معرض القاهرة للتصميمات المسرحية الطليعية..

معرض القاهرة للتصميمات المسرحية الطليعية..

العدد 749 صدر بتاريخ 3يناير2022

شهد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الأخيرة العديد من الفعاليات التي تقدم لأول مرة، ومنها معرض القاهرة الدولي للتصميمات المسرحية الطليعية، واستضافة المعماري والسينوغراف الفرنسي جان جي ليكا والمُلقّب بـ»سيد الفراغ المسرحي» وهو  أحد المكرمين،  واحد  أعضاء اللجنة الدولية لتحكيم أفضل خمسة تصميمات مشاركة بالمعرض. أجرت «مسرحنا» جولة داخل المعرض وحاورت بعض أعضاء لجنة اختيار أفضل التصميمات المشاركة و بعض المشاركين فيه.
كانت البداية مع القومسيير العام للمعرض مصمم الديكور والإضاءة المسرحية م. حازم شبل الذي قال: بدأت الفكرة من المعارض الدولية التي كنت أحضرها قبل ذلك، وفي عام 2009 حضر وفد يقرب من خمسين مصمما من الهيئة الأمريكية لتكنولوجيا المسرح، و و فرت والجامعة الأمريكية لنا حديقة مكتبة الكتب النادرة بباب اللوق، ودعمت الفكرة، ولدى مبدأ أن التعريف يكون بالأعمال وليس بالكلام، فنحن نقدم الصورة المرئية للعروض المسرحية، وقدمنا بالفعل معرض ديجيتال، ضم 12 مصمما أمريكيا و6 مصريين، وفي عام 2012 قمنا بالاشتراك في الهيئة الدولية للسينوجرافيا، ولاعتمادهم البلد الجديدة المنضمة لهم يجب أن يُقام بها اجتماع، وقدمنا بالفعل المعرض الأول للتصميم المسرحي، وضم أجيال مختلفة من المصممين، و تكرر المعرض كل سنتين، ثم قدمناه عام 2012 على هامش المهرجان القومي، وفي عام 2016 قدمناه على هامش المهرجان التجريبي، وفي 2018 قدمناه برعاية  قطاع الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج خالد جلال، وافتتحت المعرض سيادة معالي وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، وفى عام 2020 جاءت جائحة الكورونا، وفي هذه الدورة اختارني رئيس المهرجان د. جمال ياقوت، لأكون ضمن اللجنة العليا، وخصني بلجنة المعارض، وبدأت في طرح الأفكار عليه، وكنت متحمسا لإقامة معرض دولي.
وتابع «شبل»: لأول مرة نحن فاعلية أساسية من فعاليات المهرجان، ولسنا على هامشه، ويعد هذا سابقة أولى من نوعها، ان نكون ضمن فعاليات رسمية لمهرجان دولي، تقدم للمعرض 106 تصميما، من أكثر من 20 دولة، تم اختيار 56 تصميما من 20 دولة، منها مصر و8 دول عربية، و11 دولة أجنبية من الخمس قارات،  والمعرض يضم تنوعا رائعا للأعمال، وإقامة مثل هذه المعارض قد يستغرق ما يقرب من سنتين إعداد، لكن هذا المعرض أُقيم في مدة زمنية قياسية، ما يقرب من شهرين.
وعن لجنة المعارض قال:  أنا ومصمم الديكور والإضاءة المسرحية م. عمرو عبد الله الشريف المدير التقني بدار الأوبرا المصرية، ومصمم الديكور والأزياء المسرحية د. محمد سعد الأستاذ المساعد بقسم علوم المسرح بكلية الآداب بجامعة حلوان، وكُنا مسئولين عن لجنة الاختيار والتحكيم داخل المعرض، أما المخرج ومصمم الديكور عمر المعتز بالله فكان مسئولا عن الكتالوج والإجراءات الأخرى، و مارينا جلبي هى مقررة لجان التحكيم ومسئولة التواصل الدولي مع المتقدمين والعارضين.
وأضاف «شبل»: المستوى المصري المقدم في المعرض متميز جدًا، والمعرض ليس بهدف التنافس والمقارنة بقدر ما هو احتفالًا بأننا جميعًا نمارس هذا الفن، فنحن زملاء بيننا لغة مشتركة هى الفن، كان من ضمن شروط التقديم أن يقدم المقدم فلسفة العمل، سبب تصميمه للعمل وعلاقته بالدراما، وهناك بعض المشاركين في المعرض، مساندين للفكرة من البداية ومنهم د. محمد سعد ود. مروة عودة وم. نعيمة عجمي و م. عمرو عبد الله الشريف، وما يميز هذا المعرض أنه يضم محترفين من أهم الجامعات ، وأيضًا طُلّابا مازالوا يدرسون في أكاديمية الفنون، وبعض المشاركين من الأقاليم. 
وتابع «شبل»: رئيس المهرجان التجريبي د. جمال ياقوت هو صاحب فكرة اختيار أفضل خمسة تصميمات مشاركة، نقدم لهم ميداليات تشجيعية، وهناك لجنة دولية للتحكيم، لاختيار التصميمات الفائزة، وهم المعماري والسينوجراف الفرنسي جان جي ليكا والسينوجراف الأكاديمية المصرية مايا دافيد وأستاذ التمثيل والإخراج الأمريكي زينون كروسزيلنيكي، وكنت أتمنى أن يحضر  كل العارضين المشاركين في المعرض، لأن الفكرة في شبكة التواصل الفني، ولكن الكورونا أثرت على حضور كثير من العارضين الأجانب، فهناك بلاد بها إغلاق تام، و أتمنى أن يأخذ هذا المعرض فرصة أفضل لعرضه، على سبيل المثال في مكتبة الإسكندرية، وكذلك في الأقاليم، وكنت أتمنى أن يحضر المعرض طلبة المدارس، لكى يروا نوعية أخرى غير المسرح التقليدي، وبالتأكيد أتمنى أن يتم عرضه في أكاديمية الفنون بروما.
شجعت الفكرة 
وقال مصمم الديكور د. محمد سعد الأستاذ المساعد بكلية الآداب قسم علوم المسرح جامعة حلوان: كنت مؤيدا جدًا لفكرة إقامة المعرض ضمن فعاليات المهرجان، حتى يكون الجمهور حاضرا معنا طوال فترة المهرجان، مع تنوع الحضور، سواء مصريين أو عرب أو أجانب، بدأنا في وضع شروط التقديم للمشاركة في المعرض، وكان أبرزها الفكرة والابتكار في العرض، وتم اختيار ما يقرب من 60 عملا ما بين مصريين وعرب وأجانب، أبرز ما يميز المعرض التنوع، الغرض من إقامته أن يرى الفنانين المصريين ما يدور حولهم في العالم من تقنيات وعروض مختلفة.
وتابع «سعد»: مصطلح الطليعي هو المبتكر ذو الفكر الجديد، مثل مسرح الطليعة، فكان المقصود من كلمة الطليعية، أن تكون الأعمال المقدمة ذات فكر جديد غير تقليدية، والمعرض يضم المحترفين وبعض الطلبة الذين مازالوا يدرسون في أكاديمية الفنون، وهناك الذين قدموا عروضًا في الثقافة الجماهيرية، إلى جانب العروض الأجنبية والعربية. أضاف:  الأعمال المصرية قادرة على المنافسة، ولكن تختلف ثقافة المتلقي، من الناحية التشكيلية والمعاني وتناول الخامة، كل ثقافة مجتمع لها طابع خاص، وقد شاركت في هذا المعرض بعرض «أرض لا تنبت الزهور».
صبايا الكحل
كذلك قالت مصممة الأزياء المسرحية م. نعيمة عجمي» رحمها الله» : سعيدة بمشاركتي في هذا المعرض، و أنا من مؤيدي الفكرة من البداية، وشاركت بعرض «صبايا مخدة الكحل».
فيما قالت مصممة الأزياء هناء النجدي: علمت بوجود هذا المعرض من السوشيال ميديا، أنا متابعة جيدة لصفحة المهرجان التجريبي على الفيسبوك، بالإضافة إلى متابعتي لكل ما يعلن عنه م. حازم شبل، وبالفعل تقدمت للمشاركة في المعرض بتصميم الأزياء لعرض «نجونا بأعجوبة، وكان تصميمي للملابس يميل إلى الإنسان البدائي، ليناسب الشخصيات الدرامية في العرض.
فيما قال المخرج ومصمم الديكور المسرحي د. محمود فؤاد المدرس المساعد بقسم الديكور بالمعهد العالي للفنون المسرحية ومدير مسرح نهاد صليحة: إنه من المعارض الخاصة جدًا والمميزة، وأن يكون لدينا معرض خاص بنا السينجرافيين، فهذا شيء عظيم ومختلف، ومن مميزات المعرض التنوع والمشاركات من العرب والأجانب والمصريين، أضاف : كنت أتمنى أن يأخذ المعرض أشكالا أخرى، ولكن الأمر يتطور بشكل ملحوظ، أتمنى أن يصاحب اللوحات التي بها التصميمات سواء الخاصة بالسينوجرافيا مجسمات، لأن المسرح ما هو إلا تجهيز في الفراغ، فالأفضل أن نرى الماكيتات، لأنها توضح الأعمال بشكل أكبر، وأتمنى أن يتواجد هذا المعرض ومعارض على شاكلته في الكليات المتخصصة، وعرض «مسافر ليل» هو العرض الذي شاركت به في المعرض، وحظه أفضل من عرض إشاعات إشاعات، إلا أنني أرى أن عرض «إشاعات إشاعات» عرض ثري من الناحية التشكيلية أكثر.
وقال د.أحمد جمال خريج كلية الصيدلة، وهو طالب في أكاديمية الفنون قسم ديكور بالفرقة الرابعة وأحد المشاركين في المعرض: أنا متابع جيد للمهرجان التجريبي، سعدت بشدة عندما علمت أن هناك معرض دولي متخصص للتصميمات المسرحية الطليعية، وشاركت بعرض «ابسيدو»، وتم عرضه على مسرح قصر ثقافة الجيزة، وحاولت على قدر المستطاع أن أقدم تصميمًا مختلفًا للديكور بالإمكانيات المتاحة.
وقالت مصممة الأزياء المسرحية د. مروة عودة عن حضورها لندوة المعماري والسينوجراف العالمي جان جي ليكا: الندوة كانت مهمة جدًا وسعدت بتواجدي فيها أنا وطُلابي في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، جئت بهم خصيصًا ليحضروا هذه الندوة الثرية، والذي حدثنا فيها «سيد الفراغ المسرحي» عن عمله مع المخرج الكبير بيتر بروك منذ 25 عامًا، وقدموا معًا أعمال شكسبير برؤية مختلفة، و»جي ليكا» يرى أنه يجب أن يكون هناك حميمية ما بين الممثل والجمهور، فكرة بُعد المسرح عن المتفرج غير مستحبة لديه، فهو يلجأ لإعادة هيكلة المسرح، بعد المناقشة مع مدير خشبة المسرح، ويبدأ في بناء مستويات أخرى فوق كراسى المسرح، من أجل أن يجعل الجمهور أقرب إلى الخشبة ، فيخلق تفاعلا ما بين الجمهور والممثلين، و قد استعرض معنا ذلك، حيث عرض لنا أمثلة على ما تم ذكره أثناء جولته في أكثر من مسرح على مستوى العالم، وعرض في أكثر من مكان غير تقليدي مثل مزرعة وإسطبل خيل، وبنى بداخله مسرحا، من مواد مؤقتة.
وعن مشاركتها في المعرض قالت «عودة»: أشارك في المعرض بعرض «الجلسة» تأليف وإخراج مناضل عنتر، وهذه المعارض تجعل ما بين المصممين تبادل ثقافي،  وقد سعدت جدًا بكونه  أول معرض يتم كفعالية رسمية وليس على هامش المهرجان.
وفي حوار خاص لجريدة «مسرحنا» قال سيد الفراغ المسرحي و أحد المكرمين بالدورة الثامنة والعشرين بالمهرجان مصمم السينوجرافيا الفرنسي جان جي ليكا عن شعوره عندما تلقى خبر تكريمه بالمهرجان: شعرت أن عملي تم الاعتراف به أخيرًا، ولديّ امتنان كبير للمهرجان.
واستكملنا الحوار
-  ما رأيك بمستوى الأعمال المعروضة ؟
الأعمال مختلفة ومتنوعة جدًا، لذلك من الجيد جدًا أن يكون هناك مهرجان بهذا المستوى، وأراهم يتعلمون من أخطائهم، فأنا أثق أنهم سيكونوا أفضل في المستقبل.
- هل ترى أن  الأعمال المصرية قادرة على المنافسة أمام الأعمال الأجنبية، مع كل التقنيات الحديثة المتاحة لها؟ 
لا أعتقد أن المصمم الجيد يعتمد على التقنيات والمال فقط، وإنما يعتمد على الأفكار وتطويرها، لتقديم عمل جيد.
- ما انطباعك عن الندوة التي استضافتك في معرض السينوجرافيا خلال فعاليات المهرجان؟ وماذا عن رد فعل الجمهور وتفاعلهم معك؟
كنت سعيدًا جدًا أن معظم الجمهور من الشباب، أنا أحب الفنانين الشباب كثيرًا، فهم يتمتعون ببراعة ويطرحون أسئلة جيدة، أنا أحب أن أساعد بقدر ما أستطيع، حتى أكون داعما لهم.
- ما رأيك في المهرجان التجريبي هذا العام؟ 
إنه لمن دواعي سروري أن ألتقي بفنانين لا ألتقي بهم في فرنسا، إنه لأمر جيد أيضًا دعوة العروض المسرحية العربية والأجنبية في مصر، كما يذهب الكثير من الشباب إلى إنجلترا وفرنسا أو الولايات المتحدة للدراسة.
- ما المعايير التي تم على أساسها اختيار أفضل 5 أعمال فنية في معرض التصميمات المسرحية الطليعية؟
جودة العمل والعرض، ومساحة الإبداع والخيال في العمل، بالإضافة إلى تقنيات الألوان والأشكال والفكرة بالتأكيد.
- هل هذه هى زيارتك الأولى لمصر؟ وهل تفكر في زيارتها مرة أخرى وتقيم بها معرضًا باسمك لمساعدة المصممين؟
هذه هى المرة الثالثة، ونعم أود أن أفعل ذلك، في كل مرة تطلب مني مدرسة أو جامعة فنون أو فنون مسرحية الحضور لقضاء بعض الوقت مع فنانين شباب، تكون إجابتي بنعم، وربما أقوم بذلك في الدورة القادمة من المهرجان.
- ما النصيحة التي تقدمها لمصممين المسرح الشباب؟
الأفضل عدم فرض رأى محدد، إنها اختياراتهم الفنية، ويومًا ما كنت مثلهم، وكنت اختار اتجاهات فنية مختلفة، ولكنني من الممكن أن أعرض عليهم بعض التقنيات التي اكتشفتها كنوع من الاطلاع والإلهام، ولكنني أنصحهم بالاحتكاك والتعرف على ألوان مختلفة من الفنون.
- أنت من أكبر وأفضل مصممي السينوجراف في العالم؟ هل مازال لديك أحلام لم تحققها؟
لا أرى نفسي الأفضل، ربما المحترفين الآخرين هم من يقولون ذلك، لأنني لا أعمل من أجل أن أكون الأفضل فقط، وأسعى دائمًا أن أكون داعمًا للشباب، وكل التحية لحازم شبل، فأنا أعرفه منذ سنوات، وقد أعدّ هذا المعرض بحرفية عالية في وقت قياسي، شكرًا لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي على تكريمهم لي.


إيناس العيسوي