التقويم الكامل.. للأداء المسرح (1-2)

التقويم الكامل..  للأداء المسرح (1-2)

العدد 727 صدر بتاريخ 2أغسطس2021

 دعونا نلخص حجة الجزء الثالث . يتعلق التقويم الكامل للأداء المسرحي بالقدرة علي مشاهدة الأداء أمام خلفية يمكنها أن تخبر المتلقي بما هو الإنجاز الواضح وما هو ليس كذلك في الأداء المسرحي . إذا امتلك المتلقي فهما للخلفية، فانه يمتلك فهما أعمق للمؤدي . ولكن هذا ليس كافيا للتقويم الكامل للأداء إذا لم يمارس القدرة التي تعطيها له المعلومات ويكوّن فرضيات عن أسباب قيام الفرقة المسرحية بالأداء بالطريقة التي اتبعوها . وبتكوين هذه الافتراضات، يلاحظ المتلقي كيف تساهم ممارسات الأداء في الموضوع المعروض أو تنتقص منه . وتفسيرات المؤدي هي الوسيلة التي ينجح من خلالها المتلقون في هذه المهمة الأخيرة .
 يؤكد تفسير المؤدي فهما لأسلوب الأداء . ويتعلق فهم الأسلوب بافتراضات عن أهداف المتلقي ونواياه في الأداء وفهم مجموعة التي تتجمع معا لخدمة هذه الأهداف والنوايا . ولفهم مجموعات التقاليد، يجب أن يعرف المتلقي كيف يتم اختيار تسلسل الملامح المتماسكة بشكل ضعيف في العرض : وهذا لأنها توزن بشكل مختلف عن البدائل المفهومة والبارزة بشكل مؤقت في ملامح الموضوع المطور للأداء .
 وتبعا لذلك يمكن أن يكون التقييم الكامل للأداء المسرحي الآن أكثر تحديدا كالتالي :
التقويم الكامل لأداء مسرحي معين هو بناء للعملية الإبداعية(1) التي تفسر كيف يتحقق ذلك الأداء المسرحي بكامله وبتفاصيله لذلك، يبدو أننا انتهينا من مشروعنا . ولكن هناك توتر لم يتم حله في الحجة . ويمكن أن يظهر هذا التوتر بشكل حاد من خلال النظر في حالة «الفرقة المسرحية الكسولة ثقافيا Culturally Lethargic Company “ .

 حالة الفرقة الكسولة ثقافيا :
الفرقة الكسولة ثقافيا هم مجموعة من المؤدين الذين يتجمعون من أجل التدريبات ويختارون بعض الملامح للعرض معترفين بعدم مشاركتهم في تحديد الاختيارات ولا أن هناك بدائل أخرى للاختيار منها . وتفشل الفرقة الكسولة فنيا في تداول اختياراتها . وعن طريق شيء قريب جدا من فرصة أن تؤدي جهودهم، في حالات نادرة جدا، إلى أداء يشبه في جميع النواحي تقريبا أحد الأهداف التي يتم فيها تبني هدف معين، وخطة معينة لتحقيق الهدف، ويقود الهدف تنفيذ الخطة من البداية إلى النهاية .
 وفي مناسبة من هذا القبيل، لنفترض أن الفرقة الكسولة فنيا تخطط لأداء يسمى «هاملت» وتنفذه، يتحول إلى لحظة تتوافق مع الأداء الفرويدي الشاق، ومستوحى من مقالة ( ارنست جونز Ernest Jones)، وتم تصويره سينمائيا في نهاية المطاف بواسطة (لورانس أوليفييه Lawerence Olivier)(2) . وفي عرض الفرقة الكسولة ثقافيا، يعاني الممثل الذي يلعب دور « هاملت» من تخيلات أوديبية عن أمه وأبيه فعلا ويؤدي كلام الشخصية بالطريقة التي يتخيل أنها الطريقة الطبيعية التي يمكن أن يقول بها الكلام . وأن الممثلة التي تلعب دور « جرترود” تقع فعلا في غرام الممثل الذي يلعب « هاملت» ( الذي يصغرها في السن) بينما لديها أيضا ما تحس أنه علاقة غرامية مع الممثل الذي يلعب دور «كلاوديوس” . ومرة أخرى، تبدو الطريقة التي تؤدي بها دورها طبيعية تماما بالنسبة لها . وهلم جرا ... ولدي مهندس الديكور ذكريات غامضة عن فيلم شاهده به ديكور يمكن إنتاجه بميزانية صغيرة – يتضح أن هذا الأستوديو الذي يشبه الرحم تم بناءه بتكليف من ( أولفييه) لعمل فيلم من إنتاجه . وهلم جرا، مرة أخرى ، هناك قرارات تتخذ بالتأكيد، وهناك شيء يشبه المداولات . ولكن لا توجد مداولات مشتركة من النوع الذي يخلق تقاليد . فكل ما يدور في المدولات لا يتعلق بأنواع الأهداف والنوايا التي تشكل الأداء في الأسلوب الفردي .
 صحيح تماما أن الفرقة الكسولة ثقافيا تفترض وجود تتابعا للملامح ومجموعات التقاليد التي تجعلها فرقة كسولة ثقافيا . وليس من قبيل المصادفة أنهم يعثرون علي الملامح التي يختارونها . ولكنهم لا يصلون إلى نتيجة من تفكير أي منهم في الطريقة التي يمكن أن يضع فيها أي شخص هذه الملامح في ذهنه بالطريقة التي ينسب بها المتلقون الأهداف والنوايا للفرقة الكسولة ثقافيا .
 فشخص مثل « اينكا «، المزودة بخلفية ملائمة لفهم التقاليد في المسرحية والتي تنسب الي المؤدين الأهداف الملائمة التي تقود الأداء، سوف تأخذ ما يقدمونه نتيجة لحل بعض أسئلة التداول . والمتلقي مثل « اينكا « سوف تنسب إليهم الأهداف النوايا عندئذ . ولكنها سوف تفعل ذلك علي نحو زائف جدا .
 وحتى المتلقي مثل « بيتيا «، المزودة بخلفية كافية فقط لمعرفة ما هي التقاليد وقادرة علي أن تحس شيئا يستدعي قدراتها لمتابعة كيف تجعل أهداف الأداء منه ما هو عليه، سوف يتم توجيهها إلى إجراء بعض التخمينات علي الأقل في هذا الاتجاه. ولكن، مرة ثانية، سوف تكون التخمينات التي تجريها مشاهدة مثل « بيتيا” خاطئة .
 الفرقة الكسولة ثقافيا ليس لديها نوايا من نوع ملائم . فهناك عناصر في أدائهم تستدعي قدرات المتلقين لمشاهدة الأداء نفسه باعتباره جزء من تجربتهم للحدث المسرحي . ولكن إذا فعل المتلقين ذلك وحضروا الأداء، فإنهم مخطئون . فهناك سلوك يشير إلى حل لبعض الأسئلة المتداولة . ورغم ذلك، لا يوجد في الفرضية السابقة مداولة . لا يوجد اتفاق علي المشروع الأسلوبي المشترك . هناك إذعان فقط لما يتم فعله دائما، والذي ينشأ منه بالمصادفة عرضا يشبه بالضبط العرض الذي يتم فيه اختيار الأهداف والخطط الموضوعة والخطط المنفذة . فكيف يمكننا تقييم إسناد النوايا حتى عندما لم يتم اتخاذ قرارات أسلوبية ؟ .
 بوضوح، قبل أن يكتشف المتلقي حقيقة الفرقة الكسولة ثقافيا – وبالطبع، ربما ما لن يفعلوه – فان أداء الفرقة الكسولة ثقافيا يفرض علي المتلقين تقييم الأداء . واستجابة لذلك، فان متفرجتين مثل « اينكا “ و “ بيتيا « يمكن أن يخاطرا بتخمينات عن كل من الأهداف العامة وخطط المؤدين المحددة ويمكن أن يختبرا تلك الافتراضات أمام التطورات التالية . ف « اينكا « يمكن أن تحل هذه الافتراضات بشكل مرضي . ويمكن أن لا تعلن أن المشروع مشوش . وسوف يكون لديها أسس داخل تفاصيل الأداء تدعم فرضياتها وتقويماتها . بالطبع من غير المنطقي بالنسبة لها أن تكون مثل هذه الفرضيات، إن لم يكن لديها أسباب للاعتقاد بأن الأداء يمكن أن يكون مركبا بشكل متماسك بهذه الطريقة . وأنها يمكن أن تجد طريقة لمتابعة الأداء باعتباره محكوم بشكل متماسك ببعض الأهداف التي يمكن أن تكون كذلك . من هذه الاعتبارات يبدو أن لدي المتلقين ما يبرر إسناد نوايا للفرقة الكسولة ثقافيا .
 هل نعتقد نفس الشيء إذا اكتشف المتلقي حقيقة الفرقة الكسولة ثقافيا ؟ من الغريب أنه يجب علينا ذلك . الشيء الوحيد الذي يجعل التمسك بالاسنادات المعقولة هو حقيقة أن المتلقين يشعرون بخيبة أمل تجاه الفرقة عندما يحدث الاكتشاف، ولن يشعروا بالخيبة في داخلهم لأنهم توقعوا الكثير منها . إذا لم يقعوا علي شيء صحيح فيما يتعلق بالتفاصيل عند قيامهم بالإسناد في المقام الأول، فيدو أن خيببة أملهم في الفرقة تتقوض . فلماذا نعتقد أن الفرقة هي التي خذلت المتلقين وليس المتلقين هم الذين توقعوا الكثير ؟ نعتقد هذا لأننا نرى أنفسنا نوصي الآخرين بأن يذهبوا لمشاهدة الأداء (علي الرغم من أننا يمكن أن نحذرهم بالتأكيد من عرض الفرقة الكسولة فنيا القادم والذي يقوم علي نص مسرحية ابسن « هيدا جابلر”) . باختصار، عندما تعلم « اينكا” أن الفرقة الكسولة ثقافيا ليس لديها قصدا لكي تسنده إليها ، ويمكنها أن تخلص إلى الفرقة الكسولة ثقافيا قد فشلت قصديا في تحقيق ما يقدمونه بالفعل . فربما كان الأداء ناجحا، في بعض الحالات، حتى لو لم يعد في الإمكان تناول النجاح باعتباره منسوب إلى الفرقة .
 ولكن هذا يعني أن لدينا اختيارين، غير مستساغين علي قدم المساواة . الأول، ربما نكون علي خطأ في إتباع حدسنا بأن تقييم « اينكا “ مبرر في حالة الفرقة الكسولة ثقافيا . أو الثاني، ربما نكون علي خطأ لأن نعتقد أن الفهم الأسلوبي يتعلق بافتراضات تتعلق بأهداف المؤدي ونواياه . لأن إسناد النوايا يكون زائفا عندما لا يوجد قصد مطابق . لذلك يجب التخلي عن واحد منهما .
 وهذه مسألة خطيرة فعلا لأنني برهنت أن توصية الأسلوب عن طريق تفسيرات المؤدي ضرورية للفهم الكامل للأداء المسرحي . ولكن المشكلة أخطر من ذلك .

 الآثار الفنية الأوسع للفرقة الكسولة فنيا :
إذا كان هناك مشكلة بالنسبة لتفسيرات المؤدي مع الملامح المختارة بدون أن يكون الاختيار نتيجة عملية تداول، فهناك أيضا مشكلة في تعريف التقاليد المسرحية باعتبارها تتابع لملامح مختارة للعرض .
 اعتمد التعريف علي الحدس بأن ما يجعل التقاليد مفيدة في الأعمال الفنية عموما والعروض المسرحية خصوصا هو أنها طرق للتمكن من تركيز بعينه علي ملامح معينة تظهر لردود فعل تدعم طريقة معينة في فهم بعض المحتويات(3) . واختيار الملامح المرتبطة هو نتيجة عمليات تداول بين بدائل متصورة تفترض أن الأشياء يمكن أن تتم بطريقة أخرى . فهل يجب علينا التخلي عن كل هذا ؟ .
 يتم اقتراح أحد الطرق من خلال حقيقة أن مختلف أنواع الممارسات يمكن أن تلعب دورا في الأعمال الفنية ويمكن أن تسمى « تقاليد»، كما يقترح ( براين باكستر Brian Baxter) . ولا يتعلق كل هذا بالتعمد . فالممارسات الأولى التي يذكرها (باكستر) هي تقاليد ( لويس)، التي نعلمها (5) . ومفاهيم التقاليد الأخرى التي يحددها (باكستر) باعتبارها موظفة في الأعمال الفنية هي :
(أ) حلول للمشكلات الاجتماعية التي هي ليست مشكلات متناغمة، مثل اكتشاف كيفية تقديم نوع من حدث أو صورة لمشاهدين بعينهم دون اهانتهم .
(ب) التقاليد التي لها مغزى رمزي لأناس بعينهم، ولكنها ليست حلا لأي مشاكل على الإطلاق .
(ج) التقاليد التي هي حلول لمشكلات فنية بعينها، مثل العثور علي المضمون التجريدي الصحيح الملائم للوحة المرسومة .
(د) تقاليد ممارسات الجماعة المعتادة والعرفية (6) .
 لا تتعلق بعض المفاهيم في تصنيف ( باكستر) بفكرة التعمد . ويمكننا أن نتخيل بسهولة حالات الصيغ التي يكون استخدامها تقليدا بالمعنى المذكور في العنصر (ب) والعنصر (د)، لأنه ليس من الصعب أن نفكر في حالات الصيغ الرمزية المستخدمة لمجرد الاعتياد فضلا عن أنها نتيجة التعمد . وبالمثل، يمكن التفكير في الصيغ التقليدية بالمعنى الموجود في (أ) . ولسوء الحظ، لم نستفيد من هذه الطريقة للخروج من مشكلة الفرقة الكسولة ثقافيا . ومن أجل إيجاد الحلول للمشكلات الفنية. فان العنصر(ج) يتعلق بمشكلة التعمد بوضوح . وعلي الرغم من أن مثل هذه الحلول ربما تٌقدم بالمصادفة، فنادرا ما يتم الاحتفاظ بها بطريق الخطأ من أجل التقديم . ويمكن أن تبدو التقاليد التي هي حلول للمشكلات الفنية بالتحديد نوع التقاليد التي نحتاج التركيز عليها .
 ورغم ذلك ينتج شيء من هذا . ففي قبولنا لاستنتاجات ( اينكا) فيما يتعلق بعرض «هاملت» للفرقة الكسولة ثقافيا، فقد جعلنا عملية التدريبات مثالية . وسوف يدرك أي شخص علي دراية بكيفية عملهم أنه في كثير من الأحيان توجد أشياء يمكن أن تختارها في هذا الشأن لسبب أو لآخر، مع أنهم لا يفعلون ذلك . والمثال الواضح لذلك، يمكن للفرقة أن تحدد مجموعة من الكلمات لكي ينطقها الممثل في أداء الشخصية التي يقترحها النص . هذه بالطبع هي الممارسة المعيارية في عرض مثل ( هيدا الي هيدا ) : فالممثلة التي تصور شخصية (هيدا) تقول السطور بطريقة كلام (هيدا) . وهذه هي إحدى الاختيارات التي تهدف إلى حل مشكلة فنية معينة . ونتيجة هذا الاختيار فإنها تعد تقاليدا بحق . ولكن المؤدين ربما لا يلاحظونه كتقاليد. اذ يتم اختيار التقاليد بواسطتهم عندما يعملون . وبالتالي يجب أن نعترف بالحقيقة التالية :
لا يمكن التفكير في التقاليد المسرحية باعتبارها تسلسل للملامح التي يتم اختيارها فعلا نتيجة للتداول .
 ولذلك يبدو أنه، عندما يصف المتلقي ذو الفهم الأعمق التقاليد (ناهيك عن الأسلوب) فانه يفرض نشاطا تداوليا علي فناني الأداء حتى لو لم يكن هناك أي نشاط . وهذا يوحي بطريقة أخرى للخروج من المأزق، وهو تحديدا قبول صياغة التضمين معينة .

 الحل الإسنادي :
هل تتعلق تفسيرات المؤدي بتحديد ما يقصده المؤدين أو يمكن أن يقصدوا إنجازه من مجموعة من الممارسات؟ . هل يحتاج وصف تسلسل الملامح كتقاليد أن يعرف الواصف أن المؤدين اختاروا تلك التسلسلات بسبب وزنها المتوقع أم أن يعرف فقط الأسباب التي يمكن أن تكون لديهم لاختيارها؟ يشبه التمييز الذي تم التذرع به في هذين السؤالين التمييز بين ما يعنيه النص فعلا وما يمكن أن يعنيه النص .
 يرى بعض الفلاسفة أن التفسيرات المشروعة تماما هي عبارة عن تصورات (أو بناءات) لملامح الأعمال الفنية . ربما يتم الإسناد فيما يتعلق بالمعاني والأهداف، أو أي شيء تقريبا .
 ولكن الفلاسفة الآخرين يخشون من أنه إذا كان التفسير ينسب ملامح أو معاني للعمل فضلا عما ينسبه من أهداف أو نوايا لمؤلف العمل، فان ذلك يغير طبيعة العمل . فعندما نقول علي سبيل المثال إن النص يمكن أن يعني M، M*، فربما نعتقد أن ما يدور في ذهننا هو أن هناك شيئا واحدا يمكن أن ننسبه إلى معان مختلفة . ولكن الشخص صاحب الاسناد سوف يرى ذلك في كل حالة، علي سبيل المثال عندما نقول إن النص يمكن أن يعني M، فإننا ننسب إلى النص خصائص لا يمكن أن تكون موجودة فيه لو قلنا انه يعني M* أو M** . وبالتالي إذا قلنا انه يمكن أن يعني M و M*، M**، فإننا ننسب للنص ثلاث مجموعات منفصلة من الخصائص . والآن يبدو أن لدينا ثلاثة أعمال أدبية وليس عملا واحدا . وتطابقا مع كل إسناد لملمح يكون لدينا شيئا مبنيا بشكل مختلف، شيء مبني جزئيا من خلال امتلاك تلك الخصائص فقط . فمن وجهة نظر الإسناد، يبدو أن هذا هو نوع الشيء الذي تكون عليه الأعمال الأدبية الفنية .
 ربما يعتقد البعض أننا ينبغي أن نرفض الإسناد لأنه يستتبع وضعا يسمى «التفرد Singularism” . والتفرد هو الزعم بأن كل عمل أدبي، كما يٌفسر، هو عمل فردي مستقل . فهناك النص الذي كتبه ( ماهارات)، والنص الذي كتبه (ماهارات) وفقا لتفسير (كلاودين)، والنص الذي كتبه (ماهارات) وفقا لتفسير (سباستيان)، والنص الذي كتبه ( ماهارات) وفقا لتفسير (ماهارات) . نظرا لأن المؤلفين لا يعول عليهم علي نطاق واسع فيما يتعلق بمعنى نصوصهم، فليس لدينا أي سبب لاعتبار أن آخر هذه التفسيرات أكثر تحديدا لماهية العمل من تفسيرات الآخرين . والنتيجة المقلقة، بالطبع، هي أنه لم يعد لدينا عمل أدبي له ثلاثة تفسيرات، بل لدينا ثلاثة أعمال أدبية . وبالنسبة لبعض الفلاسفة، توضح نتيجة التفرد بذاتها أنه لا يمكن الدفاع عن الإسناد .
 ولكن لا يجب أن نتعجل في استنتاج أن التفرد مشكلة فيما يتعلق بالعروض المسرحية . في النهاية، إذا اعتقدنا أن العرض المسرحي هو شكل فني في ذاته وأن الأداءات المسرحية هي أعماله الفنية، فإننا نلتزم فعلا بالتفرد . لأن الأداءات المسرحية لا تدوم أطول من مدة أداءها . ولا تستمر عندما تنتهي مدة عرضها .
 وصيغة التفرد هذه فيما يتعلق بالعروض المسرحية ليست نتيجة اختلاف تفسيرات المتلقين للمزاعم المتعلقة بالتقاليد . ولكنها رغم ذلك توضح أن تهديد التفرد لا يمكن تقديمه كسبب في مواجهة الاعتقاد في الرؤية الإسنادية للفهم التفسيري للعروض المسرحية . ولا يجب علينا، لأسباب متعلقة بذلك، أن نحاول أن نستفيد من أي محاولات ضد الإسناد الذي يعتمد علي الإلحاح علي الملامح الدائمة للأعمال الفنية، والإلحاح علي الادعاء بأن المفسرين، وليس الأعمال، يتغيرون مع مرور الزمن .
 لذلك، إذا كان لا بد لنا أن نرفض اعتبار الإسناد في الفهم التفسيري للمتلقين أو فهمهم للتقاليد، فسوف يتعين علينا مناشدة حقائق أخرى . وبعضها كما أوضح (بيتر لامارك (Peter Lamarque هي أننا نعتقد أن الفنانين، وليس المفسرين، يخلقون الأعمال الفنية، وأننا نعتقد عادة أن هناك نوعا ما من الربط بين الخصائص الكامنة والخصائص المسندة (8) . وليس من الواضح، مع ذلك، لماذا يجب أن نهيب بهذه الحقائق أن تقوم بالمهمة .
........................................................................................
جيمس هاملتون يعمل أستاذا للفلسفة بجامعة ولاية كنساس – بالولايات المتحدة الأمريكية . وله العديد من الدراسات المنشورة في مجال المسرح . وقد سبق أن قدمت له جريدة مسرحنا عدة دراسات مترجمة في الأعداد السابقة .
هذه المقالة هي الفصل الثاني عشر من كتاب « فن المسرح The Art of Theater” الصادر عن Balckwell Publishing LTD 2007 في الصفحات 181-198 .

 


ترجمة أحمد عبد الفتاح