«زقاق المدق».. ونهايته الملغزة

«زقاق المدق»..  ونهايته الملغزة

العدد 753 صدر بتاريخ 31يناير2022

التعامل مع عروض البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية باعتبارها سهرة منوعات بها موسيقى، غناء، رقص، متعة بصرية متمثلة في ديكورات ولوحات وملابس يجعلنا نتجاوز عن الكثير من التفاصيل غير المنطقية ولا المبررة منها على سبيل المثال الاستعانة ببعض ألعاب السيرك وإقحام الاستعراضات والأغاني في غير موضعها وهو ما ظهر بوضوح في عرض (زقاق المدق) المأخوذ عن الرواية الشهيرة لأديب نوبل نجيب محفوظ التي كتبها عام 1947وتحمل الاسم نفسه وانتجت للسينما عام 1963، وهنا لابد من طرح سؤالٍ هام لماذا يختار البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية روايات رصينة ثم يعبث بها لتتوافق مع طبيعة العروض التي تقدم من خلاله، على الرغم من كونه نجح نجاحًا باهرًا في تقديم عروضًا كتبت خصيصًا لتقدم على خشبته مثل: «سيرة حب» الذي تناول قصة حياة الفنان بليغ حمدي، «فنان الشعب السيد درويش»، وغيرهما من العروض التي حققت نجاحًا كبيرًا؟ 
 عرض زقاق المدق يقدم على خشبة مسرح البالون إنتاج البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، معالجة درامية وأشعار محمد الصواف، استعراضات وإخراج د. عادل عبده، بطولة مجموعة متميزة من الممثلين هم: دنيا عبد العزيز، مجدى فكرى، بهاء ثروت، بثينة رشوان، شمس، كريم الحسينى، سيد جبر، حسان العربى، عبد الله سعد، أحمد صادق، مراد فكرى، مروة نصير، هانى عبد الهادى، سيد عبد الرحمن، عصام مصطفى هاشم، أحمد شومان، عبد الرحمن عزت، إبراهيم غنام، صابر عبد الله، أحمد مصطفى، محمد زينهم. تصميم ديكور محمد الغرباوى، ملابس وأزياء مروة عودة، موسيقى وألحان احمد محيى، توزيع موسيقى ديفيد داوود، مشاهد سينمائية وجرافيك ضياء داوود، فيديو مابينج رضا صلاح، مخرج منفذ وليد صلاح.
 وتدور أحداثه داخل الزقاق الذي اختاره الكاتب الكبير نجيب محفوظ عنوانًا للرواية ليعبر من خلاله عن الناس البسيطة داخل المجتمع المصري خلال الحرب العالمية الثانية، وتطلعاتهم للخروج من هذا الزقاق وتحقيق ثروات، حيث ينظرون جميعهم لشخصية السيد سليم علوان، وأول من يفعل ذلك هو حسين كرشة الذي خرج والتحق بالعمل في القرنص الانجليزي، ثم حميدة التي نجحت في إقناع عباس الحلو أن يفعل مثله فتحقق من خلاله حلمها في الخروج من الزقاق، وبعد سفره يتقدم لخطبتها السيد سليم علوان فتوافق على الفور ليتحقق حلمها بشكل أسرع بدلاً من أن تنتظر عودة عباس، لكنه يمرض وتقع في براثن آخر يغريها بالمال فتخرج معه حيث الوقوع في الرزيلة، وينجح عباس بمساعدة حسين كرشة في إعادتها للزقاق مرة أخرى بعد أن تشفى من إصابتها بطلقة رصاص أثناء المعركة التي درات بينهما وفرج، وهي تختلف عن الرواية الحقيقية لمحفوظ، وتعتبر نهاية ملغزة فربما أراد الكاتب من هذه النهاية المختلفة أن يبث الأمل في أن القادم أفضل، أو أراد بها اسقاطًا سياسيًا حيث المرأة الجميلة هي الوطن الذي قد يتعثر لكنه لا يموت أبدًا.
 وعلى الرغم من الملاحظة التي ذكرتها فيما سبق وآراها هامة جدًا من وجهة نظري إلا أن العرض به الكثير من العناصر التي تجعله ناجحًا أهمها بالطبع مجموعة الممثلين الذين جسدوا الشخصيات وهم: دنيا عبد العزيز «حميدة» وجسدت الشخصية بمهارة حيث تنوع الآداء بين التمثيل والغناء والرقص، كذلك التنوع بين شخصية حميدة بنت البلد وتيتي فتاة الليل.
 عباس الحلو (بهاء ثروت) هو صاحب صالون الحلاقة، وقد جسد الشخصية كما هي في الرواية تمامًا حيث الشاب الطيب الهادئ المسالم الذي ليس له أية تطلعات سوى الزواج من حميدة ومن أجل تحقيق هذا الحُلم يضطر للعمل عند الإنجليز.
 كريم الحسيني «حسين كرشة» هو ابن المعلم كرشة صاحب المقهى وشقيق حميدة بالرضاعة، الذي يكره الزقاق ويتمرد على أوضاعه، مثل حميدة تمامًا، وقد تفوق على نفسه من خلال التوحد مع الشخصية التي جسدها بخفة دم وشقاوة.
 أحمد صادق (عم كامل) هو بائع البسبوسة محلّه عند مدخل الزقاق، كان مرتبطًا دائمًا بدكانه ولا يصحو إلا إذا ناداه زبون أو عباس، وقد جسد الشخصية ببراعة لا تقل عن براعة عبد الوارث عسر في الفيلم
مجدي فكري «فرج» الذي ظهر بملابس بلطجي وارتدى مجموعة من السلاسل الكبيرة وهو ما أفقد الشخصية أهم عنصر جعله ينجح في استدراج حميدة حيث ملابسه الشيك وشخصيته التي تبدو من طبقة أرقى وأغنى وهو ما كانت تحلم به.
شمس «شو شو» الراقصة إحدى ضحايا فرج
 سليم علوان: يمثل في هذه الرواية نموذج الرجل الثري الذي لا يهمه أمر سوى جمع المال.
 حسان العربي «الطبيب بوشي» وهو طبيب أسنان،الذي لم يدرس الطب لكنه اكتسب المهنة من عمله تمرجي مع أحد الأطباء، ثم انغمس في تجارة أسنان الموتى وهي إشارة تدل عن قدم قضية تجارة الأعضاء.   
سيد جبر «المعلم كرشة» هو صاحب مقهى في الحي، كان يملك ماضيًا سياسيًا مجيدًا لكنه أصبح فيما بعد فاسد الأخلاق، وقد جسدها بخفة دمه المعهودة.
 بثينة رشوان «أم حميدة» الدلالة وهي التي قامت بتربيتها بعد وفاة أمها، وقد أجادت تجسيد الشخصية وتوحدت معها وكأنها بالفعل شخصيتها الحقيقية.
 الشيخ الدرويش: وهو الموظف الذي فصل من عمله وقضى عمره في كتابة شكاوى ليعود إلى وظيفته، ويُقال عنه في الزقاق إنّه ولي من أولياء الله الصالحين.


نور الهدى عبد المنعم