الارتجال في مسرح الطفل

الارتجال في مسرح الطفل

العدد 759 صدر بتاريخ 14مارس2022

يعتبر الارتجال تقنية درامية  تجعل الممثل يطلق العنان لخياله لأقصى مدى، وتحفز العقل على الخروج من  الممكن إلى اللا ممكن وعدم الاستسلام للثوابت كما أن الارتجال يساعد الممثلين على  الإندماج سوايا والإحساس بالأشياء و إدراكها حسياً وانفعالياً . 
الارتجال في مسرح الطفل من أهم وأصعب التقنيات الدرامية، تعمل عل تحفيز العقل والخيال ومساعدة الأطفال على الإدراك والإندماج . وتكمن صعوبة الارتجال في مسرح الطفل أنها تحتاج لمخرجين ذات كفاءة كبيرة وخبرة جيدة بفن المسرح الشامل والوعي الكامل بالخصائص الفسيولوجية والنفسية لمراحل الطفولة المختلفة . 
 دورات الارتجال في الغالب تبدأ بتمرينات وألعاب تعمل على إزالة التوتر من الجماعة والشروع في أن يعمل أفرادها معاً كوحدة متوافقة لزيادة شدة تركيزهم. 
 ومن أشهر وأهم الكتب التي تحتوى على ألعاب وتمارين تساعد على تنمية مهارة الارتجال وتنمية  أدوات الممثل الداخلية والخارجية كتاب بعنوان «الارتجال للمسرح« تأليف فيولا سبولين وهى أكاديمية مسرحية ومعلمة ومدربة تمثيل أمريكية ولدت عام 1906 وتوفت عام 1996، وتعتبر سبولين من أهم المبتكرين في المسرح الأمريكي في القرن العشرين حيث  شكلت أول مجموعة من الأعمال التى مكنت المخرجين والممثلين من إنشاء مسرح ارتحالي من خلال  ابتكار ألعاب وتمارين تنمىي مهارة الارتجال ونشرت ذلك في كتابها «الارتجال للمسرح» الذي يتضمن فلسفتها وطرق تدريسها وتدريبها وخبرات عملها في المسرح .
اعتقدت سبولين، أن بإمكانها استخدام الألعاب لتعليم الأطفال أن يصبحوا أكثر إبداعًا وأكثر تواصلًا مع حدسهم. التقطت هذه الأفكار في عشرينيات القرن الماضي، عندما درست مع نيفا بويد التي أسست مدرسة التدريب الترفيهي في هال هاوس. تعلمت من بويد كيفية استخدام الألعاب ورواية القصص والرقص الشعبي والدراما لمساعدة الناس على تحقيق «اكتشاف الذات.
في عام 1925، سألت سبولين نفسها، «ما السبب الذي يجعل الطفل الخجول يمكن إحضاره عن طريق اللعب عندما يفشل كل شيء آخر؟» وأكدت أن الإجابة كانت أنه حتى الأطفال الخجولين يمكن استدراجهم إلى «مجموعة تعمل كوحدة». وضعت سبولين أفكارها موضع التنفيذ في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث عملت في إدارة تقدم الأشغال، التي أطلقها الرئيس فرانكلين روزفلت لخلق فرص عمل ومحاولة إخراج أمريكا من الكساد الكبير. كانت مهمتها قيادة الأطفال في الألعاب المسرحية في مدارس وحدائق شيكاغو. 
أوضحت سبولين أن الأطفال سيتعلمون من خلال المشاركة في الأنشطة الإبداعية أكثر مما سيتعلمون من خلال سماع «الكثير من الفلسفات المتجولة ونظريات الحيوانات الأليفة». 
لم تكن تسمح للأطفال بتمثيل المشاهد المفضلة لديهم من The Lone Ranger (لأن ذلك «كان تقليدًا أكثر منه إبداعًا». بدلاً من ذلك، جعلتهم يلعبون الحزورات، أو ألعاب مثل «هذا يذكرني»، حيث سلمتهم أشياء وطلبت منهم أن يروا قصصًا حول ما تذكرهم به هذه الأشياء. حضر بعض الأطفال الذين عملت معهم مسرحيات، وقاموا بتقليد الأسلوب الرسمي الصارم للممثلين الذين رأوهم. 
في يونيو 1940، قدمت أداءً عامًا لعرض أنشأه طلابها.
«خلال شهور عديدة من الارتجال، تطور الأطفال إحساسًا رائعًا بالتدريج والهيكل الدرامي»، كما لاحظت.
لم يكن الجمهور يصدق أن هذه المسرحيات كانت نتيجة جهود الأطفال.»
من اشهر التمارين والألعاب التى وردت في كتاب سبولين «الارتجال والمسرح» 
لعبة التعرف على الأشياء (ص108)
يقف اللاعبون في دائرة، ويختارون لاعب يقف في وسط الدائرة، حيث يقف بيديه خلف ظهره، يضع  (المدرس / المخرج) شيئا في يديه، وعلى اللاعب أن يكتشف ماذا يكون هذ الشئ مستخدما حاسته للشعور.
يمكن للاعب أن يسأل باقي اللاعبين الواقفين في الدائرة بعض الأسئلة التى تساعده على ادارك هذا الشئ مثل ما لونه؟  هل هو جماد أم نبات؟ وهكذا.
نقطة ملاحظة: الأفضل أن تختار أشياءً يمكن التعرف عليها بشكل معقول رغم أنها ليست معروفة جيدا، أو تستعمل كل يوم . 
تمارين المرآة رقم 1 (ص113) 
يتكون من لاعبان يقفان في مواجهة بعضهم 
أ يواجه ب، أ هو المرآة  أى أنه التابع، وب يبدأ الحركة، يتوجب على اللاعب أ أن يعكس كل حركات وتعبيرات وجه اللاعب ب  وكأنه مرآة للاعب ب. بعد فترة نعكس الأدوار ويأخذ اللاعب أ دور ومكان ألعاب ب والعكس. 
نقطة التركيز إنعكاسات المرآة لحركات البادئ، ومن الرأس للقدم .
توجيه جانبي : اعكس ما تراه فقط لا ما تظن أنك تراه ! بدل ! غير ! 
ملاحظة: هذا التمرين يمكنه إعطاءك مؤشرا سريعا للحساسية الطبيعية لكل طالب الخاصة باللعب، والتهريج، والقدرة على الابداع . وخلق توتر، والتوقيت .
ابحث عن: في اللاعب أ اليقظة الجسدية، الرؤية المباشرة (لا التقليد)، القدرة على البقاء مع  العب ب ولا يقوم بافتراضات ، مثل عمل مكياج هل يتنبأ  اللاعب ا وبالتالي يفترض الفعل التالي أم هل يبقى أ مع الاعب ب ؟
القدرة على القيام بانعكاس حقيقي مثال  لو استخدم ب اليد اليمنى هل يستخدم ا اليد اليمنى أو اليد المضادة؟ 
في اللاعب ب  لاحظ: 1- القدرة على الإبداع (هل أفعاله أكثر من كونها بسيطة) 
2- الميول الاستعراضية (هل يمزح ليعل الجمهور يضحك؟ 
3- المرح (هل يخدع المرآة ويبدل الأفعال؟ 
4- التنوع هل يغير، دون توجيه، إيقاعات الحركة؟ 
لعبة التأقلم رقم 1 ( ص 116) 
شخص واحد يصعد على المسرح وينتقى نشاطا (عملا) بسيطاً، ويبدأ في أداءه . 
يصعد لاعبون آخرون، واحد في كل مرة وينضمون إليه في هذا النشاط .
نقطة التركيز: على عرض أو إظهار النشاط . 
نقطة الملاحظة: 
قد يتكون النشاط البسيط من دهان سور، أو خبط  متكرر على سجادة، تسوية أوراق الشجر . 
ليس للاعبين أن يعرفوا مقدماً ماذا يفعل اللاعب الأول .
تفاعل المجموعة هذا يجب أن يخلق تدفقا وطاقة. كرر اللعبة حتى يحدث ذلك .
لعبة الملاحظة( ص117) 
دستة أو أكثر من أشياء حقيقية موضوعة على صينية موضوعة في مركز دائرة اللاعبين .
بعد عشرة أو خمسة عشر ثانية تغطى الصينية أو تزال من مكانها . 
حيث يكتب اللاعبون قوائم فردية بأسماء أكبر قدر يمكنهم تذكره من هذه الأشياء .
ثم تقارن القوائم بصينية الأشياء . 
لعبة التأقلم رقم 3 : ( ص 128 ) 
يصعد واحد على المسرح ويبدأ نشاطاً. يصعد لاعبون آخرون واحداً فواحداً .
هذه المرة يعرفون من هم أثناء دخولهم في المشهد. ويجب على اللاعب الأول (الذى لا يعرف من هم) أن يقبلهم ويترابط معهم . 
نقطة التركيز: على النشاط مع من كإضافة ولكن ليس كتركيز رئيسى. 
مثال: رجل يعلق ستائر، تدخل مرأة 
المرأة: يا عزيزى انت تعرف أن هذه ليست الطريقة التى أريدها لتعليقها 
الرجل يقبل أن تلعب المرأة دور زوجته ويلعب وفقا لذلك . 
يستمر الممثلون في الدخول، ممثلين دور أطفال الزوجين، الجار الملاصق، قسيس العائلة، الخ .
تقييم: هل أرتنا أم أخبزتنا أنها كانت الزوجة، الجار، إلخ؟ هل ظلوا كلهم مع النشاط؟ 
نقاط الملاحظة: 
بحلول هذا الوقت، يجب أن تبين لعبة التأقلم البدايات الأولية للمشهد الذي ينمو من نقطة التركيز كما يبين العلامة الأولى للعلاقة بدلاً من مجرد نشاط متوازى. 
دع اللاعبين يستمتعون ب لعبة التأقلم  حتى لو كان المسرح فوضوياً بشكل ما بسبب المجموعة الكبيرة من الشخصيات في المشهد، والجميع يتحركون ويتكلمون  في وقت واحد، وهم يؤدون اللعبة بجدية. إن السلوك المسرحى الشبية بالأطفال يطلق البهجة والإثارة وهو أساسي للنمو الاجتماعي للمجموعة (وضرورى للمسرح الارتجالي) تحاشى مهما كان ذلك مغرياً محاولة أن تحصل على مشهد منظم .التمارين التالية  ستقوم بهذا للطالب ببطئ . تمرين مشهدين على وجه الخصوص سيساعد. 
لعبة أين: 
هذه اللعبة مماثلة ل لعبة التأقلم لكن اللاعبين يركزون الآن على أين بدلاً من على النشاط . 
يصعد لاعب على المسرح ويورنا أين من خلال الاستخدام الجسدى للأشياء. حين يظن لاعب أخر أنه يعرف أين  يكون اللاعب الأول، يتخذ من، ويدخل ل أين  ويطور علاقة  مع أين  ومع اللاعب الأخر . ينضم إليهم لاعبون أخرون، واحداً فواحدا، بطريقة مماثلة . 
نقطة التركيز: على أين 
مثال: يصعد لاعب إلى المسرح ويرى الجمهور صفوفا وصفوفا من أرفف الكتب، 
يدخل لاعب ثانى ويقف خلف منصة ويبدأ في ختم البطاقات التى يزيلها من داخل غطاء الكتب . يدخل لاعب ثالث يدفع بعربة صغيرة إلى الرفوف ويبدأ في رص كتب .  يدخل لاعبون أخرون المكتبة «أين» مناظر أخرى ل لعبة أين محطة قطارات، سوبر ماركت، مطار،  غرفة انتظار بمستشفى . 
 الجدير بالذكر أن كتاب سبولين يحتوى على الكثير من التمارين المقسمة لمجموعات وكل مجموعة ترتكز على تنمية مهارات محددة ولكل مجموعة ألعاب الإرشادات الواجب اتباعها والأهداف المراد تحقيقها  . 
 لا تتعجب حين تلاحظ أن جميع الألعاب المستخدمة في البرامج  الترفهية يرجع اصلها لكتاب سبولين حيث ظهرت برامج تلفزيونية مثل Saturday Night Live، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الأفلام وفرق الارتجال. 
في مقابلة عام 1987 نشرت الآن على موقع يوتيوب، نظرت سبولين إلى الوراء في حياتها المهنية وقالت إنها كان يجب أن تكون فيزيائية. لكن لا يبدو أنها كانت تفكر في الذرات بقدر ما كانت تفكر في جسدية المسرح. قالت «اللعب هو عمل جسدي كامل». «ومن خلال الجسدي، نأمل أن نصل إلى الروحاني. بعبارة أخرى، أنت تثير ما لديك - حركه، فجّره».
المصادر: 
http://www.robertloerzel.com/2012/06/01/viola-spolin-pioneer-of-chicago-improv/
 كتاب الارتجال للمسرح : فيولا سبولين  ترجمة د. سامى صلاح أكاديمية الفنون وحدة الإصدارات مسرح 31 .  


هاجر سلامة