جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 722 صدر بتاريخ 28يونيو2021

رغم سنها الصغيرة (22 سنة فقط) أصبحت “جاسمين لى جونز“ الكاتبة المسرحية والممثلة البريطانية السمراء من علامات المسرح البريطاني المعاصر.
بدأت جونز حياتها الإبداعية في المسرح مبكرا حيث عرضت لها أولي مسرحياتها في 2019 عندما كانت في العشرين من عمرها وهو نفس العام الذي شهد تخرجها من الجامعة.  عرضت لها على مسرح “رويال كورت”  في لندن المسرحية الكوميدية “سبع طرق لقتل كيلى جينر” . وفازت المسرحية بعدد كبر من الجوائز وعرضت في عدة دول وبعدة لغات خلال عامين فقط. وكان أحداثها في استراليا.
وهى تناقش عددا كبيرا من القضايا خلال مساحة زمنية محدودة منها الظلم الذي يتعرض له السود في مناحى الحياة المختلفة في العالم الغربى والمرأة السوداء بشكل خاص. ويتم ذلك من خلال قصة فتاتين من السود تبدأ بهما المسرحية وهما تجران جسما على الأرض وتدفعان به إلي غرفة النوم.  ويتضح أن الجسم خاص بكيلى جينر وهى مليارديرة عصامية إفتراضية من السود في بريطانيا وأنها قتلت في ظروف غامضة.
وتبدأ مناقشة هذه القضايا عندما تشرع واحدة من الفتاتين في كتابة أطروحة لرسالتها الجامعة حول المظالم التي يتعرض لها السود والطرق التي يمكن أن تكون جينر قد قتلت بها مثل القتل المباشر أو الغرق أو السم أو حتى سوء المعاملة.
ويقودها ذلك إلي الحديث عن انتشار النفاق في المجتمع وكيف يتم استغلال السود لصالح البيض والدور الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك عكس ما هو مفترض فيها . ويتم ذلك كما قلنا من خلال مناقشات كوميدية أو تجمع بين الملهاة والمأساة كما يقول التعبير المسرحي .
مشاركة إيجابية
 وتقول جونز أنها لجأت إلي أسلوب أخر يجعل الجمهور مشاركا إيجابيا في العرض وليس مجرد متلق سلبى. ويتمثل الأسلوب في بطاقة يجدها كل مشاهد خلف مقعده في نهاية العرض تتضمن أسئلة يجيب عليها من ريد ويضعها في صندوق على الباب .ويتعين عليه ألا يحاول الاطلاع عليها خلال العرض. وهذه الأسئلة تكون على غرار ..من المسئول عن تحرر المرأة السوداء ....كف نضمن استمرار الحركات المناهضة للسود. ولاحظ هنا أن فكرة البطاقات خلف المقاعد تم تطبيقها في معظم عروض المسرحية وليس كلها.
ومن الجوائز التي فازت بها جائزة “أول افضل مسرحية لكاتب” وجائزة “الفريد فاجون” لأحسن مسرحية وهى جائزة مسرحية بريطانية مرموقة تنافس جوائز” لورنس أوليفييه”. كما فازت بجائزة “المسرحية الواعدة” التي تنظمها صحيفة الديلى ستار البريطانية. وهى تعكف حاليا على كتابة عدد من المسرحيات المأخوذة عن أعمال سينمائية مشهورة.
وفى لقاء مع جريدة الأوبزرفر البريطانية تقول جاسمين أن أنها تشعر بالسعادة لأنها حققت كل هذا النجاح في وقت تحفل فيه صناعة المسرح في البريطانية بالصراعات والانقسامات والمحاباة. وهى تفخر بأنها جمعت بين الموهبة وبين الدراسة في مدرسة جويد هول للموسيقى والدراما مما ساهم في صقل موهبتها . وكان يمكن أن تحقق شعبة جارفة لولا  أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في إساءة علاقاتها بالجماهير.   
وسيلة ناجحة
وتقول أنها اختارت الكوميديا للتعبير عن الواقع المؤلم للسود في بريطانيا  لأنها وسيلة تثبت كل يوم أنها ناجحة لجذب الناس للاستماع إلي الآراء خاصة في المسائل الخلافية المعقدة.  
وساعد على اقتناعها بهذا المبدا طبيعتها المرحة التي ورثتها عن أسرتها التي كانت الابتسامة لا تفارق وجوه أبناءها رغم الحياة الصعبة التي يحياها السود. وشجعها على ذلك بعض الأدباء والفنانين  السود الذين اختاروا الكوميديا أداة للتعبير  مثل الفنان الكوميدى الجاميكى الشهير «أوليفر صامويل «. كما تأثرت أيضا بالمسرحية الكوميدية التي تحولت إلي فيلم عدة مرات «زبيبة في الشمس» للكاتبة الأمريكية السوداء لوران هانز بيرى . وكانت بيرى التي توفيت عام 1965 عن  34عاما فقط صاحبة أول مسسرحية لكاتبة سوداء تعرض في برودواى.  ولاحظت جاسمين أن مسلسلات »كوميديا الموقف« أو «السيت كوم» تعتمد على عدد كبير من الممثلين السود بفضل الروح المرحة التي يتحلون بها.
وكان من المقرر أن تشارك جاسمين في المسرحية في دور الباحثة لكنها شعرت بانها لا تستطيع التعبير عن الشخصية على النحو المأمول فاعتذرت واكتفت بالمشاركة في المسرحيات التي لا تكتبها.
10 شخصيات
ورغم ذلك قررت الخروج على هذه القاعدة وتضع الان اللمسات النهائية لمسرحية «الغريب» التي تقدم قريبا على مسرح سوهو الشهير في لندن .سوف تكون من مسرحيات الممثل الواحد وتجسد فيها جاسمين 10 شخصيات .ولا تستطيع أن تقول اكثر من ذلك عن المسرحية حت لا تفسد المتعة والإثارة على الجمهور.
ورغم أنها سوف تكون شخصية جديدة على عالم المسرح في بريطانيا وسوف تضيف إليها الكثير ألا أن طموحاتها لا تتوقف عند هذا الحد وتأمل أن تقوم في المستقبل ببطولة عمل رومانسى لا هم أن يكون من تأليفها أو من تأليف غيرها. وتأمل في أن يكون عملا يجمع بين الكوميديا والرومانسية. وتتمنى أيضا القيام بدور «بنياتا انجر« بطلة مسرحة «زبيبة في الشمس» لأنها شخصية مركبة مرسومة بعناية تهتم بجوهر الأشياء ولا تتوقف عند المظاهر وهو طبع أصيل لدى جاسمين نفسها تحاول تجسيده من خلال المدرسة التأثيرية أو الانطباعية.
وتعود فتقول أن اهم ما جذبها في المسرح هو ما يجذب عشاق المسرح إليه وهو الوجود وسط الجماهير والتفاعل معها . كما تؤكد أنها لا تحصر نفسها في المسرح فقط بل تحرص على مشاهدة الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية وتسعى إلي تحويل بعضها لأعمال مسرحية وتسعى إلي نقل بعض ملامح السينما والتليفزيون إلي المسرح.
رحيل كاتب السبعين مسرحية
ممثل وكاتب ومخرج وعامل ديكور
عشق فرنسا واخرج مسرحياته بالفرنسية
يلفت النظر في سيرة الكاتب المسرحي الأمريكي اليهودى «اسرائيل هوروفيتز»  الذي رحل عنا قبل أيام عن 82 عاما  انه رغم يهوديته لم يكن يؤيد إسرائيل أو يتعاطف معها ولم يزرها .  وفى الوقت نفسه لم يوجه إليها أي انتقادات بسبب سياساتها العدوانية وبطشها بالفلسطينيين  كما فعلت  شخصيات عامة يهودية أمريكية أحيانا . كان يتعامل مع هذا الأمر إذن بشكل محايد. ويؤكد ذلك  أن انتماءه اليهودى لم يظهر له أي أثر في كتاباته .
ولم يكن هوروفيتز كاتبا مسرحيا فقط بل كان ممثلا ومخرجا اخرج بعض مسرحياته وشارك في تمثيلها . وساهم في تأسيس فرقة “جلوشستر” المسرحية عام 1979 وكان المدير الفنى لها حتى 2006 واختير بعد ذلك مديرا شرفيا لها. وسبق له في مطلع شبابه أن عمل كعامل ديكور في المسرح ليتمكن من تدبير مصاريف دراسته. وسبق له العمل سائق تاكسى.
انتاج غزير
 ويتميز  هوروفيتز بإنتاجه المسرحي الغزير الذي تم تجسيده على خشبة المسرح والذى يتجاوز اكثر من 70 مسرحية شارك في تمثيلها معظم نجوم الفن في الولايات المتحدة. وترجمت مسرحياته إلي اكثر من 30 لغة في مقدمتها الفرنسية حيث يعتبر أكثر الكتاب المسرحيين الأمريكيين الذين ترجمت أعمالهم إلي الفرنسية. وأخرج بعض مسرحياته التي عرضت بالفرنسية  .وكان يزور فرنسا كثيرا ويقضى فيها وقتا طويلا وكأنه كان يعيش بين أمريكا وفرنسا . وكان على صلة بالأديب الأيرلندى عاشق فرنسا أيضا صمويل بيكيت.  
وكانت أولي مسرحياته العودة “ التي كتبها في السابعة عشر وقدمها في جامعة ستانفورد التي درس بها. وهو صاحب مسرحية “الخط “ التي ظلت تعرض في نيويورك في برودواى وخارجها بواسطة فرق مختلفة  على فترات متقطعة على مدى 44 عاما .
وله عدد من المسرحيات الأخرى مثل “ماذا تفعل الحواجز القوية “ و”التارخ الأعمى للمرأة “ وطبعت مسرحياته كلها تقريبا .


ترجمة هشام عبد الرءوف