عايدة فهمي: مونودراما «فريدة» واقع يعيشه كثير من الفنانين

عايدة فهمي: مونودراما «فريدة» واقع يعيشه كثير من الفنانين

العدد 734 صدر بتاريخ 20سبتمبر2021

الفنانة عايدة فهمي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، وكل زميلات  دفعتها تقريبًا أصبحن مشهورات جدًا بسبب إقبالهن على العمل في السينما والتليفزيون، ولكنها فضلت المسرح الذي لا يمنح الشهرة نفسها وكرست حياتها له، تولت إدارة المسرح الكوميدي لخمس سنوات و حصدت العديد من الجوائز منها جائزة أفضل ممثلة دور أول فى المهرجان القومي للمسرح، وتقدم حاليا على قاعة “صلاح عبد الصبور” بمسرح الطليعة مونودراما “فريدة” من إخراج أكرم مصطفى، عن العرض وأسئلة أخرى. أجرت “مسرحنا” مع الفنانة عايدة فهمي هذا الحوار.

-حدثينا عن مونودراما فريدة وكواليس استعدادك وتحضيرك للشخصية منذ عرضها عليكِ؟
كنت أتمنى أن أقدم هذا النص منذ فترة كبيرة، وأنا من عرضته على المخرج أكرم مصطفى، فهو مخرج متميز، وأعلم أنه قدم أعمالًا جيدة جدًا، وكما ذكرت أنا من عرضت عليه النص، وبعد قراءته للنص الأصلي أغنية البجعة لـ أنطوان تشيكوف، أعجب به بشدة، وقام بإعداد النص، و قدمه برؤية مختلفة جدًا، وقمنا بعمل بروفات ما يقرب من شهر تقريبًا، عمرو عبد الله ديكور وإضاءة، وموسيقى محمد حمدي رؤوف، وهي عناصر  مهمة لذا  كان لابد أن يخرج  العرض بشكل جيد ومختلف و الحمد الله. شخصية فريدة أكثر ما شدني فى النص، فكرة الممثلة الكبيرة في السن التي انحصرت عنها الأضواء بعد أن كانت نجمة كبيرة جدًا،  وهو هم كبير يحمله فنانون كثيرين جدًا.
- هل رأيت في فريدة تجسيدا لفنانة حقيقية تعيش بيننا أو رحلت عنا؟
“فريدة” جعلتني أتذكر فنانين وفنانات كثيرين جدًا، وهي موجودة بيننا وبقوة، وأنا على مر سنوات عمري فى الحياة الفنية رأيت ذلك وكنت شاهده عليه، ورأيت المعاناة النفسية التى يتعرض لها الفنانين الكبار ، وهم جالسون في كواليس مسرح أو يقومون بعمل أدوار بسيطة وصغيرة، بعدما كانوا نجوما، ما يصيبهم بالألم والانكسار، وفى النهاية التمثيل هو مهنة الممثل ومصدر دخله الأول، إلى جانب انحصار الأضواء وهذا مؤلم نفسيًّا جدًا.

- حدثينا عن التناغم الذي شاهدناه على المسرح بين “فريدة” وكل عناصر العرض المسرحى  الأخرى، كيف صنع هذا؟
التمثيل عنصر من عناصر العرض، إلى جانب العناصر الأخرى من ديكور وإضاءة وملابس وغيرها ، ولكنه العنصر الأهم، وكل العناصر الأخرى تُساعده، والممثل يقدم من طاقته لكل العناصر الأخرى.
الطبيعي أن في أي عرض يقوم مهندس الإضاءة بمهمته قبل ليلة العرض بيوم تقريبًا، ولكن ما حدث في “فريدة” مختلف تمامًا، حيث قمنا بعمل بروفات كثيرة جدًا مع الإضاءة والديكور والموسيقى،  كل عنصر أخذ حقه ووقته، لذا كان لابد أن يحدث التناغم .. أكرم مصطفى هو مايسترو “فريدة”، الإخراج هو رقم 1، لأنه  من يصنع حالة ووحدة بين كل العناصر، وبالطبع التمثيل عنصر مهم، ويمكن أن نقول أنه الأهم، ولكن الإخراج هو الرابط بين كل العناصر، وصانع الوحدة الفنية. 

-”فريدة” هى التجربة الأولى التي تجمع بينك وبين المخرج أكرم مصطفى، حدثينا عن هذا التعاون؟
هناك تناغم رائع جدًا لم أكن أتخيله، لأننا من أجيال مختلفة، وطبيعي جدًا أن نختلف فى الرؤية، ولكن ونحن نعمل معًا، شعرت أن معي مخرج مخضرم وكبير ومثقف وواع، استطاع أن يتعامل معي بشكل صحيح بكل تاريخي وخبرتي، استطاع أن يأخذ كل ما يريد بمنتهى الذكاء والحرفية، وأنا احترمه جدًا واحترم تعليماته ورؤيته الفنية، و بالتأكيد كُنا نتناقش فى كل شئ، ولكن فى النهاية الكلمة الأخيرة له، ولم أندم على ذلك، فقد كانت النتيجة أفضل مما توقعت، لأنه مخرج ممتاز ومختلف.


-هل المونودراما تأخذ مساحتها مقارنةً بالعروض المسرحية الأخرى؟
أنا ضد فكرة التصنيف، بالعكس العام الماضي قدمت العرض المسرحى “حريم النار” وكان معي 7 سيدات على المسرح، واليوم أنا بمفردي أقدم مونودراما ، لم يفرق ذلك فى تمثيلى أو أدائي للشخصية، وعناصر العرض متكاملة في التجربتين، بالعكس المونودراما بها صعوبة أكبر والممثل عليه عبء أكبر، والمخرج أيضًا عليه مسؤولية أكبر، فكرة أن يقدم رؤيته من خلال شخصية واحدة فى منتهى الصعوبة، المونودراما، ليست سهلة على الإطلاق. وللأسف لم تأخذ المونودراما حقها بعد، ولكن يجب مراعاة نقطة مهمة ، وهى أنه ليس كل ممثل يستطيع أن يتناول المونودراما، فهى تحتاج إلى مجهود مضاعف، بالإضافة إلى أن يمتلك الممثل الجرأة أن يقدم عرضًا بمفردة و الأمر ليس سهلًا.
المونودراما تحتاج إلى ممثل ذو طبيعة خاصة، قادر على أن يملك أدواته لمدة ساعة تقريبًا، دون أن يمل أو يفلت الجمهور من سيطرته ،وقليلين جدًا الذين قدموا المونودراما ونجحوا بالفعل.

-هل لدينا مشكلة في فهم الفنانين لفكرة المونودراما، فيقدمونها بشكل أشبه بالمونولوج؟ وكيف نطور ذلك؟
المخرج هو المسئول عن تلك النقطة، البطل هو المخرج وليس الممثل، بمعنى أنه من يقود الحكاية، لدينا مسرحيين كثيرين قادرين على فهم فكرة المونودراما وتقديمها، ولكن كما ذكرت من قبل، فكرة تقديم المونودراما فى حد ذاتها تحتاج إلى جرأة وقرار شجاع من الممثل، ولدينا كثيرون لديهم القدرة ولكن قليلون من لديهم الجرأة على تقديم ذلك.
أنا شخصيًّا كنت خائفة جدًا من هذه التجربة، بعد أول ليلة عرض انهرت وبكيت بشدة، لم أتخيل رد فعل الجمهور، وكأنني أقف على المسرح لأول مرة، فهي بكل المقاييس تجربة جديدة ومختلفة، وعلى الرغم من أنني ابنة المسرح والحمد الله وعلى علم أنى ممثلة محترفة، كنت فى حالة من القلق والخوف لأن التجربة ليست سهلة.

- المهرجان القومي للمسرح تبدأ فعالياته خلال الشهر الجاري.. وتحمل هذه الدورة اسم الكاتب المسرحى المصري، هل لدينا أزمة في النصوص المسرحية؟
ليس لدينا أى أزمات فى كل العناصر المسرحية، الطاقات الإبداعية على الساحة هائلة جدًا، ولكن لدينا أزمات إنتاجية فقط لا غير، وزارة الثقافة تقوم بمجهود هائل وعظيم جدًا، ولكن نتمنى أن تزيد الميزانيات بعض الشئ لأجل المسرح، غير ذلك ليس لدينا أي أزمات، بل بالعكس لدينا طاقات إبداعية كبيرة جدًا فى جميع العناصر المسرحية تستحق فرصا  بشكل أكبر. و فكرة إطلاق اسم “الكاتب المسرحى المصري” على هذه الدورة عظيمة، فالكاتب هو رقم 1 و عرض “فريدة” لم أكن استطيع أن أقدم ما قدمته فيه، بدون كاتب جيد .

-ما رأيك في عروض الثقافة الجماهيرية وعروض الجامعات؟ وكيف نطور ذلك؟
أنا من بنات الثقافة الجماهيرية، تربيت فى هذا المسرح، وقدمت أعمالًا كثيرة فيه ، وأذكر تاج رأسي أدام الله فى عمره وصحته أستاذنا عبد الرحمن الشافعي، الذي قدمت معه العديد من العروض المسرحية وتعلمت منه الكثير. هذا المسرح يُخرج مسرحيين مهمين جدًا، ولكنه يحتاج مزيدًا من الاهتمام والميزانيات، وكذلك المسرح الجامعي به طاقات إبداعية هائلة ولكنه يحتاج إلى مزيدً من الاهتمام فيما يخص الميزانيات الإنتاجية. وعلى الرغم من الكورونا وكل ما يواجهه المسرح من أزمات إنتاجية، إلا أنه ينشط وبخاصةٍ فى السنتين الماضيتين، وفى “فريدة” أرى حركة نقدية عظيمة جدًا، و الجمهور يوميًا “كامل العدد” ومن فئات وأعمار مختلفة.

- ما رأيك في الموسم المسرحى هذا العام وما العرض الذي أعجبك؟ وهل مسرح الدولة قادر على منافسة القطاع الخاص؟ 
“روبانزل” عرض مسرحى استعراضي “قطاع خاص” إخراج الأستاذ محسن رزق، عرض كبير وجمهوره عريض جدًا، سعيدة بتلك التجربة مع الفنانة مروة عبد المنعم والفنان مصطفى حجاج، ولدينا أكثر من تجربة لمسرح القطاع الخاص وقد حققوا نجاحات كبيرة، ولكن مسرح الدولة منافس قوى وله مكانته وقوته، وله جمهور كبير واع ومثقف، وبالطبع مسرح الدولة له قدم راسخة فى الحركة المسرحية.
“سيدة الفجر” عرض مختلف وجيد جدًا، وبالطبع “أحدب نوتردام” عرض رائع للأستاذ ناصر عبد المنعم، مبهج وأكثر من رائع. 

- من حريم النار لروبانزل إلى فريدة، كل شخصية مختلفة تمامًا عن الأخرى.. ما هى مقاييس اختيارك للعمل الذى تقدمينه؟
تركيبة الدور هى أساس اختياري للدور وللعمل، أن يكون مميزا ومختلفا ويحتاج لمجهود، ويكون علامة مميزة فى تاريخي الفني، بالإضافة إلى أنه لابد أن يشكل إضافة لى، والحمد الله كل ما أقدمه اختاره بعناية، ودائمًا هناك اختلاف فى كل دور عن الآخر.
 

 


إيناس العيسوي