المسرح في عام 2023 ما له وما عليه!

المسرح في عام 2023 ما له وما عليه!

العدد 854 صدر بتاريخ 8يناير2024

الحياة مراحل، وكل مرحلة مدعاة للوقوف عندها وتأملها، ثمة علامات جديرة بالضوء، وأخرى حرية بالمعالجة، وأحلام كفيلة بالمواصلة، وما ينطبق على الإنسان ينعكس على المسرح بوجه عام، فما بين نجاحاته وإخفاقاته تكتمل العتبات النصية لكتابه الذي لا تنتهي دلالاته، من هنا استطلعنا آراء المسرحيين حول أهم الظواهر الإيجابية والسلبية التي تجلت في السنة الماضية، وأمنياتهم للمسرح في السنة القادمة.

في البداية قالت الناقدة د. وفاء كمالو:
إذا كان المسرح هو كتابة حية في أعماق الوجود، كتابة بالجسد والحركة والضوء واللون والصوت، بحثا عن صورة مغايرة نتجاوز بها السائد والمألوف، نمضي معها نحو الحقيقة التي تثير الإدراك وتطرح التساؤلات، لتبشر بميلاد إنساني جديد، فمن المؤكد أن المسرح هو الحياة والحرية والوعي والإرادة والرفض والقبول وامتلاك الذات، وفي هذا السياق شهد العام 2023 حصادا مثيرا للجدل والتساؤلات حول إيقاعات الصعود، الذي يبشر بميلاد أجيال جديدة واعدة، تمتلك الوعي والدهشة والحضور، وكذلك حول مؤشرات الغياب التي تكشف عن وقائع تغييب الفكر وإهدار الفن والاندفاع العشوائي نحو هاوية العجز والانكسارات والهبوط.
وتابعت قائلة: في بدايات 2023 شاهدنا عرض “خطة كيوبيد” للمخرج أحمد فؤاد والمؤلف عبد الله الشاعر، التجربة حققت نجاحات جماهيرية لافتة، وجاءت مسكونة بالروح والنبض، الشغف والكشف، العقل والجموح والتساؤلات، امتلكت مقدرة البوح والكشف وطرحت التساؤلات، فهي تمثل حلما ذهبيا يعيش في قلب الإنسان
إذا كانت غاية الفن الكبرى هي الأخلاق، فإن أي كتابة لا تستخدم هذه الفكرة تتحول إلى شيء آخر غير الفن، حتى في تجسيد الرغبات وانحرافات النفس البشرية، وحتى عندما تتناول الدراما بشكل عام أشرس قضايا العنف والدم والجنس وخطايا الساقطات، فإن الطرح الدرامي يجب أن يظل ابنا شرعيا لمفاهيم الجمال؛ ولا يكون نقلا حرفيا لواقعية الهبوط والإسفاف، وتلك هي القاعدة الذهبية، التي تنطلق منها التجارب الشاهقة.
وأضافت: من مسرح الغد انطلق العرض المتميز “بعد آخر رصاصة”  للمخرج شريف صبحي، والمؤلف العراقي على عبد النبي الزيدي، وقد حقق العرض حضورا متميزا، اشتبك مع وحشية الواقع وقسوة الحرب وانتهاك شرف الإنسان.
وكان هناك تيار من الأعمال المتميزة مثل مونودراما “سيب نفسك”، التي قدمها المسرح الحديث للفنانة فاطمة محمد علي، وكذلك مسرحية “بيت روز” على مسرح الطليعة للمخرج أحمد جمال الحديني، أما المسرح القومي فقد جذب الجمهور العريض بالعرض الضخم المتميز “سيدتى أنا”، ويأتي مسرح الشباب ليثير وهجا إبداعيا عارما بالتجربة اللافتة “ياسين وبهية” للمؤلف العظيم نجيب سرور والمخرج الشاب الواعد يوسف مراد منير، كذلك قدم مسرح الشباب التجربة المدهشة “بعد الخروج”، على مسرح أوبرا ملك للمؤلف محمد زناتي، والمخرج هاني السيد، ويذكر أن مسرح السامر بعد افتتاحه قدم مسرحية المغامرة، للمؤلف العبقري سعد الله ونوس والمخرج الكبير مراد منير، وقد جاءت التجربة كفالة إبداعية تليق بتاريخ الثقافة الجماهيرية.
وفي المسرح الكوميدي شاهدنا مسرحية “يوم عاصم جدا”، التي عرضت على مسرح السلام للمخرج عمرو حسان، والكاتب أيمن النمر، والآن يعود مسرح الغد ليقدم تجربته المشاغبة “النقطة العميا” للمؤلف السويسري فريدريك دورينمات والمخرج اللامع أحمد فؤاد.
تابعت: يظل المسرح حاضرا بقوة في قلب المشهد الثقافي المصري، وتظل إشكاليات الميزانيات، وغياب الدعاية، وانحسار التيار النقدي، وصعود موجات الريفيو على السوشيال ميديا، بكل ما تحمله من زيف وتضليل وتغييب أكثر المشكلات، أما تجهيز المسارح بالتقنية الحديثة فقد أصبح من الضرورات الحتمية.                                                                     وأخيرا، تظل تيارات الجدل هي الحضور الحيوي الفاعل، لوجود فني يبحث دائما عن الإنسان، ويحتفل بالحياة والحرية.

مشروعان مهمان لمستقبل المسرح
فيما قال الناقد أحمد خميس: لو توقفنا عن أهم ما حدث في مصر في عام 2023 مسرحيا سنقف بداهة أمام إعادة افتتاح مسرح السامر مرة أخرى كمنارة مسرحية ننتظر منها الكثير في المستقبل القريب، فقط يرجى أن تقوم إدارته باختيار دقيق للمشاريع، ذلك المكان الحيوي، الذي يعد رئة أساسية لفرق الثقافة الجماهيرية، وقد بدأ إدماج المسرح بالفعل في الفعاليات الثقافية المصرية، بدءا بالمهرجان القومي للمسرح الذي دشن بعض عروض فرق الثقافة الجماهيرية هناك، وأيضا المهرجان التجريبي الذي وضع في حسبانه أن يكون لذلك المسرح المتجدد دور حيوى مهم في استضافة بعض عروضه.
أضاف: و لا أخفي سعادتي بمشروعين أظنهما مهمين للغاية لمستقبل المسرح في مصر أولهما تقديم عروض مسرحية من خلال فرقة المواجهة والتجوال، التي تسعى للوصول لمناطق لم يقدم فيها المسرح من قبل، حيث يمكن للجمهور أن يتعرف من خلال عروض حية على نوعيات أخرى من المسرح لم يسمع بها من قبل، في أماكن تجمعه.                                                                                  المشروع الثاني قديم، ولكنه متجدد برؤى وتصرفات المبدعين الشباب أصحاب الأفكار الطيبة في تناول العروض المسرحية، وأنا هنا أشير لنوادي المسرح بهيئة قصور الثقافة، ذلك المشروع القديم الذي يلقى عناية تليق بأهميته في دفع الدماء الجديدة في الجسد المسرحي المصري، ولا أغفل ما يقدم من مشاريع جديدة بالبيت الفني للمسرح، لكن حراك نوادي المسرح ذات الإنتاج الصغير للغاية يعد معملا مهما نرى نتائجه في كل عام مع المهرجان الختامي، والذي أقيم هذا العام في قصر ثقافة روض الفرج، فهناك قابلنا هذا العام مجموعة لا بأس بها من المخرجين أصحاب الجرأة والوعي المتجدد وهو أمر أسعدني للغاية.
وهناك، على جانب آخر، بعض النجاحات الصغيرة الملفتة التي يسعى إليها بعض المخرجين المخضرمين أو الجدد الذين بدءوا يفكرون في الدخول للإنتاج الخاص بحرية أكبر، ومن خلال شروط إنتاجية مغايرة لم يعتدها سوق الإنتاج المسرحي الخاص من قبل، وقد بدأت تلك المسألة من خلال جرأة أصحاب عرض (1980 وانت طالع) الذين سعوا منذ سنوات للمغامرة وصبروا عليها فأتت بثمار طيبة، وأعطت الفرصة لكل من يحاول في نفس الاتجاه، وظني أن تلك المغامرة سوف تتطور في المستقبل القريب، وتقدم لنا عروضا مهمة لا ينتظر أصحابها الدور في الفرق الحكومية المختلفة، وعندهم طموح لاكتشاف السوق وما يمكن أن يتقبله من عروض.
وتابع: وعن التجريبي أتصور أن الحلول التي يمكن أن تنقذ المهرجان تتعلق بالتفكير خارج الصندوق، بالمنطق الذي يسمح باستقدام عروض أجنبية متطورة لفرق لها إسهاماتها المهمة في المجال، ولن يحدث ذلك إلا لو كانت هناك مساهمات من شركاء غير حكوميين أو من خلال تحمل المتلقى سعر “التيكت” عبر إبرام اتفاقات مرنة مع تلك الفرق، وهو أمر يتطلب تغيير اللائحة الخاصة بالمهرجان بالمنطق الذي يسمح بهذه الخاصية.

المهرجانات المسرحية
فيما قال الناقد الدكتور محمود سعيد: مر المسرح المصري بعام مزدحم بالنجاحات والمهرجانات والمؤتمرات والعروض المسرحية المميزة، لعل هذا الزخم والتنوع والاستمرار يعد سمة ملموسة للمسرح المصري على الدوام، لكن هذا العام أكثر تنوعا وتميزا، هذا لا يعني أنه لا توجد سلبيات، لعل أبرزها ازدحام بعض الشهور بالعديد من المهرجانات المسرحية بشكل متتالٍ بدرجة قد لا تسمح بسهولة المتابعة، وأيضا هناك نقطة شديدة الخطورة وهي ازدحام المهرجان بالعديد من المسابقات، التي قد تبدو بعيدة عن هدف المهرجان، على سبيل المثال إدخال مسابقات لمسرح الطفل أو الشارع أو للنص القصير أو الطويل دون داع لذلك؛ لمجرد اتساع دائرة الاهتمام أو تدشين مفردات متنوعة داخل مهرجان للمونودراما أو للشباب، لدرجة أن تاهت لعبة المهرجان النوعي وأغراضه وسط هذا الكم من المسابقات، وأيضا هناك سقطة شديدة الأهمية في اختيار لجان تحكيم بعض أفرادها يفتقدون للخبرة وفي تكرار بعض الوجوه وتداولها ما بين المهرجانات.
وأضاف: أما عن الأماني وهي كثيرة لعل أهمها: زيادة المطبوعات التي تخص المسرح من كتب ومجلات لاستيعاب عدد أكبر من الكتاب والنقاد، وأتمنى عودة نشر النصوص المسرحية القصيرة في المجلات المسرحية، وأن تعود لعبة المحاور بمعنى الإفصاح عن محور الأعداد القادمة لاتساع رقعة إرسال المادة المتاحة، مع منح فرص النشر للعديد من الأسماء الجديدة وإلقاء الضوء على المسرح بالأقاليم والمسرح الجامعي والمدرسي.. تلك بعض الأحلام التي أتمنى أن تتحقق لمسرحنا المصري المهم، والقادم أفضل بإذن الله.

فوز الشباب بجوائز دولية
وقال الكاتب المسرحي الدكتور طارق عمار: في ظل الظروف الدولية المعقدة فإن انعقاد أغلب المهرجانات المسرحية المصرية يعد من أبرز إيجابيات 2023 كذلك فإن فوز عدد لا بأس به من الكتاب الشباب بجوائز دولية مرموقة هو أيضا من إيجابيات هذا العام، أما عن السلبيات فلعل أبرزها عدم انعقاد المهرجان الختامي لفرق الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو من أهم المهرجانات على المستوى القومي، كذلك فإن غياب معظم المهرجانات الطلابية التي تعقدها الجامعات يعد من السلبيات الكبرى هذا العام. أما عن أمنياته للعام الجديد فذكر قائلاً: بالطبع هناك أمنيات كثيرة للعام القادم يأتي على رأسها عودة كافة المهرجانات النوعية التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة كما أتمنى التوسع في خطة الهيئة في عقد ورش التدريب المسرحية المتخصصة بكافة أقاليم مصر، وكذلك توسع خطة تحريك عروض البيت الفني للمسرح لتغطي مصر كلها من خلال فرقة المواجهة والتجوال كما نتمنى أن تنتظم مجلة المسرح العريقة في الصدور، وأن تزداد أعداد طبعاتها نظرا لأهميتها الكبرى.

تخلي الفرق عن ملامحها واختلاط المصطلحات
فيما ذكر الدكتور أسامة أبو طالب عدة نقاط هامة فقال: الملاحظ منذ سنوات هو خلو الساحة المسرحية من مسرحيات كبيرة عربية أو أعمال عالمية، والاندفاع ناحية تقديم مونودراما وتقديم النصوص الكبرى معدلة، وكذلك تخلي الفرق المسرحية عن ملامحها وقسماتها الفنية التي ارتبطت بها وأنشئت لها، فاختلط الحابل بالنابل، ومن الملامح الإيجابية لهذا العام ظهور كتاب ومخرجين مسرحيين أجمل مما قدم تحت تأثير ما يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي. وتابع: كذلك تأكيد حضور كتاب مسرحيين جدد من الجيل الرابع. أما عن السلبيات فذكر: اختلاط وتشويش مصطلحات الدراما والمسرح عموما نتيجة نقص المعرفة  والثقافة لدى عدد كبير من المسرحيين الشباب، وكذلك غياب الحركة النقدية تماما، فالمقالات التي تنشر مقالات انطباعية من الدرجة الأولى.
وتابع: كذلك من سلبيات 2023 اختفاء مجلة المسرح التي تصدر عن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية رغم دورها البارز وإتاحتها الفرصة للأقلام النقدية الجديدة، ويعد هذا الأمر وصمة عار تلحق بالمسؤولين؛ لأن تكلفة المجلة بسيط ولا يجوز التصرف بشكل قمعي وجاهل وغير مسؤول بإغلاق نافذة مسرحية جادة هي الوحيدة لدينا الآن، وهناك كثرة من المهرجانات العربية تحولت لساحات لقاء وتعارف وتبادل للزيارات.

غياب الدعاية وعروض الأطفال المنتظمة
فيما قال الناقد د. حسام عطا: الموسم المسرحي السابق لا يزال غير منتظم بسبب عدم عمل إعلان رسمي يستطيع أن يصبح دليلاً للمتفرج ليذهب للمسرح، وهو ما يمكن تلافيه بالدعاية المحترفة التي تنشئ وتجدد وترسخ عادة ارتياد المسرح، وكذلك غياب الدعاية الخاصة والعروض المنتظمة خاصة في مسارح الأطفال، والاعتماد على التسويق يعد أمرا أشد خطورة؛ لأن مسرح الأطفال يجب أن يعتمد على نظام الدعاية وذهاب الطفل برفقة ولي الأمر بشكل حر بعيداً عن فكرة التجمعات التي تشبه الرحلات المدرسية، ما يرسخ في وجدانه عادة ارتياد المسرح مثلما يحدث في جميع الدول الأوربية؛ مسرح الأطفال ليس مسرحاً صباحياً يتم الانتقال إليه ولكنه له موعد، ويذهب إليه الأطفال برفقة الأهل وأولياء الأمور، وهذا أمر كان موجوداً بالمسرح المصري ويجب استعادته لخلق عادة الذهاب للمسرح، وهي عادة اجتماعية موجودة في الغرب إذ أن يوم المسرح من أساسيات الأسبوع بالإضافة لحفلات الموسيقى.
وتابع قائلاً: هناك مسارح تقدم عروضاً يومي الخميس والجمعة أو ثلاثة أيام على الأكثر وهو ما يمدد الموسم المسرحي، ويجعله في حالة تضخم، فيمتد إلى 30 ليلة عرض وهي مدة طويلة ولكنها ليست المدة الحقيقية وفقاً للنظام المسرحي المتعارف عليه في العمل اليومي، ما عدا إجازة واحدة بالأسبوع، يتبع ذلك غياب النجوم حتى الذين يقبلون بالأجور البسيطة في مسرح الدولة حيث يهربون بسبب غياب الدعاية المحترفة وعدم انتظام ليالي العرض.
 وأضاف: لا تزال أزمة اللائحة التي لا تتطور منذ أن وضعها الأستاذ عبد الغفار عودة منذ التسعينيات قائمة، حيث مكافآت السادة الممثلين وغيرهم من العاملين بالبيوت الفنية، فمكافأة فنان قدير وهي أعلى مكافأة سبعة آلاف جنيه! يجب النظر لهذه المكافآت، ودعم الفرق بزيادة الميزانيات لعودة النظام المحترف الذي بدأ يغادر القاهرة للبحث عن مراكز احتراف، منها موسم الرياض الذي يطلب شكلا معينا من العروض المسرحية. وعن أبرز الإيجابيات، قال: هي وجود حساسيات لجيل جديد ممن يمثلون ويخرجون في البيت الفني للمسرح الموسم السابق، كما حظي الموسم المسرحي بمسرحيات استطاعت أن تصل للجمهور بالمسرح الكوميدي، والمسرح القومي الذي استطاع أن يحقق نجاحاً بالنجمة داليا البحيري في عرض «سيدتي أنا»، وبدون نجوم يقدم الشباب عرضاً في المسرح الكوميدي حظي بإقبال الجمهور، ونأمل أن يقدم المسرح المصري من خلال هذا الجيل نجوماً جددا، ولكن هذه الفرصة الرائعة التي نثمنها لهذا الجيل يجب أن يساندها خبرات وأجيال أخرى ويجب أن يدعمها النظام الاحترافي مرة أخرى.

إعادة صياغة اقتصاديات المسرح
فيما أشار المخرج أحمد البوهي إلى أن أبرز إيجابيات العام هو وجود حجم إنجازات، وكذلك في المشهد المسرحي على مستوى القطاع الخاص هناك طفرة كبيرة، تابع: فعلى سبيل المثال مهد عرض «تشارلي» الطريق لمنتجين آخرين ليقدموا حجم إنتاج كبير لمسرح القطاع الخاص، وهو ما استطاع استعادة المنتج المسرحي في إطار مختلف، وكذلك الحركة المسرحية الكبيرة التي قادها كل من البيت الفني للمسرح وقطاع الإنتاج الثقافي بقيادة المخرج خالد جلال وكذلك وجود عدد كبير من المهرجانات التي أحدثت زخماً كبيرا، ومنها مهرجان المسرح التجريبي وهي خطوة للأمام، وستكون هناك خطوة أكبر وأهم هذا العام.
 وتابع قائلاً: من الهام إعادة صياغة اقتصاديات المسرح، وهو ما تم طرحه في نقاش بلجنة المسرح في الحوار الوطني، فقد تحدثنا عن التعامل الضريبي المختلف مع تذكرة المسرح وذلك لاستعادة المسرح في إطار اقتصادي، فوجود الجمهور يعني وجود ثمن للتذكرة، فالمسرح به ضرائب مرتفعة، وطرحنا آلية هامة وهي كيفية إعادة صياغة اقتصاديات المسرح حتى يظل هناك رواج له، فالمسرح إذا تحول لصناعة مثل صناعة السينما؛ سيكون له مردود إيجابي، وهو ما سيعود على البنية المسرحية بالخير.

تفوق مسرح الشبان
فيما قال المخرج إيمان الصيرفي إن أبرز إيجابيات عام 2023 إن مسرح الدولة، إلى حد كبير، استطاع أن يكون كما تخيل البعض، وكما يحب، لديه إنتاج متنوع معظمه إيجابي بغض النظر عن النتائج النهائية التي من الممكن أن تكون خاصة بإقبال الجمهور على بعض العروض، وبعضها لا، لكنه في الحقيقة تميز بالتنوع الشديد، فهناك الدراما الموسيقية وكوميديات لطيفه وتجارب للمونودراما والديودراما، وأكثر من تجربة من هذا الإطار منها الغنائي والتمثيلي.
وتابع قائلاً: كان موسما به زخم بالنسبة لمسرح الدولة، ولكن من وجهة نظري تفوق مسرح الشبان، ومسرح التجارب الحديثة، وكذلك رأينا تجارب متميزة بمسرح الجامعة خاصة «جامعة الإسكندرية»، وكذلك كانت هناك تجارب مميزة خاصة بالمسرح الحر، وهي من التجارب المهمة تمثيلاً وإخراجاً وتأليفاً، كما استطاع الشباب أن يقتنصوا عددا كبيراً من الجوائز في كافة مناحي التسابق، بداية من كتابة النصوص نهاية بتجسيدها على خشبة المسرح إخراجاً وتمثيلاً وديكورا وإضاءة ومقومات العرض المسرحي، هذه إيجابيات لا نستطيع أن نغفلها.

ضرورة تصوير العروض وقناة خاصة بوزارة الثقافة
المخرج إميل شوقي قال: تميز الموسم الماضي بنشاط مسرحي في كل المسارح وكان هناك مستوى فني متميز ولكن في الموسم الجديد الإنتاج أغلبه معاد، وهناك إنتاج جديد قليل، نتمنى حدوث نشاط مثلما حدث في الموسم السابق، وكذلك أصبحت مصر «بلد المهرجانات» فلدينا المهرجان التجريبي وهو يستحوذ على ميزاينة كبيرة، ولكن العائد في العام الماضي قليل وعروض هزيلة ودون المستوى، أتمنى أن يعيد نظره فيما يقدمه من فعاليات، والمهرجان القومي مهم للغاية لأنه عصب الحركة المسرحية في مصر، ويضم عددا كبيرا من الفرق في كل القطاعات، فيجب رصد ميزانية قبل بدء فعالياته، فلا يمكن أن يضم لجانا متنوعة ولا تزال مكافأته هزيلة، فالمهرجان القومي لا يقل أهمية عن المهرجان التجريبي، وهو مهرجان مهم يجب أن يتلقى دعماً جيداً،  وهناك العديد من المهرجانات الأخرى التي أتمنى أن يكون لها دور فعال وحقيقي، وأن تكون هناك دعوات من قبل هذه المهرجانات لعدد كبير من المسرحيين، كذلك كان هناك نشاط ملحوظ من قبل مسرح التجوال والمواجهة لتقديم عروض خارج القاهرة، وكذلك هناك ضرورة لتصوير العروض المسرحية، وبثها ويجب أن تكون هناك قناة خاصة بوزارة الثقافة.

حرب غزة لا توجد إرهاصات مسرحية تعبر عنها
فيما كشف المخرج الكبير عصام السيد أن أبرز الظواهر الخاصة بالمسرح في عام 2023 هي اختفاء مسرح القطاع الخاص، وهي ظاهرة متكررة لسنوات، سوى القليل من التجارب، ومنها تجربة عرض “تشارلي”، وما زال المسرح الجامعي والمسرح المستقل يتصدران المشهد المسرحي، وكذلك وجود عدد كبير من المهرجانات، وتجب إعادة النظر في بعض المهرجانات التي لا تحقق وظيفتها، كذلك نوه إلى أنه رغم اشتعال حرب غزة لا توجد إرهاصات تناقشها وتعبر عن أصوات المواطنين.
جرأة الشباب في طرح أعمال مسرحية مغايرة
فيما رأى السيناريست والمخرج نادر صلاح الدين أن أبرز الظواهر الإيجابية ما قدمه الشباب من أعمال مسرحية، حيث  وجرأتهم في استخدام مدارس غربية مختلفة، وقال إن المسرح لا يتطور إلا بالشباب، وأشار إلى أن  هناك قلة في عدد المسارح، سواء في القطاع الخاص أو العام، وإلى تميز عروض الجامعة في المهرجانات المسرحية، وكذلك تميز عدد كبير من عروض البيت الفني للمسرح ومنها عرض «سيدتي أنا»، و”خطة كيوبيد”.

مسرح نهاد صليحة فتح المجال للشباب
مهندس الديكور حازم شبل اتفق مع المخرج عصام السيد في اختفاء مسرح القطاع الخاص، وقال  كما لا يزال لا يوجد تخطيط لنوعية العروض، فلا يوجد جدول سنوي مخصص للفعاليات في المسارح سوى في دار الأوبرا المصرية ومسرح نهاد صليحة، وهذا ينطبق على القطاعين العام والخاص، ومن الإيجابيات في رأيه أن مسرح نهاد صليحة فتح المجال ليقدم الشباب عروضهم المسرحية بشكل قوي، وقال  شبل إن مسرح الهناجر في السابق كان يقوم بالإنتاج سواء للفرق المستقلة أو الحرة، وهناك ضرورة لاستعادة دوره، وكذلك إعطاء دعم ومساحات أكثر للشباب في أماكن متنوعة وإعطائهم دورات تدريبية متنوعة في جميع مفردات العمل المسرحي.

حالة من الاسترخاء
وبوجهة نظر مخالفة قال المخرج أكرم مصطفي إن هناك حالة عامة في الوسط المسرحي من الاسترخاء، فلا توجد تجارب قوية أو حركة فعالة، وأرجع ذلك إلى أنه ربما تكون أجواء عامة بسبب حرب غزة، وحالة الإحباط العام، مشيراً إلى أنه ليست لديه إشارات بعينها عن الحصاد المسرحي للعام بسبب سفرة بعرض «فريدة» إلى الأردن وبلغاريا، واهتمام الفنان خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي والمخرج عادل حسان مدير مسرح الطليعة بأن يظل العرض يشارك في المهرجانات المهمة ودعمهما له الذي كان من أكثر الأمور إيجابية.


رنا رأفت