأليف مرة أخرى ؟
أتمنى ذلك، ولكن الأمر يحتاج لميزانية خاصة وهو ليس قراري إنما  قرار المؤسسة الأم، وهي البيت الفني للمسرح وهو أمر يسعدني كثيرا لأنه يفرز العديد من المؤلفين الشباب.
- يغلب على عدد كبير من النصوص الخاصة بالطفل الطابع الأدبي مما يشكل عائقا عند تقديمها .. من وجه نظرك: ما شروط النص القابل للتقديم على خشبة المسرح ؟
يجب أن يعي الكاتب عندما يتصدى للكتابة لعمل مسرحي للطفل معطيات خشبة المسرح والظروف الإنتاجية وحدود الخيال الذي يقدم على خشبة المسرح،  أن يكون خياله قريبا من واقع العمل، فى بعض الأحيان يطلق الكاتب العنان لخياله فيكون من الصعب أن ينفذ هذا الخيال على خشبة المسرح .
- صرحت في أحد الندوات أننا نفتقد الحركة النقدية التي تتابع مسرح الطفل.. ما السبب من وجه النظر؟
عندما نشاهد مسرح الطفل لا نقومه، إما أن نشيد أو نذم دون أن نذكر السبب، الناقد هو من يقوم بتقييم وذكر مواطن القوة والضعف في العمل، وفى بعض الأحيان يخيل للمخرج أنه يقدم عملا متميزا للطفل، وهنا يأتي دور الناقد، أن يكون العين الثانية على  العمل، ومن الطبيعي أن تسقط سهوا من المخرج  بعض الأشياء فليس هناك عمل كامل. يجب ان يكون هناك تكامل بين المبدع والناقد، فالنقد عملية موازية للعملية الإبداعية
- ما خطتك المقبلة للمسرح ؟
نسعى لتقديم مسرح طفل جيد بمفردات متميزة، وأن لا نتعامل مع الطفل باعتباره من الدرجة الثانية، وأحد طموحاتي تأسيس “مسرح متنقل” يناقش قضايا الطفل من خلال الطفل نفسه و ممثلين لهم خبرة في مجال الطفل ونذهب به للمدارس والأماكن المختلفة ويكون بمثابة مسرح تنويري يطرح تساؤلات وقضايا هامة ..  وخطة المسرح الفترة المقبلة بعد أن قدمنا “الجميلة والوحش “ و “عفركوش” أن نقدم عرض “دهب الحمار “ للمخرج ناصر عبد المنعم، ومسرحية “كوكب كوكى “ للكاتب على أبو سالم وصفوت صبحي  وهى أعمال حصلت على موافقة لجنة القراءة، ونحن  نرتكز فى إستراتيجيتنا على أن نقدم أعمالا ذات هدف وقيمة للطفل .
يرى البعض أن الثلاث سنوات الأخيرة شهدت  حالة من الركود للمسرح القومى للأطفال فما ردك ؟
عندما توليت إدارة المسرح القومي للأطفال في 15 ديسمبر 2019 كان هناك  مشروع الورش المسرحية و قد وجهت معالى وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم بضرورة عمل مشروع يحمل اسم “مواهب مصر “ وهو مشروع يهدف إلى انتقاء المواهب وقمنا أنا والفنان وائل إبراهيم المشرف العام على شعبة مواهب مصر بتخريج دفعة تضم 55 طفلا وطفلة قدمت عرض “عايزين سلام “، وكنا فى هذا التوقيت بصدد إنتاج عرض جديد بعنوان “الرجل الشجرة “، وبدأنا بالفعل بروفات العرض وعندما توليت إدارة المسرح كان المسرح فى مرحلة “الحماية المدنية “ وقدمنا عروضنا وعروض الورشة على مسرحي ميامى وملك، وعندما انتهى المسرح من أعمال الحماية المدنية كان ذلك فى شهر مارس 2020 وكان ذلك يواكب بداية الجائحة وتوقفنا وبدأت العروض تقدم أون لاين ولم نتمكن من تقديم عرض “الرجل الشجرة “ وقمنا بفك الارتباط الخاص بالعرض، وعند عودة الحياة الثقافية والفنية وتواجد الجمهور بنسبة 25 % قدمنا عرض “عايزين سلام “ لورشة مواهب مصر 15 ليلة عرض وحققنا نجاحا كبيرا وقمنا بتخريج الدفعة، ثم قدمنا عرض “عفركوش “ للمخرج عادل الكومي فى إبريل الماضي، و بدأنا فى إعادة إنتاج “الجميلة والوحش “ وهناك نصين نشرع في إنتاجهما .. غن توقف المسرح كان نتيجة بعض الظروف إذن.
- ما رأيك في إلغاء عروض الطفل من مسابقة المهرجان القومي للمسرح؟
القرار ليس خاطئا، فمن الصعب إدراج عروض الطفل في مسابقة مع عروض الكبار لأن لها طبيعة خاصة، إن عروض مثل “سنووايت “، “ أليس فى بلاد العجائب “ التي تقدم للأسرة والطفل وتعتمد على عنصر الإبهار و على كبار الفنانين من الممكن ان تنافس مع عروض الكبار، ولكن العروض الأكثر خصوصية للطفل من الصعب ان تتنافس مع العروض الكبيرة ومن الجيد إقامة مسابقة خاصة لعروض الطفل.                                                                          
- أيهما أقرب لك: عملك كفنان أم كمدير لفرقة المسرح القومي للأطفال ؟
إميل لعملي كفنان، ولكن هذا لا ينفصل عن كوني إداريا أفكر ماذا سأقدم وكيف أطور المسرح  ومن خلال رؤيتي كمخرج أرى كيفية إدارة المسرح.


رنا رأفت