المخرج عصام السيد:  الجائزة التي تحمل اسمي والورش التي أقدمها دين أرده لمُعلمي "حسن عبد السلام"

المخرج عصام السيد:  الجائزة التي تحمل اسمي والورش التي أقدمها دين أرده لمُعلمي "حسن عبد السلام"

العدد 736 صدر بتاريخ 4أكتوبر2021

المخرج عصام السيد هو ابن لجيل العمالقة، وعلى يديه تخرجت مواهب أصبحت ملء السمع والبصر. المسرح عشقه الأول والأخير، حتى في أحلك فترات أبو الفنون كانت له تجاربه التي اعتبرت إعادة إحياء للفن الأصيل.
رحلته بدأت من كلية التربية قسم اللغة الإنجليزية، ثم دراسة علم النفس، وألحقهما برحلة مهمة في المسرح الجامعي، الذي زامل فيه العديد من النجوم، مثل يحيى الفخراني، ومحمود حميدة، وسامي مغاوري، والراحلين الكبيرين أحمد راتب وفاروق الفيشاوي.
من مخرج منفذ لمسرحيتي "يا أنا يا أنتِ يا دنيا"، و"أهلا يا دكتور" لسمير غانم، بدأت رحلة عصام السيد مع الكبار، فأخرج لفؤاد المهندس مسرحية "روحية اتخطفت"، ولسعيد صالح "البعبع"، و"مر الكلام"، ولمحمد نجم مسرحية "عبده يتحدى رامبو"، ولأحمد بدير كانت له مسرحية "تكسب يا خيشة"، وكذلك "الحادثة" لعبلة كامل، وأشرف عبد الباقي.
مسيرة مسرحية مميزة، تخطت السبعين عملا، أخرج عصام السيد خلالها كوميديا من نوع خاص، وأعاد هيبة خشبة المسرح بعد جفاء طويل مع الجمهور، من خلال عرضي "أهلا يا بكوات" لحسين فهمي، وعزت العلايلي، و"اضحك لما تموت" لمحمود الجندي ونبيل الحلفاوي، ولأنه مؤمن بدعم الشباب ونقل خبراته لهم، فإنه يقدم العديد من الورش الخاصة بالإخراج المسرحي.. عن تلك الورش وأسئلة أخرى أجرت "مسرحنا" معه هذا الحوار.
حوار: إيناس العيسوي

حدثنا عن ورش الإخراج المسرحي الخاصة بك، كيف تدعم المواهب الجديدة في الإخراج؟
الحقيقة، إن هناك أكثر من نوع من الورش أقدمها، النوع الأول ورشة نظرية تختص بشرح أسس وحرفية الإخراج، كيف يختار المخرج النص المسرحي، وكيف يحلله ويختار الرؤية التي سيقدمها. بالإضافة إلى القواعد التى يجب أن يضعها في التعامل مع الممثلين، تلك الورشة النظرية تستغرق من 14 إلى 16 محاضرة، وهناك نوع آخر من الورش التي أقدمها، وهي الورش القصيرة، وهي تتضمن نوعا واحدا، مثل كيف تختار النص المسرحى، وما هي النقاط التي يجب أن تراعيها كمخرج مسرحي عند اختيارك للنص. وهذه تكون ورش قصيرة، لا تستغرق أكثر من 4 أو 6 محاضرات، وهناك نوع آخر من الورش، وفي الأغلب أقدم هذا النوع في مركز الإبداع الفني، وهذه تكون ورشة عملية؛ بمعنى أن بعد المحاضرات النظرية، أقدم مناهج الإخراج، ونبدأ ندرس المخرجين الذين قاموا بعمل ثورة في عالم الإخراج، ثم نبدأ في دراسة مناهجهم، على حسب المدارس الواقعية أو الرمزية أو البريختية وغيرها من المدارس الإخراجية، وبعدها أتطرق للجانب العملي أو التطبيقي، ويبدأ المتدربون في إخراج عروض تحت إشرافي. هذه الورشة لا أقدمها إلا في مركز الإبداع لأنها تأخذ فترة طويلة، ولا بد أن تتواجد جهة تنتج للمتدريبن هذه الأعمال المسرحية، وهذا غير متاح إلا في مركز الإبداع فقط، وهذه الورشة تستغرق وقتا زمنيا على الأقل سنتين وربما أكثر، وأقوم بتقديم هذه الورشة في مركز الإبداع من عام 2003. 
وخلال المهرجان القومي للمسرح، دورة "الكاتب المسرحي المصري"، سوف أقدم ورشة لمدة أربعة أيام، في الفترة من 29 سبتمبر وحتى الثاني من أكتوبر، وأتناول فيها أساسيات ومبادئ الإخراج المسرحي، وأنا سعيد أنني سوف أقدم تلك الورشة خلال مهرجان مهم كالمهرجان القومي، وأسعد بشده بأي ورشة أقدمها لأنني أرى أنها رسالة وواجب على كل مخرج، لمساعدة شباب المخرجين الراغبين في التعلم والمعرفة.
- ما هي النقاط التي تركز عليها في تعليم المتدربين، سواء في الورش النظرية أو العملية؟
كل الورش عندي سواسية، الفرق أن هناك ورشا مدتها الزمنية كبيرة، وورشا أخرى قصيرة المدة، ولكن أكثر شيء أنصح به، المواصفات التي يجب توافرها في النصوص التي يختارها المخرج المسرحي، مثل أنه عندما يختار نصا لكي يخرجه، يجب أن يكون عنده الإمكانيات المادية والبشرية، التي تكفل له خروج هذا العرض. فعلى سبيل المثال، لا يصح أن أخرج نصا باللغة العربية الفصحى مع فرقة أعضاؤها لا يجيدون نطق اللغة العربية، أو أقدم "هاملت" في مكان ليس به شخص قادر على أن يقوم بتجسيد هذه الشخصية، هذه أساسيات يجب مراعاتها. أما في الورشة الطويلة،  فإنني أتحدث فيها عن الإضاءة والحركة على خشبة المسرح والديكور والموسيقى وكيفية الأداء وكيفية التعامل مع الممثل، كل ما يخص تنمية الإخراج والعناصر الفنية للإخراج أتحدث فيها لكي يخرج المتدرب بأقصى استفادة من الورشة. 

كيف تدعم المخرجين الشباب من خلال هذه الورش؟
أنا لا أنقل للمتدربين خبرتي الشخصية بقدر ما أنقل لهم خبرات متعددة، وأثناء الورشة أجعلهم يقرأون ويُشاهدون أشياء مُعينة. الورشة ليست مجرد محاضرات يستمعون لي فيها، ولكنها ورشة تفاعلية، وبها إجراءات كثيرة أطلب منهم فعلها، كنوع من التفاعل والاطلاع والمعرفة.
ما النصائح التي تود أن تعطيها لشباب المخرجين في بداية حياتهم؟
المخرج بشكل عام، وليس شباب المخرجين فقط، يحتاج إلى تطوير أدواته بشكل مستمر، وأن يُشاهد كثيرا أعمالا مسرحية وسينمائية ودرامية، بالإضافة إلى القراءة ثم القراءة، على قدر المستطاع، بالإضافة أيضا إلى تذوقه للفنون التشكيلية والموسيقى وللفنون بشكل عام، التنوع مهم جدا في الإخراج، الثقافة السمعية والبصرية مهمة جدا للمخرج، بالإضافة إلى الثقافة المتعارف عليها في الكُتب المنهجية الخاصة بالإخراج، وهناك قاعدة تقول إن من المفترض أن المخرج يعرف شيئا عن كُل شيء، وهذه الجملة تتضمن بنودا ومعارف وثقافات متعددة كثيرة. هذا ملخص لما يجب أن يكون عليه المخرج.
ما هو أبرز ما يميز المخرجين الشباب، كملاحظات من وجهة نظرك؟
تلاميذي خريجو ورشة الإبداع، بينهم أسماء كثيرة جدا، حصلوا على العديد من الجوائز المصرية والعالمية، منهم إسلام إمام، الذي يتميز في منطقة الكوميديا، ومروة رضوان وهاني عفيفي ود. سعداء الدعاس رئيسة قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، وكانت قد قدمت عرضا رائعا من نتاج الورشة وهو "هاملتهن"، الذي عُرض في مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، وأيضا من ضمن ما يأخذه متدربو الورشة الطويلة، كيفية عمل دراماتورج للنص المسرحي، وهذا يُفيد المخرج المسرحي جدا لكي يفهم معنى الدراماتورج ويتذوقه.
ما رأيك في المهرجانات المسرحية وأهميتها؟ وكيف يتم دعمها والاستفادة منها كحدث فني ثقافي؟
المهرجانات مسألة مهمة تُجمّع أمام المتفرج بانوراما كاملة، بشرط أن يكون للمهرجان خصائصه، ويجب أن يكون به استراتيجية أو سمة أو صفة للمهرجان، والعروض تجمعها سمة موحدة. على سبيل المثال، إن العروض المقدمة في المهرجان التجريبي يكون بها سمة موحدة تعبر عن ذلك. أو مهرجان المونودراما، فجميع عروضه بها سمة واحدة،.. وهكذا. وأعتقد أن هذه سمة مهمة. وهناك نوعية أخرى من المهرجانات القومية، نتاج ما تم طوال السنة من إنتاج يتم تجميعها، على سبيل المثال نتاج المسرح المصري في عام.
المهرجانات تحتاج إلى دعاية وإنتاج مادي وتنظيم وأشخاص مؤمنين برسالتهم، وهذا من وجهة نظري الدعم الذي يحتاجه أي مهرجان.
هل لدينا أزمة في النصوص المسرحية؟ أم أن المخرجين هم من لا يبحثون عن النصوص الجديدة؟
بالتأكيد ليس لدينا أي أزمة في النصوص المسرحية، نحن لدينا أزمة إدارة وليست أزمة نصوص، فنحن لدينا نصوص كثيرة جديدة وقديمة سواء مصرية أو عالمية أو عربية.
نحن لدينا أزمة إدارة في الإجراءات والروتين والتخطيط والتنفيذ، على سبيل المثال من المفترض أن المهرجان القومي للمسرح المصري يقام في السابع والعشرين من سبتمبر، مع العلم أن أغلب مسارح البيت الفني مُغلقة: القومي، وميامي، والسلام، والعايم، وبيرم التونسي، والغد، المسارح المتاحة هي الطليعة والعرائس فقط، بالإضافة إلى مسرح البالون. فهل هذا شيء طبيعء أن تكون كل هذه المسارح مُغلقة طوال الموسم الصيفي؟ كيف يبحث المخرجون عن نصوص جديدة وكل هذه المسارح مُغلقة، أين سيقدمون ما يُخرجونه، للأسف الشديد لدينا طاقات بشرية تستطيع أن تقدم نشاطا مسرحيا أكثر مما تستوعبه دور العرض، وللأسف دور العرض مُغلقة.
ما رأيك في ما يُقدمه مسرح الثقافة الجماهيرية والمسرح الجامعي؟
تابعت مسرح الثقافة الجماهيرية من خلال لجنة اختيار العروض التي سوف تُشارك في المهرجان القومي، ومن وجهة نظري أرى أن مسرح الثقافة الجماهيرية به عروض جيدة جدا، وبه الكثير من الموهوبين، ولكن هناك مشكلة صغيرة، هي أن في بعض الأماكن، العروض تُقلِّد مسرح العاصمة، ولا تنتمي للمكان الذي تُقدّم فيه، وأتمنى أن يتخلص مسرح الثقافة الجماهيرية من هذه النقطة التي ذكرتها. وفيما يخص مسرح الجامعة، فبحكم أنني كنت أُحكّم في مهرجان إبداع، دورة العام الحالي، فقد شاهدت عروضا جيدة جدا، وهناك عروض أخرى سيئة للغاية، ولكن في المُجمل حركة المسرح الجامعي نشطة ومتطورة وقدمت نجاحات كبيرة جدا.
حدثنا أكثر عن حبك لتقديم الورش المسرحية وسبب الجائزة التي تحمل اسمك؟
أعتقد أنني تقريبا المخرج الوحيد الذي يُقدم ورشا للإخراج المسرحي، وأنا المخرج الوحيد الذي لديه جائزة تحمل اسمه وأقوم بتمويلها من مالي الخاص في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، لأنه تقريبا المهرجان الوحيد الذي يهتم بشباب المخرجين، ويُتيح للمخرجين أصحاب العمل الأول المشاركة، كنوع من الدعم وتشجيعهم على استكمال رحلتهم الفنية، وكل ذلك أقوم به لسببين: الأول هو رد الدين لأستاذي ومُعلمي الأستاذ حسن عبد السلام، وهو من علمني أشياء كثيرة جدا، وكان بالنسبة لي أكاديمية حية، وهذا الرجل أعطاني من خبرته وعلمه ولم يبخل عليّ، دون مقابل، وهذا كان يفعله مع كل من عمل معه وتتلمذ على يديه، وتعلمت منه ألا تبخل بالعلم إن استطعت أن تُقدم ذلك، وأن تُعلم وتُساهم في ترقية الآخرين، ويجب ألا تبخل بالعلم الذي لديك. أما السبب الثاني، فأنا أرى أن هذا واجب كل مخرج وفنان، فإن استطعت أن تُساعد غيرك فيجب أن تفعل ذلك، وأن تجعل غيرك يستفيد من خبرتك وعلمك، كصدقة علم وواجب يجب أن يقدمه كل فنان ومخرج ومبدع قادر على ذلك.
ما الجديد لديك؟ ومتى سنرى مشروعا مسرحيا جديدا من إخراجك؟
للأسف، أنتظر منذ سنتين أن أقوم بتنفيذ مسرحية "هاملت" على المسرح القومي، وهذا هو المشروع الجديد الذي كُنت أعمل عليه، والذي توقف، ولا أعرف حتى الآن سبب توقفه.
وقد كنت اخترت فريق عمل العرض وبدأت بالفعل البروفات، وكنت قد قدمت ورشة، كان ذلك العرض سيكون نتاجها بالإضافة إلى أبطال العرض، ولا أعرف حتى الآن سبب توقف العرض وبروفاته.


إيناس العيسوي