العدد 757 صدر بتاريخ 28فبراير2022
الشهر القادم سوف يكون الإنجليز على موعد مع مسرحية مهمة ينتظرها عشاق المسرح .أنها مسرحية “السابع والأربعون“ التى تعرض على مسرح “أولد فيكتورى” الشهير فى العاصمة البريطانية.
وإذا عرف السبب. فالمسرحية من تأليف الكاتب المسرحى البريطاني والسيناريست الشهير الحاصل على العديد من الجوائز رغم صغر سنه “مايكل بارتليت” (41 عاما فقط). وهو كاتب صاحب موهبة كبرة صقلها بالدراسة فى جامعة ليدز. وقد بدأت رحلته مع الابداع المسرحى فى سن الخامسة والعشرين. كما أنه يكتب مسرحيات إذاعية تحقق درجة عالية من الإقبال كما لو كانت تقدم على المسرح العادى مثل مسرحية “لايتكلم” التى قدمت عام 2007.كما أن مسرحياته تقدم معالجة للواقع البريطاني بسلبياته وإيجابياته ومشاكله مثل مشكلة التغير المناخى. ويشتهر بمسرحيته “كاتب فى بيته “التى كتبها فى 24 ساعة عام 2007. وسبق له الحصول على جائزة لورنس أوليفيه عروس جوائز المسرح الأوروبية عن مجمل أعماله فى سن صغيرة . ويقول عنه الناقد الفنى للديلى تلجراف أنه يقدم هذه المعالجات بطريقة مبتكرة عر معها المشاهد وحتى المستمع بأنه فى قطار ملاهى فضلا عن الوبه المرح. وهذا ما يتضح فى العديد من مسرحياته مثل مسرحية “حب حب حب “. وكان يكتب أعماله التليفزيونية بروح الكاتب المسرحى.
ويقوم ببطولة المسرحية الممثل البريطاني أيضا “روبرت كارفل “ وهو ممثل ومنتج ومخرج مسرحى (45 سنة ).وسبق له الحصول على جائزة لورانس أوليفيه مرتين. وسبق له الفوز بجائزة تونى المسرحية على الجانب الأخر من الأطلنطي. وهو أيضا خريج جامعى حاصل على درجة فى الأدب الإنجليزي ويعمل فى تدريس المسرح فى جامعة سوسيكس. وهو مشهور بتجسيد بعض الشخصيات النسائية فى المسرحيات مثل شخصية ميس ترانشبول فى المسرحية الغنائية ماتيلدا التى فازت بست من جوائز . وهو مارس الإخراج منذ سبع سنوات.
لكن المؤلف والبطل لا يقدمان تفسيرا لهذا الاهتمام الجماهيرى بعرض مسرحى مرتقب.
السبب الحقيقى
هناك فى الحقيقة سببان السبب الأول هو أن المسرحية تعالج قضية مستقبل الديمقراطية فى بريطانيا. لكن الجديد هنا انه سوف يتعامل مع هذا الموضوع بطريقة غير مباشرة. سوف يتعامل مع الموضوع البريطاني برؤية أمريكية.
سوف يتناول الموضوع من زاوية محاولات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للعودة إلى حكم الولايات المتحدة فى انتخابات 2024 ليكون الرئيس السابع والأربعين لها- وهو ما تستمد منه المسرحية اسمها- بعد أن كان الخامس والاربعين ومحاولات خصومه من الديمقراطيين وحتى من الجمهوريين انفسهم لهزيمته . ومن خلال ذلك يتضمن العرض المسرحى إسقاطات لما يمكن أن يحدث فى بريطانيا.. ويقول بارتليت انه سبق أن كتب مسرحية تتناول هذا الموضوع فى 2014لكن بطريقة مباشرة وهى “الملك شارل الثالث“. وتتخيل المسرحية صراعا على السلطة بعد وفاة ملكة بريطانيا. لكنه فضل أن يتناول الأمر هذه المرة من زاوية أخرى. ويقوم كارفل بدور ترامب.
ومضى قائلا انه كتب المسرحية بطريقة شكسبيرية على حد تعبيره حيث يعتبر ترامب ملكا من الملوك الذين تحفل بهم مسرحيات شاعر الانجليزية الأول. وأضاف أنه اختار بنفسه كارفيل لتجسيد شخصية ترامب لانه يعتبره ممثلا شكسبيريا .كما اعجب به منذ شارك فى المسلسل التليفزيونى دكتور فوستر. وهو من افضل الممثلين القادرين على تجيد الشخصيات التى يكرهونها أو التى يكرهها الجمهور كما حدث مع شخصية “مس ترنشبول” فى مسرحية “ماتيلدة” وروبرت مردوخ فى مسلسل “الحبر”.
والمسرحية عبارة عن قماشة واسعة فهى لا تتناول فقط مستقبل الديمقراطية فى بريطانيا برؤية أمريكية، لكنها تناقش أيضا مستقبل الولايات المتحدة ذاتها ..أين تقف حاليا وإلى أين تتجه خاصة بعد الأحداث الدامية التى شهدها الكونجرس العام الماضى قبل تداول السلطة التى اشعل فتيلها أنصار ترامب. ويضيف أن كتابة المسرحية فتحت عينيه على قدرات ترامب البلاغية وعلى أساليبه التكتيكية بعيوبها ومزاياها. ومضى قائلا انه استمتع بكتابة المسرحية وهو يتخيل ترامب ملكا من ملوك شكسبير.
وقال انه اختار ترامب بالذات من متابعته لما حدث فى الانتخابات عندما اعترض على نتائجها ورفض الاعتراف بها والتطورات التى تلت هذا الرفض وهددت بتفشى العنف فى المجتمع الامريكى بشكل اخطر مما يحدث الآن. ولم يكن من الممكن أن يقف المسرح صامتا.
ويقول أن المسرحية الجيدة هى التى تثير تساؤلات وجودية .. على غرار .. ما هى طموحاتنا؟ هل نسير فى الطريق الصحيح أم لا؟ لماذا نحن مفتونون بترامب؟ هل يوجد شيطان يعيش فى داخلنا؟. إن الفن بحث عن حقيقة القصة وحقيقة الشخصية.
والمسرحية من إخراج روبرت جولد وهو الذى قام بإخراج الملك تشارلز الثالث عام 2014.
مطلوب دماء جديدة فى المسرح البريطاني
تعكس التنوع وتجذب جماهير جديدة إلى المسرح
بانجارا هى البداية
لا يعرف جمهور المسرح البريطاني “برافيش كومار” كممثل مسرحى. يعرفون كومار وهو هندى الأصل وبريطانى المولد كمدير فنى لفرقة مسرحية تعرف اختصارا باسم فرقة “ريفكو” التى شارك فى تأسيسها. هذا رغم انه درس التمثيل فى الجامعة وتخصص فيه لكنه لم يجد فى نفسه ميلا إلى ممارسته.
وسبق له أن عاد لبعض الوقت إلى مسقط رأس أباءه فى الهند والى بوليوود عاصمة السينما الهندية حيث عمل لبعض الوقت كمساعد مخرج وكاتب سيناريو ثم عاد إلى بريطانيا ليعمل فى مجال المسرح. وهو يقدم عن طريق الفرقة بعض المسرحيات الهندية التى تستهدف البريطانيبن ذوى الأصول الأسيوية وللجمهور البريطاني بوجه عام وأن كان نشاط الفرقة لا يقتصر على هذه المسرحيات.
فى الفترة الأخيرة كتب كومار مجموعة من المقالات دعا فيها الفرق المسرحية فى بريطانيا إلى ضخ دماء جديدة فى صناعة المسرح فى بريطانيا .وقال أن ذلك يمكن أن يأتي عن طريق تنويع ممثليها بحيث تضم اليهم عناصر من الملونين والسود وأصحاب الملامح الصينية. وسوف يكون ذلك أمرا طبيعيا فى ضوء التنوع العرقى الذى يميز المجتمع البريطاني ولابد للمسرح أن يعكس هذا التنوع. ويجب تجديد دماء الفرق المسرحية بعدد من أبناء الطبقة العاملة. ويجب أن تسند الهم ادوار رئيسية وليس مجرد أدوار مساعدة أو أدوار كومبارس. كما يجب أن تسند اليهم مناصب مهمة فى إدارة الفرق. ويجب أن تعالج الأعمال المسرحية قضايا هذه الفئات باعتبارها من الشعب البريطاني .وهو واثق تماما من أن ذلك سوف يكون الطريق إلى تغيرات خلاقة فى العمل المسرحى.
حجج مرفوضة
ويعود فيقول انه عندما بدأ يتحدث مع المسئولين فى عالم المسرح البريطاني كان اكثرهم يرفضون الفكرة بحجج مختلفة منها تكلفة مثل هذا التمكين للعرقيات المختلفة فى عالم المسرح. وهو يعترف بان هذا الأمر يمكن أن تكون له تكاليف على الأقل فى إقناع الجمهور بهذه الوجوه الجديدة .لكنه يرى مبالغات فى تقدير التكاليف كما أنها لن تكون ضرورية فى كل الأحداث. ويعرب فى الوقت نفسه عن أمله فى أن يتم ذلك بسرعة لتعويض الوقت الذى ضاع بسبب قيود كورونا. ويرجو كومار أن يتم ذلك وألا تنظر الفرق إليه كنوع من المخاطرة والركون إلى القناعة الخاطئة بأن العمل المسرحى ينبغى أن يكون محسورا بين البيض وبين الطبقة الوسطى.
ولن تكون هذه التكاليف نفقات بلا عائد بل سوف يكون لها مردود فى جذب هذه الفئات إلى المسرح خاصة عندما تشعر بان المسرح يعالج قضاياها بشكل حقيقى ومقنع وليس مجرد أفراد وشخصيات منهم.
ويقول كومار انه بدأ بفرقته التى تستعد حاليا لتقديم مسرحية “بانجارا” التى تدور حول مشاكل الأسيويين فى بريطانيا. كما يكتب مسرحية عن ظاهرة إجبار الأسيويين على الزواج من بنى عرقيتهم. وكل ذلك سيتم فى إطار من الترفيه الهادف.
ويقول انه يعترف بالفضل لحركات السود فى الولايات المتحدة المعروفة باسم “حياة السود مهمة “التى شجعته على المضى قدما فى حركة تطالب بحقوق غير البيض عموما فى المسرح على الأقل باعتباره موضع اختصاصه.