رئيس ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي عمرو قابيل: أتمنى أن يقام ملتقى دولي في كل جامعة

رئيس ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي عمرو قابيل: أتمنى أن يقام ملتقى دولي في كل جامعة

العدد 636 صدر بتاريخ 4نوفمبر2019

اختتمت الأسبوع الماضي الدورة الثانية لملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي، التي كانت دورة حافلة ومتميزة، حيث شهدت تطورا كبيرا على مستوى العروض والورش والندوات الفكرية والموائد المستديرة، وحملت اسم الراحل الفنان محمود عبد العزيز. أقيمت الدورة في الفترة من 20 وحتى 26 أكتوبر، وكانت المملكة العربية السعودية هي ضيف شرف هذه الدورة.
ويعد ملتقى القاهرة للمسرح الجامعي أول ملتقى دولي للمسرح الجامعي في مصر، أسسته وتنظمه مؤسسة فنانين مصريين للثقافة والفنون، بدعم من وزارة الثقافة المصرية ووزارة الشباب والرياضة وهيئة تنشيط السياحة وبمشاركة مجموعة كبيرة من الجامعات المصرية.
شهدت الدورة الثانية تكريم نخبة من النجوم الذين أثروا المسرح الجامعي وهم: الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز والمخرج خالد جلال والنجم سامح حسين والكاتب فهد رده الحارثي والفنان خالد الحربي، كما قدم المهرجان مجموعة متميزة من الورش والندوات والموائد المستديرة والعروض المسرحية المتنوعة.
أجرينا هذا الحوار مع رئيس الملتقى المخرج عمرو قابيل لنتعرف منه على كواليس فعاليات هذه الدورة الثانية.
 - في البداية ما الجديد في الدورة الثانية للملتقى؟
الدورة الثانية بدأت عقب انتهائنا من الدورة الأولى بأسابيع قليلة، حيث استمر العمل لمدة عام كامل، حيث ألقى نجاح الدورة الأولى على عاتقي مسئولية خروج الدورة الثانية بشكل متميز ومختلف، وكانت الدورة برعاية ودعم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعمتها أيضا قطاعات وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة وهيئة تنشيط السياحة. وكما نعرف فالملتقى تنظمه جهة مستقلة وبالتالي لا توجد موارد مالية، ومع ذلك أشاد بالدورة الأولى كل الوفود المشاركة سواء كضيوف أو كفرق، لذلك دائما الجملة التي أرددها أن مصر هي قلعة الفن، فقد تعلمنا وتتلمذنا على يد أساتذة أجلاء، كما أن لدينا أعرق مهرجان دولي في الشرق الأوسط وهو مهرجان المسرح التجريبي الذي استطاع على مدار أكثر من 26 عاما استقطاب كل فناني العالم، وأنا من الجيل الذي تعلم من هذا المهرجان.
وأما عن الدورة الثانية للملتقى فقد قمنا بتطوير الفعاليات، فهناك تنوع وتعدد على مستوى الورش الدولية، فبعد وجود 6 ورش دولية العام الماضي، لدينا هذا العام 12 ورشة لمجموعة من المدربين من الهند والبرازيل وبلجيكا ومصر، كما يوجد “ماستر كلاس” لأحد أهم خبراء فن الكوميديا والإخراج وهو المخرج المسرحي ألن ديفان.
وعلى مستوى العروض فقد شارك العام الماضي 8 عروض، وصلت هذا العام إلى 13 عرضا، وفيما يخص الإطار الفكري فهناك حالة من الزخم، ضمت لقاء مع المكرمين وهو اللقاء الأول من نوعه، حيث سعينا لترسيخ ثقافة الحوار لدى الجمهور. الدورة الثانية تحمل ابتكارا غير مسبوق على مستوى جميع فعاليتها، ونسعى في الدورة المقبلة لإضافة تطورات جديدة وأفكار مستحدثة.
 - ما أبرز الصعوبات والتحديات التي واجهتها هذه الدورة؟
هي نفس تحديات وصعوبات الدورة الأولى ولكنها تعد أكثر صعوبة نظرا للاحتياج الأكبر للتمويل والدعم المالي، نحن نحصل على دعم لوجيستي فقط من الوزارات، فما زال المجتمع الاقتصادي المصري يحمل فكرا ضيقا تجاه دعم الفنون والثقافة وجميع الفعاليات المعنية بالشباب، وهناك فعاليات أكثر إغراء بالنسبة لرجال الأعمال، ولا تزال هذه المؤسسات لا تقوم بدورها المجتمعي، وقد سعينا كثيرا وبذلنا قصارى جهدنا وقدمنا ملفاتنا للكثير من الأماكن لدعم الملتقى الذي يعد أول ملتقى دولي يخص الشباب، وهو خط دفاع للمجتمع ضد التطرف والعنف والتحرش، ومن وجهة نظري دعم القطاع الخاص للفعاليات التي تخص الشباب أمر مهم وضروري، فبه يساهم القطاع الخاص في خلق مجتمع واع ومثقف ومتنور.
 - تحل الممكلة العربية السعودية ضيف شرف هذه الدورة فما سبب اختيارها على الرغم من وجود دول أكثر تطورا في المسرح؟
نحن ملتقى خاص بالبدايات والاكتشافات، بعالم التنوير وإدراك واكتشاف الذات والدهشة، وهو ما ينطبق على اختيارنا للمسرح الجامعي السعودي، والمرحلة الجامعية تعد مرحلة مهمة، واحتكاك المسرح السعودي بالملتقى سيشكل وجدانه وممارساته، وقد أعطت المشاركة السعودية ثراء كبيرا للملتقى، فهناك تفاعل كبير من قبل الشباب سعودي في الورش وشغفهم الشديد بالمشاركة بها وهناك تنافس كبير لديهم لإثبات ذواتهم بالإضافة إلى شغف الكتاب والنقاد والمسرحيين السعوديين بعمل دراسات وأبحاث والمشاركة في الموائد المستديرة، وهناك جدية شديدة وشغف من قبلهم وهو ما يثبت أن اختيارنا صحيح.
 - ما الاعتبارات التي وضعتها إدارة الملتقى في اختيار المحاور الفكرية الخاصة بالدورة؟
العنوان الرئيسي للملتقى هو «المسرح الجامعي في عالم متغير.. أشكال ورؤى واتجاهات» فنحن نعيش على المستوى السياسي والاجتماعي تغيرات كبيرة في المجتمع العربي بشكل عام، وبالتالي كنا نريد أن نتعرف على تأثير المسرح الجامعي على المجتمع، وتأثير المجتمع على المسرح الجامعي، وهذا هو الإطار الرئيسي للندوات الفكرية، فالعالم المتغير يشمل أشياء كثيرة على مستوى الشكل والمضمون والأطروحات وما يقدم على مستوى المستقبل وعلى مستوى الأفكار التي تشغل الشباب، وتم تقسيم المحاور بين نداوت بحثية وموائد مستديرة ونقاشات مفتوحة، وهو ما حقق صدى وتأثيرا كبيرا للمحاور الفكرية هذا العام، فقد كان المشاركون يستكملون النقاش عقب انتهاء الندوات والموائد المستديرة، وهو ما يثبت أن هناك نجاحا كبيرا فتقديم شيء حقيقي ليس بالشيء اليسير.
 - كنت أول المسرحيين الذين بادروا بعمل ملتقى دولي خاص بالجامعات وهو الأول من نوعه.. من وجهة نظرك لماذا نعاني من عدم وجود ملتقيات كثيرة للمسرح الجامعي؟
أتمنى من كل قلبي أن تقيم كل جامعة ملتقى دولي، فلدينا مشكلة كبيرة وهو الخوف من إعادة تقديم التجربة أو تقليدها بشكل مختلف، وأكررها أتمنى من الجامعات أن تقيم ملتقيات للمسرح الجامعي دون فكرة التنافس مع أي فعالية أخرى مشابهة، ولكن لتحقيق أهداف جديدة ولإثراء الحركة المسرحية، فعندما قمت بعمل الملتقى لم أفكر في منافسة أي مهرجانات دولية أخرى، ولكنني أدين بالولاء الشديد للمهرجان التجريبي، وأعتبر نفسي ابنا من أبناء هذا المهرجان.
 - من وجهة نظرك كيف نستطيع تطوير المسرح الجامعي؟
بأن تقوم الجامعات بفتح باب الجامعة «بكسر السور» حتى لا تكون هناك أسوار للجامعة، وألا تخشى الجامعات من المجتمع المدني، وقد قدمنا في هذا الصدد ندوة من أهم الندوات بعنوان «الجامعات بين الإطار العلمي والفعاليات الثقافية»، وهناك ضرورة لأن تعي الجامعات دورها الكبير تجاه المجتمع، فالجامعة لا تصدر علم فقط ولكنها تصدر مواطنين يعيشون في المجتمع، وبالتالي فالفرد يجب أن يحصل على شهادة جامعية في تخصصه، وأن يكون لديه وعي وثقافة ويكون نواة للمجتمع. الإنسان يجب أن يمارس الرياضة والثقافة والفن وكل الفعاليات المختلفة.. إذن، فدور الجامعات مزدوج ويجب أن يعي المجلس الأعلى للجامعات هذا الأمر، وأن يستفيد المجتمع من الطاقات والوهج الذي تحويه أروقة الجامعات.
 - كنت من أوائل المخرجين في حركة المسرح المستقل.. ما أبرز المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الحركة وهل انحسرت؟
أود أن أشير إلى أن هناك مسرحيين سبقوني في حركة المسرح المستقل، وهم من انطلقوا منذ بداية هذه الحركة وقد تعلمت منهم، فأنا من نفس عمرهم ولكنهم سبقوني في الإبداع، وقدموا حراكا كبيرا، وقد تأثرت بأعمالهم وقمت بتكوين فرقة مستقلة، وبدأت في تقديم أعمال مسرحية والكثير من الفعاليات الأخرى وصولا لتنفيذ احتفالية اليوبيل الفضي من خلال مؤسستي «فنانين مصريين» وهو أول نشاط للمؤسسة. وأنا ضد القول بانحسار المسرح المستقل، فهو في حالة نشاط ومن وجهة نظري هو ليس مجرد أفراد، ويعمل بشكل نشط، ولكن دون مظلة، وهناك الكثير من الأعمال المهمة التي يقدمها من خلال المراكز الثقافية الأجنبية أو من خلال مركز الهناجر الذي يدعم بعض التجارب المستقلة، وقد طالب بعض المستقلين، وأنا واحد منهم، بإقامة كيان يضم الفرق المستقلة ويحدث شكلا من أشكال الهيكلة للفرق المستقلة، ومن الجيد أن يتحقق هذا الكيان.
 - قدمت عدة أعمال متميزة لمسرح الثقافة الجماهيرية فلماذا توقفت؟
أود توجيه الشكر لكل فنان وفرقة تعاملت معها في مسرح الثقافة الجماهيرية، فرقة فلاحين المنصورة، وفرقة الزقازيق، وفرقة الشرقية القومية، وفرقة السويس القومية وغيرها من الفرق فهم فنانين على قدر كبير من الخبرة والموهبة، استفدت من تجربتي معهم استفادة كبيرة، ونضجت تجربتي الفنية والإنسانية، وحققت لي عروض الثقافة الجماهيرية متعة فنية كمخرج، كما حققت لي نجاحا على المستوى النقدي والجماهيري، وكنت المخرج الوحيد الذي قام بنقل هذه التجارب إلى القاهرة وتسويقها بشكل أو بآخر، ومنها عرض «حفلة تنكرية» وهو من التجارب المميزة التي أشاد بها الجماهير والنقاد، وأعتقد أن الثقافة الجماهيرية تحتاج إلى إعادة نظر في إليه التعامل معها على المستوى الإنتاجي والفني من الألف إلى الياء، وكل مسئول جديد في الثقافة الجماهيرية يحاول إضافة القليل أو تعديل بعض الأشياء، وهذا ليس كافيا، فالأمر ليس بزيادة الأجور أو العروض أو كثرة المهرجانات، ولكن الأمر يحتاج إلى إعادة صياغة هذه المنظومة، ويجب ن تكون هناك إرادة حقيقية لوضع منظومة مختلفة، فلا تزال اللوائح المنظمة للثقافة الجماهيرية منذ فترة الستينات هي اللوائح التي يتم التعامل بها، ومن الصعب أن نتعامل مع هذه القوانين، يجب أن تكون هناك جرأة لنسف هذه اللوائح وإعادة هيكلتها برؤية أيدلوجية جديدة، مع مجموعة من الخبراء المسرحيين يعيدون صياغة التعامل في مسرح الثقافة الجماهيرية بالشكل الذي يليق بالفترة الحالية.
 - ما رأيك في عودة التسابق مرة أخرى للمهرجان التجريبي؟
أنا ضد التسابق، وعندما أسست ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي كانت الفكرة الأولى عدم وجود تسابق، فقوبلت بعدم إقبال الفرق على المشاركة في الدورة الأولى، فقررت عمل تسابق وهو ما دفع الفرق للمشاركة. وأود أن أشير إلى أنه على مستوى الفكر الفن لا يقيم ولا يحكّم، فأنا مع الإبداع الحر، ولكن التسابق ثقافة عربية نضطر أن نتقبلها لحين تغييرها، والمهرجان التجريبي تعد المشاركة فيه شرفا وقيمة كبيرة، فوجود فرق من دول العالم تتفاعل وتتحاور يعد شرفا وقيمة كبيرة.
 - ما رأيك في مسرح الدولة في الفترة الحالية؟
أرى أن هناك حركة جيدة في مسرح الدولة وهناك عروضا جيدة ومتميزة، وحالة نشاط كبيرة، وأتمنى مزيدا من التقدم لمسرح الدولة، خصوصا أن هناك إقبالا جماهيريا كبيرا، وهناك عروضا تتجول تابعة لمسرح المواجهة وهناك فنانين متميزين.
 - قدمت عرض «مركب بلا صياد» على خشبة مسرح الهناجر العام الماضي.. ما الذي دعاك لتقديم هذه التجربة؟
عرض «مركب بلا صياد» من أقرب العروض إلى قلبي، حيث يناقش قضية فلسفية مهمة، وكان اختياري له نابعا من محاولة تقديم لون مختلف عن اللون السائد الذي يقدم في المسرح، وهو عرض ممتلئ بالمشاعر الإنسانية والأفكار الفلسفية، مثل: كيف يستطيع الإنسان مواجهة نفسه؟ فبطل العرض واجه شيطان نفسه وتخلص من جميع آثامه، حتى يبدأ حياة جديدة.. وقد قدم العرض مجموعة من القيم الإنسانية جعلت الجماهير تتعلق به عاطفيا، وأنا فخور للغاية بارتباط الجمهور بالعرض لأنه يحمل قيم التسامح والغفران وقبول الآخر.
 - ما مشاريعك المقبلة؟
هناك مشروع مهم أسعى لتقديمه للمسرح القومي، وأعتقد أنه إذا تم عرضه سيكون إضافة لي على المستوى الشخصي، وأتمنى أن يتم قبوله والبدء فيه.


رنا رأفت